ارتدى ليون زي التتويج ووقف أمام المرآة.

لم يعد ليون في المرآة ذلك الدوق الأحمق من أستير. لقد أصبح الآن إمبراطورًا يحمل ثقل الإمبراطورية بأكمله.

حدق ليون في انعكاسه بصمت، متذكرًا ذكريات طفولته الضبابية. 

ظهرت في ذهنه صورة ظهر والده، الذي كان دائمًا يقف بشموخ في نهاية الرواق الطويل دون أن يفقد هيبته، ووالدته إلى جانبه، تنظر إليه بعيون مليئة بالثقة. 

وأطفال صغار يركضون بحرية بينهما.

شعر ليون بحرقة في أنفه، أغلق عينيه، وتنفس بعمق.

لم يكن ليون وحيدًا. ستكون بيلا دائمًا إلى جانبه. 

تخيل مشهدًا مستقبليًا حيث يقفان جنبًا إلى جنب مثل والديه، ينظران إلى أطفالهما الصغار بابتسامة راضية.

هذا التخيل وحده جعل ابتسامة تنتشر على شفتيه المغلقتين بإحكام.

ثُبتت عباءة حمراء مزخرفة بأنماط الإمبراطورية المطرزة بالخيوط الذهبية على كتفي ليون.

بعد الانتهاء من كل التحضيرات، توجه ليون إلى غرفة نوم بيلا.

دخل ليون الغرفة واقترب من بيلا، التي كانت مستلقية كأنها ميتة. 

بدت هادئة وهي مستلقية دون حراك، لكن أصابعها الظاهرة من تحت الغطاء كانت تتحرك كما لو كانت تُشير إليه برد فعل على قدومه.

“اخرجوا جميعًا.”

بأمر من ليون، انحنت الخادمات اللواتي كن يحرسن الغرفة بهدوء وانسحبن. 

بمجرد سماع صوت إغلاق الباب، ارتجفت رموش بيلا وانفتحت عيناها. 

لمعت عيناها الزمرديتان الجميلتان وتدحرجتا. لم تكلف نفسها عناء تحريك رأسها، بل أدارت عينيها فقط لتتفقد المكان.

عندما استقرت عيناها على ليون، الذي كان يقف بهدوء بجانب السرير، فتحت عينيها وفمها على مصراعيهما. 

للحظة، شُلت تفكيرها، ولم تتمكن من التنفس، فقامت بسرعة وأطلقت صيحة قصيرة.

“يا إلهي …”

عبس ليون قليلاً ورج رأسه على كلامها. على الرغم من مظهره الحاد، بسبب شعره المسرح بدقة دون أن تتساقط شعرة واحدة، كانت عيناه تنظران إلى بيلا بدفء لا نهائي.

“ربما سأشعر بالفراغ إذا لم أسمع كلامًا خشنًا منكِ الآن.”

“هذا … لا يبدو كلامًا لطيفًا.”

قالت بيلا وهي تتجنب عينيه بوجه محمر. 

كانت تعتقد أنها اعتادت على مظهره، لكن مظهر ليون اليوم كان صادمًا بطريقة جديدة. كان يتجاوز خيالها بكثير.

كان قلبها ينبض بعنف كما لو كانت تراه للمرة الأولى.

حاولت جاهدة إخفاء مشاعرها، لكنها لم تستطع إخفاء الرعشة الطفيفة.

راقب ليون رد فعلها بابتسامة. 

كان يتساءل عن رد فعلها عندما راى انعكاسه في المرآة، لكنه لم يتوقع رد فعل دراماتيكي كهذا. كان أكثر مما توقع. حاول إخفاء مشاعره قدر الإمكان، لكن الضحكة خرجت رغمًا عنه.

“أخبرني كهنة معبد ليانوس من جانب واحد أنهم سيحضرون التتويج. القديسة ستأتي أيضًا.”

أخبرها ليون بما لم تسمع به وهي مستلقية. عند سماع هذا، هدأ قلب بيلا الذي كان ينبض بقوة بشكل مفاجئ.

لم تكن تخطط لشيء كبير، لكن مجرد ظهور كاسيا بنفسها كان له معنى.

“لم أكن أتخيل حتى صباح أمس أنني سأقيم التتويج بمفردي.”

مع كلامه، اتجهت عينا بيلا إلى الفستان الذي كانت سترتديه اليوم. كانت قد جربته أمس وأعجبها جدًا، لذا احتفظت به في الغرفة.

تبع ليون نظرتها إلى الفستان وابتسم بمرارة.

“لسبب ما، يبدو اليوم وكأنه يوم زفافنا.”

“آه … زفاف …”

كرر ليون الكلمة في فكرة لم تخطر له.

تذكر زفافهما ذلك اليوم، الذي كان مشحونًا بجو سيء.

شعر وكأن نظرة بيلا المليئة بالازدراء تحفر في قلبه. هل كان يتخيل أن بيلا، التي كانت كذلك، ستنظر إليه بعيون مليئة بالحب هكذا؟

رمشت بيلا بسرعة وهي تنظر إلى ليون الغارق في أفكاره. 

هل قالت شيئًا خاطئًا؟ لقد أقاما زفافهما بالفعل …

لم أقم أنا بزفاف مع ليون …

بالتأكيد، لم يكن الجو جيدًا في حفل الزفاف، بل هربت إلى العاصمة فور انتهائه. لم يكن من الجيد تذكيره بذلك.

هل أخطأتُ بذكر هذا؟

لكن ليون في ذلك الوقت لم يكن لديه أفضل المشاعر تجاه بيلا أيضًا.

ظهرت ابتسامة على وجه ليون المتجمد للحظة.

تنهدت بيلا براحة.

“هل تريدين إعادة حفل الزفاف؟”

“هم … ليس هذا، أقصد أن الجو يشبه ذلك.”

لم تستطع بيلا، التي لا تستطيع قول أنها لم تكن هي في ذلك الزفاف، سوى الضحك بإحراج وتمتمت.

“يمكننا إقامته. من سيمنعنا؟”

“سأفكر في الأمر. لكن إقامة حفل زفاف بعد أن أصبحتَ إمبراطورًا يبدو وكأنه الخطوة الأولى لتصبح إمبراطورًا فاسدًا متغطرسًا. إذا أردنا ذلك حقًا، يمكننا القيام به بكوب ماء صافٍ.”

“ماذا تقصدين؟ كوب ماء؟ هل أنتِ عطشى؟”

عبس ليون قليلاً وأمال رأسه.

“في المكان الذي عشتُ فيه، كنا نضع كوب ماء ونعلن للسماء أننا أصبحنا زوجين كبديل لحفل زفاف بسيط.”

“هل كان هناك مثل هذا التقليد في أستير؟”

“لا!”

نظر ليون إلى بيلا بوجه يظهر أنه لا يفهم ما تقوله.

أحيانًا، كانت بيلا تهمهم بكلام لا يفهمه باستمرار.

هزت بيلا رأسها، نهضت من السرير، ووقفت أمام ليون.

تفقدت بعناية ما إذا كان هناك أي خطأ بسيط في زي ليون.

لا يمكن أن يكون هناك خطأ.

ضحكت بيلا بخفة وربتت على كتفيه بكلتا يديها.

“مثالي.”

“أنا؟”

“لماذا أنتَ ساخر هكذا؟”

“مثالية مذهلة، أليس كذلك؟”

“آه …”

تذكرت بيلا كلامها السابق وتنهدت بهدوء.

“قبل أن نذهب، أبقِ الجميع عدا إيمي وماري وزيوس. لستَ وحدك في التتويج. سأراقبك من مكان مختبئة.”

“حسنًا … مهما حدث، أنتِ الأولوية بالنسبة لي. إذا حدث شيء خطير، لا تتدخلي أبدًا، وابتعدي أولاً. سأتولى الأمر.”

نظرت بيلا إلى ليون بوجه مليء بالحب والابتسامة.

“كيف تختار دائمًا الكلمات التي أحب سماعها؟”

على الرغم من أنها لم تستمع إليه حقًا.

رفعت بيلا كعبيها وقبلت شفتي ليون بلطف.

تفاجأ ليون بالقبلة المفاجئة، فاحمر وجهه على الفور.

تراجعت بيلا بخجل مبتسمة، وتمايل شعرها المجعد بلطف.

لم يستطع ليون مقاومة هذا المشهد، فتقدم ليعانقها، لكنه عض شفتيه. شعر أنه إذا عانقها، فإن ضبط النفس الخارق الذي كان يتمتع به سينهار.

“على أي حال … بعد أن أصبح إمبراطورًا بسلام، سنلتقي مجددًا.”

أومأت بيلا واستلقت على السرير. أومأ ليون أيضًا، وعندما أغلقت بيلا عينيها، نادى الناس بالخارج.

“حتى ينتهي التتويج، اتركوا إيمي وماري وزيوس فقط، وتأكدوا من ألا يدخل أحد.”

***

بعد أن غادر ليون غرفتي لإقامة التتويج، نهضتُ من السرير. 

أحضرت إيمي وماري الملابس المعدة مسبقًا وساعدتاني على تغييرها.

دخل زيوس بعد طرق الباب. 

كان قد خلع درعه الثقيل وارتدى ملابس خفيفة. باستثناء غمد السيف على خصره، بدا كمن حصل على إجازة.

دخل وأخذ العباءة التي ناولتها إيمي.

“ألن يجعل ارتداء هذا الأمر أكثر وضوحًا؟”

“سنختبئ في مكان لا يراه الناس، لذا قد لا نحتاج إلى هذا، لكن هناك دائمًا ‘ماذا لو’.”

“في تتويج جلالة الإمبراطور، هل يوجد مثل هذا المكان؟”

نظر إليّ زيوس بعيون متشككة.

من الصعب تصديق أن هناك مثل هذا المكان في القصر.

“ألا تعتقد أن الحرس الإمبراطوري المباشر كان يختبئ في مكان ما؟ من أين سيظهرون في لحظات الأزمات؟”