“…لا، ليس ذلك، أعتقد أنني نسيت تفاحة في الغرفة.”
“تفاحة؟”
أومأت رنايا برأسها بجدية.
تساءل هيرديان عن سبب بحثها عن تفاحة، ثم تذكر فجأةً وضحك.
تذكر اللحظة التي أعطته فيها تفاحة في قرية لوكل.
“أعطني إياها لاحقًا. لنأكلها معًا.”
“…حسنًا.”
شعرت رنايا بالأسف لعدم قدرتها على إعطائه التفاحة الآن وأجابت بحزن.
بعد ذلك، نهضا لأن ظهريهما أصبحا باردين.
ضحكا معًا لبعض الوقت، ثم جلسا أمام المدفأة وتحدثا.
شهر واحد فقط من الفراق، وكان لديهما الكثير ليقولاه.
كانت رنايا تتحدث في الغالب، وهيرديان يستمع.
استمر صوت حديثهما يتسرب من المكتبة حتى طلعت الشمس ودخل النور من النافذة.
* * *
بعد ليلة طويلة، استيقظت ليليا بنشاط وتوجهت إلى غرفة الطعام وهي تهمهم بأغنية.
‘ماذا سيكون الفطور اليوم؟ أتمنى ألا يكون هناك جزر.’
اتسعت عيناها عندما رأت شخصين من خلال فتحة الباب.
منذ الصباح الباكر، كان هيرديان ورنايا يأكلان فطيرة التفاح بسعادة.
لم يكن ذلك فحسب، بل كان الطاولة مليئة بأطعمة مصنوعة من التفاح.
“العم!”
“صباح الخير، ليليا.”
رحبت ليليا بهيرديان بحرارةٍ بعد غيابه لشهر.
ركضت بأرجلها الصغيرة وتعلقتْ به.
جلست على رجله بشكل طبيعي وأخذت تثرثر.
“متى جئت، عمي؟”
“البارحة، بينما كنتِ نائمة.”
التفتت ليليا إلى رنايا.
“هل كنتِ تعلمين، ماما؟”
“نعم، لم أخبركِ لأفاجئكِ.”
لم تعبر ليليا عن شوقها لهيرديان، لكنها كانتَ تفتقدهُ.
كانت تحزن أحيانًا وهي تنظر إلى المكان الفارغ بينما تصنع رجل ثلج بمفردها.
“لماذا تأخرتَ كثيرًا، عمي؟ لم يكن صنع رجال الثلج ممتعًا وحدي.”
“ومع ذلك، يبدو أنك صنعتِ الكثير خلال هذا الشهر…”
“قلت إنه لم يكن ممتعًا، لم أقل إنني لم أصنعَ شيئًا.”
صُدم هيرديان من جيش رجال الثلج أمام القصر.
كان كثيرًا لدرجة أن أحدهم قد يظن أن رجال الثلج يعيشون هنا، لا الناس.
بعد تحية طويلة، تناولوا الفطور معًا.
كان أول فطور يجمع الثلاثة منذ وقت طويل.
عندما انتهى الفطور تقريبًا، تحدث هيرديان أولًا:
“يبدو أنني سأذهبُ إلى العاصمة معكما.”
“معنا؟”
“كان هناك أمر من جلالة الإمبراطور. قال إنه حان الوقت لأعيش في العاصمة. ربما ينوي استدعائي كثيرًا.”
استدعاء الإمبراطور له إلى العاصمة يعني أن قضية المنجم تحت الأرض حُلت بنجاح.
شعرت رنايا بالارتياح حقًا وهنأته.
“هذا رائع. هل ستعيش في العاصمة من الآن فصاعدًا؟”
“يبدو كذلك.”
‘إذن، يمكننا رؤيته باستمرار.’
ابتسمت رنايا، لكن ليليا، بعد أن ابتلعت طعامها، طرحت سؤالًا غير متوقع:
“عمي، هل ستعيش مع ليليا في العاصمة أيضًا؟”
نظر هيرديان إلى رنايا المتجمدة وابتسم بدل الإجابة.
لم تفهم رنايا معنى ابتسامته إلا بعد أيام.
* * *
بعد يومين.
بعد تحميل الأمتعة على العربة وإتمام التحضيرات، نظرت رنايا إلى قصر فيرموين بتعبير معقد.
‘سأغادرُ حقًا.’
عندما عاشت في هذا القصر لأول مرة، ظنت أنها لن تتأقلم أبدًا.
لكن توقعاتها كانت خاطئة، وأصبح القصر عزيزًا عليها مثل منزلها في قرية لوكل.
جو القصر الذي بدأ يشعر بالدفء، رجال الثلج التي صنعتها ليليا في الفناء، الحقول الثلجية البيضاء، ومسارات المشي المليئة بالأشجار العارية.
كل ذلك كان جميلًا، وشعرت بالأسف لمغادرتَها.
بالأمس، ذهبت إلى القرية لتودع السكان.
رغم أنها لم تعرفهم طويلًا، رحبوا بها وبابنتها بحرارةٍ ودعموا مستقبلهما.
”هذه أدوية فعالة لليليا، وهذه للأشخاص العاديين. ليست كثيرة، لكن خذيها.”
أعطاها رينولد تقريبًا كل أعشابه.
”خذي كل هذا من هنا إلى هناك. إذا كنتِ ذاهبة إلى مكان خطير، يجب أن يكون لديك سلاح لحماية نفسك.”
أذهلها بارتان عندما سكب مجموعة من الأسلحة والسكاكين على الأرض.
