بمجرد أن صُخب صوت الرجل الغاضب هرع الجرو بعيدًا عن إيلي ودخل إلى منزله المصنوع من صندوق خشبي مرتجفًا بشدة من الخوف.
“تبًا ذلك الكلب اللعين… يجب أن أبيعه أو شيء من هذا القبيل. آه، آنسة هل أنتِ بخير؟ يا إلهي ملابسكِ تضررت.”
“آه… لا بأس.”
“ذلك الكلب اللعين لا يكف عن التسبب بالمشاكل. حسنًا، من الجيد أنكِ متفهمة هناك الكثير ممن يشتكون من تلف ملابسهم بسببه.”
كان صاحب المتجر يفرك يديه وينظر إلى إيلي ورايفن مترقبًا رد فعلهما.
كان من الواضح أنه يطلب منهما التغاضي عن الأمر رغم الأضرار لكن تعابير وجه الاثنين لم تكن جيدة.
“حتى لو لم أتمكن من تعويضكِ عن الملابس…”
“لا نحتاج إلى تعويض.لكن بدلاً من ذلك، ذلك الجرو…”
نظر رايفن إلى إيلي التي كانت تحدق بالجرو بأسى ثم بدأ حديثًا طويلًا مع صاحب المتجر.
مرت فترة من الزمن وبعد تبادل الحديث بينهما أشرق وجه صاحب المتجر فجأة.
“لا تقلق إذن سأنتظر حتى ذلك الحين.”
“……إذا بقي في نفس الحالة حتى ذلك الوقت…”
“يا رجل لا تقلق قلت لك.”
ابتسم صاحب المتجر بابتسامة غير مريحة وعاد رايفن إلى إيلي.
“لنذهب الآن.”
“……حسنًا… وداعًا أيها الجرو…”
لم تكن قادرة على مغادرة المكان براحة فقد شعرت أن هذا الجرو يشبهها تمامًا لكن إيلي لم تستطع قول أي شيء آخر.
كل ما تمنته هو أن يكون الجرو بخير.
وهكذا افترقت عنه بشكل شبه إجباري ليغمرها شعور بالحزن.
قبل لحظات فقط كانت تبدو سعيدة ومتحمسة لكن خلال بضع دقائق خفت بريق وجهها تمامًا وهذا ما جعل مزاج رايفن يسوء أيضًا.
استمر ذلك لفترة طويلة.
لم يكن لدى رايفن أي طريقة لمساعدتها فهو كان يعرف جيدًا لماذا كانت إيلي تهتم بذلك الجرو وبدلًا من الشعور بالعجز انشغل بالتفكير في طريقة لإسعادها.
لم يمضِ وقت طويل حتى خطرت له فكرة.
“البالون!”
“ماذا؟”
عندما قال رايفن فجأة كلمة بالون استدارت إيلي نحوه بدهشة.
“بالون…؟”
“نعم. هل تعرفين ما هو البالون؟”
“سمعت عنه من قبل… إنه شيء يطير عاليًا في السماء وله ألوان جميلة…”
لكنها لم تره يومًا. كانت تعرف أنه شيء نادر يصعب الحصول عليه لذلك خفَت حماسها من جديد.
“هناك واحد هناك.”
بشكل مذهل بمجرد أن تحدث رايفن عن البالونات، كان هناك بائع بالونات غير بعيد عنهم.
كان البائع يقف عند مدخل السوق منذ الصباح في انتظار زبائنه الصغار.
عُلّقت مئات البالونات بعربة تجرها حمار وكانت ألوانها الزاهية تجذب أنظار الأطفال المارين لكن اليوم لم يكن هناك زبائن لأن مدخل السوق كان مغلقًا.
“بالون…؟”
توجهت نظرات إيلي نحو البائع تلقائيًا.
“واو…!”
“أول مرة ترين واحدًا؟”
“نعم هذا هو البالون إذًا…!”
بسرعة اقتربا من بائع البالونات.
كان الرجل جالسًا على طرف العربة متكئًا وهو يتنهد لكن عندما رأى أحدًا يقترب ابتسم بسعادة.
“مرحبًا بكم!”
“واو بالونات!”
عندما رآى إيلي تحدق في البالونات بعينين متألقتين ضحك البائع واقترب منها وجلس أمامها.
“أول مرة ترين بالونًا؟”
“نعم! إنه جميل جدًا وألوانه رائعة… ومدهش كيف يطير في السماء!”
نظر إليها البائع للحظة ثم ابتسم بحرارة وأخذ واحدًا من البالونات المربوطة.
مدّ يدًا صغيرة نحوها وسلمها الخيط بابتسامة لطيفة.
“تفضلي، إنها هدية لكِ.”
“ه-هدية؟”
“حسنًا، لا يوجد زبائن صغار اليوم على إي حال لذا لن تُباع هذه البالونات. أعتقد أنه من الأفضل أن أهديها لمن يقدرها حقًا.”
ابتسم البائع بحرارة وهو يمد بالونًا أزرق سماوي لإيلي. حدّقت إيلي في البالون للحظات ثم أطلقت قبضتها قليلًا مما جعله يرتعش وكأنه على وشك الطيران عاليًا في السماء.
“واو…”
“كما تعلمين البالونات صنعها البشر قديمًا لأنهم أرادوا تقليد التنانين التي كانت تعيش على الأرض آنذاك. لقد أرادوا التحليق عاليًا في السماء لكنهم لم يستطيعوا لذا كانت هذه البالونات مجرد محاولة بديلة. حتى ألوانها مستوحاة من ألوان التنانين التي عاشت في ذلك العصر.”
“تنانين…؟”
“لكن لم يعد هناك أي تنانين في هذا العالم الآن لقد كانت كائنات طاهرة وعندما أصبح العالم فاسدًا بسبب البشر قررت أن تغادر.”
أومأت إيلي بهدوء.
إنها المرة الأولى التي تسمع فيها عن التنانين. لم تشعر بالخوف بل بالأسى عليهم. لم تكن تعرف إن كانوا حقيقيين أم مجرد أسطورة لكن الغريب أنها شعرت وكأن قلبها قد تأثر بالقصة.
“يبدو أنك تعرف الكثير عن التنانين؟”
نظر رايفن إلى الرجل بابتسامة غير مألوفة عليه كانت أكثر لينًا هذه المرة.
“آه الناس يقولون إنني غريب الأطوار لكنني أؤمن أن هذا العالم ما كان ليكون موجودًا لولا التنانين، لذا درست أمرهم قليلًا. آه يجب أن أذهب الآن أيتها الصغيرة اعلمي أن هذا البالون سيفرغ من الهواء بعد بضعة أيام فلا تفزعي حين يحدث ذلك.”
“آه…!”
نهض البائع من مكانه وانحنى بابتسامة تجاه إيلي راقب رايفن ذلك للحظة ثم ابتسم وأخرج كيسًا من المال من جيبه.
“بالنسبة لابنتي بالون واحد لا يكفي هل يمكنك إعطائي جميع البالونات؟”
“هاه؟ كلها؟”
أومأ رايفن برأسه وهو يمد كيس المال نحو الرجل.
“هل هذا المبلغ كافٍ؟”
“ن-نعم، كافٍ بالتأكيد! ولكن إن أعطيتك إياها كلها قد تطير بعيدًا.”
“لا تقلق بشأن ذلك. إيلي هل نعود الآن؟”
“هاه؟”
فوجئت إيلي عندما قال فجأة إنهما سيعودان، فعبست بشفتيها.
“سنعود باستخدام هذه البالونات.”
“بالونات… للطيران؟”
ارتسمت على وجهها ابتسامة مشرقة. أن تطير باستخدام البالونات؟ كم يبدو ذلك رومانسيًا! وبالنسبة لها التي لم تجرب الطيران من قبل كان من الطبيعي أن تشعر بالفضول تجاه السماء.
لاحظ بائع البالونات محادثتهما وهز رأسه قليلًا.
“أعتذر عن خيبة أملك لكن البالونات لا تستطيع رفع الإنسان في السماء.”
“أعلم.”
“ماذا؟”
“قلتَ ‘الإنسان لا يستطيع الطيران’. لكن هناك شيء آخر… ليس كل التنانين قد رحلت.”
“ماذا؟!”
وقبل أن يتمكن البائع من استيعاب الكلمات تحرك رايفن مبتعدًا عنه ممسكًا بإيلي بذراع واحدة وبالونات متعددة في الأخرى.
وفي اللحظة التالية دفع رايفن نفسه عن الأرض بخفة—وفجأة، بدأ جسده يطفو في الهواء.
“آ-آه! لا، لا يمكن أن يكون…”
“اجعل ما رأيته اليوم سرًا، حسنًا؟ أريد أن أكون مجرد حلم جميل للطفلة.”
ضحك رايفن بخفة ونظر إلى الرجل الذي كان مذهولًا تمامًا بينما ارتفع كل من إيلي ورايفن أعلى في السماء.
حدّقت إيلي حولها باندهاش ثم بدأ وجهها يشع بالفرح شيئًا فشيئًا.
“أنا… أطير!”
“نعم أنتِ تطيرين الآن.”
“بسبب البالونات؟”
فكر رايفن للحظة ثم ابتسم وهز كتفيه.
“ربما وربما لا. إذن هل نطير حتى نصل إلى القلعة؟”
“ن-نعم!”
“ألستِ خائفة؟”
“أمم… أبدًا! بل أحب هذا! الهواء منعش جدًا!”
ضحكت إيلي بفرح وهي تدور برأسها يمينًا ويسارًا مأخوذة بجمال السماء. لم يكن هذا سوى حلمٍ تحقق. لم تكن تتخيل أبدًا أنها ستتمكن من الطيران يومًا ما.
“كما توقعت، إيلي رائعة.”
“هاه؟”
“لا شيء… فقط سعيد لأنكِ لا تخافين من السماء.”
“السماء… دافئة.”
عند سماع ذلك تجمد وجه رايفن للحظة لكنه سرعان ما ابتسم مجددًا.
“أفهم… هذا جيد.”
ابتسامته الصغيرة لامست قلب الطفلة وهكذا ارتفع الاثنان إلى الأعلى وانطلقا في طريقهما إلى القلعة. استغرقت الرحلة وقتًا طويلاً لكنها كانت تجربة مثالية بكل تفاصيلها.
وفي نهاية اليوم بدا أن وجه إيلي قد أصبح أكثر إشراقًا من ذي قبل.
عندما وصلا إلى المنزل بعد رحلتهما الجوية كانت هناك رسالة تنتظر رايفن شبيتس من القصر الإمبراطوري.
بعد أن أوصل إيلي إلى غرفتها عاد رايفن إلى جناحه الخاص حيث كان مساعده ديل في انتظاره مع الرسالة. بمجرد أن قرأها لم يستطع سوى الابتسام بتهكم.
فتح الرسالة وقرأ محتواها بالكامل ثم وضعها على الطاولة بلهجة ساخرة.
“سيدي.”
“هذا سيكون ممتعًا حان الوقت لأتحرك قليلاً.”
“هاه… كنت أعلم أنك ستقول ذلك.”
“حفلة إذن.”
لطالما انتظر رايفن وصول هذه الرسالة. ظهرت على وجهه ابتسامة متسعة وهو ينظر إلى ختم القصر الإمبراطوري عليها.
ولكن…
سرعان ما ضاق عينيه ورفع يده ليداعب ذقنه بتأمل.
“هذا مخيب للآمال… توقعت منهم أن يهاجموا مباشرة.”
ما فعله في السوق…
لقد سلب صوت الأميرة روزبينا لذا كان من المفترض أن يثور الإمبراطور بغضبٍ عارم فقد فقدت ابنته العزيزة صوتها بالكامل—ألم يكن من الطبيعي أن يندفع بجيشه نحو قلعته مباشرة؟
كان رايفن قد كشف عن هويته عمدًا وكأنه يتحداهم بأن يأتوا إليه ومع ذلك لم يحدث شيء.
كان من المفترض أن يكون الإمبراطور مستعدًا لفعل أي شيء من أجل ابنته… ومع ذلك لم يرسل سوى رسالة واحدة؟
نقر رايفن بلسانه بعدم رضا وألقى بالرسالة في الموقد.
وقف ديل في الخلف يراقب ثم هز رأسه ببطء.
‘ها هو يكذب بكل بساطة.’
لم يكن من الصعب إدراك أن رايفن قد دبر كل شيء عمدًا لإرهاق جيش الإمبراطور بل إنه أعد الوضع بحيث حتى لو أحضر الإمبراطور قواته لكانوا قد أُبيدوا بالكامل.
قلعة رايفن شبيتس كانت تبدو للغرباء كمكان مهجور بلا سكان لم يكن هناك أي طريق مفتوح يؤدي إليها.
للوصول إلى القلعة كان على أي شخص أن يشق طريقه بنفسه لكن المشكلة الكبرى كان القصر الذب يحيط به غابة الوحوش سيئة السمعة. كانت هذه الغابة تعج بالمخلوقات الخطرة وكان عبورها وحده مخاطرة مميتة. لكن الأمر لم يقتصر على ذلك فقط فقد جعل رايفن الطرق المؤدية إليها متاهة معقدة بحيث لا يستطيع من يدخل إليها الخروج بسهولة.
وفي الوقت الذي كان رايفن وإيلي يستمتعان بوقتهما في السوق كانت مجموعة كبيرة من جيش الإمبراطور قد انطلقت من القصر الإمبراطوري متجهة نحو القلعة الأسطورية المذكورة في الوثائق القديمة.
بمجرد أن علم الإمبراطور أن الشخص الذي هاجم الأميرة روزبينا هو الدوق أمر فورًا نخبة فرسانه بالقبض عليه—لا بل بسحبه بالقوة إن لزم الأمر لم يكن سقوط ابنته في السوق وفقدانها لصوتها أمرًا يمكنه التسامح معه.
ومع ذلك من بين جميع الجنود الذين خرجوا للبحث عن القلعة كان هناك شخص واحد فقط استطاع الوصول إليها في النهاية.
~ ترجمة : سـنو.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل "15"