كانت كلماتي طبيعيّة، لكنّني شعرتُ بعد نطقها وكأنّني أوبّخه.
بدا أنّ ليون شعر بالشيء نفسه، إذ رأيتُه يعضّ شفتيه بقوّة.
لا أعرف بأيّ شعور أرسلني إلى مكان آخر. هل كان شعوره مثل شعور كالسن؟ لكن بما أنّه لا يعرف أنّني أعرف حقيقته، فلن يستطيع تفسير الأمر لي بوضوح.
سيقول ما يستطيع قوله، وتفسيره يعود إليّ. كنتُ بحاجة إلى إخفاء شعوري بالنّقص الذي وصل إلى الحضيض وتفسير كلامه بإيجابيّة.
“أعرف أنّكَ أردتَ القدوم معي، ليون. لكنّكَ دوق أستير، لذا أعرف لمَ لم تستطع. بيلا شخص متفهّم جدًا، أليس كذلك؟”
نظر إليّ ليون بعينين مليئتين بالشّك.
هززتُ كتفيّ وواصلتُ.
“لمَ هذه النّظرة؟ أنا جادّة.”
“صحيح.”
وافق بسهولة هذه المرّة، فعاد الصّمت بيننا.
كان صوت خطواتنا هو الصّوت الوحيد.
“كان الجوّ جيّدًا، دافئًا. أستير باردة جدًا.”
قلتُ ذلك لتخفيف شعور ليون بالذّنب إن كان يشعر به.
أدار ليون رأسه من النظر إلى الأمام لينظر إليّ.
كانت عيناه ترتعشان. ابتسمتُ له دون كلام.
نظر إليّ ليون للحظة ثم أدار رأسه بسرعة.
“الشتاء القادم، اذهبي معي.”
الشتاء القادم؟ هل يعني أنّه يريد أن يكون معي حتّى الشتاء القادم؟ بدأ قلبي، الذي ظننته قد تجمّد من البرد، يخفق بقوّة.
“لكن لمَ تمسكين يدي؟”
“آه! لم أقصد …”
تركتُ يد ليون بسرعة، التي أمسكتُها دون وعي.
نظر ليون إلى يدي التي أفلتها بهدوء.
“لمَ لا ترتدين السّوار الذي أهديتكِ إيّاه؟ هل هو قبيح؟”
“ما هذا الكلام؟ كنتُ أحتفظ به لأنّه ثمين … والحقيقة أنّ اللصّ سرقه.”
لم أرد إخباره خوفًا من استيائه، لكن إذا واصل السّؤال عن السّوار، فلا خيار لديّ سوى قول الحقيقة.
“تكذبين. قالوا إنّه لم يُسرق شيء.”
عبس ليون.
“إنّها أغراضي، لذا أنا من يعرف. ربّما ظنّوا أنّني أخذته إلى بالانوبو.”
“لمَ لم تأخذيه إذن؟ هل هو قبيح حقًا؟”
“لا، ليس كذلك.”
“فقدتِه وتقولين إنّه سُرق، أليس كذلك؟ لا بأس، لقد كذبتُ هكذا كثيرًا سابقًا.”
“أقول الحقيقة!”
عندما غضبتُ، ضحك ليون.
“لا تزالين كما أنتِ.”
تمتم ليون لنفسه بهدوء. لكن كلامه، الذي بدا ساخرًا، شعرتُ أنّه إشارة إلى تحسّن علاقتنا كما كانت، فهدأ قلبي.
“ليون، لديّ سؤال. هل زارت القدّيسة أستير؟”
“نعم، لكن لمَ؟”
“أنا متديّنة جدًا، لذا أتساءل عمّا فعلته القدّيسة هنا.”
“أنتِ لا تحبّين القدّيسة.”
خدش ليون رأسه وقال ذلك.
أردتُ نفي ذلك فورًا، لكنّ فمي بدا وكأنّه مغلق بالغراء.
“على أيّ حال … ثم ماذا؟”
“تحدّثت عن الوحوش، فأخبرتها أن تتحدّث مع كالسن. تحدّثت معه وغادرت، على ما أظن. لا أعرف بعدها. اسألي كالسن.”
أومأتُ. هل جاءت حقًا فقط للتحقيق في الوحوش؟
“هل أدعو كالسن؟”
بينما كنتُ أومئ فقط، سألني ليون. هززتُ رأسي بسرعة.
“لا، سأسأله بنفسي إذا أردتُ.”
“بيلا، لنعد إلى الدّاخل، أنفكِ أصبح أحمر.”
أشار ليون إلى أنفي. فركتُ أنفي بيدي. أومأتُ، فمدّ ليون يده. نظرتُ إليها للحظة ثم أمسكتُها.
شعرتُ بدفء يصعد من أطراف أصابعي.
“سأغادر إلى بالانوبو بعد يومين. حتّى ذلك الحين، تناول الطّعام معي وتمشّ معي.”
توقّفت خطوات ليون فجأة.
أدار رأسه ونظر إليّ. أصبحت عيناه باردتين.
“ما هذا الكلام؟ لمَ تعودين إلى بالانوبو؟”
“جئتُ لتفقّد الأغراض المسروقة.”
“لفترة قصيرة؟”
“الجوّ هنا لا يزال باردًا. أحبّ الأماكن الدّافئة، لذا سأذهب إلى بالانوبو.”
كان كالسن يعرف أنّني سأعود إلى بالانوبو، لكن يبدو أنّه لم يخبر ليون بعد. بدا وجه ليون وكأنّه يسمع ذلك للمرّة الأولى.
“لا تذهبي.”
قال ليون بنبرة حازمة. نظرتُ إلى وجهه.
ماذا أجيب؟ إذا ظهرت الوحوش حولي حقًا وتسبّبت في أضرار كبيرة، هل سيستطيع تحمّل قوله هذا؟ أردتُ أن أسأله إن كان يعرف هذا ولا يزال يرى الأمر على ما يرام، لكنّني لم أستطع.
نظرتُ إليه بجديّة، فلم أستطع سوى الإيماء. عندما رأى إيماءتي، أصبحت عيناه أكثر لطفًا.
أطرقتُ رأسي وتنهّدتُ بعمق.
***
في اليوم التّالي، وصلت أخبار إلى أستر عن ظهور وحوش في غرب الإمبراطوريّة، في كيرسيانين.
كنتُ أنانيّة، لكنّني بكيتُ دموع الفرح عندما سمعتُ أنّ الوحوش ظهرت في مكان آخر غير مكاني.
‘هل ليون رمز الحظّ؟ قال لي ألّا أذهب، وحدث هذا!’
أردتُ الرّكض إلى ليون، وعناقه ومداعبته.
“لن أذهب إلى بالانوبو، أكرهها. كدتُ أموت من الحرّ!”
صرختُ من الفرح عدّة مرّات، لكن في كلّ مرّة، نظرت إليّ إيمي وماري بنظرات غريبة وعبستا. لكنّني استطعتُ تحمّل تلك النّظرات.
شعرتُ بالطّاقة تملأ جسدي للمرّة الأولى منذ زمن.
“سيّدتي، كارثة!!”
اندفع زيوس إلى الغرفة دون طرق.
عبستُ من ظهوره المفاجئ.
“أتمنّى ألّا تكون كارثة.”
لكن وجه زيوس ظلّ جادًا رغم كلامي.
“النّاس يتظاهرون خارج القلعة!”
“مظاهرة؟ أيّ مظاهرة؟”
كنتُ متأكّدة أنّها مرتبطة بي.
“…”
أطرق زيوس رأسه ولم يقل شيئًا.
“هل هي مرتبطة بي؟ مثلًا، أنّني خادمة الشّيطان ويجب طردي؟”
“كيف عرفتِ؟ هل كنتِ تعلمين؟”
رفع زيوس رأسه فجأة، وخدش رأسه بإحراج.
“لا، لم أكن أعرف.”
“آه…”
تبخّرت طاقتي في لحظة. أصبحتُ مكتئبة مرّة أخرى.
“يبدو أنّني يجب أن أحزّم أغراضي مجدّدًا.”
قلتُ لإيمي وماري ونهضتُ.
أردتُ رؤية المتظاهرين بأم عيني.
“سيّدتي، إلى أين؟”
“يجب أن أرى المتظاهرين بنفسي.”
“سيّدتي، لا تذهبي.”
وقف زيوس أمامي. دفعته بهدوء وخرجتُ لرؤية المتظاهرين.
تبعني زيوس وإيمي وهما يطلبان منّي العودة إلى غرفتي، لكنّني هززتُ رأسي بحزم.
عندما صعدتُ إلى الجدار، رأيتُ الحشد خارج القلعة.
لاحظني أحدهم، وبدأوا يهمسون وينظرون إليّ معًا.
لوّحتُ لهم مرتبكة. كنتُ أعلم أنّ هذه ليست لحظة للتلويح، لكن جسدي المتعطّش للشّهرة فعل ذلك.
‘أنتِ تعلمين أنّهم ليسوا هنا للترحيب بكِ، أيتها الغبيّة.’
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات