“لم أتوقع أبدًا أن يطمع ذلك العجوز القذر في ابنتي. سأتعامل معه كما يجب.”
كان صوته باردًا حدّ التجمد..
بما أنني تخلصت من الفيكونت ميلفيان بالفعل، فلم لا أستغل الفرصة وأكشف كل جرائم ماريبوسا أيضًا؟
لا، لا، لا يا جيزيل. تمالكي نفسك.
كاد قلبي يرقص فرحًا لأن هذه أول مرة يقف فيها أحد إلى جانبي.
لكن الأرضية لم تُمهَّد بعد. الصحف، الخدم، والنبلاء جميعهم في صفّ ماريبوسا. حتى لو اتهمتها، ستخرج بسهولة من المأزق.
حتى إن لم تكن علاقتها بالكونت فلوريت وثيقة، فلا بد أنه يشعر بالامتنان لها لإدارتها شؤون العائلة أثناء غيابه الطويل في البحر.
لكي تدفع ماريبوسا ثمن أفعالها، أحتاج إلى تمهيد المسرح أولًا.
لذا، لنركز الآن على التخلص من ذلك العجوز أولًا وأخذ نفس عميق..
“نعم، رجاءً اعتنِ بأمر الفيكونت ميلفيان كما ينبغي!”
ابتسمتُ وأنا أعبث بالعقد حول عنقي..
عندها، تمتم الكونت فلوريت، الذي التقط الموقف سريعًا، وهو ينظر إلى العقد.
“…آه، صحيح. عليّ أن أخبركِ، ذلك العقد في الواقع أداة سحرية للتنكر. إنه مزوَّد بسحر يسمح بتغيير المظهر. لا يوجد في الإمبراطورية أداة سحرية أخرى يمكنها تحقيق تنكر بهذه المثالية.”
“أوه، حقًا؟”
“نعم. ويُقال إن له وظيفة مخفية أيضًا.”
“وظيفة مخفية؟”
“نعم. كان الكونت سيهيرا دائمًا كذلك. كان يحب إخفاء مزايا سرية ممتعة في أدواته السحرية.”
إذن، هناك إمكانية لوجود قدرة إضافية غير تغيير المظهر..
داعبتُ العقد الذي وضعه لي الكونت فلوريت وأومأت برأسي.
لكن كان هناك شيء أزعجني.
‘آه… مجرد محاولة لاختباره استنزفت كميات هائلة من المانا.’
بما أنه إرث والدي، الذي كان ساحرًا أسطوريًا، فقد كان يستهلك كميات مخيفة من الطاقة السحرية.
لهثت قليلًا قبل أن أرفع رأسي مجددًا نحو الكونت فلوريت.
“شكرًا لك. لا بد أن يكون مفيدًا يومًا ما.”
“لديكِ مانا نقية للغاية، لذا يمكنكِ أن تصبحي أقوى إن تدربتِ بشكل صحيح. سيكون من الجيد لو التحقتِ بالأكاديمية، أو وجدتِ معلمًا، أو على الأقل استعنتِ بأدوات سحرية.”
لكن الأكاديميات، والمعلمين الجيدين، والجرعات، وحتى الأدوات السحرية المناسبة، جميعها باهظة الثمن بشكل لا يصدق..
‘إذا أردتُ تلقي التعليم على يد أفضل معلم، والتجوال من مكان لآخر لتدريبي الذاتي، وشراء الجرعات والأدوات السحرية بأعلى جودة، والانضمام إلى برج السحر لاكتساب النفوذ… فسيتطلب ذلك على الأقل 10 مليارات ليصبح المرء ساحرًا عاديًا، و100 مليار ليصبح ساحرًا أسطوريًا.’
في بعض الروايات الأخرى، يُمنح التدريب السحري مجانًا، لكن في هذه الإمبراطورية؟ مستحيل تمامًا.
عندها، قدم الكونت فلوريت عرضًا مغريًا.
“صحيح أنني تأخرت، لكنني سأجد لكِ معلمًا .”
كانت ملامحه توحي بأنه مستعد لمنحي فرصة حقيقية إن أبليت بلاءً حسنًا..
لحسن الحظ، ما زال لدي زجاجة جرعة سرقتها من المطعم.
“كيف هو معلمي؟ هل يمكنني مقابلته الآن؟”
***
“‘تشيه. ماذا يمكن أن تعرف شابة لم تدخل الأكاديمية قط؟’ هذا ما كنتُ تفكر فيه، صحيح؟”
السحرة المستقلون القادرون على تدريب الآخرين نادرون جدًا في هذا العالم.
وهذا الرجل، حسان، كان أحد هؤلاء السحرة المستقلين.
تجمد للحظة وهو يحدق في جيزيل..
“مستحيل، لا يمكن أنني قلت ذلك بصوت عالٍ!”
نظرت إليه جيزيل بتعالٍ.
“بالطبع هذا ما كنت تفكر فيه. حسنًا، اختبرني إذن.”
ما بها؟ هل هي عرافة أم ماذا؟
كان حسان قد فقد هيبته منذ البداية، فحكّ مؤخرة رأسه محرجًا قبل أن يقول:
“المبتدئون لن يتمكنوا من فعل ذلك. كما أن من لا يملكون مانا لن ينجحوا أيضًا. لكن لا بأس، فلنبدأ بتمرين التنفس السحري.”
“أوه، لقد فعلت ذلك.”
…ماذا؟ خلال ثانية واحدة فقط؟!
تجمد حسان، وحدق في جيزيل بوجه متجهم قبل أن يصاب بالدهشة..
رأى تدفق المانا ينبعث منها بوضوح.
