رفع أحد الفرسان يده بسرعة، فهز بلان رأسه بإيماءة تسمح له بالتحدث.
“ماذا عن أن نمدح السيدة أمام السيد؟ إذا سمع الناس حولها تعليقات إيجابية، فربما ستبدأ السيدة في النظر إلى السيد بشكل مختلف؟ يقول المثل إذا اجتمع ثلاثة أشخاص، يمكنهم حتى خلق غوبلين من لا شيء.”
[ملاحظة: معنى المثل الذي ذكره هو أن التعاون بين ثلاثة أفراد يمكن أن يخلق أو يحدث شيئًا غير ممكن أو غير موجود في الواقع. ]
ما أن انتهى حديثه حتى بدأت القاعة التي كانت قد هدأت قليلاً تعود إلى الفوضى من جديد.
“قولك إن ثلاثة أشخاص يمكنهم خلق غوبلين من لا شيء يعني أنهم يمكنهم جعل الناس يصدقون شيئًا غير موجود. فهل يعني ذلك أن السيد ليس شخصًا جيدًا؟ إذا أخبرت السيد بذلك، ستكون هذه نهايتك!”
“يا لك من وغد! أحقًا ستبلغه عني؟”
خلف الشخصين المتشاجرين، انضم آخرون إلى الفوضى.
“ماذا عن إرسال هدية للسيدة كما لو كانت من السيد؟”
“لقد جائت من العاصمة التي تضم كل شيء جيد ، فهل تعتقد أن الهدية التي سنعدها ستكون قادرة على إرضاء السيدة؟ ربما ستعتقد أننا نهينها.”
على الرغم من أن الجميع كان مجتمعًا في اجتماع لمناقشة خطة، كان الفرسان مثقلين بمشاكل العلاقات العاطفية بين الرجال والنساء كما لو أنهم لا يعرفون شيئًا عنها.
كانوا يعلمون أن تصرفات آلتير محبطة، لكن لم يكن لديهم فكرة عن كيفية حل المشكلة. لو كانت لديهم الخبرة الكافية لحل الأمور لكانوا قد تزوجوا بالفعل.
–تصفيق ، تصفيف –
في وسط الفوضى التي لا إجابة لها، صفق أحدهم. عندما اكتشف الفرسان صاحب الصوت، تجمعوا حوله كما لو أنهم وجدوا شعاعًا من الأمل.
“أوه، كاين! أنت هنا!”
“نعم، أنت الشخص الأنسب لمعرفة مثل هذه الأمور!”
على عكس الفرسان الآخرين الذين كانوا متصلبين، كان كاين يتمتع بشخصية مرحة وسهلة، مما جعله قريبًا من الفتيات في الأراضي.
“استمعوا جيدًا.”
ابتسم كاين وهو يستمتع بالانتباه الذي جذبته إليه الأنظار.
“هل تعرفون ما هو أسهل طريقة لجعل شخص ما يقع في حبك؟”
“لا نعرف. لو عرفنا ذلك لما كنا في هذا الموقف الآن.”
“لا تتفاخر وقل لنا الفكرة بسرعة!”
ردَّ كاين على الانتقادات بابتسامة واسعة.
“عندما يكون الشخص في مأزق أو معزول، فإن مساعدته يجعلك الشخص الوحيد الذي يمكنه إنقاذه. وبذلك يمكن أن تكسب قلبه بسرعة.”
“أوووه…!”
“كلما كانت صعوبة الموقف أكبر، زادت مشاعر الشخص تجاهك.”
“أوووه…!”
“هل بدأتم تفهمون الآن؟ لكي تجعلوا السيدة تشعر بمشاعر طيبة تجاه السيد ، عليكم أن تعرفوا ما يجب أن تفعلوا.”
نظر كاين إلى الفرسان الذين كانوا حوله وسألهم. لكن الإجابة جاءت من فم بافيل الذي كان بعيدًا عن المجموعة.
“ايعني بأنك تريد أن تجعل السيد يساعد السيدة عندما تكون في موقف صعب؟.”
“بالضبط!”
صرخ كاين بشكل مبهج، لكن بافيل عبس وجهه وهز رأسه.
“ليست فكرة سيئة، لكن من غير المحتمل أن يوافق السيد على وضع السيدة في موقف صعب..”
لم يكن آلتير ليشارك في خطة كهذه لو كانت تهدف إلى وضع السيدة في موقف صعب. بالطبع، كان كاين يعلم جيدًا أن آلتير لن يوافق على هذه الفكرة.
“إذن يجب أن نعمل دون أن يعرف السيد. فهو في كل الأحوال ليس جيدًا في التمثيل.”
“ماذا؟”
يبدو أن كاين كان قد رسم خطة في ذهنه بالفعل. عندما نظر إليه بافيل بعينين مليئتين بالتساؤل، إبتسم كاين وأشار بيده للجميع.
“هيا! بنا جميعاً!”
❈❈❈
“اتشو!”
شعرت بحكة غريبة في أنفي، كما لو كان أحدهم يتحدث عني في مكان ما. مسحت أنفي سريعًا وأخذت انظم الأوراق المكدسة على الطاولة. كانت يدي تتحرك بنشاط، لكن فكري كان مشغولًا تمامًا بشيء آخر.
‘ لماذا ساعدني في تلك المرة…؟ ‘
كنت أفكر في الحادثة الصغيرة التي وقعت سابقاً. آلتير، بتصرفاته اللامبالية، حمى سقطتي على الأرض. وقال لي إن ما حدث في ذلك اليوم لم يكن خطأي. لم يكن كلامه لطيفًا، لكن…
إذا كان الأمر يتعلق بـ “آلتير الشرير” الذي يظهر في الرواية، لكان قد تجاهلني حتى لو كنت أتدحرج على أرضية من الحجارة أو في نار مشتعلة. لكن “آلتير الحقيقي” لم يفعل ذلك.
كان اكتشاف الفارق بين شخصية آلتير في الرواية وآلتير في الواقع إشارة إيجابية جدًا لبقائي على قيد الحياة.
“يبدو أن آلتير يحب آيلسفورد حقًا.”
حتى أنا، التي أبدو و كأنني سأتسبب في الحوادث، كان آلتير يدافع عني فقط لأنني جزء من آيلسفورد. لا شك أن هذا يدل على أن آيلسفورد عزيزة عليه.
حتى في ذلك اليوم الذي التقينا فيه في الممر، ساعدني وقال: “لا أستطيع أن أرى أحدًا من قصري يتأذى” بينما كنت غير قادرة على التكيف مع الظلام.
“إذن… هذا يعني…؟”
هل هذا يعني أنني سأكون في أمان طالما كنت جزءًا من آيلسفورد؟.
“نعم! هذا ما يعنيه!”
أضاءت عيناي بعد الإدراك المفاجئ. إذا كان الأمر كذلك، فلا يمكنني أبدًا التخلي عن منصب “سيدة بارون آيلسفورد”. كما وعدت آلتير، يجب أن أؤدي دوري كزوجة وأبقى في هذا الحصن الآمن لأطول فترة ممكنة.
“ولكن… ماذا لو…”
ماذا لو فشلت في أداء دوري كسيدة وأفسدت سمعة آيلسفورد؟.
بدأت في تخيل مشهد في عقلي. كان آلتير في خيالي يقول لي بنبرة باردة “كيف تجرئين على تقليل شأن آيلسفورد؟” وهو يلوح بسيفه، ثم تخيلت أن رأسي يسقط على الأرض.
“آه!”
مجرد التفكير في الدم جعلني أشعر وكأنني سأصاب برهاب الدم. حاولت تهدئة يدي المرتجفة وأخذت نفسًا عميقًا.
“لا! لا داعي للقلق! إذا عملت بجد، لا شيء سيحدث!”
كان هناك سبب آخر للعمل بجد في دوري كسيدة.
“الشيء الذي يحتاجه آيلسفورد الآن… هو المال، لا شك في ذلك.”
إذا تمكنت من حل هذه المشكلة وأظهرت أنني سيدة بارعة في إدارة الأموال، فسيعترف آلتير بأنني شخص مفيد.
“أمم…هل كان هناك شيء في الشرق يمكن أن يحقق دخلًا؟.”
أغمضت عيني وراجعت محتويات الكتاب في ذهني. في الواقع، كانت الرواية تدور في العاصمة التي كانت مركزًا للمجتمع، لذا لم يتم التطرق كثيرًا للمنطقة الشرقية. لقد ظهرت فقط كمكان منشأ الدوق الشرير…
“آه!”
فجأة، تذكرت شيئًا كنت قد نسيته.
“المناجم!”
كان الدوق الشرير في الرواية آلتير، غنيًا جدًا وكان لا يستطيع تخيل حالة آيلسفورد الفقيرة الحالية. كان لديه منجم للماس، لذلك لم يكن عليه القلق بشأن المال.
