بعد أن تعرّضت ليلى لانتقادات بسبب سلوكها المتسرّع، اضطرّت إلى خفض رأسها وضغط شفتيها بإحكام. أربكت الملاحظة الرافضة كُلاً من رئيسة الخادمات وكبير الخدم لأنهما لم يتوقعا من كاليان أن يرفض رأي ليلى بهذه الصراحة. لأن هذه هي درجة ثقة كاليان بليلى طوال هذا الوقت.
درس كاليان بصمت ليلى المتوترة التي كانت تقبض يديها بشدة.
“لقد كنتُ قصيرة النظر……”
عندما رآها كاليان مكتئبة، أطلق تنهيدة عميقة.
فكر كاليان: “في حين أن تهوّرها خيّب أملي، إلّا أنني كنتُ أعلم جيدًا مدى إخلاصها لمنزل فالدوميرو. بالطبع، سيكون لديها تحفّظات بشأن قبول ابنة عدو كسيدة المنزل. أنا نفسي كنتُ أشك في جوليانا أولًا بعد رؤية الرسالة نصف المحترقة. كان خطأ ليلى شيئًا يمكن التغاضي عنه، لأن أي شخص يمكن أن يرتكب خطأ. كانت السنوات التي قضيتها مع ليلى طويلة جدًا بحيث لا يمكنني قطعها مثل غصن بسبب بعض الأخطاء. لقد كانت أكثر من مجرد سكرتيرة، لقد كانت بمثابة فرد من عائلتي بالنسبة لي.”
تنهد كاليان مرة أخرى، وفرك وجهه بتعب كما لو كان هناك شيء يثقل كاهله، ثم تابع حديثه.
“سنتظاهر بأننا لم نسمع أيًا من ذلك. الأوقات فوضوية بما فيه الكفاية، لذا يجب على الجميع الامتناع عن فعل أي شيء أحمق.”
جعل أمر كاليان الحاد كبير الخدم ورئيسة الخادمات، اللذين كانا يراقبان بتوتر ما بين كاليان وليلى، ينحنيان على عجل.
لوّح كاليان لليلى بتعب بمجرد أن رآهما يغادران.
“وأنتِ أيضًا. اذهبي.”
“عفوًا؟ لكنني….”
“أريد أن أكون وحدي.”
جعل إصرار كاليان الحازم ليلى تُدير ظهرها، ووجهها متيبّسًا. ولم ينحني كاليان على الكرسي إلّا بعد أن غادرت ليلى الغرفة والندم مكتوب في وجهها.
شعر كاليان بالإرهاق الشديد، تمتم في نفسه: “كانت الحقيقة، حتى في تلك اللحظة، أن جوليانا التي رأيتها في أحلامي ملأت عقلي تمامًا.”
[أُحبُّكَ يا كاليان……]
“اللعنة!”
[أُحبُّكَ……]
“ها قد عاد الأمر مرة أخرى.”
الآن رنّ صوت جوليانا في أذني كاليان وهو مستيقظ. حدّق في جزءه السفلي المنتفخ تحت ملابسه وأطلق تأوهًا هادئًا.
“ها… لا بد أن هناك خطبًا ما في عقلي.”
تميّزت غرفة الاستقبال، التي تليق بعقار فالدوميرو، بقطع من خشب الماهوجني الداكن والرخام الأسود. في وسط تلك المساحة النظيفة، جلس كاليان، الذي وصل أولًا، على أريكة جلدية سوداء داكنة. جلس لويد، وهو يواجه نظرة كاليان العدائية، على مهل على الجانب الآخر.
“لم أتخيّل أبدًا أنكَ ستذهب إلى حد دعوتي إلى هنا.”
جعل تعليق لويد غير المبال كاليان يُعبّس لثانية، لكن سرعان ما عادت ملامحه إلى جمودها المعتاد.
اتكأ كاليان على الأريكة وبدأ حديثه.
“لندخل مباشرة في صُلب الموضوع. ليس لدى فالدوميرو أي نية للتخلي عن مناقصة منجم الماس هذه.”
