“كنت أريد فقط أن أقترب من السيدة جيزيل! لكن ها أنت تنظرين إليّ بتلك النظرة الغاضبة….”
“……”
“آه، هذا مؤلم للغاية!”
وسقطت دموعها، كبيرة وثقيلة، واحدة تلو الأخرى.
بدا الأمر وكأنها قد تمرّنت عليه مسبقًا.
لكنني لم أكن أملك حتى القدرة على السخرية منها أو الردّ عليها.
نهضت من مكاني بسرعة.
“أأنت راحلة حقًا؟”
“.. .تنحّي جانبًا.”
لم أستطع تحمّل الموقف، فشعرت بالغثيان، وغادرت دون أن أنتظر.
***
“أوه… أُووه!”
ما إن دخلت غرفة البودوار داخل غرفة نومي، حتى انحنيت وبدأت أتقيأ.
(غرفة البودوار (Boudoir) هي غرفة خاصة بالنساء، كانت شائعة في البيوت الأوروبية الراقية قديماً، خاصة في القرنين 18 و19.
وظيفتها الأساسية: هي مساحة شخصية تستخدمها السيدة للجلوس، الاسترخاء، القراءة، وضع مساحيق التجميل، أو استقبال الضيفات المقربات. تكون عادةً متصلة بغرفة النوم أو قريبة منها.)
جسدي كله ارتجف كما لو كنت في نوبة برد.
رغم أن ذلك كلّه من الماضي، إلا أن الصوت لا يزال حيًّا في ذاكرتي.
“تحبين فطائر الزنجبيل، صحيح؟ خذي واحدة أخرى، آنسة جيزيل.”
أجل.
في البداية، كنت أظن أنه يهتم بي ويمنحني طعامًا لذيذًا. يا لي من ساذجة.
لكن الحقيقة كانت شيئًا آخر…
“يجب أن تأكلي عشرًا منها على الأقل.”
“ل-لا أستطيع… أكل المزيد…”
…في الواقع، كان ذلك تنمّرًا.
تنمّرًا وحشيًا، قاده دوق ليشانييل، أحد أبطال الماضي.
“جيزل، أليس هذا تعبيرًا عن محبتي لكِ؟ هذه فطائر الزنجبيل كانت طعامًا بسيطًا اعتادت القديسة مارتيا تناوله في فترات الزهد. إنها يحمل البركة…”
“كما توقّعت، فتاة وضيعة لا تقدر حتى على أكل فطيرة.”
أجبروني على أكلها، وهم يهزأون بي، ويدفعونها في فمي، ثم يضحكون حين أتقيأ في النهاية.
بسبب هذا الكابوس، لم ألاحظ إلا لاحقًا حقيقة مخيفة.
الوحيدون الذين يعرفون أنني أكره فطائر الزنجبيل كانوا أنا، ودوق ليشانييل، وعددًا قليلًا من الخدم من بيت “القوة المقدسة”.
( اذا تذكرون انذكر سابقا أن دوقية ليشانييل هو بيت القوة المقدسة)
‘فكيف عرفت فاي بالأمر؟ كيف علمت أنني أكره فطائر الزنجبيل تحديدًا؟’
فهي ليست حلوى منتشرة يسهل العثور عليها.
“يا للضحك. هل رأيت وجه تلك المرأة وهي تتقيأ؟”
تذكرت أولئك الذين كانوا يراقبونني من داخل قصر ليشانييل، وهم يحشون فمي بفطائر لا تُعدّ.
ما زلت أذكر ملامح الشياطين وهم يضحكون بصوت خافت كلما تقيأت.
لم تكن سوى ذكرى دفنتها وعادت للسطح، لكنها سببت لي ألماً حارقاً وكأنني أعاني من حساسية في كامل جسدي.
تمدّدت على السرير ولففت نفسي بالبطانية.
‘اللعنة، أشعر أن جسدي يؤلمني وكأنني مليئة بالإبر.’
كان بصري يخفت ويعود وكأنني على وشك الإغماء.
أغمضت عيني وأنا مستلقية دون أي تفكير.
***
في المكان الذي هربت منه جيزيل، تبادل الحضور من الخدم نظرات الحيرة.
“ما الذي حدث برأيكم؟”
“يبدو أن السيدة الصغيرة لا تحب فطيرة الزنجبيل كثيراً.”
“لكن طعمها لذيذ. سيكون من الجيد توزيعها على الخدم والباقين أيضاً.”
قالت فاي وهي تتظاهر بالحزن:
“أنا قلقة حقاً على جيزيل!”
لكن في داخلها، كانت تضحك بفرح.
بعد ذلك، قامت بتوزيع فطائر الزنجبيل على الجميع في القصر وهي تبتسم بسعادة.
“آه، الجميع يأكلها بشهية. فاي سعيدة جداً!”
“هذا جيد.”
“كنت أود أن أقدّمها للسيدة جيزيل قبل الجميع، لكنها لم تكن تشتهي الطعام، فلم تأكلها.…”
“هاه؟ السيدة جيزيل؟”
“نعم. أحم، أحم. يعني… سرٌ صغير؟ لقد تخلّت عنها، الفطيرة…”
حين رأت فاي الخدم يتبادلون النظرات، رسمت ابتسامة متكلّفة وهي تحاول أن تظل مشرقة.
“أنا لست حزينة أبداً!”
دارت بعينيها وابتسمت بتصنع.
“حقاً! فقط… أشعر بالألم لأن السيدة جيزيل ربما تسيء فهم نيّتي.”
“أوه، هل هذا ما كنتِ تقصدينه؟”
“أجل، أردت فقط أن أكون قريبة منها، وأتمنى أن تفهم ذلك يوماً ما. مممم…”
أدارت وجهها لتخفي عينيها وكأنها تبكي، لكنها كانت تبتسم بخفة تحت يدها التي غطّت فمها.
***
شعر دوق كالينوس بوجود توتر غريب في القصر، وذلك في فترة ما بعد الظهيرة من ذلك اليوم.
كان قد عاد لتوّه من اجتماع كبار النبلاء في القصر الإمبراطوري.
“أين جيزيل؟”
“آه، إنها… في غرفة نومها، سيدي.”
تردّد المساعد في الكلام، مما أثار استغراب الدوق.
وما إن رمقه بنظرة سريعة، حتى بدأ المساعد يروي ما حدث.
“حسناً، السيدة فاي قدّمت طعاماً للسيدة. لكنها ما إن نظرت إلى الطعام، حتى بدا وكأنها تشعر بالغثيان.”
“تلك المرأة حاولت تسميمها، إذاً.”
“في الحقيقة، تذوّقت الفطيرة بنفسي….”
قال المساعد وهو يدير عينيه:
“كانت مجرد فطيرة زنجبيل لذيذة. أظن أن السيدة كانت فقط مستاءة….”
“ربما لديك مناعة ضد السموم.”
من أين تأتي هذه الثقة العمياء؟ لا أحد يعلم.
لكن كل ما استطاع المساعد فعله هو التحديق في ظهر دوق كالينوس، الذي بدأ يمشي بخطى أسرع.
عندما فتح باب غرفة النوم، رأى بطانية منتفخة فوق السرير.
يبدو أن جيزيل كانت تختبئ تحتها.
‘هل تبكي؟’
اقترب منها بسرعة، ثم ناداها:
“جيزيل.”
“آه…”
فتحت جيزيل البطانية قليلاً وتوقفت، لكنه لم يضغط عليها، بل قال:
“سأتخلّص من كل فطائر الزنجبيل في القصر.”
“….”
“ولن يُحضَر لك زنجبيل أو فطائر بعد الآن.”
همست جيزيل من تحت البطانية بصوت مختنق:
“لكن، كيف سنطبخ بدون زنجبيل؟ و السيد نيسلان يحب الفطائر…”
“لا مفر من ذلك.”
أنزلت البطانية إلى ما تحت عينيها وضحكت بخفوت:
“كما هو متوقع من رئيس العمل الأفضل… أنا بخير، حقاً.”
اقترب منها ببطء.
وحين التقت عيناه بعينيها، رأى الاحمرار حول جفونها.
‘هل كانت تبكي؟’
شعر ببرودة تسري في جسده من الرأس حتى أطراف الأصابع.
كان يعلم جيداً اسم هذا الشعور الغريب.
كان غضباً بارداً.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 84"