كان القناع بالنسبة لشانور شيئًا لا يمكن وصفه بكلمة واحدة فقط.
حين بدأت ملامح وجهه تتشوّه، بادر فورًا إلى ارتداء القناع. ولمدة طويلة، حتى من دون أن يكون مضطرًا للخروج، كان يرفض أن يرى الناس وجهه المشوّه، فصار يضع القناع حتى وهو نائم.
إلى أن جاء يوم ضاق فيه ذرعًا بالقناع لدرجة أنه ألقاه بعيدًا، واختار بدلًا من ذلك أن يطفئ جميع أضواء قصر الدوق ويسدل الستائر.
في ذلك الوقت، سرّح معظم الخدم، وأبقى فقط على بعض المقرّبين الذين يثق بهم.
وبعد أن حجب أعين الآخرين، لم يعد هناك سبب لارتداء القناع. عندها قرّر شانور أن يدفن نفسه في الظلام، غير آبه أين سيتدحرج القناع في أحد الأركان.
ومضت سنوات، ولم يدرك شانور إلا الآن أنّه لم يكن في “يوم ما” قد خلع القناع فجأة، بل إن الأمر كان أقدم من ذلك.
قبل عامين من الآن، كان ذلك.
في ذلك اليوم، وكالعادة، جاء بعض الدجّالين مدّعين أنّهم يعرفون طريقة لفك لعنته، وأخذوا يشرحون له بجدّية أشياء شتّى.
وبعد أن صرفهم، بقي شانور وحده في غرفة الاستقبال وخلع قناعه. عندها دخل أحد هؤلاء الدجّالين عن طريق الخطأ، فرآه بوجهه المشوّه.
لم يصرخ، ولم يبدُ وكأنه سيفرّ.
“و… وحش…”
كل ما فعله هو أن همس بالكلمة بصوت منخفض.
لم يكن ردّ فعله غريبًا، فباستثناء حاشيته القريبة، وإلنس، والإمبراطور، فإنّ أي شخص عادي كان سيشعر بالقرف تمامًا مثله.
لكن شانور، الذي التهمه الاشمئزاز من ذاته طوال ثلاث سنوات، لم يستطع احتمال تلك الكلمة، فانفجر غضبه.
ومن أجل الدخول في عزلة حقيقية، تعمّد دعوة بعض الدجّالين السيئين إلى القصر، ثم قتلهم بعد أن حاولوا خداعه، وعلّق جثثهم في القصر. كانت النتيجة فعّالة للغاية، حتى أنّه طوال العامين التاليين لم يجرؤ أحد على الاقتراب من قصر الدوق.
إلى أن جاء يوم عادي كأي يوم، وظهرت فيه امرأة.
في البداية، اعتبرها مجرد امرأة غريبة الأطوار.
طلبت منه عذريته بلا مبالاة، ثم جثت على ركبتيها لتخبره بكل جرأة عن وضعها المأزوم.
ومع ذلك، حين أمسك بيدها شعر أنّ الألم قد خفّ، فقرر أن يراقبها.
وعندما أدرك أنّها لم تُبدِ أي انزعاج من رؤية وجهه العاري، بدأ ينظر إليها بعين مختلفة. صار يتذكر اسمها، ويلاحظ ملامحها، ويعرف طبعها.
وهكذا، شيئًا فشيئًا، صارت صورتها محفورة في ذاكرته حتى استقرّت في أعماق قلبه.
حين رآها تسدل الستائر وتضيف قطعة قماش فوق القناع من أجله، أدرك شانور الأمر للمرة الأولى… أنّ هناك شخصًا قد احتلّ مكانًا عميقًا في قلبه.
كانت رقة بيلوني تكاد تخنقه. وفي الوقت نفسه، كانت تلك العاطفة الخانقة رائعة لدرجة أنه لم يرغب أبدًا بالعودة إلى الأيام التي لم يعرف فيها هذا الشعور.
أبعد شانور نظره عن بيلوني ونهض من مكانه، ثم اقترب من النافذة وأزاح الستائر.
انسكبت أشعة الشمس الدافئة على وجهه العاري من دون قناع، فأغمض عينيه ببطء، ثم استدار.
في الغرفة المشرقة، كانت بيلوني تحدّق فيه بعينين واسعتين وهي تمسك القناع بيدها.
هزّ شانور كتفيه بخفّة.
“الظلام كان حالكًا جدًّا، شعرت أنّك بالكاد ترين شيئًا.”
“آه… آه، نعم. لم أكن أرى بوضوح فعلًا.”
أجابت بيلوني بتوتر، وهي تعود لتلمس القناع بيديها.
جلس شانور إلى جانبها، لا أمامها، حتى بات أي تحرّك بسيط منهما يجعل ركبتيهما أو فخذيهما يتلامسان.
ارتجفت بيلوني قليلًا وحرّكت عينيها بارتباك، لكنه تجاهل الأمر.
كانت أصابعها التي تعبث بالقناع قد احمرّت بشدة.
لم يرفع شانور نظره عن يديها وهي تضع القماش على القناع، حتى أنهت الأمر أخيرًا وأدارت رأسها نحوه بخجل.
“انتهيت… يا سموّك.”
“أهكذا؟ إذن جرّبي وضعه عليّ.”
وحين لم يتحرك، وضعت بيلوني القناع على وجهه بتردد، ويدها الحارّة تلامس بشرته هنا وهناك.
كما قالت، صار القناع أهدأ وأكثر راحة بعد إضافة القماش.
رفع شانور يده وأمسك بيدها التي ما زالت فوق القناع.
“سموك؟”
“بيلوني… أنا أؤمن بأنك الشخص الوحيد القادر على فك لعنَتي، وأؤمن بالطريقة التي أخبرتني بها.”
بدت ملامحها مرتبكة من كلماته المفاجئة، في انتظار أن يكمل حديثه.
نظرًا لذلك، جذب شانور يدها وضغطها على شفتيه. كانت يدها الصغيرة الطرية تتحرك بارتباك على حافة شفتيه.
“في المرة السابقة التي حاولت فيها إمساك يدك، كان هناك سبب. إمساك اليد أو…”
شانور رفع يده الأخرى ليحتوي وجنة بيلوني الناعمة.
“عندما يحدث تلامس جسدي كهذا، يزول الألم.”
ارتجفت عينا بيلوني بدقة، لا يُدرى إن كان بسبب هذا التلامس المفاجئ أم بسبب كلماته.
أدرك شانور أن بيلوني حبسَت أنفاسها، فبدأ يمرر يده ببطء على وجنتها. كان فعله أشبه بتهدئتها، مما جعلها تطلق زفيرًا خافتًا.
عندها مرّت عند طرف أنفه رائحة عطرة وحلوة خفيفة.
“لهذا… أريد الاستمرار بلمسك حتى يزول اللعنة.”
ثم أمسك شانور بيديها بكلتا يديه وأخذ يفرك شفتيه عليهما. تخللت أنفاسه الدافئة بشرتها الطرية، فجعلت جسدها يرتجف.
مرّت يده من كفيها إلى ساعديها، ثم كتفيها، وعظمة الترقوة، وعنقها النحيل، وذقنها الصغير، حتى التقت عيناه بعينيها الزرقاوين الشفافتين.
“هل… ستسمحين؟”
تحركت شفتاها قليلًا.
“هل… هذا يساعد حقًا؟”
“لا تقلقي. لا يمكنني الكذب بشأن أمر كهذا.”
“أنا لا أشك بك!”
هزّت رأسها بسرعة.
“فقط… لم أتخيل أن هناك طريقة كهذه، لذلك…”
“إنها تساعد.”
“إذن… سأسمح لك. إذا كان هذا سيخفف ألمك، فالإمساك بيدك ليس بالأمر الكبير.”
لكن رؤية تعبيرها الحازم جعل شانور يشعر بعدم ارتياح غريب.
“ومن قال إن الأمر يقتصر على الإمساك باليد؟”
“ها؟”
شدّ شانور يدها نحوه، فاندفعت بيلوني بفعل الحركة لتسقط في حضنه، متعثرة في وضعها. لم يسبق له أن اقترب منها بهذا الشكل من قبل، فشعر قلبه يخفق بقوة.
دون وعي، أخذ يفرك جبهته بين خصلات شعرها. وعندما لامست أنفه مؤخرة عنقها، شهقت بيلوني بخفة وانكمشت كتفيها.
انزلقت يده طبيعيًا لتطوّق خصرها. كان نحيلًا وناعمًا إلى درجة جعلته يخشى أن ينكسر بين يديه، فتنفس أنفاسًا مضطربة.
يد بيلوني، التي كانت قد وضعتها لا إراديًا على صدره حين سقطت، ارتجفت قليلًا. وحتى تلك الحركة البسيطة جعلت شانور يغمض عينيه بإحكام ويطلق أنينًا منخفضًا.
“في المواقف الطارئة، قد نضطر حتى لأمور كهذه.”
أرخى أخيرًا قبضته القوية على خصرها وهو يقول ذلك.
“ومع ذلك… هل أنتِ بخير حقًا؟”
سألها، لكنه كان ينوي إقناعها برفق إن أجابت بالنفي.
وبينما كان عقله يعمل بسرعة لابتكار طريقة لذلك، حرّكت بيلوني جسدها قليلًا بين ذراعيه وأومأت برأسها.
بالنسبة لشانور، الذي كان يدفن وجهه عند مؤخرة عنقها، كانت تلك الحركة تثير شعورًا دافئًا ولطيفًا، فبقي على حاله.
“أنا بخير.”
“حقًا؟”
كلمة “بخير” أشعلت في نفسه شيئًا أشبه بالتحدي.
فأخذ يفرك أنفه برقبتها وهو يسأل:
“وهذا أيضًا؟”
ارتعش كتفاها فجأة.
“ن- نعم…”
حرّك رأسه قليلًا ليضع شفتيه على عظمة ترقوتها البارزة. كانت بشرتها دافئة، تكاد تحترق بحرارة جسدها، فانسابت شفتاه عليها.
“حتى هذا؟”
ولأنه كان يتحدث وشفاهه لا تزال ملاصقة لبشرتها، فقد مسّت أسنانه العظمة بخفة. أحسّ باهتزاز خصرها بين ذراعيه.
“أه… أنا بخير، حقًا…”
لكن نبرة صوتها جعلته ينتبه فجأة.
أدرك ما كان يفعله، فأسرع بفك قبضته ثم جذب كتفيها نحوه.
كان وجهها الذي ظهر أمامه أحمر قانيًا، وكأنه ثمرة ناضجة على وشك أن يقطر منها العصير. كانت أطراف عينيها محمرة وندية، ما جعل عقل شانور يفرغ تمامًا.
أراد أن يقول الكثير، لكن الكلمات لم تخرج.
“يعني… ذاك…”
“الآن… ستصدقني حقًا، أليس كذلك؟”
ومع رمشة من عينيها المحمرتين، كان الجواب واضحًا.
“أصدقكِ.”
كلمة قصيرة لكنها حاسمة، جعلت بيلوني تخفض رأسها وهي تعض شفتيها. لم يدركا أنهما لا يزالان على الوضع نفسه، هي جالسة على فخذيه القويتين.
“أنت حقًا تصدقني؟”
“أصدقك حقًا.”
الآن، انعكست الأدوار، فهو الذي أصبح متعجلًا لسماع ردها.
ولما لم تُظهر أي رد فعل خاص، شعر بالقلق.
“وماذا عليّ أن أفعل لتصدقي؟ ها؟”
“إذن… عانقني، بقوة.”
“ماذا؟”
أليس هذا في صالحي؟
حتى قبل أن ينهي تفكيره، كانت يداه تتحركان لتعانقاها. حينها فقط، مدت ذراعيها لتحيط عنقه.
“لقد أخفتني… بسبَبك.”
“آسف.”
“في المرة القادمة، أخبرني مسبقًا، كما فعلت أنا.”
“سأفعل.”
أجوبته السريعة جعلتها تضحك بخفة.
الانستغرام: zh_hima14
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 33"