تمتم كاليان في نفسه: “في البداية، قلتُ لنفسي أن هذا ليس صحيحًا. كان لابد أن يكون ذلك مصادفة. جوليانا ولويد يهربان معًا في قصة حب؟ يبدو هذا كقصة حب رخيصة، ولكنه ليس واقعًا بالتأكيد. لكن عندما علمتُ أنهما اختفيا في نفس الوقت تمامًا، لم يعد الإنكار ممكنًا. ما هو هذا الشعور الذي كان بداخلي؟ غضب؟ خيانة؟ هل كنتُ قريبًا منها بمل يكفي لأشعر بالخيانة؟ هل كنتُ أعتقد حقًا أنه لمجرد أننا قضينا بضع ليال معًا، فقد أصبحنا زوجًا وزوجة بالمعنى الحقيقي؟ لا… لقد جاءت الصدمة لأنني صدّقتُ كلماتها عندما قالت أنها لا علاقة لها بلويد. عندما نطقت جوليانا باسم لويد، لم يكن هناك أي دفء في صوتها. لقد افترضتُ أنها لم تكن سوى مشاعر من جانب واحد من لويد. و مع ذلك…..”
خرجت ضحكة فارغة من شفتي كاليان.
“هاها… لقد تمّ خداعي بسهولة.”
اشتدّت قبضة كاليان على كأس الويسكي الكهرماني في يده. تناثر الزجاج المكسور، لكن عيون كاليان أصبحت أكثر قتامة عندما نظر إليه. تمتم في نفسه: “كان الزجاج المكسور بمثابة مرآة لعلاقتنا. وربما كانت علاقتنا متصدعةً منذ البداية. مثل الكأس الذي به شق لا يمكنه أبدًا أن يحمل أي سائل، كان من المؤكد أنه سيتسرب.”
تحطّم الزجاج أخيرًا تحت ضغط قبضة كاليان، وانغرست شظاياه في راحة يده. تدفّق الدم وسال على أصابع كاليان لكنه تجاهل الألم، مُحدّقًا فقط في القطع المكسورة.
فكر كاليان: “ربما كان ينبغي عليّ أن أكسرها منذ البداية. أمنعها من الهروب أبدًا…”
عند هذه الفكرة، أطلق كاليان ضحكة فارغة وفرك وجهه. تمتم في نفسه: “في نهاية المطاف، لم تكن سوى امرأة هربت مع حبيبها. فلماذا لم أستطع أن أتركها؟”
موجة أخرى من الألم ضربت رأس كاليان. لقد مرّ اسبوعين منذ اختفاء جوليانا. وأثناء ذلك، كان كاليان يُغرق نفسه في الشراب دون راحة، فلا عجب أن الصداع كان مستمرًا.
انحنى كاليان إلى الأمام، ممسكاً بجبهته، وكان تنفسه مُتقطعًا. غرقت عيناه الإرجوانيتين بالظلام.
“لقد قلتُ لكِ… حتى في الموت، لن تتركي فالدوميرو أبدًا.”
نهض كاليان ببطء. توجّه نحو النافذة، وحدّق في غروب الشمس الأحمر. كان الدم يتساقط من يده، ويتدفّق على طول أصابعه الطويلة السميكة.
في أعماق غابة خضراء. مسحتُ على بطني الصغيرة المستديرة وأنا أخرج من الكوخ الصغير حاملةً سلة. كنتُ ذاهبةً إلى القرية لمهمة قصيرة. لم يكن الكوخ بعيدًا عن القرية، لكنه كان مخفيًا بما يكفي لتجنب المطاردين. كان لويد قد أعدَّ هذا المكان لي. في الحقيقة، لقد رتّب لويد كل شيء، الرحلة إلى هنا والكوخ، وكل مستلزمات المنزل. كان الأمر وكأنه كان ينتظرني حتى آتي. هززتُ رأسي عند هذه الفكرة وواصلتُ المشي.
عندما توقفتُ أمام متجر الفاكهة، استقبلتني صاحبة المتجر بحرارةٍ.
“يا سيدة أهلاً بعودتكِ! ألستِ مع زوجكِ اليوم؟”
لقد نظرتُ إليها بدهشة.
“زوجي…؟”
“ذلك الرجل الوسيم ذو الشعر الفضي. أوه ليس زوجكِ؟”
أجبرتُ نفسي على الابتسام.
“لا، ليس كذلك.”
“حقًا؟ من هو إذًا؟ لا يبدو كأخيكِ الأكبر…..”
لقد كنتُ صامتة. قلتُ إنني لا أُريد حتى أن نكون أصدقاء، ومع ذلك ها أنا ذا أقبل مساعدة لويد، فكرة لاذعة.
عندما لم أتمكن من الإجابة ضحكت صاحبة المتجر على الأمر.
“آه، خطئي! أنتِ لم تتزوجي بعد. حسنًا، لا داعي للاستعجال، فالزواج المبكر ليس دائمًا خيارًا جيدًا للمرأة. أردتِ التفاح، أليس كذلك؟”
ثم وضعت ثلاث تفاحات في سلّتي.
بالمعنى الدقيق للكلمة، كنتُ متزوجةً. لكن مع رجلٍ لن أراه مجددًا. لم يكن هناك سبب لتصحيح كلامها.
“نعم، شكرًا لكِ.”
أخذتُ السلة وتجولتُ في القرية قبل أن أعود إلى الكوخ. كانت هذه قرية صغيرة في أقصى ضواحي مارسيلينو، ويبلغ عدد سكانها أقل من خمسين نسمة. كان الجميع هنا لطيفين ودافئين. بيت صغير، حديقة صغيرة، وجيران لطيفون… لقد كانت الحياة البسيطة التي حلمتُ بها ذات يوم مع داميان. وأنا مدينة بكل هذا إلى لويد.
وبعد أن فكرتُ في ذلك اقتربتُ من الكوخ الذي كان مرئيًا بالفعل من مسافة. وفي تلك اللحظة، فُتح الباب فجأة، عاد لويد مبكرًا من المدينة.
اقتربتُ من لويد بشكل غير رسمي، حتى لاحظتُ حالته. كان غارقًا في العرق، وكانت عيناه مليئة بالقلق.
ثم فجأة ركض لويد نحوي. قبل أن أتمكن من الرد، أمسك لويد بكتفيّ بقوة، وهزّني بقوة.
“أين… أين كنتِ على الأرض؟!”
حدّقتُ بلويد بدهشة. لم أره من قبل بهذا الانزعاج طوال الأسابيع التي قضيناها هنا.
“لقد ذهبتُ للتو إلى القرية.”
“لقد طلبتُ منكِ أن تخبريني بما تحتاجيه!”
قلتُ بهدوء.
“لقد ذهبتُ فقط للمشي.”
استدار لويد، ومرّر يده في شعره، محاولاً أن يُهدّى نفسه. ثم، بصوتٍ أكثر هدوءً.
“لا نعلم متى قد يظهر مطاردو فالدوميرو. حتى هنا ليس آمنًا تمامًا.”
“أنا آسفة…”
بعد كل شيء، أنا من طلبتُ مساعدته. لقد تخلّى لويد عن كل شيء، عائلته، منصبه، لمساعدتي. من الهروب من ظلال فالدوميرو إلى إعداد هذا المنزل الآمن. لقد كان الأمر عبئًا، ولكن منذ أن أصبحتُ حاملاً، لم أتمكن من رفض مساعدة لويد. ربما كانت غريزة البقاء. كأم، كان عليّ أن أعيش من أجل طفلي. حتى لو كان ذلك يعني استخدامه.
ولكن عندما فكرتُ بوضوح، غمرني شعور بالذنب، شعور بالذنب بسبب استغلالي لويد، وشعور بالذنب تجاهه.
“لويد…..”
عند صوتي الناعم، تنهد لويد، وأصبح أكثر هدوءً مرة أخرى.
“آسف على الصراخ. لقد… شعرتُ بالذعر لمجرد أنني فكرتُ أن شيئًا ما قد حدث لكِ.”
لقد قاطعتُ لويد بلطف.
“يمكنكَ العودة الآن.”
لقد تجمّد لويد وهو ينظر إليّ.
“مهما بلغت قوة كاليان، فلن يقطع كل الطريق إلى هذه القرية الصغيرة في مارسيلينو. لقد اعتدتُ على الأمور هنا الآن. أستطيع تدبير أموري بنفسي.”
أدار لويد عينيه بعيدًا، وكان وجهه متوترًا.
“لا أستطيع أن أترككِ وحدكِ.”
فقلتُ ما كنتُ أخفيه إلى الآن.
“أنا لستُ وحدي.”
توقفت يد لويد عندما أراد أخذ السلة. نظرتُ إليه مباشرة وقلتُ بوضوحٍ.
“أنا حامل.”
أجاب لويد بهدوء، حتى دون أن ينظر إليّ.
“أنا أعرف.”
عبستُ. هل كان لويد يعلم؟ لقد ساعدني طوال هذا الوقت، حتى مع علمه بأنني أحمل طفل فالدوميرو؟
حدّقتُ بلويد في ذهول. أخيرا نظر إليّ لويد وابتسم ابتسامة رقيقة.
“مبارك يا جوليانا. إنه الطفل الذي لطالما حلمتِ به.”
لم يكن في نبرة لويد أي سخرية، بل كان هناك دفء حقيقي. وهذا ما حيّرني أكثر.
“هل تعلم ممّن هو هذا الطفل… ولا يزال بإمكانكَ أن تقول لي مبارك؟”
ابتسم لويد ابتسامة خفيفة ومريرة.
“لا يهمّني دم مَن الذي يجري في عروقه.”
وضع لويد يده برفق على كتفي.
“هذا الطفل جزء منكِ.”
كانت لمسة لويد لطيفة وصادقة، بل ومؤلمة. لم يكن لطفًا زائفًا، بل كان حنانًا غامرًا، يكاد يكون هوسًا مجنونًا. لقد أزعجني.
لم أستطع أن أنظر في عيني لويد عندما همس بهدوء.
“لهذا السبب… أستطيع أن أُحبّ الطفل أيضًا.”
♣ ملاحظة المترجمة: في دولتي يُطلق على الأشخاص مثل لويد تهمة المُلاحق، ويتم معاقبتهم قانونيًا، وادخالهم لمؤسسة العلاج النفسي.
التعليقات لهذا الفصل " 82"