عندما أدرك كاليان وجودي، تحدّث إليّ ببرود متعمدًا.
“لقد سمحتُ لها بالعودة، لذا اعتني بها جيدًا.”
هل كان يقصد أنني يجب أن أعتني بسكرتيرته؟ عندما نظرتُ إلى كاليان بصمتٍ، حدّق بي بتعبيرٍ غامض.
في تلك اللحظة، تقدّمت ليلى وانحنت لي بأدب.
“شكرًا جزيلًا سيدتي. سمعتُ أنكِ أنتِ من سمحتِ لي بالعودة.”
ابتسمت ليلى بامتنانٍ حقيقي.
نظرتُ إليها بحدةٍ وقلتُ بلا مبالاة.
“لا يوجد ما تشكريني عليه. لقد أعدتكِ إلى حيث تنتمين فقط.”
“عفوًا؟”
سألت ليلى في حيرة.
ابتسمتُ برقةٍ.
“لأنكِ تبدين أجمل بجانب كاليان.”
تجمّدت ليلى في مكانها لا تدري كيف تتفاعل. عبس كاليان بشدة بسبب كلماتي المعبرة.
وبينما كنتُ أنظر إليهما، أضفتُ بابتسامةٍ ماكرة.
“أوه! بالطبع أقصد كسكرتيرته.”
لیلی، بدت متيبّسة في البداية، ثم أجبرت نفسها على الابتسام.
“شكرًا لكِ على قول ذلك، سيدتي.”
لكن تعبير كاليان ظل باردًا، فكر: “إذًا هي تعتقد أن ليلى تناسبني أكثر؟ أليس هذا كقولها إنها لن تقف بجانبي أبدًا؟”
“سأذهب الآن.”
قلتُ عرضًا وأنا أستدير بعيدًا.
قبض كاليان قبضتيه وهو يراقب جوليانا وهي تغادر. شعر فجأة بالانزعاج.
تمتم كاليان في نفسه: “لماذا أنا قلق هكذا؟ هل أردتُها أن تغار؟ ولكن ألم أكن أنا من طلب منها قبول عودة لیلی؟”
تنهد كاليان بعمق وفكر: “أشعر بالخجل من الأشياء الطفولية التي قلتها للتو أمامها.”
بعد قليل، دخل كاليان مكتبه. سُمع طرقًا.
“أنا ليلى.”
“ادخلي.”
قال كاليان ونظره متّجه نحو النافذة بقلبٍ مثقل.
دخلت ليلى بابتسامة عريضة، سألت وهي تنظر إلى وجه كاليان بحنين.
“هل لدينا الكثير من العمل المتراكم؟”
ثم فكرت ليلى: “لقد افتقدتُ هذا الوجه كثيرًا.”
عندما التفت كاليان ببطء لينظر إليها، خفضت ليلى رأسها بسرعة وقالت.
“إذا أعطيتني الأوامر، فسوف أبدأ على الفور.”
قال كاليان بصوتٍ بارد.
“ما زلتُ لم أُسامحكِ تمامًا يا ليلى.”
تيبّست ليلى.
“لقد خدعتيني بأكاذيبكِ وأهنتِ سيدة المنزل. هذه جريمة جسيمة.”
أشار كاليان إلى قيام ليلى بإيذاء نفسها لتوريط جوليانا زورًا. كُشفت الحقيقة وأُمرت ليلى بالعودة إلى سورينتو للتأمل.
فكرت ليلى: “شعرتُ بانهيار العالم لأن صاحب السمو كاليان رآني في أبشع حالاتي وليس بسبب العقاب. لكن عندما صدر أمر عودتي، شعرتُ حينها بارتياح كبير اعتقدتُ أنه يعني أنه سامحني وفهمني. بالتأكيد، بعد أكثر من عشر سنوات معًا لن يتخلّى عني أبدًا. ومع ذلك، عندما نظرتُ إلى عينيه الجليديتين الآن أدركتُ أن كل هذا كان خطئي.”
ثم تابع كاليان.
“لقد قرّرتُ إنهاء الأمر بنفيكِ إلى سورينتو بسبب السنوات العشر من خدمتكِ لفالدوميرو.”
تشنّج وجه ليلى، فكرت: “هذا يعني أنه كان ينوي ألّا يراني مرة أخرى.”
أضاف كاليان.
“ولكن جوليانا أصرّت على السماح لكِ بالعودة إلى العقار.”
على عكس نبرته السابقة أمام جوليانا، أصبحت كلمات كاليان تحذيرًا واضحًا. بأن السبب لوجود ليلى هنا الآن هو تسامح جوليانا، لم يكن لدى ليلى أي مبرر آخر.
فكرت ليلى: “هل هذا كل ما أنا عليه بالنسبة له، بعد أكثر من عشر سنوات بجانبه؟!”
نظرت ليلى إلى كاليان بعيونٍ مجروحة، لكن نظرات كاليان الباردة الخالية من التعبير جمّدتها في مكانها.
تحدّث كاليان بصوت حاد وجليدي.
“بغض النظر عن مدى ولائكِ لفالدوميرو، وبغض النظر عن أن جوليانا هي ابنة هيستر، لقد تجاوزتِ الخط ليلى.”
مع الضوء خلفه، كان تعبير كاليان مظلمًا.
فكرت ليلى: “أنا سعيدة تقريبًا لأنني لو رأيتُ الازدراء على وجهه، لكنتُ قد انهرتُ.”
“حتى لو كنتِ أنتِ لن أُسامح أبدًا أي شخص يحاول تدمير ما ينتمي لي.”
صرّت ليلى على أضراسها بقوة وانحنت بعمق.
لم تعد هذه نصيحة لمرؤوسة مخلصة، بل تحذير واضح وقاتل.
“أنا آسفة….”
تلعثمت ليلى.
لكن كاليان قاطعها بحدة.
“لا تخيبي ظني مرة أخرى.”
العداء في صوت كاليان كان جليديًا.
“نعم، أفهم.”
قالت ليلى بحزمٍ، رغم أن قبضتيها كانتا ترتعشان من الذل.
مع الروتين اليومي مرَّ الوقت. واصلتُ إدارة العقار كالمعتاد. عادت ليلى لتعمل كمساعدة لي. هذه المرة، لم تظهر ليلى أي عداء. كنتُ أتوقع أن تنتقم ليلى، لكنها قامت بواجباتها بهدوء وطاعة. سهّل ذلك انجاز العمل لكنني لم أستطع التخلص من قلقي.
لقد مرّت ثلاثة أسابيع منذ أن تشاركتُ أنا وكاليان الفراش ومع ذلك، لم أشعر بأي أعراض حمل. كان الوقت لا يزال مبكرًا، ولكن لو أنني حملتُ منذ ليلتنا الأولى، لكان قد مرّ أربعة أسابيع بالفعل، مع ذلك لم يظهر على جسدي أي تغيير. ربما لم أحمل حقًا… ماذا أفعل إذًا؟ سأضطر للنوم معه معه مجددًا، أليس كذلك؟ عادت ذكريات دالوت الحارة فجأة، الليالي التي فقدتُ فيها رشدي. هززتُ رأسي مرتبكة لأطرد الأفكار.
في تلك اللحظة، ظهرت ليلى بصينية شاي ووضعت بجانبي كوبًا.
“سيدتي، من فضلك ارتاحي قليلًا.”
أجبتُ بحذر.
“شكرًا لكِ.”
قالت ليلى بابتسامةّ مهذبة وهي تجلس أمامي.
“إنه شاي البابونج، المُفضّل لديكِ.”
نظرتُ إلى ليلى بريبة، قلتُ.
“لماذا تتصرفين بهذا اللطف فجأة؟ ما الذي تخططين له؟”
تابعت ليلى.
“أدركتُ أنني لم أعتذر لكِ بشكل صحيح بعد عودتي.”
حاولتُ إنهاء المحادثة بسرعة.
“لا داعي للاعتذار. ركزي على عملكِ فقط.”
“نعم سيدتي. سأتفرّغ لواجباتي من الآن فصاعدًا.”
أجابت ليلى بهدوء.
“هل هذا تمثيل آخر؟ هل تتظاهرين فقط لتنصبي لي فخًا مرة أخرى؟”
ابتسمت ليلى ابتسامة ذات مغزى.
“من الآن فصاعدًا، سأخدمكِ كسيدة المنزل وأُشارككِ كل شيء.”
“كل شيء؟”
عبستُ.
“نعم. على سبيل المثال، أوامر صاحب السمو التي أُخفيَت عنكِ.”
“لماذا تخبريني بمثل هذه الأشياء؟”
ورغم أنها كانت معلومات قيمة، إلّا أنها جاءت من ليلى. لذلك لم يكن بإمكاني الوثوق بها بسهولة.
لكن ليلى نظرت إليّ مباشرة في عينيّ وقالت
“لأنكِ أيضًا تستحقين معرفة الحقيقة، سيدتي.”
♣ ملاحظة المترجمة: دعونا نرى ما هو المخطط الجديد بين لويد وليلى؟ هذان ميؤوس منهما حقًا
التعليقات لهذا الفصل " 73"