عقّد لويد ساقيه عرضًا، غير مبالٍ بتدقيق كاليان الحاد.
“وينطبق الشيء نفسه على سيلفرستيل.”
زفر كاليان نفسًا عميقًا عند سماعه رد فعل لويد المُتحدي، وخرج صوته أجشًا.
“إذا لم يتراجع أي من المنزلين الحاكمين، فسيرتفع سعر مناقصة المنجم بشكل كبير.”
“إذًا على فالدوميرو أن يستسلم.”
“سأضمن لكَ 20% من إنتاج المنجم من الماس بنصف السعر.”
حتى لو تمكن سيلفرستيل من الفوز بمناقصة التعدين، فسيواجهون مشاكل نقل كبيرة لأن المنجم يقع بالقرب من أراضي فالدوميرو. هذا يعني في النهاية، كما هو الحال مع مشروع منجم الحديد، أنه لن يكون لديهم خيار سوى التعاون مع فالدوميرو سواء أحبَّوا ذلك أم لا.
بدا أن لويد توقّع أن يُقدّم فالدوميرو هذا النوع من العرض، فأجاب بسهولة.
“يجب أن تعرض 50% على الأقل.”
جعل هذا الطلب الماكر كاليان يشدّ على أسنانه.
“ثلاثون بالمئة.”
“أربعون. لا يمكننا قبول أي شيء أقل من ذلك.”
“خمسة وثلاثون بالمئة. هذا أقصى ما سيفعله فالدوميرو.”
حتى هذا كان عرضًا استثنائيًا. لم يكن تأمين إمدادات مضمونة من الماس أمرًا يمكن حله بالمال فقط.
“حسنًا.”
ثم مدّ لويد يده، وابتسامة خفيفة ترتسم على شفتيه، لكن كاليان اكتفى بنظرة خاطفة إلى اليد الممدودة بطعم سيء في فمه. بدا التفاوض برمته وكأنه شهادة على أن كاليان قد تصرّف وفقًا لرغبات لويد، مما أزعجه.
على الرغم من رد كاليان البارد، حافظ لويد على ابتسامته الهادئة.
“أتطلع إلى علاقة تعاون جيدة من هنا فصاعدًا.”
“علاقة تعاونية؟ لقد كانت كذلك بالفعل.”
لمعت نيّة القتل الباردة في عيني كاليان وهو يواصل التحديق في يد لويد الممدودة التي كانت مُعلّقة هناك بشكل أخرق قبل أن يسحبها، ولم يكشف وجهه عن أي شيء.
كان لويد على وشك النهوض للمغادرة عندما كسر كاليان صمته وسأل بهدوء.
“لماذا كذبتَ؟”
بدأت طاقة الظلال التي عادةً ما يُبقيها كاليان مكبوتة بالتسرّب حول جسده. لقد كان نوعًا مختلفًا من العداء والغضب على عكس ما أظهره عندما كانا يناقشان العمل قبل لحظات. في تلك اللحظة، بدا كاليان وكأنه حاصد يجلب الموت خلفه.
“لماذا كذبتَ بشأن الحصول على معلومات منجم الماس من جوليانا؟”
انحنى حاجبا لويد الذي بدا عليه الهدوء قليلاً عند سؤاله الصريح.
“ألم يكن تصديق منافسكَ هو الخطأ الحقيقي هنا؟”
كان لويد الذي كان يرتدي دائمًا قناعًا لطيفًا يتصرّف الآن بوقاحة متعمّدة مع برودة في عينيه، مما جعل كاليان يعبّس.
“إذًا هو يعني……”
حدّق لويد في كاليان، وضمّ زاوية فمه ساخرًا.
“لقد حذّرتكَ، أليس كذلك؟ سأتدخّل إذا سنحت لي الفرصة.”
كان بإمكان كاليان أن يفهم إن لويد يُريد طرد جوليانا من فالدوميرو.
