المرأة التي ظهرت بطريقة غامضة، كوردليا إنفيرنا، كانت تحدق بي بنظرة يائسة.
‘بالأمس كانت تنظر إليّ وكأنها ستقتلني.’
لكنها الآن، بوجه بدا أنحف بكثير من الأمس، نظرت إلي بعزم وقالت:
“الوقاحة التي بدرت مني حين حاولت تقبيل يدك بالأمس، كانت…. حسناً، لأجل التأكد من شيء ما.”
“التأكد؟”
حين بدوت متشككة، قالت بحزم:
“أعتقد، سيدتي الدوقة، أن لديكِ قدرة خاصة جداً على التحكم في الكائنات الوهمية!”
… فجأة هكذا؟ وفي هذا المكان؟
“في الحقيقة، لقد استخدمتُ سحر الوهم على الناس البارحة، لأخفي أنني لم أكن بخير. سحر الوهم الذي أستخدمه دقيق جداً، لا يكتشفه أحد. إلا إذا كان الساحر أعلى مني.”
… لحظة، إذاً…
“لكنّكِ، اكتشفتِ ذلك.”
قالت ذلك وهي تُخرج بيضة من جيبها وتهمس:
“هل تودين تجربة التعامل مع هذا التنين؟”
كانت البيضة بحجم بيضة نعام، وبشكل غريب كانت القدم فقط بارزة من خارجها.
‘كيف أدخلت تلك البيضة في جيبها أصلاً؟’
قطبتُ جبيني وحدّقت في القدم التي خرجت من البيضة. نعم، فقط حدّقت.
لكن فجأة، انكمشت القدم.
“كوو…”
“يا للعجب!”
حدّقت كوردليا بي وبالقدم بالتناوب وعيناها متسعتان.
“لقد سيطرتِ عليه بنظرة واحدة، أليس كذلك؟ صحيح؟”
“لا أعتقد أنها سيطرة… أظنّها مجرد مصادفة وانكمشت أصابع القدم لا أكثر.”
لكنها لم تكن تنوي الاستماع إلي. أمسكت بيدي بإحكام وبنظرة يائسة قالت:
“هذا يعني أنكِ تملكين قدرة على السيطرة على الكائنات الوهمية!”
“… سيطرة؟”
“لأشرح لكِ بدقة، سحر الوهم الذي أستخدمه مرتبط بقدرتي الأساسية، وهي ‘التوافق مع الكائنات الوهمية’. وهناك ثلاث درجات من القدرة على التعامل مع هذه الكائنات. والأعلى بينها هي القدرة على السيطرة عليها.”
‘ولماذا أمتلك هذه القدرة أصلاً؟ من أنا بالضبط؟’
كنت أحدق قليلاً وأنا أحاول فهم الوضع، ثم وضعت كوردليا يدها على جبينها وهي تلهث قليلاً.
“… كنت أتساءل من قبل، هل تعانين من نقص في المانا؟”
“نعم، للأسف.”
هزَزت رأسي بتعاطف بعد ردها السريع.
آه، لا عجب في سلوكها بالأمس… كان مألوفاً.
‘أعراض نقص المانا التقليدية.’
على الأرجح بدا لي مألوفاً لأنني مررتُ بنفس الأعراض من قبل بسبب ذاك الغبي “دوق ليشانييل”.
لكن كوردليا كانت تنظر إلي بعينين مليئتين بالحماس. عيناها بدتا كأنها….
‘هذه النظرة… كأن طالبة جامعية تحدق في أستاذها بإعجاب.’
فهمتُ أن لدي قدرة على شفاء مركيز بيرتو. ولنفترض أن لديّ أيضاً قدرة على السيطرة.
‘لكن يبدو أنني أمتلك قدرات غامضة مخفية بشكل مريب.’
قدرة على الشفاء… والآن قدرة على السيطرة على الكائنات الوهمية؟
‘من أكون على وجه الأرض؟ ما أنا؟!’
كوردليا، التي لا تعرف شيئاً عما يدور في رأسي، أمسكت بيدي من جديد وهمست بيأس:
“أرجوكِ، أخبريني بما يقوله هذا التنين! أنتِ تفهمين، صحيح؟”
“لا.”
كان هناك شيء كأنّه همهمة يصدر من داخل البيضة.
لكن الآن بعد أن أُغلقت القشرة، لم أعد أستطيع تمييز الكلمات بوضوح.
“أنا لا أفهم شيئاً، لكن أصحاب القدرة على السيطرة مثلِكِ بالتأكيد يمكنهم الفهم!”
“مممم…”
“تفضلي!”
أخذت البيضة وقرّبتها من أذني.