الماس هو مصدر طاقة يستخدم في تشغيل الأدوات السحرية. إذا قارناه بالأشياء الحديثة، فهو يشبه البطاريات.
الفرق الوحيد هو أن البطاريات متوفرة ورخيصة، بينما الماس نادر جدًا وغالي.
لكن منجم الماس هذا كان ملكًا للدوق الشرير.
“إذا كانت آيلسفورد فقيرة الآن، فهذا يعني أن المنجم لم يتم اكتشافه بعد.”
إنهم يكسبون المال من خلال صيد الوحوش، بينما في الواقع هناك كنز كبير تحت الأرض!.
إنها كالحالة التي تجد فيها تذكرة يانصيب رابحة وتتركها في الدرج بينما تعمل في وظيفة بأجر قليل.
“إذا اكتشفت المنجم وجعلت آيلسفورد غنية، فسيعترف آلتير بي فورًا.”
لحسن الحظ، كان هناك أيضًا بعض المعلومات في الرواية حول مكان المنجم.
“كانت الجبال التي اعتقدوا أنها أوكار الوحوش مليئة بالماس لذا إذا قمت بالبحث في الجبال التابعة لآيلسفورد، فيمكنني العثور على المنجم بسرعة.”
منجم الماس، ليس أقل من الذهب!.
كنت أرغب في أخذ مجرفة والركض فورًا إلى الجبال للبحث عن المنجم.
“سيدتي!”
بينما كنت غارقة في أحلامي حول المستقبل الجميل، دخلت آنا فجأة إلى الغرفة ووقفت بجانبي مدهوشة.
“هل تشعرين بتوعك؟ لقد كان هناك تشنج في وجهك منذ لحظة…!”
أعتقد بأنني أفرط في التعبير عن سعادتي بسبب الحظ الساخر. حاولت أن أضبط تعابير وجهي بسرعة وابتسمت قليلاً، كما لو لم يحدث شيء.
عندها، بدت آنا قلقة وقالت بتعابير حزينة.
“لقد كنتِ مشغولة للغاية في الأيام الأخيرة، كنتِ محبوسة في القصر و تنظرين فقط إلى السجلات… أحيانًا تحتاجين إلى الخروج للحصول على بعض الهواء لتشعري بالحيوية.”
بدا أن آنا كانت تستمر في الحديث لبعض الوقت، ثم نظرت إلي بحذر وسألت:
“ماذا عن أخذ نزهة قصيرة؟”
“نزهة؟”
“نعم! لم تتمكني من استكشاف القلعة بشكل كامل بعد. إذا مشيتي قليلاً، ستصلين إلى بحيرة كبيرة، وهناك يمكنك ركوب القارب. المنظر من القارب للجبال مذهل حقًا.”
“الجبال!”
في الواقع، كنت متحمسة بالفعل لاستكشاف الجبال. بدا أن تعابير وجهي تظهر موافقتي، لذا بينما كنت لم أجب بعد، صاحت آنا بسعادة وصفقت يديها.
“لا حاجة للتفكير أكثر! سأكون مرشدتك، سيدتي!”
❈❈❈
لم تكن كلمات آنا خاطئة.
وفقًا لإرشاداتها، خرجنا من القلعة وسرنا قليلاً، فظهرت أمامنا بحيرة ضخمة تتكئ على سلسلة الجبال.
“واو…!”
كان منظر الطبيعة الرائع الذي لم أكن أستطيع رؤيته في العاصمة يفتح صدري و كأنني أتنفس بعمق.
كانت الجبال التي قد يختبئ فيها المنجم تثير فضولي، لكن المنظر كان جميلاً لدرجة أنني نسيت هذا الأمر لفترة قصيرة.
“كما توقعت، من الجيد أنكِ خرجتي!”
رأت آنا فمي المفتوح بدهشة وقالت ذلك مبتسمة بفخر.
هززت رأسي مؤيدة لكلامها دون أن أنطق.
بينما كنت مندهشةً من المنظر، كانت آنا تتحرك بنشاط لتحضير القارب الصغير الذي سنركب فيه.
كان قاربًا صغيرًا يكفي لشخصين.
“سأقود القارب، وعليكِ الإسترخاء والإستمتاع بالمنظر. كلما اقتربنا من الجبال، اصبح المنظر أجمل!”
كنت مندهشةً من المنظر لدرجة أنني نسيت الهدف الأصلي للرحلة وركبت القارب كما لو كنت في نزهة.