بتلك اللقطة الوداعية، غادر لويد الغرفة، تاركًا كاليان ثابتًا في مكانه لفترة طويلة.
كان لويد مُتجهًا نحو العربة عندما ارتسمت عيناه على الحديقة. جلست جوليانا على طاولة الحديقة، وكانت تُحدّق في الفراغ بنظرة فارغة.
على عكس السيدات الأخريات من البيوت الكبيرة اللاتي عادةً ما يحتفظن بالعديد من الخادمات حولهن، لم يكن لدى جوليانا سوى كيت.
راقبها لويد في صمت لبعض الوقت وهي تُحدّق في الهواء بلا روح قبل أن يسير نحوها.
“لقد فقدتِ وزنًا منذ أن رأيتكِ آخر مرة.”
اختفت البرودة التي كانت على لويد عند لقائه بكاليان، وحلّت محلها الابتسامة اللطيفة التي عرفتها جوليانا، على الرغم من أن عيني لويد اللتين كانتا تنظران إلى جوليانا كانتا مريرتين.
عبّس لويد عندما لاحظ أن جوليانا بدت أكثر إرهاقًا مما كانت عليه عندما رآها آخر مرة.
“لماذا لم تأتِ إليّ طلبًا للمساعدة؟ لو كنتِ قد طلبتِ، لربما قلتُ الحقيقة.”
جذبت صراحة لويد عيني جوليانا الفاترتين إليه.
“هذا يجعل الأمر يبدو وكأنكَ قلتَ أكاذيبًا بدلًا من الحقيقة.”
صمت لويد عندما أصاب سؤال جوليانا الهدف.
“هل أنا مخطئة؟ لماذا كذبتَ؟”
لذعه صوت جوليانا الخالي من المشاعر. عضّ لويد شفتيه، وسقط على ركبة واحدة. حتى هذا الفعل المفاجئ لم يُثر أي رد فعل من جوليانا.
حدّقت جوليانا بلويد فقط بنظرة فارغة. بينما كان لويد لا يزال راكعًا، أمسك بيد جوليانا بحرص.
نظر لويد إلى ظهر يد جوليانا الرقيقة التي بدت وكأنها ستنكسر إذا أمسكها بقوة، وضغط عليها برفق بشفتيه. بدت تلك الإيماءة كخادم يتوسل طلبًا للمغفرة من سيدته، وفارس يِقسم بالولاء والعزيمة.
أثار ذلك رد فعل من جوليانا حيث تصلّب وجهها قليلًا. حاولت سحب يدها بعيدًا، لكن يد لويد كانت أقوى ظل ممسكًا بها وهو ينظر إليها بعيون حزينة.
“لأنكِ أفضل من فالدوميرو. لأنني أردتُكِ أن تبحثي عني. لذا تخلَّي عن فالدوميرو وتعالي إليّ بدلًا من ذلك. تعالي إليّ عندما تسوء الأمور يا جوليانا. إذا تواصلتِ معي أولًا، يمكنني فعل أي شيء. حتى لو كان ذلك يعني القفز إلى الجحيم.”
أُجبرت جوليانا، بعد أن لفتَ لويد انتباهها، على إبقاء نظراتها صامتة لبعض الوقت. ومن داخل القصر المظلم، كان كاليان يراقبهما باهتمام طوال الوقت.
على الرغم من الفوضى التي سبّبتها مشكلة المنجم، تمكنتُ من فرز وثائق الميزانية وكنتُ الآن في طريقي إلى مكتب كاليان. ومع ذلك، عندما طرقتُ الباب ودخلتُ، لم تكن ليلى موجودة في أي مكان. لم يكن هناك سوى كاليان وحده خلف مكتبه.
مشيتُ ووضعتُ الوثائق بهدوء على مكتبه، ولكن عندما استدرتُ للمغادرة، أوقفني صوت كاليان في مكاني.
“هل تريدين حقًا أن تُظهري للجميع أنكِ على علاقة غرامية مع ذلك الوغد؟”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 40"