بعد زيارة الكاهن الأعلى، وصل مبعوث الإمبراطور إلى أستير.

كان الإمبراطور يستدعي ليون وأنا إلى العاصمة. 

أثار ليون ضجة كبيرة أمام المبعوث، رافضًا الذهاب، لكن استدعاء الإمبراطور لنا بعد زيارة الكاهن الأعلى كان بالتأكيد بسبب الحادثة بيني وبين معبد ليانوس.

بعد أن غادر المبعوث، مرهقًا من تصرفات ليون، اعتذرت له.

“آسفة. بسببي، علينا الذهاب إلى العاصمة مرة أخرى …”

“لدي منزل في العاصمة. يجب أن أذهب كثيرًا، وإلا ستملأه خيوط العنكبوت.”

تحدث ليون بلا مبالاة وهو يمسح الماء الذي تناثر على وجهه. بسبب تمثيله المبالغ فيه أمام المبعوث، أصبحت غرفة الاستقبال في حالة فوضى.

“صحيح … منزلنا …”

قبل أن تبدأ كارثة العصر، كنت آمل ألا أعيق طريق ليون، حتى لو لم أستطع فتح الطريق له. 

مثل هذه الأحداث لم تكن جيدة. كانت ستقلل من أي إعجاب قد يكون لديه تجاهي.

ابتسم ليون وقال إنه بخير، لكن بدا أنه ليس في مزاج جيد، فلم يذهب للنزهة التي وعدنا بها مساءً، وبقي محبوسًا في غرفته.

شعرت بالذنب تجاهه ولم أستطع مواجهته للومه على رفضه النزهة.

في اليوم التالي، أنهيت استعداداتي للذهاب إلى العاصمة مبكرًا وخرجت إلى الردهة. 

كنت أنظر إلى السلالم بانتظار ليون. بعد فترة، ظهر ليون متأخرًا كثيرًا عن الوقت المحدد، وبدا بلا حيوية.

من بعيد، بدا وجهه شاحبًا جدًا.

“هل أنت مريض؟”

عندما اقتربت، بدا الأمر أسوأ. 

سألتُ كالسن، الذي كان بجانبه، بقلق. أومأ كالسن بلا تعبير. 

منذ عودتي من التحقيق في المعبد، تغيرت سلوكيات كالسن بشكل طفيف. 

ظننت أنني أتخيل الأمر، لكن نظرته وسلوكه اليوم أكدا أنها ليست مجرد وهم. كان الأمر واضحًا لدرجة يمكن لأي شخص أن يلاحظها.

“لا، أنا بخير.”

أجاب ليون بدلاً من كالسن بصوت يبدو وكأنه على وشك الموت.

“إذا كنت متعبًا … يمكنني الذهاب بمفردي.”

على أي حال، يبدو أن الإمبراطور استدعاني بسببي.

“لا، مستحيل.”

لكن ليون رفض بشدة. 

في حالته هذه، لن يعترض أحد إن لم يذهب إلى العاصمة، لكنه أصر على الذهاب. نظر إليه كالسن، يهز رأسه ويتنهد بصمت.

في النهاية، انصعتُ لعناد ليون وذهبنا إلى العاصمة معًا.

“ليون، مجيئك معي إلى هنا كافٍ لدعمي. سأذهب إلى القصر بمفردي. أنت مريض.”

“العم الإمبراطور سيشتاق إليّ.”

حتى بعد أن وضعنا أمتعتنا في منزل العاصمة، لم يتخل ليون عن عناده. قال إنه سيكون بخير بعد قيلولة، لكن حالته لم تتحسن بعد النوم.

“أين المكان الأكثر إيلامًا؟”

“قلت لكِ، أنا لست مريضًا.”

كلما سألته عن مكان الألم، كان ليون يصر على أنه بخير حتى فقد أعصابه.

اقترب موعد دخولنا إلى القصر. في النهاية، دخلنا القصر مع ليون، الذي أصر على الذهاب. كان يتأوه وهو متكئ على نافذة العربة طوال الطريق.

“قلت لك، دعني أذهب بمفردي …”

كلما قلت ذلك، كان ليون يقوم نفسه ويبتسم بصعوبة، مما جعلني أشعر بعدم الارتياح.

عندما وصلنا إلى القصر، قادونا إلى غرفة الاستقبال حيث كان الإمبراطور ينتظر.

“أهلاً بكما.”

مشى الإمبراطور نحونا بخطوات واثقة وهو يضحك بحرارة. 

حييته ونظرت إلى الأشخاص خلفه. تفاجأت بشخص غير متوقع، فاتسعت عيناي.

‘لوكاس؟ لمَ أنت هنا؟’

تجنب لوكاس نظراتي وأدار رأسه.

‘ما الذي يحدث؟’

“وجهكَ شاحب.”

توقف الإمبراطور عن معانقة ليون ونظر إلى وجهه الشاحب.

