نظرَ إليها بصمتٍ، ثمّ فكَّ رباطَ شعره بهدوء، بينما ظلّتْ ليليا، الغارقة في دورها، تتابعُ المشهدَ بحماس، فيما وقفَ الاثنان الآخران يتبادلانِ النظراتِ فقط.
على الرغم من أنّ ليليا قضتْ أسبوعًا كاملًا في القصر، إلّا أنّها لم تُرِد العودة إلى المنزل.
يبدو أنّها أحبّتْ قضاءَ الوقت مع هيرديان إلى درجةٍ جعلتها ترفضُ المغادرة.
“ليليا، يجبُ أنْ تعودي الآن إلى المنزل. العمُّ لديه عملٌ، ولا يستطيعُ التركيزَ وأنتِ هنا.”
“لا! لن أعود! أستطيعُ اللعبَ وحدي، ولن أُزعجَه أثناء العمل!”
‘ماذا كان يفعلُ معها طوال الأسبوع لتُصبحَ عنيدةً إلى هذا الحد؟’
نظرتْ رنايا إلى هيرديان بعينيْ متوسّلتَيْن، تُطالبه بالمساعدة في إقناعِ الصغيرة.
وبالفعل، حاولَ هو أيضًا تهدئتها.
“ألمْ تقولي إنّكِ تحبّين أمَّكِ أكثر من أيّ شخص؟ إذًا يجبُ أنْ تذهبي معها.”
“ولِمَ عليَّ أنْ أذهبَ أنا؟ أليس من الأفضلِ أنْ تأتي أمّي معي؟”
كلامُها لم يكنْ خاليًا من المنطق.
ولو كانتْ رنايا على علاقةٍ جيّدةٍ به كما في الماضي، لربّما وافقتْ من بابِ المجاملة، لكنْ الآن… الأمرُ صعب.
“أمّي، هلْ لمْ تعودي مُتعبةً؟”
“هاه؟”
“هلْ استعَدْتِ نشاطكِ؟”
“……”
“إنْ لمْ تكوني بخيرٍ بعدُ، فلن أذهبَ معك.”
قالتْها ليليا بحزمٍ، ثمّ جلستْ على الأريكةِ بعنادٍ واضح.
لم تستطعْ رنايا الإجابةَ فورًا، لأنّها كانتْ تدركُ أنّها ما زالتْ شاردةَ الذهنِ أحيانًا.
‘كما توقّعتْ، لقدْ لاحظتْ ليليا ذلك…’
ابنتها هذه ذكيّةٌ وعنيدة، ولا تدري كيفَ تتعاملُ معها.
في النهاية، قرّرتْ ألا تُجبرَها على شيء.
نَفختْ الطفلةُ وجنتيْها الصغيرتين دلالةً على الغضب، ففهمتْ رنايا أنّ اليوم لنْ يكونَ يومَ الإقناع.
وكانتِ الشمسُ تغيبُ خلفَ النافذةِ ببطء.
‘يبدو أنّني سأعودُ وحدي.
ولا نومَ هذه الليلة أيضًا.’
نهضتْ من مقعدها بتنهيدةٍ خفيفة، فرفعتْ ليليا رأسَها بقلق.
“أمّي… إلى أينِ تذهبين؟”
“إلى المنزل، طبعًا. بما أنّكِ لا تريدين المجيءَ معي، فسأذهبُ وحدي.”
“لكن… لا أريدُ أنْ تذهبي وحدكِ…”
وفجأةً، بدأتِ الدموعُ تتجمّعُ في عينيْها.
‘كلُّ ما تريدهُ ليليا هو أنْ نبقى جميعًا سويًّا…’
كان هذا هو ما تُريده حقًّا.
“هيييينغ…”
بدأتْ تبكي، فلم تستطعْ رنايا أنْ تقسوَ عليها.
سحبَتْها إلى حضنها وضمّتها برفقٍ تُهدّئُها.
رغمَ أنّها كانتْ تعرفُ أنّه من المفترضِ أنْ تكونَ صارمة، إلّا أنّها لطالما كانتْ ضعيفةً أمام دموعِ ابنتها.
“الوقتُ تأخّر، فابقي الليلةَ فقط.”
“……”
“لكنْ، غدًا ستعودي مع أمّك، اتّفقنا؟”
عندها، ابتسمتْ ليليا بخبثٍ وهي تُخفي وجهَها في حضنِ أمّها حتى لا يراها أحد.
في الحقيقة، كان كلُّ شيءٍ يسيرُ تمامًا كما خطّطتْ له.
”عمِّي، أعتقدُ أنّ أمّي ستأتي الليلة.”
”كيفِ عرفتِ ذلك؟”
”لا أعلم، فقط أشعرُ بذلك.”
”……”
”سأرفضُ الذهاب، وأنتَ ساعدني قليلًا، حسناً؟”
”……”
”عمِّي، ألا تشتاقُ إلى أمّي؟”
‘يا لهذه الصغيرة… إنّها خطيرةٌ بذكائها!’
لم يستطعْ هيرديان إلا أنْ يقلقَ على مستقبلِها. كانتْ طفلةً قويّة، ذكيّة، وشجاعة
التعليقات لهذا الفصل " 80"