الفصل 75
نهضت فجأة من مكاني.
وعندما نظرت حولي مجددًا، لم أرَ سوى جدران بيضاء بالكامل.
“اللعنة، هذه مجرد هلوسة!”
لوّحت بيدي بعنف وحدّقت في كوكو، الذي استدعاني إلى هذا الوهم.
بما أن المانا كانت تنخفض في الوقت الحقيقي، بدا أن كوكو قد صنع هذا الوهم باستخدام ماناي.
“هاي، كوكو. تكلم. لماذا صنعت هذا الوهم؟ إن لم يكن أمرًا مهمًا، سيكون العشاء تنينا مقليا اليوم.”
“كو! (تنين مقلي؟ يا قاسية القلب!)”
“إذن، قل لي بسرعة ما الأمر، ودعني أخرج من هنا.”
هبطت أجنحة كوكو ببطء إلى الأسفل، وظهر طائر أبيض من بينهما.
“أوه؟ أليس هذا هو حامي عائلة سيلينتشيوم؟”
كان يشبه تمامًا الطائر الذي رأيته عند ذلك الباب. مدّ الطائر جناحيه كأنهما ذراعان وانحنى أمامي.
“كووو! (انهضي، أيتها الحاكمة العظيمة للكائنات الوهمية!)”
“ما العظيم وما هذا الهراء، ما الذي يجري؟”
“كرو! (إنهم ينوون استغلال ريويس إلى الأبد!)”
(الي يقول كرو هو طائر العيلة ذي والي يقول كو هو التنين كوكو)
رغم أنني تجاهلت كل الكلمات الغريبة، إلا أنني فتحت عينيّ على مصراعيهما عند سماع اسم ريويس.
“لماذا؟”
“كرووو. (لأنهم يظنون أن وفاة السيدة إليسا، ابنة المركيز، كانت بسبب دوقية كالينوس.)”
“حقًا؟ هل هم من قتلوها؟”
“كرو! (بالطبع لا! كيف يمكنكِ أن تشك هكذا!)”
حسنًا، لأنهم عائلة شريرة مريبة بكل وضوح.
بعد أن وبّختني تلك السولسي قليلًا، بدأت أستمع للكلام التالي.
قيل لي إن لسولسي قدرة على التأثير في عقل الإنسان، وإن عائلة سيلينتشيوم استخدمت هذه القدرة في غسل الأدمغة.
خاصة ريويس وكل من حوله، تم استخدام سولسي لغسل أدمغتهم بحسب أهوائهم. يعذبون طفلًا بريئًا بدافع الغضب على موت ابنتهم!
لم أستطع تمالك نفسي وعلّقت قائلة:
“ماذا؟ هل يعتقدون أن إليسا كانت ستريد ذلك؟ تفكير لا يُعقل.”
“كروو. (بالضبط! يا مالكة!)”
إذا كنت تحب ابنتك، من الطبيعي أن تحب حفيدك أيضًا.
“الأمر بسيط. موت ابنتهم أغضبهم، لكنهم لا يستطيعون مهاجمة عائلة الدوق مباشرة.”
“……”
“فبدأ غضبهم يتحوّل إلى سلوك غير سوي، وحين بدأت عائلة كالينوس في إظهار الضعف…. “
“كروو. (هل أنتِ عبقرية؟)”
“شعروا بالمتعة، وربما شعروا أنهم قادرون على التحكم بعائلة كالينوس، فتولدت فيهم رغبة أنانية.”
قررت إنهاء الأمر ببساطة.
“لهذا السبب يجب ألا يحمل الإنسان الحقد. من يفرغ غضبه على طفل بريء ليس شخصًا سويًا.”
تمتمت وأنا أعبث بجناح سولسي المتسخ.
“لكن، هل جئت لتقديم شكوى؟”
“كروو. (هذه المرة أيضًا، أولئك الأوغاد حاولوا استخدام قوتي لغسل أدمغة ريويس، وجيزيل، حتى أنتِ.)”
“إذًا لا تمنحهم القوة.”
“كرو. (لا يمكن. أنا مقيد بعقد مع هذه العائلة. كان رب عائلة سيلينتشيوم السابق يملك قدرة ‘التحكم بالكائنات الوهمية’. ورغم موته، لا تزال قوته متبقية في هذا القصر، وقد خضعت لسيطرته لسنين طويلة.…)”
“كوكو! (لكن يا جيزيل، أنتِ أيضًا تملكين قدرة السيطرة! لذا سيطري على هذا الطائر، وسيطري على القصر كله!)”
تجاهلت خطة كوكو الكبرى، وقلت:
“بما أنك ساعدتهم، فلا بد أنك تعرف مكان المستندات التي تحتوي على فضائحهم، أليس كذلك؟”
“كروو! (بالتأكيد! إنها مكدّسة في تلك الغرفة التي لا يدخلها سوى أبناء العائلة!)”
لإسقاط حضانة الأطفال قانونيًا، نحتاج إلى وثائق.
أومأت برأسي.
“حسنًا، ممتاز. سنسرق تلك الوثائق وسأحررك. لكن، كيف أحررك بالضبط؟”
إذا حررت سولسي الذي كان يخفي أسرار العائلة، فستنفضح كل فضائح عائلة سيلينتشيوم، وسينهارون.
على أي حال، كنت أخطط لإحداث فوضى، لذا لم يكن هذا مسارًا سيئًا لي.
“كروو. (بما أنكِ أقوى من رب العائلة السابق، إن تغلبت على طاقته المتبقية، فسأتحرر تلقائيًا!)”
“همم؟ وماذا عليّ أن أفعل بالضبط؟”
أخذ سولسي يرفرف بجناحيه بسرعة وهو يصرخ:
“كرووووو! (الآن! المركيز يحاول غسيل دماغ ريويس مجددًا! أرجوك تعالي فورًا!)”
يا رجل، لكن ماذا عليّ أن أفعل بالضبط؟!
وبينما اختفى صوت الطائر، تسلّل إلى أذني صوت دوق كالينوس العميق.
“……جيل، جيزيل!”
“نعم؟ سموّ الدوق؟”
كنت في حالة ارتباك عندما رفعت جسدي فجأة، فقال الدوق بصوت بارد وكأن ملامحه تحجّرت:
“ريويس اختفى. فجأة.”
“آه.”
“كما لو أن شخصًا ما قد استخدم سحرًا غريبًا.”
وعندما سمعت كلماته، نهضت فورًا.
وضعت يدي على صدري، وشعرت بالمانا تفيض من قلب المانا.
“أعتقد أنني أعرف مكانه. لنذهب لإنقاذه، حالًا!”
***
حدّقتُ في الباب المنحوت عليه الطائر، وأطلقتُ ضحكة ساخرة.
“لاهانا سيلينتشيوم. في هذا الليل المتأخر، لماذا تقفين أمام هذا الباب؟”
“……وماذا عنكِ، سيدتي؟”
عندما اقتربتُ من الباب المغلق، اقتربت مني لاهانا مهددة.
“لماذا خرجتِ في هذا الوقت من الليل؟”
“أودّ أن أطرح عليكِ السؤال ذاته، تمامًا كما هو.”
“……أنا لديّ عمل هنا. أما أنتِ، فلا يمكنكِ حتى فتح الباب. لذا سأعود إلى غرفتي.”
عندها، قال دوق كالينوس الذي كان واقفًا خلفي بهدوءٍ كظلّ، بصوتٍ حاد:
“أين ريويس؟”
“لا أعلم. أنتم من أخذتموه، أليس كذلك؟”
رفع دوق كالينوس الخنجر المعلّق عند خصره ونظر إلى لاهانا.
“لا، أنتِ تعلمين. من الأفضل أن تتكلمي بصدق.”
“دوق كالينوس، تمالك نفسك. سواء كانت تعرف أو لا، فهي من النوع الذي لن يبوح بشيء.”
حدّقتُ فيها وهي تتصلب كالغصن اليابس، وابتسمتُ بخفة.
“تعلمين، دائمًا ما كنتُ أتساءل، لماذا حين يمتلك الناس السلطة، يتعمّدون بناء المشاهد الطويلة عندما يضطهدون من هم أدنى وأرذل منهم؟”
“……ماذا تقصدين؟”
كنتُ أتساءل دومًا.
أعني، حقًا، أليس هذا غباءً مطبقًا؟
“يمكنهم فقط أن يحطّموا كل شيء مباشرة، أليس كذلك؟”
نظرتُ إلى زوجة مركيز سيلينتشيوم التي ظهرت خلف ظهر لاهانا، وابتسمتُ ابتسامة مشرقة.
“هناك إشاعة سيئة عني. تقول إنني مجنونة أو ما شابه.”
في لحظة، ارتسم التوتر على وجهي المرأتين. أخرجتُ شيئًا كنتُ قد أعددته مسبقًا، وابتسمت.
“في الحقيقة، أنا مجنونة فعلًا.”
هناك سبب وجيه لكوني كنت هادئة طوال الوقت، هذا ما أعنيه.
“هذا الباب لا يُفتح، وذاك يجعل جيزيل منزعجة جدًا. لذلك، قررت أن أفجّره.”
“لا، سيدتي!”
“صحيح، كما قد تكونون خمّنتم، هذا زرّ قنبلة.”
ابتسمت وأنا أمسك الأداة السحرية بيدي.
“د-دوق كالينوس! أرجوك، امنعها!”
يبدو أنهم قرروا الآن الالتصاق بدوق كالينوس المرعب بدلًا من التعامل معي، التي لم أعد أفهم الكلام.
لكن، هل كان ذلك هو الخيار الصائب؟
“ولماذا أفعل؟”
“ماذا؟”
“إذا أرادت السيدة تفجير المكان، فعليها أن تفجّره.”
قال دوق كالينوس ببرود وهو يخرج نظارته الأحادية من جيب منديله الداخلي.
“أحضرتها كي أتمكّن من رؤية المشهد بوضوح أكثر.”
لاهانا أخذت تتراجع وهي تنظر إليّ وإلى دوق كالينوس بالتناوب.
“ه-هذا ليس طبيعيًا. أنتُم مجانين!”
“ربما قليلًا.”
“أ-أمي! اه، اهربي!”
بينما كانت لاهانا تهرب راكضة، ابتسمت وضغطت الزر.
“كوكو! (النار تشتعل!)”
في تلك اللحظة، حلق ذلك التنين الصغير اللعين واللطيف، الذي امتص كل ماناي، نحو السماء.
وانفجر الباب المنقوش عليه الطائر الأبيض بانفجار مدوٍ.
وفي الوقت ذاته، بدأ قصر سيلينتشيوم يحترق بالكامل، من الداخل والخارج.
التعليقات لهذا الفصل " 75"