مددتُ يدي أتحسّس الهواء. لامست أطراف أصابعي جدارًا صلبًا. تحسّستُ الجدار عدة مرات، ثم هززتُ الجرس الذي كنتُ أحمله.
“أريد العودة إلى أستير.”
فجأة، انبعث ضوء ساطع من الجرس وبدأ يشكّل بابًا مضيئًا.
بفضل ذلك، أضاء المكان الذي كنتُ فيه.
كنتُ في غرفة صغيرة مستطيلة الشكل، محاطة بجدران حجرية من جميع الجهات، ولم أستطع حتى إيجاد المدخل.
“هل جئتُ حقًا إلى المكان الذي يوجد فيه الأداة المقدّسة؟”
نظرتُ حولي بعيون متلهفة، فلاحظتُ زجاجة صغيرة في زاوية الغرفة. انحنيتُ وأمسكتُ الزجاجة بيد مرتجفة.
كانت “نبع الحاكم”، الماء المقدّس الذي لا ينضب
كان “نبع الحاكم” نعمة تمنحها كاسيا للأشخاص الذين يخرجون لمحاربة الوحوش.
كانوا يفتحون بوابات المدينة، ويتلقّون صلوات كاسيا، ثم يضعون الماء المقدّس على أسلحتهم تباعًا. السيوف الممسوحة بالماء المقدّس كانت تقتل الوحوش فورًا.
بالطبع، كان للماء المقدّس تأثير في شفاء الجروح الخفيفة، لكن تأثيره الأكبر كان عند وضعه على الأسلحة.
أمسكتُ “نبع الحاكم” والجرس، ونظرتُ حولي بحثًا عن مخرج، لكنني لم أجده، فاستسلمتُ.
لا بد أن هذا مكان مخفي في معبد إسبن. لم أجد المدخل فقط. لكن ذلك لم يعد مصدر قلق بالنسبة لي. تقدّمتُ بثقة عبر باب الضوء.
في لحظة، عدتُ إلى غرفة نومي.
من فرط حماسي، بدأتُ أقفز.
“هذا مفتاح غش حقيقي!”
فجأة، سمعتُ طرقًا على الباب، فتوقّفتُ عن الحركة وصفّيتُ حلقي.
“سيدتي، هل هناك مشكلة؟ سمعتُ صراخًا…”
كان صوت ماري من خلف الباب. تقدّمتُ بخطوات واثقة ممسكة بـ”نبع الحاكم” وفتحتُ الباب. تراجعت ماري مذعورة.
“هل تعرفين أين ليون؟”
“سأذهب لمعرفة مكانه.”
“لا، سأجده بنفسي.”
توجّهتُ إلى مكتب ليون بخطوات واثقة كقائد عائد منتصرًا. لم يكن هناك حراس أمام المكتب، مما يعني أن ليون ليس هناك. خرج مساعد من المكتب، وانحنى عندما رآني.
“هل ليون في الداخل؟”
“لا، أعتقد أن صاحب السموّ في المكتبة…”
قبل أن يكمل، استدرتُ وتوجّهتُ إلى المكتبة. كنتُ أعرف أن مكتبة ليون ليست مكتبة عادية.
كالعادة، كان الحراس يقفون أمامها.
أردتُ أن أقول إنني أعرف كل شيء وأطلب منه الخروج، لكنني، من باب الأدب، طلبتُ إبلاغ ليون. وكما هو متوقّع، سُمح لي بالدخول.
ما الذي يفعله؟ نعم، توقّفتُ عينيّ على عضلاته الظاهرة تحت القميص المبلل، لكن عينيّ كانتا عند هذا المستوى بسبب طولي!
“ليس هذا، عينيّ عند هذا المستوى. وهذا ليس المهم الآن.”
تقدّمتُ إلى جانبه وأمسكتُ سيفه. عبس.
“ماذا تفعلين؟ ضعيه فورًا، إنه خطير.”
بينما مدّ يده ليأخذ السيف، مررتُ ذراعي على النصل الحاد دون تردّد. شعرتُ بألم حاد، وظهر خط دم أحمر. انتزع ليون السيف من يدي ورماه بعيدًا.
نظرتُ إلى ذراعي التي تنزف، ثم ابتسمتُ إلى ليون. تجعّد وجهه بغضب. كانت عيناه أكثر احمرارًا من دمي.
“تضحكين؟ هل جننتِ؟ هل هذا مضحك؟”
صرخ بوجه مليء بالغضب.
“ستفاجأ عندما ترى ما أحضرته.”
هززتُ الزجاجة أمام وجهه. نظر إلى الزجاجة، وارتجفت جفونه وهو يتنفّس بقوة. كان على وشك الانفجار، لكنني كنتُ متأكدة أن رؤيته لتأثير الزجاجة ستغيّر رأيه تمامًا.
ابتسمتُ، فتحتُ الزجاجة، وسكبتُ المحتوى على جرحي النازف.
“تادا!”
كما في الرواية، شفي الجرح فورًا، وتلاشى الألم.
نظرتُ إلى ليون بفخر. لكنه كان لا يزال غاضبًا.
كانت نظرته الباردة مخيفة، فتجنّبتُ عينيه بيأس.
“لذا، كيف حصلتُ على هذا…”
توقّفتُ وعضضتُ شفتيّ. تنهّدتُ ونظرتُ إليه.
“حسنًا، أنا آسفة. أخطأتُ.”
لو كنتُ جرحته بالسيف، لما نجوتُ. أردتُ فقط مفاجأته. لكنني أدركتُ أنني بالغتُ. نظر إليّ بصمت. هدأ غضبه قليلًا، لكن تعبيره ظلّ متصلبًا.
‘هل هذا ليس الوقت المناسب؟ هل أعود؟’
بينما أفكّر، عانقني ليون فجأة.
اختنقتُ من حركته المفاجئة. كنتُ في حضنه، عاجزة عن الكلام، أرمش بعينيّ. كان قلبي ينبض بقوة.
“لا تفعلي هذا مرة أخرى. هل تعرفين كم أفزعتني؟”
جعلتني كلماته المنخفضة مشوّشة. شعرتُ أن جسدي يذوب تحت أنفاسه الحارة. كنتُ سأنهار لو لم يكن يعانقني. شعرتُ أن هذه اللحظة توقّفت إلى الأبد.
فكّ ليون ذراعيه ببطء وتراجع خطوة.
كان الوقت متوقّفًا بالنسبة لي. كنتُ بالكاد أتنفّس، وعقلي مشوّش. لكن ليون بدا هادئًا كما لو لم يحدث شيء.
الفرق الوحيد كان أن غضبه اختفى تمامًا. لاحظتُ احمرار أذنيه، لكن وجهه كان شاحبًا بشكل غريب، فظننتُ أنني أخطأتُ الرؤية.
“… إذًا، ما هذا؟”
أشار إلى الزجاجة بذقنه. كان صوته يرتجف قليلًا.
إذًا، لم يكن هادئًا تمامًا؟
تنفّستُ بعمق وفتحتُ فمي.
“ليون، هل… تحبني؟”
رمش بعينيه ببطء شديد.
“ماذا… ما هذه الزجاجة؟”
كرّر سؤاله بدلًا من الإجابة. لكن عينيه كانتا ترتعشان بقلق.
بدا وكأنه يريد الهروب، ينظر إلى الباب خلفي.
“يبدو أنك تحبني حقًا.”
حدّقتُ فيه وتمتمتُ بهدوء.
شعرتُ أنني فارغة من رأسي إلى أخمص قدميّ. لم أفكّر بشيء، ولم أعرف ماذا أفعل. حاولتُ بيأس تذكّر سبب قدومي إلى المكتبة.
لم يؤكّد ليون ولم ينفِ كلامي.
كان يحدّق فقط في الزجاجة التي أحملها.
“حسنًا… أنا…”
رفعتُ الزجاجة، لكنني تجمّدتُ عندما التقت عيناي بعينيه.
“لحظة، هل يمكنني التحدّث وأنا أدير ظهري؟”
استدرتُ قبل أن أكمل كلامي. شعرتُ بالهواء الخانق من خلفي، فتنفّستُ بعمق.
“قلتُ للجرس إنني أريد الذهاب إلى مكان الأداة المقدّسة، فأخذني إلى هناك. هذه ‘نبع الحاكم’، رأيتَ تأثيرها للتو، أليس كذلك؟”
لا أعرف كيف استطعتُ التحدّث. كانت كل أعصابي مركّزة على ليون. سمعتُ صوت تحرّكه. ابتلعتُ ريقي.
اقترب صوت أنفاسه. أمسك يده بالزجاجة التي أحملها.
سلّمتُ الزجاجة إليه وابتعدتُ بسرعة. ثم استدرتُ ونظرتُ إليه أخيرًا. كان ينظر إليّ بتعبير مندهش.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 91"