كانت آنا تدفع القارب بلا تردد، متجهة به إلى وسط البحيرة. مع اقتراب الجبال، امتلأت رؤيتي بالمناظر الطبيعية العظيمة حتى أصبحت لا أستطيع أن أرى كل شيء بوضوح، وأشعر بشيء غريب في صدري.
المناظر الطبيعية الهائلة كانت تحتوي على قوة عجيبة تؤثر على الناس دون سبب.
نسيت أفكاري المعقدة للحظة وانغمست في هدوء الطبيعة.
بالطبع، لم يستمر ذلك طويلاً.
“آآآه!”
صرخة آنا و قطعت هدوئي.
إستدرت بسرعة لأرى ماذا حدث، فوجدت أن المجداف الذي كان ينبغي أن يكون في يديها كان يطفو بعيدًا عن القارب.
“كيف ابتعدت المجداف هكذا؟…”
“لقد استرخت يداي وتركته يسقط، سيدتي! آه، ماذا نفعل الآن؟ لا أستطيع الوصول إليه!!”
كانت آنا تصرخ وتنظر إلى المجداف في البحيرة، وقد بدا أنها في حالة من الذعر الشديد، إذ تغيرت نبرتها وصوتها عن المعتاد.
“ماذا نفعل الآن؟ نحن محاصرون في البحيرة! أنا خائفة جدًا، سيدتي! كم سيكون رائعًا لو ظهر فارس رائع لينقذنا!”
بدأت آنا تنظر حولها بقلق، لكنني لم أعتقد أن الوضع خطير إلى هذا الحد. بما أننا قريبون من القلعة، كنت أعتقد أنه سيأتي من ينقذنا في النهاية.
لكن كان واضحًا من حالة آنا المتوترة أنها كانت في حالة من الفزع، ما جعلني أقلق عليها. كانت تتحدث بشكل مرتبك وبدت ضائعة.
“هممم…”
قمت بتقييم المسافة بين القارب والمجداف. كانت المسافة بعيدة لدرجة أنني لن أتمكن من الوصول إليه بيدي، ولكن لو سبحت، يمكنني الوصول إليه بسهولة.
“اهدئي، آنا. سأستعيد المجداف. لا تقلقي، أنا جيد في السباحة.”
“ماذا…؟”
بدت آنا غير قادرة على فهم ما قلته، كانت ترتعش من الخوف.
ثم، لأهدئها وأجعلها لا تشعر بالذعر، أظهرت عزيمتي ورفعت قبضتي قائلةً: “ثقِي بي!”، ثم أدرَت جسدي نحو الماء.
“سيدتي، ماذا تفعلين؟ هل تعنين… السباحة؟!”
بدأت آنا تزداد ذعرًا وارتباكًا بينما بدأت تتلعثم في حديثها. كانت حالتها قد ساءت لدرجة أنه لم يعد بالإمكان تأجيل ما سأفعله. أخذت نفسًا عميقًا ثم قفزت في الماء.
“سيدتي!”
صرخت آنا بذهول شديد عندما رأتني اسبح في الماء. كانت المياه أكثر برودة مما توقعت، لكنني لم أبالِ وسبحت نحو المجداف. ولكن لسبب ما، لم أتمكن من التحرك كما كنت أريد.
كان جسدي ثقيلًا كما لو أن أحدهم كان يسحبني إلى الأسفل. شعرت بشيء غريب في جسدي، وكأنني كنت أرتجف.
‘ ما هذا؟ لماذا يحدث هذا؟ ‘
لم أتمكن من التفكير في جواب لهذا السؤال، حيث بدأت قواي تتلاشى تدريجيًا. كان صوت آنا وهي تنادي “سيدتي!” وصوت المياه يتداخلان في أذني، مسببًا لي دوارًا.
في تلك اللحظة، بدأ بصري يغمق ويتفتح بينما بدأت حواسي تضعف شيئًا فشيئًا.
وكان جسدي الثقيل يغرق أكثر فأكثر. عندما بدأ الوعي يفارقني، وأصبح العالم مظلمًا تمامًا، شعرت بقوة شديدة تسحبني إلى الأعلى.
مع هذه الراحة الغريبة التي لا ينبغي أن أشعر بها في هذا الموقف، انقطع عقلي تمامًا. ♡ ֪ ࣪ ─┄── ♡ ֪ ࣪ ─┄── ♡ ֪ ࣪ ─┄── ♡ ֪ ࣪
التعليقات لهذا الفصل " 9"