كانت نظرته موجهة إليّ، مشابهة لنظرتي إلى كالسن سابقًا.

“نعم، أصيب سمو الدوق بوعكة بعد تناول العشاء بسرعة أمس. قلت إنني سأذهب إلى العاصمة بمفردي، لكنه أصرّ على رؤية جلالتك رغم مرضه.”

لم أعرف أين يتألم ليون، فخلطت بعض الأكاذيب في حديثي مع الإمبراطور. 

أثناء حديثي، نظرت إلى ليون، فأومأ برأسه قليلاً.

“يا إلهي.”

عانق الإمبراطور ليون بلطف وهو يظهر تعبيرًا قلقًا.

“لو أخبرتني أنك مريض، لكنت أجلت الزيارة. هيا، اجلس.”

أمسك الإمبراطور كتفي ليون وجلسا على الأريكة. تبعتهما وجلست، ونظرت إلى لوكاس الذي جلس معنا، وإلى امرأة غريبة بجانبه.

ظننت أنه استدعانا ليوبخني أو يسأل عن تفاصيل ما حدث في المعبد، لكنني لم أعد أستطيع تخمين سبب استدعائنا.

“الوحوش تسبب الصداع هذه الأيام. بدأ الأمر من أستير…”

كانت نظرته موجهة إليّ. إذن، هو يعرف عن أمر المعبد.

سعل بصوت عالٍ ونظر إلى لوكاس المقابل له.

“اتفقت على عدم مناقشة المواضيع المزعجة، لكنني ذكرتها. ههه. سمو الدوقة، هل تعرفين الكونت أندرسون؟ أوه، لقد ذهب كقائد للوحدة الملكية إلى أستير، لذا لا بد أنكما التقيتما”

يمكن القول إن لدينا علاقة وثيقة جدًا.

ابتلعتُ كلامي وأومأتُ وأنا أنظر إلى لوكاس. 

مهلاً، الآن فقط لاحظتُ …

كانت المرأة بجانب لوكاس تمسك يده بإحكام. نظر لوكاس إليّ، ثم تتبع نظرتي إلى يديه، وهز يدها بسرعة.

“ليون، تعالَ كثيرًا. منذ متى لم نلتق؟”

أمسكت المرأة يد لوكاس مرة أخرى وسألت ليون بلطف.

“قلتِ إن رؤيتي تثير اشمئزازكِ.”

تحدث ليون بلا مبالاة وبصوت ضعيف.

“متى قلت ذلك؟ لمَ تتحدث إلى أختك هكذا؟”

أخت؟ ضيقت عينيّ وحاولت فهم الموقف. 

عائلة ليون أُبيدت بالكامل، والشخص الذي قد يُدعى أختًا هو الأميرة كلير؟ تذكرت ما قالته الخادمات عن فضيحة طلاق الأميرة المرتبطة بلوكاس.

“كلير، كفى.”

قال الإمبراطور ، “لقد استدعيت الدوق وزوجته اليوم لأننا، كعائلة إمبراطورية، نرحب بعضو جديد.”

ماذا؟

اتسعت عيناي ونظرت إلى لوكاس.

“أبي، دعني أقول. أعطني الفرصة.”

مالت كلير إلى الأمام ورفعت يدها الممسكة بلوكاس نحونا.

“كما ترون، قررتُ أنا والكونت أندرسون الزواج.”

كان الخاتم اللامع على يديهما لافتًا للنظر.

“بيلا، أنتِ ولوكاس تعرفان بعضكما بشكل خاص، أليس كذلك؟”

سألتني كلير فجأة. 

هل كنا قريبين بما يكفي لتدعوني بيلا؟ شعرتُ بالضيق. 

عندما عبست بسبب سلوكها، ظهرت ابتسامة ساخرة على وجهها.

“كلير، كفي.”

تحدث لوكاس لها بنبرة منخفضة.

من سلوك كلير، كان واضحًا أنها تعرف ما حدث بيني وبين لوكاس. أقصد، بين بيلا ولوكاس.

“كفي ماذا؟”

تحدث كلير بحدة للوكاس. 

حدقت به ثم ابتسمت لنا وتابعت.

“أردت إخباركما أولاً. أنا من طلبت من أبي استدعاءكما إلى العاصمة.”

“مبروك …”

ضحكت كلير فجأة عند كلامي. هل قلتُ شيئًا خاطئًا؟

“ربما تشعرين بالضيق قليلاً …”

“كلير، كفي.”

“لمَ أشعر بالضيق؟”

تحدثنا أنا و الإمبراطور في نفس الوقت.

“سمو الدوقة، كفي أيضًا. سأوبخ الأميرة بشدة. لا تكوني وقحة، كلير. لقد مر وقت طويل منذ تناولنا الطعام مع ليون، ولأسباب مختلفة، دعوتهما لنتناول العشاء معًا.”

لمَ يفعل الجميع هذا بي؟ لمَ يطلبون مني التوقف وأنا لم أفعل شيئًا؟