‘ماذا…؟ هذه تقنية التنفس القياسية، لكنها تتقنها تمامًا؟’
لم يتمكن أبيسان، ابن عمّ جيزيل، من إتقان التنفس السحري بشكل صحيح حتى بعد سنوات من المحاولات..
لكن جيزيل كانت تتصرف وكأن الأمر بديهي، وكأنها قد تدربت عليه مسبقًا.
‘حسنًا، يبدو أن لديها مانا أكثر قليلًا مما كنت أسمع.’
ربما يكون مجرد حظ المبتدئين.
رمش حسان للحظة وهو يعبث داخل جيبه بحثًا عن أداة سحرية..
“في الواقع، كمية المانا التي يمكن للساحر تجميعها تُحدد بالفطرة، كما تعلمين.”
“نعم.”
“لكن هذا لا يعني أن التدريب لا فائدة منه. فكلما زاد عدد الدوائر السحرية التي تُنشئ بالقرب من قلب المانا، زادت قوة التعاويذ التي يمكنك استخدامها. عادةً، السحرة العظماء يصلون إلى عشر دوائر سحرية، مما يعني امتلاكهم كمية هائلة من المانا.”
“وماذا بعد؟”
“حسنًا، لن أتوقع منكِ الكثير. لن أرغب في أن يشكّل ذلك ضغطًا عليكِ.”
المانا هي طاقة غير مرئية تتدفق في الهواء، لكن قلة مختارة فقط تملك القدرة على استيعابها داخل أجسادهم.
وفي هذا العالم، كان يُطلق على تلك القدرة اسم قلب المانا، وهو المستودع الذي يحدد كمية المانا التي يمكن للفرد امتصاصها.
“بصراحة، لا أتوقع شيئًا مميزًا.”
أخرج حسان قطعة أثرية مربعة الشكل، ثم لامس طرفها بيد جيزيل وهو يقول بلا مبالاة:
“أقل من دائرة سحرية واحدة على الأرجح…”
لكنه لم يكمل حديثه، فقد اتسعت عيناه بصدمة.
‘نعم، صحيح، أقل من دائرة واحدة… ولكن، ما هذا؟! هذه الفتاة، لم تكن هكذا من قبل!’
كان قلب المانا الخاص بها هائلًا.
حتى السحرة الموهوبون نادرًا ما تجاوزوا الخمس دوائر، ولم يصل إلى العشر دوائر سوى قلة قليلة من العظماء..
لكن حجم قلب المانا الذي وُلدت به جيزيل كان يتجاوز بمراحل أي ساحر عادي من فئة الخمس دوائر.
‘لا، هذا مستحيل! هذه جيزيل؟! أليست ماريبوسا هي من كانت تقول دائمًا إنها بلا أي موهبة؟!’
قطب حسن جبينه وهو يحدق في جيزيل التي كانت تنظر إليه ببرود، وكأن الأمر لا يعنيها..
‘لا بد أنها استخدمت خدعة ما.’
بما أن الكونت فلوريت قد عاد، فمن المؤكد أنها تحاول لفت انتباهه بهذه الخدعة المبتذلة.
تمتم حسان ببرود:
“انتهى الدرس لهذا اليوم. يجب أن أرفع تقريرًا فورًا.”
***
“كيف جرى الأمر؟”
“لا شيء أستطيع تعليمه لها.”
أومأ الكونت فلوريت برأسه برضا، كما لو كان والدًا فخورًا بابنته..
لطالما اعتاد على رؤية درجات أبيسان المتدنية، لكنه الآن يملك ابنة ذكية وموهوبة.
‘إذن، هذا ما كانت جيزيل تتحدث عنه حين قالت إن أمرًا مدهشًا سيحدث؟ هل قصدت استيقاظ قدراتها السحرية؟’
تذكر كلماتها الأخيرة، فارتسمت على شفتيه ابتسامة خفيفة.
“كونت فلوريت.”
“نعم؟”
“لابد أن الشائعات عني كانت تصفني بالفتاة الخجولة الضعيفة، أليس كذلك؟ ربما.”
“وماذا عن ذلك؟”
“لكنني لم أعد كما كنت. سأجعلك ترى ذلك بنفسك… عبر حدثٍ ضخم سيذهلك تمامًا!”
حين تذكر كلماتها تلك، شعر بأنها قد تغيرت تمامًا عن الماضي..
كان يشعر بالرضا، لكن حسان قاطع أفكاره وهو يتمتم بعبوس:
“أعتقد أنها استخدمت خدعة ما.”
“إذن، ما تقوله هو أن ابنتي أدت أداءً مذهلًا؟”
ارتسمت على شفتي الكونت فلوريت ابتسامة خفية..
“هذا مستحيل! جيزيل لم تلتحق بأي أكاديمية، بل كانت مشهورة في المجتمع الراقي بعدم امتلاكها للمانا من الأساس!”
حسن كان يقلل من شأن جيزيل، كما لو كان ذلك أمرًا طبيعيًا تمامًا.
حتى وهو يرى تعابير الكونت فلوريت تتغير شيئًا فشيئًا، لم يستطع التوقف عن التذمر..
“أعتقد أنه علينا مراقبتها عن كثب. هناك احتمال أنها تستخدم السحر المحرم.”
ما إن سمع الكونت فلوريت تلك الجملة، حتى شعر بشيء غريب يبعث على النفور.
حدق في حسان للحظة، ثم قال بنبرة هادئة لكنها تحمل تهديدًا خفيًا:
“السحر المحرم، تقول؟”
“ن-نعم! تمامًا!”
“حسنًا، إذن أنت مطرود.”
التعليقات لهذا الفصل " 9"