تمتمت أريانا بصوت شبه مسموع وهي تفكر، رافائيل ذو الحواس الجيدة سمع كلماتها، نظر لها بعيون متفحصة، فأريانا التي شعرت بنظراته أدركت خطأها وحاولت تحاشي الأمر، لكنه تكلم بتجاهل لما سمعه:
“إذا استطعت كسب الملك ناثان لصالحي، فسأتجنب التهديد الخارجي، هذا ما تقوليه…”
“إذا فاوضته بشكل صحيح وحاولت كسبه لصالحك، بدون الإضرار بكبرياء الإمبراطور، فستكون ضربة جيدة لنا…”
شعرت أريانا بالإمتنان له وأجابت على كلماته، كأن التمتمة لم تحدث..
ابتسم رافائيل لكلمة “لنا” وشعر بنوع من التعقيد في قلبه والكثير من السعادة، تنهد قليلاً ثم تكلم لتذكيره بالموضوع:
“والدوق سيلفانو؟!”
“دعه لي، سأجد حلاً…”
“هل ستحدثينه؟!”
“…”
انزعج رافائيل بشدة ولكنه تحكم بالأمر وتكلم بأكبر قدر من الهدوء، لكنه تكلم بنبرة باردة وشعرت أريانا بشيء غريب ونظرت لرافائيل وأمالت رأسها…
‘هل من خطأ؟!’
لكن رافائيل تدارك أمره وابتسم وقال:
“أريد أن أتدبر الأمر، أنا… هذا كل ما في الموضوع”
ارتبكت أريانا وقالت بنوع من القلق:
“راف! أنا آسفة… يبدو أني أتدخل وأتسلط أكثر من اللازم…”
رافائيل الذي شعر أنه دائماً ما يزيد الأمر سوءاً فرك جبهته وقال بنبرة اعتذارية، وتكلم بتهور وهو يعلم ذلك..
“آيا، أنا أثق بك… كل ما في الأمر لا أرغب بأن تقابلي ذلك الرجل…”
صدمت أريانا ولم تجد مبرراً للأمر ففي الرواية لم يكن هناك أي عداء بين فيليب ورافائيل قبل بدأ الرواية، ففكرت بقلق:
‘هل التقى راف بإلينا وحدث أمر ما… لا لا، يا إلهي كيف سأسأل؟! لقد تغير الكثير بسبب دخولي للرواية وتغيير الأحداث’
شعر رافائيل بقلقها ومد يده بتلقائية ووضعها على رأس أريانا وربت بلطف مما جعل قلبها ينبض بسرعة، رفعت عيناها لتقابل عيناه فابتسم لها بلطف وقال:
“يجب استدعاء إيفان للإطمئنان عن حالتك”
“وهل سيأتي؟!”
“بالتأكيد”
ابتسم رافائيل بإشراق مما جعل أريانا تنسى الأفكار السيئة وتنظر مباشرة في وجهه وتشعر بالكثير من المشاعر، السعادة والأمان والراحة والخير، ثم تذكرت أمراً ووقفت متوجهة للدرج وأخرجت علبة صغيرة، نظر لها رافائيل بحيرة فتكلمت أريانا بوجه مشرق وهي تمد العلبة:
“إنها هديتك، لقد نسيت أن أعطيك إياها البارحة…”
ضحك رافائيل وأمسك الصندوق الصغير وقام بفتحها، كانت قلادة جميلة وتشبه إلى حد ما القلادة التي أهداها لها، فضحك بمرح وأخذها من العلبة وقال:
“هلا تساعدينني في ارتدائها؟!”
“حسناً”
قامت أريانا بحرج وساعدته في ارتدائها ومن ثم نظرت لها وأعجبها منظر رافائيل بالقلادة التي تزين عنقه وقد كانت سلسلتها طويلة قليلاً فقد نزلت لمفرق القفص الصدري وقد تباين مظهر القلادة الرقيق مع جسد رافائيل القوي والعضلي مما أضاف هالة قوية ورجولية، كاد لعاب أريانا يسيل من التأثير..
(سارا: حتى أنا وأنا أتخيل سال لعابي 🤭)
سعل رافائيل قليلاً وقال:
“إنه جميل، شكراً لك”
“أنا سعيدة أنه أعجبك”
ابتسمت أريانا بوجه محمر وسعيد مما جعل رافائيل ينظر لها كالممسوس لكنه تمالك نفسه وقال بمرح:
“لو كانت الجوهرة زرقاء لكانت أفضل…”
أمالت أريانا رأسها بحيرة فضحك رافائيل وقال:
“هديتي تشبهني يجب أن تكون هديتك شيئاً يشبهك، كعيناك الجميلة مثلاً..”
احمر وجه أريانا بشدة، فرغم النبرة المرحة، لكنه كان يتغزل بها ما جعل قلبها ينبض بعنف شديد، وجعلها تقف مترددة لا تدري بما تجيب، فأدرك رافائيل الأمر وقال بمرح:
“حسناً أنتظر هدية مميزة في عيد ميلادي، وأتمنى أن تتضمن شيئاً من آيا…”
“…”
“حسناً يجب أن أرحل الآن”
عندما وجدها غير متزنة تعذر بالرحيل ونظر لوجهها المتورد وشعر بالحرارة في وجهه فغادر بسرعة حتى لا يقوم بشيء أحمق…
* * *.
كان يضرب بالسيف بلا هوادة حتى تطاير الدم من الوحوش وتناثر، كانت تنظر له بنوع من الحيرة والقلق، التفتت للوحش الذي مر بجانبها وطعنته، وعادت لتنظر إليه:
‘منذ أن ذهب للحفل الإمبراطوري، ووضعه لا ينبئ بخير’
تقدم فارس من البالادين ومعه فارس من الدوقية:
“دوق، لقد وصلتك رسالة من المعبد…”
رفع الدوق رأسه وتلألأ شعره الذهبي، نظر للبالادين بنظرة باردة وابتسامة جافة، تقدم الفارس وسلم الرسالة له ثم استأذن بالإنصراف…
غادر الفارس وقام بفتح الرسالة وابتسم بسخرية، نظرت له وبقلق:
“دوق! لِمَ يريد المعبد التواصل معك؟!”
“إلينا، إنهم يحبون تصيد الفرص…”
ضحك بتهكم، اقتربت إلينا منه بحصانها ونظرت له مباشرة وسألت:
“ما الذي حدث البارحة؟!”
“لقد تلقيت إهانة غير مباشرة من الإمبراطور، والآن يريدون كسبي لصالحهم…”
“وما الذي ستفعله؟!”
نظر لها بابتسامة ودودة وقال:
“لن أقوم إلا بشيء جيد لنا…”
“أثق بالدوق كثيراً”
شعرت إلينا بالراحة وابتسمت له بثقة
* * *.
“لقد أخبرتك، لا ألف مرة لا أعلم…”
رد بإصرار عليه ومازال متمسكاً بموقفه العنيد، نظر للآخر الذي كان بعناد صاحبه، تنهد وبدأ بالإنزعاج وقال:
“ألا يعلم أحدكما أين اختفى جلالته، لقد كان معكما قبل اختفائه من الحفل، أين ذهب بحق خالق الجحيم…”
“لقد ذهبت للتنزه… مارشال”
تفاجأ مارشال ونظر لسيده الذي تكلم من خلفه بعيون قلقة ثم انحنى وبصوت مهزوز:
“لِمَ اختفيت يا صاحب الجلالة؟! لقد كدت أموت من القلق…”
“لذا كنت تحقق معهما بدون إذن؟!”
“…”
صمت مارشال بخجل وانحنى، تكلم كاسبر بدفاع:
“لم نخبره عن أي شيء، جلالتك”
أومأ رافائيل بإيجاب ثم نظر لمارشال وقال بجدية:
“هل هناك أمر خطير؟! مارشال”
“لا، كل ما في الأمر أني قلقت على صاحب الجلالة”
“أنا اليوم في أفضل حالاتي، اطمئن…”
رفع مارشال رأسه لينظر لوجه رافائيل المشرق والملامح المريحة، لقد بدا سعيداً وأقل مرضاً…
“جلالتك! لدي سؤال لجلالتك”
نظر له رافائيل بحيرة لمارشال الذي تكلم بتردد وقلق، لكنه حثه على إكمال كلامه، فبلع مارشال قلقه وتوتره وتكلم بأقصى شجاعة يملكها:
“هل لجلالته امرأة في قلبه؟!”
تركز نظر مارشال والبقية على رافائيل، لقد كانت رد فعلهم التهرب من نظرات مارشال المتفحصة مما أثبت شكه، أما رافائيل الذي تجمد ولم يجد إجابة، لقد كان سؤالاً طُرح للمرات كثير ولم يستطع الإنكار بسهولة كما كان سابقاً، لقد كانت المرة الثانية التي يعجز عن الرد، فكر كثيراً…
‘منذ متى أعجز عن الرد؟…’
ابتلع الكلمات لأنه يعرف منذ متى، نظر لمارشال وقال بهدوء متناسياً الأفكار التي تغزو رأسه في كل مرة:
“أنا لا أعلم ما الذي تعنيه، فكيف؟!”
تردد مارشال وشعر بالحزن، لكن كاسبر المتهور تكلم:
“جلالتك! ألا تعلم ما هو الحب، ولكن ما أراه في تعاملك مع السيدة، ألا يبدو…”
تورط كاسبر وتنبه للأمر عندما رمقه رافائيل ووخزه براين، وضع كاسبر يديه على فمه ولمعت عيناه بالقلق من غضب الإمبراطور، أما مارشال نظر لرافائيل بنوع من التشكيك، ابتلع رافائيل حَرَجَه لأنها كانت المرة الأولى التي يكذب على مارشال، تنهد رافائيل وقال بعبوس:
“علاقتي مع آيا مجرد صداقة، ما الذي تفكرون به؟!”
نسي كاسبر خوفه وتكلم بخيبة أمل وقال:
“ألا يحب جلالته السيدة، تبدوان مثاليين جداً، أنت تهتم لأصغر تفاصيلها، حتى أنك تشعر بالغيرة على السيدة أليس كذلك، ألا يسمى ذلك حباً؟!…”
كانت كلمات كاسبر حقيقة مما جعل رافائيل يرتبك…
‘هل شعرت بالغيرة؟ متى؟ … عندما رأيتها تتحدث معهما، أو عندما قامت بمدح فيليب سيلفانو… ما هذا الهراء؟!’
نظر مارشال لكل التفاصيل وتغيرات رافائيل وقال:
“جلالتك! هل يمكننا التحدث على انفراد؟!”
أومأ بنعم وقال:
“انصرفا، وأنت كاسبر ستحاسب…”
انحنيا وكاسبر يبتلع لعابه من الخوف، وعندما غادرا تكلم رافائيل:
“ما الأمر الخطير الذي تريد التحدث معي على انفراد؟!”
“هناك الكثير من الأمور الخطيرة، هل أبدأ بسردها؟!”
“تكلم”
توجه رافائيل وجلس على مكتبه واستقام مارشال وقال:
“لقد تلقينا تقريراً من جواسيسنا، المعبد تواصل مع الدوق سيلفانو، ولا نعلم حالياً رد الدوق..”
“المعبد بدأ الحرب ويريد الفصيل النبيل تحت يده، هذا أمر جيد.. أكمل”
“الوفود سألت عن جلالتك في غيابك في المأدبة، لقد تدبرت الأمر أنا والكونت سيروس والبارون رولف والشقيقان… لكن الملك ناثان طلب لقاء عاجلاً مع جلالتك”
“توقعت الأمر، أخبر المساعدين بتحديد موعد عند الغداء مع الوفود وأخبر الملك ناثان أن الإمبراطور يريد لقاءه بعد الغداء…”
“أُتبِع أوامر صاحب السمو…”
“هل تبقى شيء؟!…”
“أرسل السيد ليندون الميزانية اللازمة للمشروع الجديد في الأكاديمية، وطلب لقاءك في أقرب فرصة…”
“وهناك يا جلالتك، وزير المالية أرسل تقرير الميزانية بخصوص الإعفاء لهذا العام…”
كان رافائيل يتكلم بجدية وبطريقة هادئة وواثقة جداً، كأن الأمور ليست بتلك الحجم، تردد مارشال في سؤاله الأخير:
“آه، هنا أمر أخير… أنا أعتذر لتدخلي ولكن أريد أن أسألك عن السيدة التي تحدث عنها السير ويلتون… هل جلالتك تحب تلك السيدة؟! أعني، هل ستكون تلك السيدة سيدتنا المرتقبة؟!”
ارتبك رافائيل ولم يجد ما يقول وفكر قليلاً ثم ضحك بحرج وحك خده وتكلم بتلقائية وهو يعبث بالقلادة التي أعطتها له:
“فتاة قوية وهشة وخبيثة وبريئة، هذا ما أستطيع أن أقوله عنها، إذا كان هناك شخص يستحق منصب الإمبراطورة فستكون هي، تفكر بالجميع لأجلهم ولأجلي، تقلق علي وتحميني وهي أكثر من تحتاج الحماية، شخص أستطيع أن أكون أعزلاً من كل شيء أمامها لأني أثق بها، إنها جميلة ونقية ولديها عينان تجعلني أشعر أن السماء تحتضنني بدفء، أشعر بالسعادة عند الحديث معها شعور قد نسيته منذ زمن طويل جداً، إنها درعي لذا أريد أن أكون سيفها…”
مارشال الذي ظل يستمع بهدوء لكلماته وقد بدأ يشعر بالسعادة فالشاب الذي أمامه يبدو واقعاً في الحب تماماً، رافائيل الذي صمت وما زالت ابتسامة حلوة تزين ثغره، انتبه لمارشال ونظر له فسعل مارشال قليلاً وقال بنبرة سعيدة وصادقة:
“جلالتك! أنت واقع بالحب وبشدة، أرغب حقاً في التعرف على السيدة التي جعلت من صاحب الجلالة يبتسم كطفل لطيف خالٍ من الهموم، يجب أن أنحني لها بالكثير من الاحترام…”
لقد كان مارشال شخصاً يثق به منذ طفولته، فلذا وجد نفسه يحدث عن آيا بصدق وبلا توقف، ارتبك رافائيل لأنه الآن أدرك أنه صرح بمشاعره التي لم يكن هو على علم بها، احمرت أذناه وغطى وجهه من الحرج، مما جعل مارشال يضحك بنبرة أب أدرك مشاعر ابنه الشاب، ثم تذكر أمراً:
“لا أعلم من هي السيدة، لكن أتمنى أن أراها… ولا حرج في الأمر يا جلالتك، فالإمبراطور الراحل كان يحب الإمبراطورة جداً، ولقد تدهورت صحته جداً عند موتها، وسموك يعلم بالأمر…”
تذكر رافائيل ذكريات كادت تندثر من عقله بسبب الأزمات التي أصابته، الدفء المحيط بوالديه عندما كان طفلاً، كيف له أن ينسى ذلك؟! لقد كان أسعد طفل في العالم، برد الجو المحيط بالغرفة وشد رافائيل قبضته بقوة…
‘لقد سُرِقت سعادتي في الماضي وأُخذت مني ولذا يجب حماية سعادتي مرة أخرى، آيا… سأحميك مهما كلف الثمن’
شعر مارشال بالجو المحيط، وتنهد وبصوت دافئ:
“قد لا يحق لي، لكن جلالتك كن سعيداً دائماً… ستكون روح الإمبراطور والإمبراطورة سعيدة عند رؤيتك سعيداً”
ذهب الجو الخانق وتكلم رافائيل بحرج، وتكلم كصبي مراهق:
“لم أدرك أني أحبها، هل هذا خطأ؟!”
“لا بأس بالأمر، وبما أن جلالتك تعلم بذلك حاول أن تجعلها سعيدة وأن تجعلها تحبك وتصبحا كياناً واحداً…”
ابتسم رافائيل بشعور عميق بالراحة، لقد تشوش عقله كثيراً ما جعله غير مدرك لما يشعر بداخله، لكنه الآن يعلم شعوره ويعلم ما يريد، نظر لمارشال وقال بجدية:
“يبدو أني أحب تلك الشقية، لكن هل هي تحبني؟! … لا بأس سأجعلها تحبني، لكن لننظف الإمبراطورية من القمامة أولاً ثم بعدها لنجعل الآنسة اللطيفة إمبراطورة…”
* * *.
مر النهار سريعاً عندما كانت غارقة في التفكير في تصرفات رافائيل الغريبة والمربكة، لكنها عادت وأخيراً للتفكير في الأمر الجديد، وها قد أتى الليل، كانت تتحرك في غرفتها ذهاباً وعودة وهي تفكر بطريقة لفتح الموضوع:
‘هل أذهب وأقول أريد كاهناً؟! يا إلهي كيف أفعلها؟! لم أتحدث مع أحد في القصر سوى ماريان وذاك المركيز الشرير رأيته مرتين منذ وصولي، إنهم لا يهتمون لأمر أريانا…’
توقفت عن التحرك ورفعت رأسها وقامت بجمع شجاعتها لتقرع الجرس، دخلت ماريان واحتارت لمنظر أريانا الصارم والعصبي، لكنها تصرفت بعقلانية وتكلمت:
“هل تريد الآنسة شيئاً؟!”
ترددت أريانا قليلاً لكنها تكلمت بشجاعة:
“من يوجد الآن في القصر؟!”
فهمت ماريان مغزى سؤالها وأعطت تقريرها سريعاً:
“المركيز ما زال خارج المنزل، أما السيد الشاب فقد أنهى عشاءه وهو الآن في مكتبه…”
‘كما أعلم فقد كان العم مسؤولاً عن الأعمال الخارجية للقصر ولمنصبه بينما الشؤون الداخلية فقد تكفل بها إليوت بعد وفاة والدته، كان عملاً تقوم به سيدة المنزل أو أكبر ابنة في العائلة، لكن المركيزة ماتت ولم تنجب سوى إليوت وأريانا كانت مريضة جداً منذ الطفولة وأساساً لا أحد يهتم لأمرها في هذه العائلة، لذا تكفل إليوت إلى جانب وظيفته في المجلس كنائب لوزير المالية فقد اهتم بشؤون القصر الداخلية الميزانية ومشاكل الخدم إلى آخره… لذا لم تكن أريانا السابقة تهتم وأريانا الحالية لم تهتم أيضاً لأنه عمل لا أريده، أما إليوت سيلاس، لم يكن شخصاً سيئاً في الرواية، وأيضاً في ذكريات أريانا عند الطفولة كان شخصاً تحبه كثيراً وتمشي خلفه كأخت صغرى مزعجة، وإليوت الذي يكبر أريانا بست سنوات لم يكن منزعجاً، بل كان يعتني بها، كيف تغير كل شيء؟! ولِمَ تغير إليوت على أخته المحبوبة…
لا أعرف شكله حتى لو قابلته، لقد تم وصفه بأنه وسيم وقوي وقد ورث العيون الزرقاء السماوية لعائلة سيلاس التي لم يرثها حتى والده ولقد كان مقرباً جداً من المركيز السابق، لا أعلم شيئاً لذا يجب أن نعرف الأخ الأكبر إليوت سيلاس ونقرر ما العمل’
نظرت أريانا لماريان وبهدوء تكلمت:
“أرسلي خبراً لأخي أني أريد أن أتحدث معه في أمر مهم…”
فتحت ماريان عيناها على وسعهما من الدهشة ولكنها استجابت وقبل أن تذهب تذكرت أريانا أمراً مهماً وقالت:
“آه! سأخبر أخي أني سأستدعي كاهناً معيناً يدعى إيفان جيروم، وإذا سألني أخي من أين أعرف عنه سأخبره أنك من أخبرتني، حسناً”
ابتسمت ماريان وأومأت برأسها بقوة وذهبت مسرعة…
* * *.
كان كالعادة غارقاً في الكم الكبير من العمل ورفع شعره البني القاتم من جبهته وهو يتنهد:
“ألا ينتهي العمل أبداً؟!… “
دق دق دق!!
“هاه، ادخل”
تنهد وبصوت منزعج سمح بالدخول، تفاجأ بخادمة أخته مما جعله يشعر بالقلق فالمرة الأخيرة التي أتت إلى مكتبه كانت أخته في حالة سيئة جداً، كاد أن يقف لكنه تماسك وقال:
“تكلمي”
“سيدي، آنستي الشابة ترغب في لقائك الآن لأمر ضروري، إذا كنت متفرغاً…”
“أنا متفرغ الآن، فلتأتِ…”
فتح عيناه الزرقاء السماوية على وسعها فلم تُنهِ كلماتها حتى سمح لها، انحنت ماريان وغادرت، ما جعل إليوت يفكر بحيرة:
‘لم تطلب أختي لقائي أبداً، ولم نتحدث أبداً سوى عند إعلان خطوبتها من الدوق، حتى أنني أظهرت غضبي عليها، لِمَ تطلب لقائي اليوم؟!’
دق دق دق!!
أعاده من تفكيره صوت الباب مرة أخرى فسمح بالدخول، فتفاجأ بأريانا تدخل بهدوء وبوجه لا يبدو منزعجاً على الإطلاق وما لاحظه أكثر أن وجهها أصبح أكثر صحة، انحنت أريانا بإناقة:
“مساء الخير أخي”
ارتفعت زاوية فم إليوت قليلاً، ثم عاد إلى وجهه البارد وبصوت رزين:
“يمكنك الجلوس”
“…”
تجاهلت أريانا وقاحته وجلست ونظرت لإليوت جسد قوي وعيون زرقاء سماوية وشعر بني قاتم…
‘إنه وسيم، لو كان في عالمي لأصبح معبود الفتيات، لكن مقارنة براف فهو لا شيء، لا يوجد شخص هزم راف في الوسامة…’
“ما الخطب؟!”
كان الأمر محرجا عندما تم القبض عليها تتأمل جماله فابتسمت بمرح وقالت:
“يبدو أن أخي يزداد وسامة…”
اتسعت عينا إليوت لكنه ضحك بسخرية وقال بتهكم:
“هل أنت هنا لمدحي وفي هذا الوقت؟!”
“في الحقيقة لا… لقد أتيت لأمر آخر”
اعتدلت أريانا بجلوسها وابتسمت بطريقة جدية وعيون متألقة:
“يمكنك الكلام”
“شكراً لك أخي، أمممم… لقد سمعت شائعة، أن هناك كاهناً مميزاً، قد يساعدني في حل مشكلتي أو على الأقل تخفيف أعراضي الثقيلة…”
استمع لها إليوت بتركيز ونظر لها بحيرة:
“من هو؟! وسوف أطلب حضوره إلى القصر…”
“حقاً! سأكون شاكرة جداً، إن الكاهن يدعى إيفان جيروم”
التعليقات لهذا الفصل " 16"