“ماذا؟”

‘هذا مستحيل.’

حتى لو كنتُ زوجة دوق، أو بالأحرى أميرة، فلا بد أنني جلبتُ مهرًا. 

حتى لو كانت بيل ابنة من خارج الزواج، فقد كانت معروفة بسرفها قبل الزواج. خاصة أن الماركيز، الذي يهتم كثيرًا بالمظاهر، كان يتباهى كثيرًا.

“إذن، بمال من كنتُ أتسوّق؟”

“كنتِ تطالبين السيد كالسن بالدفع على الحساب، أو تسجّلين المبلغ المطلوب في الدفتر وتأخذينه.”

‘هذا مستحيل.’

ظننتُ أنني مستقلة ماليًا، لكنني كنتُ طفيلية تعيش على حساب ليون تمامًا. 

في موقف قد أضطر فيه إلى التوسّل من أجل حياتي، كان هذا أسوأ ما يمكن. الآن فهمتُ سبب سخرية كالسن مني عندما تلقّى قائمة طويلة تفوق طولي.

لم أفهم لمَ كان غاضبًا وينظر إليّ بعدم رضا عندما كنتُ أتسوّق بمالي، لكن الآن أدركتُ تصرفه تمامًا.

فركتُ وجهي عدّة مرات وأنا مضطربة.

بعد تفكير طويل، عزمتُ أمري وغادرتُ غرفة النوم.

عندما خرجتُ، كنتُ أخطو بخطوات حازمة، لكن مع كل خطوة، بدأتُ أتحرّك بحماس دون قصد.

‘مهلًا، ليس الآن. اهدئي. ليس وقت الانغماس بعد.’

بينما كنتُ أسير في الرواق، كنتُ أهيّئ نفسي.

أمام غرفة نوم ليون، تنفّستُ بعمق عدّة مرات وأومأتُ للخادم الواقف عند الباب. أخبر الخادم عن وصولي، وسُمع صوت ليون العالي من الداخل، ثم فتح الباب بنفسه.

‘ليون، أنا بحاجة إلى المال … ستفهم، أليس كذلك؟’

لم يفتح ليون الباب بالكامل، بل أطلّ بنصف وجهه، ينظر إليّ بنظرة مريبة. فتحتُ الباب بعنف ودخلتُ. 

تراجع ليون بسرعة.

“ليون! ماذا أفعل؟”

غطّيتُ وجهي وتحدّثتُ بنبرة أنين، ثم مررتُ به بسرعة إلى الداخل. سمعتُ خطوات ليون السريعة تتبعني.

“بيل بيل، لمَ يبدو صوتكِ كذلك؟ إذا أكلتِ أوساخ أنفكِ، فهذا قذر.”

تجاهلتُ مقاطعته، واستدرتُ فجأة. سلّمني ليون منديلًا.

“لا تأكليه، امسحيه.”

تجاهلتُ منديله ونظرتُ إليه بعيون متوسّلة.

“لقد اقترضت بيل بيل مبلغًا كبيرًا من صديقة. عندما كنتُ في العاصمة ، أردتُ شراء الكثير و أكل الكثير ، لكن لم يكن لديّ مال!”

“لديّ الكثير من المال! كم المبلغ؟”

“30 سولار”

“مجنـ …”

“مجنونة؟”

“ماذا؟ بيل بيل ، أنتِ مجنونة. جميلة. عيناكِ مثل الزمرد”

“سمعتُ هذا الكلام كثيرًا.”

“سأشتري لكِ جواهر!”

‘ليون، لا تغيّر الموضوع، أعطني المال.’

“ليس جواهر، أعطني المال.”

“…كالسن.”

نادى ليون كالسن بنبرة هادئة مختلفة عن نبرته المعتادة.

اقترب كالسن، عابسًا قليلًا، ونظر إليّ بعدم رضا. شعرتُ بعدم القدرة على مواجهة نظرته بعد أن شاهد تمثيلي المثير للدموع، فتجنّبتُ عينيه بيأس.

“لديّ الكثير من المال، أليس كذلك؟”

أومأ كالسن برأسه وأجاب بتردّد: “نعم، لديك الكثير، لكن السيّدة أيضًا أنفقت الكثير حتى الآن.”

‘بما أنني أنفقتُ الكثير، ألا يمكنكَ أن تمنحني هذه المرة بسخاء دون تعبير متجهّم؟ ألم ترَ كيف بذلتُ جهدي و تحدّثتُ بنبرة أنين؟’

“بيل بيل بحاجة إلى مصروف للحفاظ على مظهرها.”

“ما هذا؟”

‘لا تتظاهر بالجهل.’

“لأكون زوجة ليون، يجب أن أملك بعض المال، وأشتري ما أريد لأشعر بالاستقرار النفسي …”

“هذا صعب!”

“ليس صعبًا.”

‘فقط أعطني المال.’

‘لا تتجنّب الأمر بتظاهركَ بالصعوبة.’

أليس من المفترض أن أكون ممتنّة لأنني لا أتدخّل في إدارة شؤون الأسرة؟

“قالت صديقتي إن زوجها يعطيها 5 سولار شهريًا كمصروف للحفاظ على مظهرها.”

‘هل بالغتُ في المبلغ؟’

بينما كنتُ أراقب تعبير كالسن، قال: “كذب، ليس لديكِ أصدقاء، بيل بيل.”

عبستُ لكلامه، فأضاف ليون بسرعة: “أنا صديق بيل بيل، كالسن.”

ضغط ليون على أسنانه ونادى اسم كالسن مجددًا. 

تنهّد كالسن بعمق وتحدّث: “سيّدتي، سنبذل قصارى جهدنا لتسوية هذا الدين. بالنسبة لمصروف الحفاظ على المظهر، سأناقشه مع المساعدين الآخرين وسننظر فيه بإيجابية. بالطبع، إذا أمر سيّدي بذلك، فلن تكون هناك حاجة للمناقشة”

مرّر كالسن الكرة إلى ليون مجددًا.

“ليون؟”

حدّق ليون في كالسن. 

‘حلّا مشكلتكما لاحقًا.’

“أعطِ بيل بيل المال أيضًا. لتشتري الحلوى والشوكولاتة.”

كان في كلامه مغزى عميق بأن يُعطيني فقط ما يكفي للحلوى والشوكولاتة ، وليس أكثر. فهمتُ ذلك.

“كانت بيل بيل سيئة. في العاصمة، شعرتُ بالوحدة بدون ليون، فتسوّقتُ لأهدّئ وحدتي وأنفقتُ كل ذلك المال.”

“لقد أنفقتِ الكثير هنا أيضًا. هي هي.”

“همم …”

‘تلك الـ بيل لستُ أنا. هل يمكنكَ التوقّف؟’

ابتلعتُ كلامي الذي لن يُسمع وابتسمتُ بلطف.

“حسنًا، سأعتمد على ليون وكالسن فقط.”

عدتُ إلى غرفتي وضربتُ الوسادة على السرير بقوة عدّة مرات. كنتُ غاضبة جدًا ولم أتحمّل.

“آه ، هل يجب أن أفعل هذا حقًا؟ بيل بيل؟ سأجني المال بنفسي ولو كان ذلك مقززًا”

* * *

مع بدء تسوية الدين، كتبتُ رسالة اعتذار إلى إليزابيث. 

بما أنني أفهم لغة هذا العالم بسهولة، لم تكن الكتابة صعبًا.

“هل يمكنكِ إيصال هذه الرسالة إلى كالسن؟”

أخذ كالسن الرسالة التي كتبتها وقابل إليزابيث بنفسه، بالطبع مع المال.

وبفضل كرم ليون، تقرّر أن أتلقّى 1 سولار شهريًا كمصروف للحفاظ على المظهر. كنتُ راضية، لكنني اكتشفتُ لاحقًا أن هذا المبلغ أقل بكثير ممّا تتلقّاه زوجات النبلاء العاديات.

بعد تفكير قصير، قرّرتُ أن أبدأ بكسب المال باستخدام هذا المصروف الثمين. 

حاولتُ تذكّر أحداث الرواية، لكن بما أن القصة لم تبدأ بعد، لم أجد أي معلومات لكسب المال الآن.

لكن، الأشياء المقدّسة التي ستكون ذات قيمة في عصر الوحوش العظيمة كانت محفوظة بعناية حتى قبل ظهور البطلة. 

وكنتُ أتذكّر مواقع هذه الأشياء بدقة نسبيًا، رغم أن تلك الذكريات كانت من شرح القدّيسة كاسيا لليون عن الأشياء المقدّسة.

بعد أن خطرت لي فكرة كسب المال من خلال الأشياء المقدّسة ، كان القلق الذي عذّبني هو: 

‘هل يجوز لي ، أنا ، و لستُ كاسيا التي ستصبح القدّيسة ، أن أبحث عن الأشياء المقدّسة؟’ 

لكن ليون لم يقع في حب كاسيا بسبب الأشياء المقدّسة، لذا بدا من الجيد أن أجد بعضها أولًا وأبيعها لليون. 

ففي النهاية، سأعطي الأشياء المقدّسة التي سيستخدمها ليون له مباشرة، وإن كنتُ سأبيعها بالمعنى الحرفي.

على الرغم من أن عصر الوحوش والدمار لا يزال بعيدًا عن هذه الحياة الهادئة، إلا أن فكرة الأشياء المقدّسة جعلتني أدرك أنني حقًا داخل عالم الرواية.

‘عالم الرواية …’

سندتُ ذقني وغرقتُ في التفكير. 

لو لم أكن موجودة، هل كانت القصة ستصبح قصة بطل ينقذ العالم بدلًا من قصة مأساوية؟ مع لمسة من الرومانسية مع القدّيسة؟

‘نعم، لو لم أكن موجودة …’

شعرتُ بالحزن عندما وصلتُ إلى هذه الفكرة.

هل هذا خوف من دخولي عالمًا يتّجه نحو الدمار؟

هززتُ رأسي بقوة لأتخلّص من هذا الشعور الكئيب ، لكن الأفكار الحزينة لم تختفِ بسهولة.

‘فقط فكّري في كسب المال. حتى لو كان العالم يتّجه نحو الدمار، ألن تحتاجي إلى المال للاستعداد؟ أقرب مكان به شيء مقدّس …’

ضربتُ الطاولة ونهضتُ من الكرسي فجأة.

“يجب أن أذهب للصلاة في معبد الحاكمة تيا.”

كان أكبر معبد للحاكمة تيا في الشمال موجودًا هنا في أستير. 

ومن حسن الحظ، كان السيف المقدّس الأسطوري، إيسار، نائمًا هناك. السيف الذي كان ملتصقًا بليون تقريبًا في النصف الثاني من الرواية.

“ماذا؟ سيّدتي، فجأة؟”

نظرت إيمي و ماري إليّ بدهشة ، متبادلتين النظرات ، و سألتاني.

“ماذا؟ ألم تعرفا كم أنا مؤمنة؟”