”ستجوعين في الطريق، وخذي هذا أيضًا. كما ليليا في مرحلة النمو، يجب أن تأكل كثيرًا.”
أعطتها أرسيلاد طعامًا متنوعًا مع نصيحة غامضة:
”إذا أخطأ هيرديان، أخبريني. سأذهب لأوبخه. مهما حدث، أنا دائمًا في صفكِ.”
كانت مجرد وداع قصير، لكن رنايا عادت إلى القصر بيدين مليئتين بالهدايا.
كانت ليليا سعيدة جدًا برسائل من أصدقائها.
شعرت بهذا الإحساس منذ أشهر.
لم تتوقع أن تعيشه مجددًا بعد ما حدث في الجنوب، فكانت مشوشة طوال اليوم السابق.
أدركت أن العالم مليء بالأشخاص الطيبين خلال حياتها في الشمال.
‘الحياة في العاصمة لن تكون هادئة مثل الآن، أليس كذلك؟’
ستنشغل ليليا بالمدرسة.
وستضطر رنايا للبحث عن عمل جديد لتستقر في العاصمة.
لم تكن واثقة، لأنها عملت في الزراعة فقط.
“ماما!”
“رنايا.”
استدارت رنايا عندما سمعت من يناديها.
كان هيرديان وليليا ينتظرانها بعد انتهاء التحضيرات.
ابتسمت وصعدت معهما إلى العربة.
اعتادت على السفر بالعربة، فكانت هادئة.
كانت تقرأ كتاب قصص أو تمزح مع هيرديان أو تأخذ قيلولة، كما الآن.
نظرت رنايا بعيون آسفة إلى ليليا التي تنام على رجل هيرديان ويسيلُ لعابها.
“يجب أن يكون ذلك غير مريح… سأتولى ليليا.”
“لا بأس.”
يبدو أنه اعتاد على ليليا.
في البداية، كان يتردد في إعطائها رجله، لكنه الآن لم يهتم حتى بلعابها.
بفضل ذلك، استطاعت رنايا قضاء الوقت براحة، وإن كان ذلك يعني النوم لساعات طويلة.
كانت رحلة إلى العاصمة هادئة ومريحة، حتى توقفت العربة فجأة.
صرّت العربة وتوقفت بسرعة، فمالت ليليا للأمام لكن هيرديان أمسكها.
“…ما هذا؟ هل وصلنا بالفعل؟”
سألت ليليا وهي نصف نائمة، فركت عينيها ونظرت خارج النافذة.
كان لا يزال طريقًا غابيًا.
“آسف، هل أصبتم؟”
“نحن بخير. ما الخطب؟”
ابتلع سيرف آهة وهو ينظر إلى شكل ملقى على الطريق.
كان شخصًا بكل تأكيد.
“هناك شخص ملقى على الطريق.”
في مثل هذه الغابة، لا يمكن أن يكون حال الشخص جيدًا.
عبس هيرديان للحظة، ثم نزل من العربة تاركًا رنايا وليليا.
“سأتحقق بسرعة، ابقيا هنا. أنتِ أيضًا، ليليا.”
كان الشخص رجلًا، ملابسه ممزقة وشعره أشعث.
ركله هيرديان بخفة ليتحقق من وعيه.
لحسن الحظ، كان يتنفس ولا يبدو مصابًا ظاهريًا.
“آه…”
تأوه الرجل بألم.
يبدو أنه يجب نقله إلى قرية قريبة بها طبيب.
“ليليا!”
لم تستطع ليليا كبح فضولها، فنزلت من العربة.
تبعتها رنايا، وركضت ليليا إلى هيرديان بخطوات سريعة.
“عمي، هل هذا الرجل مصاب؟”
“…لا أعرف. سنعرف عندما نأخذه إلى طبيب. لكن لماذا نزلتِ؟ ألم أقل لكِ أن تبقي في العربة؟”
“لا بأس طالما أنتَ هنا.”
في العادة، كانت ليليا تخاف من الخروج من العربة.
لكن مع وجود هيرديان، شعرت بالأمان.
أجابت بثقةٍ ونظرت إلى الرجل الملقى.
عادةً، من يسقط في مثل هذا المكان يكون قد تعرض للصوص.
بعد أن كادت تتعرض للأذى من اللصوص مرتين، أرادت ليليا مساعدة هذا الغريب.
“آه… آه…”
تأوه الرجل بعيون نصف مغلقة، يتمتم بشيء.
اقتربت ليليا لتسمع بوضوح.
“ماذا قال، عمي؟”
أومأت ليليا بجدية بعد أن فهمت كلامه، ثم نقلت كلامه إلى هيرديان المندهش:
“هذا الرجل يقول إنه جائع.”
أعطته ليليا بعض الطعام، فنهض الرجل فجأة وبكى وهو يلتهم الطعام.
كان مجرد فطيرة وفواكه وعصير، لكنه أكلها بنهم وهو يبكي.
عندما هدأ جوعه قليلًا، استرد وعيه وجلس أمام ليليا يعبرُ عن شكرهِ.
✧───── ⋆⋅☆⋅⋆ ─────✧
ستجدون الفصول دومًا متقدمةً لهذهِ الرواية في واتباد وقناة الملفات،
حَسابي واتباد : _1Mariana1
( حسابي السابق قد حُذف)
وستجدون الروابط، لحسابي واتباد، وقناة الملفات في أول تعليق~ ❀
التعليقات لهذا الفصل " 65"