بينما كانت رنايا تتمتم بهذه الكلمة، خطَر في بالها مشهد من إحدى الروايات.
كان ذلك المشهد يصوّر الكونت روتشستر وهو يثير نزاعًا مع دولة عدوة من أجل الاستحواذ على منجمٍ تحت الأرض يقع على الحدود.
بسبب ما فعله الكونت حينها، كان عدد القتلى كبيرًا، لكنها تتذكر أنّ النبلاء جمعوا ثروات طائلة بفضل المنجم لاحقًا.
‘هل كان ذلك في هذه الفترة؟ لا، أظنّه كان بعد الآن بقليل…’
كانت تلك معلومات وردت في الكتاب بلا شك.
‘هير بالتأكيد ينوي إيقاف الكونت روتشستر.’
ربّما هو نفسه يدركُ ذلك.
إن ترك أمر المنجم تحت الأرض كما هو، فسوف يفقد كثيرون حياتهم.
وفوق ذلك، لا بدّ أنه لا يريد أن يرى مكانةُ عائلته تتضرّر.
بعد أن فكّرت رنايا قليلًا، فتحت شفتيها بحذر وقالت:
“جدّتي كانت قد حدّثتني عن أيام عاشت فيها قرب الحدود.
كانت تقول إنّ في أعماق الجبال هناك منجمًا تحتَ الأرض، لكن الناس لم يقتربوا منه أبدًا لأن حياتهم غاليةٌ عليهم.”
“ولماذا ذلك؟”
“لأنّ الأرض هناك هشّةٌ. حتى لو لم تهطل الأمطَار، يكفي أن تهبّ الرياح حتى تتساقط الصخور وتتسَبّب بانهيارٍ جبلي.”
كان الكونت روتشستر يعرف خصائص تلك المنطقة، ولهذا السبب تسبّب عمدًا بانهيارٍ جبلي لدفن أناس الدولة العدوة ثمّ أخفى الأمر تحت غطاء “حادثٌ عرضي”.
وبسبب ذلك اندلعت حرب أخرى فيما بعد.
‘هل يستطيع هير أن يمنعه وحده؟’
لم تكن تعرف لماذا فجأة يريد هير أن يوقف الكونت روتشستر، رغم أنّه يعلم أنّ الأمر خطير.
كانت ترغب في مساعدته، لكن أقصى ما تستطيع فعله هو أن تزوّده بمثل هذه المعلومات الضئيلة.
فقد عاشت طوال حياتها تعمل بالزراعة، ولم يكن بوسعها فجأة أن تتعامل مع السلاح.
“كنْ حذرًا.”
ابتسم هيرديان برفق حين سمع كلماتها المليئةَ بالقلق.
“أنا ذاهب فقط لأتفقّد الوضع، الأمر ليس خطيرًا.
ولن أتأخّر طويلًا أيضًا.
ستستطيعين العيش بهدوءٍ حتى أعودُ، صحيح؟”
“…ولِمَ لا؟ سأعيش كما أعيش كل يوم.”
إذًا، يبدو أنّ الحديث عن ذلك اليوم سيتأجّل.
كان هيرديان يقلق عليهَا حتى لمجرد أن يغيب بضعة أيام.
لكنها فكّرت أنّ عليه أن يقلق على نفسه أولًا الآن.
“لا تقلق علينا كثيرًا، وعد سريعًا.”
اعتبرت الأمر بسيطًا: ما عليها سوى أن تعيش كما تفعل عادةً حتى يعود بسلامٍ.
لكن كما هو الحال دائمًا، أمور البشر نادرًا ما تسير كما هو متوقَّع.
غادر هيرديان القصر في صباح اليوم التالي باكرًا.
وباستثناء كونه لن يعود لعدة أيام، كان اليوم عاديًا.
حضرت ليليا درسًا مع بيليندا التي جاءت ظهرًا، بينما ساعدت رنايا أهل القرية في بعض الأعمال.
لكن المشكلة ظهرت بعد عودتها من العمل.
إذ ما إن دخلت القصر حتى لاحظت جوًا مضطربًا.
“سيدتي فيليت، أخيرًا عدتِ…!”
“…ما الأمر؟”
أسرع أحد الخدم نحوها وروى ما حدث قبل قليل.
“ليليا أُغمي عليها أثناء الدرس بسبب الحُمّى.
حرارتها مرتفعة للغاية…
أعطيناها بعض الدواء الموجود لدينا، لكن الحُمّى لم تنخفض.
المعلمة بيليندا ذهبت لإحضارِ طبيب.”
شحب وجه رنايا شيئًا فشيئًا وهي تصغي، وبمجرد أن انتهى الخادم من الحديث، هرعت إلى غرفة النوم.
فتحت الباب فرأت ليليا ممدّدة، وعلى جبينها قطعة قماش باردة، تتنفس بصعوبة.
“…ليليا؟”
كانت بلا وعي، لا تدري إن كانت نائمةً أم أغمي عليها من شدّة المرض.
وضعت رنايا يدها المرتجفة على خدّ الطفلة، فوجدته ساخنًا للغاية، حتى خشيت أن تحترق يدها من شدّة الحرارة.
“حتى هذا الصباح كانت بخير…
أكلت فطورها كاملًا أيضًا. كانت بصحّة جيّدة…”
“سيدتي فيليت…”
“ما الدواء الذي أعطيتموه لليليا؟”
“أعطيناها خافض حرارة متوفّر في الأسواق قبل ساعتين، وقلّلنا الجرعة إلى أقلّ من نصف جرعة البالغين.”
كان هذا دواء تعرفه رنايا، وعادةً ما يظهر تأثيره خلال ساعة، لكن ليليا لم تستجب له.
ازدادت مخاوفها فعضّت شفتيها.
وفي تلك اللحظة، وصل الطبيب الذي استدعته بيليندا.
دخل الغرفة فورًا، وفحص حالة الطفلة، ثمّ أعطاها بعض الأدوية.
انتظروا برهة ليروا تحسّنًا، لكن كما حدث مع خافض الحرارة العادي، لم تنخفض الحُمّى.
“إنه الوباء المنتشر مؤخرًا في العاصمة.”
“…وباء؟”
“هل زارت الطفلة مؤخرًا مكانًا مكتظًا أو بقيت طويلًا في البرد؟”
خطر ببالها أمران: حضور الحفل الذي أُقيم في العاصمة، وحبّ ليليا لصنع رجل الثلج يوميًا في ساحة القصر.
لم يخطر لها أبدًا أنّ هذا قد يؤثر على صحتها.
تنهد الطبيب وأردف بعد أن واصل فحصها:
“أخشى أن علاجها يفوق قدرتي.”
تسارعت نبضات قلب رنايا، وأعادت بسؤال متلعثم:
“…ماذا… ماذا تعني بذلك، سيدي الطبيب؟”
“إن لم تنفع الأدوية التي لدي، فلا يوجد حاليًا أيّ دواء أستطيع إعطاءه للطفلة.”
أضاف معتذرًا أنّه يفتقر إلى الوسائل اللازمة، ثم بدأ بجمع أدواته.
سألته رنايا بصوت خافت:
“…هل تعرف سبب عدم تأثير الأدوية عليها؟”
“يبدو أنّ لديها مناعة ضدّها. هل اعتادت على تناول دواء معيّن بانتظام؟”
مناعة؟
توقفت فجأة وهي تتذكرُ شيئًا.
كانت سيلين أيضًا لديها مقاومة لبعض الأعشاب الطبية.
ورد في الكتاب أنّها كانت تتناولها منذ صغرها بتشجيع من والدتها، ظنًّا أنّها مفيدة للصحة، إلى أن تبيّن لاحقًا أنّ الإفراط فيها يسبّب آثارًا جانبية ويخلق مناعةً تمنع العلاج.
شعرت بأنّ الدم في عروقها يبرد.
“على سبيل المثال، عشبة اللونايل.
القليل منها مفيد للجسم، لكن الإفراط يجعلها سُمًّا.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات