“هل يمكن لصاحبة السموّ أن تخبرني مجدّدًا عن التنبؤ الذي تلقّته بشأن المستقبل؟”
لم يكن هذا الطلب صعبًا. كرّرتُ لكاسيا ما قلته لها بالأمس.
أصبح تعبير كاسيا أكثر قتامة تدريجيًا. عندما انتهيتُ من كلامي، أغلقت كاسيا فمها بإحكام ونظرت إليّ بابتسامة.
حدّقت في عينيّ بهدوء، ثم نقلت نظرها إلى الفضاء. بعد أن طال تحديقها في الهواء، فتحت فمها مجدّدًا: “ربما تكون نهاية العالم إرادة الحاكم. لمعاقبة من خانوا الإيمان و صنع عالم جديد …”
“قدّيسة! هل تقولين هذا بجديّة؟ هذه فكرة خطيرة جدًا.”
“… المستقبل قاتم للغاية، فإذا أردنا قبول الأمر، ربما يكون التفكير بهذه الطريقة أفضل. لكن، حتّى لو بذلنا قصارى جهدنا، هل يمكننا حقًا منع نهاية العالم؟”
لم أستطع إعطاء إجابة واضحة على هذا السؤال.
في الحقيقة، أنا نفسي لا أعرف. كل ما أملكه هو إيماني بأن ليون وكاسيا، معًا، يمكنهما تحقيق ذلك، ولا خيار آخر أمامي.
الآن، وقد أصبح لديّ بعض القوّة، لم أعد أرغب في البقاء تحت حماية ليون فحسب، بل أردتُ أن أشارك بنشاط إذا أمكنني ذلك.
“سيظهر قريبًا من سينقذ العالم بوحي من الحاكم.”
قلتُ بنبرة قويّة وأنا أفكّر في ليون. نظرت إليّ كاسيا بعينين واضحتين، بعد أن كانت تحدّق في الفضاء بتعبير حالم.
أومأتُ برأسي لنظرتها وتابعتُ: “وسينقذ العالم مع القدّيسة.”
“… حتّى عند سماع هذا مجدّدًا، لا يزال عقلي مشوّشًا.”
“أفهم ذلك.”
عند كلامي، أنزلت كاسيا نظرها وابتسمت بوهن.
“صاحبة السموّ الدوقة، امنحيني بعض الوقت. من اليوم، سأبدأ الصلاة حتى أتلقّى ردّ الحاكم …”
* * *
استدعى ليون جميع مساعديه وأتباعه المخلصين إلى مكتبه، وروى ببطء وبوضوح قصّة المستقبل الذي يعرفه.
كان المصدر أنا، لكنه لم يكشف عن ذلك مطلقًا.
كانت القصّة تبدو خياليّة، لكن نبرة ليون الجادّة الخالية من أيّ دعابة جعلت الجميع، حتّى من كانوا يضحكون في البداية، يفقدون الكلام ويفتحون أفواههم بدهشة.
بعد انتهاء حديث ليون، عمّ الصمت الغرفة. كان الصمت الخانق يثقل المكان. وكالعادة، من كسر الصمت كان كالسن.
“… ما مصدر هذه المعلومات؟”
كانت قصّة لا يمكن قبولها بسهولة ما لم تأتِ من شخص موثوق. نظر إلى الجميع بعينين خاليتين من العاطفة، ثم فتح فمه الذي كان مغلقًا بإحكام: “لا يمكنني قول ذلك. ليس الآن.”
عضّ كالسن شفتيه بقلق. في العاصمة، كان المكان الوحيد الذي يمكن لليون التحرّك فيه بحريّة هو القصر الدوقي الصغير، وكان الأشخاص الذين يقابلهم محدودين، ما لم يكن يتحرّك سرًا بمفرده.
عادةً، لم يكن ليون يخفي أيّ شيء عن كالسن. لكن لاحظ كالسن أن ليون قضى وقتًا أطول مع الدوقة مؤخرًا.
كان يأمل بشدّة أن يكون حدسه السيّء خاطئًا. لكنه لم يكن متأكّدًا إن كان يجب أن يسأل ليون مباشرة أم أن يبقي شكوكه ويتبع كلامه.
“إذا كانت هذه القصّة التي رواها صاحب السموّ صحيحة، أليس من الأولويّة بناء جدار دفاعي أقوى لأستير؟”
“أريد… إنقاذ الإمبراطوريّة بأكملها، وليس أستير فقط. لو لم يكن هذا هو الهدف، لما كنتُ لأناقش الأمر.”
تبع ذلك صمت طويل.
كان من الصعب قبول كلام ليون، ناهيك عن مناقشة التدابير. شعر كالسن بالقلق إن كان ليون قد فقد عقله، وشعر بحرقة في فمه.
“إذا كان هذا شيئًا لا يستطيع الإمبراطور الحالي فعله … وإذا كان صاحب السموّ ينوي إنقاذ الإمبراطوريّة … أليس هناك خيار لا مفرّ منه ينتظره؟”
قال جون بحذر وهو ينظر إلى ليون والجميع. ظهرت ظلال داكنة على وجه ليون.
“هذا ليس خيارًا أيضًا.”
اعترض كالسن بسرعة، وهو يغلق فمه بإحكام.
عبس جون على كلام كالسن، لكن كالسن هزّ رأسه بحزم وتابع: “… إذا أثارنا تمردًا دون استعداد، سنُهزم بشكل مروّع.”
“تمرد؟ إنه مجرّد العودة إلى المكان الأصلي.”
عند كلام كالسن، ارتفعت أصوات التذمّر من هنا وهناك.
“لنفترض، كحدّ أقصى، أن ما قاله صاحب السموّ صحيح.”
“إنه صحيح.”
نظر ليون إلى كالسن، متكئًا على ذقنه، وقال بنبرة خالية من العاطفة.
“إذا فشل التمرد، فلن نتمكّن حتى من إنقاذ شعب أستير. وبسبب الطبيعة الجغرافيّة لأستير، فهي محاطة بالأسوار من كل الجهات، لكن الإمبراطوريّة ليست كذلك. كيف ستقومون بحماية الناس في البلاد بأكملها من هجمات الوحوش؟”
تنهّد ليون بعمق.
لم يكن كلام كالسن خطأ، وهذا ما جعل التنهّد أثقل.
منذ لحظة تصديقه لكلام بيلا، كان ليون يعرف تقريبًا إلى أين يتّجه طريقه، لكنه كان مدركًا للحواجز الواقعيّة العالية.
في الحقيقة، كان قد فكّر أحيانًا في التخلّي عن فكرة حماية الجميع، وبناء أسوار أستير بشكل أقوى، والعيش بسلام مع بيلا.
“أعرف جيدًا أننا لسنا مستعدين. حتى مواجهة الإمبراطور تجعلني أرتجف من الخوف دون وعي.”
قال ليون وهو يضحك بسخرية. شعر كالسن بألم يعتصر قلبه وهو يرى ليون يتحدّث بضعف. لم يكن قصده إيذاء مشاعر ليون.
“أعتذر. لم أقصد ذلك.”
أومأ ليون برأسه كما لو أن الأمر لا يهمّه.
“أعرف أن الأمر صعب التصديق بالنسبة للجميع. كنتُ كذلك في البداية. لنلتقِ غدًا في نفس الوقت. فكّروا حتى ذلك الحين باتجاهات أفضل.”
نهض ليون وغادر المكتب.
بمجرّد مغادرته، ارتفعت أصوات تنهّدات من هنا وهناك.
“لن يكون قد فقد عقله حقًا، أليس كذلك؟”
“إذا كرّرت هذا الكلام مرّة أخرى، سأمزّق فمك.”
قال جون بنظرة مليئة بالعداء.
ساد الهدوء في المكتب للحظات، ثم بدأ الضجيج مجدّدًا.
راقب كالسن المشهد بهدوء، ثم نهض فجأة. خرج بخطوات واسعة من المكتب، متوجّهًا إلى الحديقة حيث كانت بيلا تتنزّه.
يبدو أن إيمي وماري، اللتان كانتا تتنزّهان مع بيلا، أخبرتاها بقدوم كالسن، فقد توقّفت بيلا ونظرت إليه وهو يقترب.
“ادخلا إلى الداخل.”
“نعم، سيّدتي.”
انحنتا إيمي وماري قليلًا لكالسن الذي اقترب تقريبًا، ثم دخلتا إلى القصر.
“السيّد كالسن، هل نجلس قليلًا؟”
أشارت بيلا إلى مقعد في الحديقة. جلست بيلا على المقعد، لكن كالسن لم يجلس. وقف أمامها ونظر إليها بنظرة حادّة.
“القصص التي رواها سيدي، أليست منكِ، سيّدتي؟”
كان صوت كالسن مليئًا بالغضب.
نظرت بيلا إليه بهدوء، ثم أومأت برأسها ببطء. عند هذا الإيماء القصير، أطلق كالسن أنينًا طويلًا وأغلق عينيه.
ما الذي تفعله هذه المرأة؟
“اتّفقتُ مع ليون على إبقاء الأمر سرًا مؤقتًا، لكن سأخبركَ يا سيّد كالسن، بما أنكَ خمنتَ الأمر.”
“هل أمركِ الإمبراطور؟ هل تحاولين دفع سيدي للتمرّد ليقود نفسه إلى الهلاك؟”
“السيّد كالسن، أنا لم أدفع ليون إلى ذلك. هدفي، كمن تعرف مستقبل أستير، كان أن أعيش بأمان ضمن هذا العالم. كنتُ أنوي ترك الأمور تسير بشكل طبيعي. لكن ليون؟ هل كان سيفعل ذلك لو كان مكاني؟”
“من أنتِ بالضّبط؟ هل أنتِ حقًا بيلا سويدن؟”
كان كالسن حادًا. ظهرت ابتسامة خافتة على وجه بيلا.
“لا أعرف حقًا. من أنا؟”
بدت كلمات بيلا كمزحة سخيفة لكالسن، فاشتعل الغضب في وجهه. أصبح تنفّسه متقطّعًا.
“إذا اتّخذ سيدي خيارًا خاطئًا، فلن أسامحكِ، سيّدتي.”
عضّت بيلا شفتيها بقوّة. كانت تعتقد أنها لم تعد مجرّد شخص مدين لليون، بل أصبحت مساعدة له. شعرت أن عليها أن تكون واثقة. فهي، بكل تأكيد، سيّدة أستير.
“على السيّد كالسن أن يتذكّر أنني لست بيلا سويدن، بل بيلا أستير. من الآن فصاعدًا، لن أسامح أيّ تصرّف غير لائق تجاهي.”
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 83"