“كووو…”
بمجرد أن سمعت الصوت، مسحت وجهي بإحباط.
حسناً، نعم، أنا أفهم فعلاً ما يقوله.
“الحقيقة هي…”
“نعم؟”
“لست متأكدة إن كانت لديّ قدرة السيطرة فعلاً، لكن على الأقل أفهم ما يقوله.”
توسّعت عينا كوردليا وقد امتلأتا بالحماس.
‘أنا لا أفهم لماذا تظهر هذه القدرات العجيبة عندي واحدة تلو الأخرى.’
قالت كوردليا بعينين تلمعان:
“حقاً؟ إذاً، ماذا يقول التنين؟ هل يحتاج إلى شيء؟”
…. لم أكن أعرف كيف أقولها، لكنني همستُ بهدوء:
“يريد إشعال النار.”
“كوو! (ليحترق العالم!)”
“يقول إنه يريد التدخل في كل شيء.”
“كوو! (سأُظهر قدراتي للعالم بأسره!)”
حين اتسعت عينا كوردليا بالدهشة…
تك―
“آه، البيضة!”
“هل تفقس؟”
مثلما ينشق البحر الأحمر، انشقت قشرة البيضة إلى نصفين.
وخرج منها التنين الصغير، بهدوء، وفتح فمه ليُطلق شعلة صغيرة.
بينما كنت أحدق فيه وهو ينفث لهباً صغيراً، أمسكت رأسي.
آه، ضغطي يرتفع.
#الفصل الخامس عشر: ترويض التنين
‘هذا التنين اللعين….’
لم أُسمّه بشيء معين حين أصبح مسؤوليتي فجأة.
وببساطة، لأنه يطلق صوت كوكو ناديتُه بهذا الاسم.
وكان كوكو يرفرف بجناحيه داخل جيبي بحماس، وحاول إطلاق النار مجدداً.
“كوكو، توقف.”
“كوو.”
“قلت لك، لو أحرقت بيتنا، سأطردك، أليس كذلك؟”
جناحاه تدليا حزينَين للأسفل.
أسندتُ ذقني على يدي، وأنا أُربّت عليه، واستعدتُ الحوار مع كوردليا في رأسي.
“التنين يجيد القيام بالكثير من الأشياء. بشرط أن يكون لدى من يرتبط به قدر كافٍ من المانا. سيصبح مفيدا بالتأكيد!”
“ثم ماذا….؟”
“في الحقيقة، مجرد التعامل مع تنين عظيم يُعدّ أمرًا يبعث على الفخر والحسد من الجميع.”
“…نعم، ثم ماذا؟”
“كلما فكرت في الأمر، كلما ازددت قناعة بأنني لا يمكنني الاحتفاظ بالتنين، وأنا حتى لا أفهم لغته العظيمة.”
“لا، انتظري.”
“سأتركه هنا وسأزوركما من حين إلى آخر!”
أن تتخلص من هذا الكائن المشكل، الذي يأخذ موضوع إشعال الحرائق على محمل الجد، بهذه البساطة؟!
وفوق ذلك، فإن هذا الكائن يمتص المانا وكأنه مدمن!
منذ اللحظة التي تلاقت فيها أعيننا، بدأ الأمر….
“كوكو. (نحن مرتبطان بالقلب! ولهذا السبب، استطعت الاستيقاظ من البيضة والتحرك باستخدام ماناك!)”
“أنا لا أريد أن أكون مرتبطة بك. كيف أقطع هذا الاتصال؟”
“كوكو. (لا! أنا تنين سأكون عونًا كبيرًا في المستقبل!)”
“لكن في الوقت الحالي، أنت لا تفيد في شيء.”
كنت أحدّق فيه وأنا أعيش على الجرعات السحرية.
لكنه بادلني النظرة بعينين تلمعان وقال:
“كو! (سأحقق لكِ أحلامك!)”
قد لا يبدو موثوقًا به كثيرًا، لكن لم أستطع التخلي عنه فعليًا.
…فقد قطعت وعدًا مع كوردليا بأن أعتني بالتنين.
“سأحاول أن أكون في العون حين تدعو الحاجة.”
كسبتُ مخلوقًا خياليًا، وصادقت عائلة إنفيرنا أيضًا.
وإن كنت الآن، بينما يُستنزف ماناي، أتساءل إن كان هذا فعلًا صفقة رابحة.
‘حسنًا، سنرى مع الوقت.’
تذكرت الخاتم الروبي الأحمر الفاقع الذي سلمته لكوردليا كرمز للاتفاق، وأسندت رأسي إلى يدي.
“أنا فقط أعتني بك بشكل مؤقت.”
“كو؟ (لماذا؟)”
“إذا نجحت كوردليا في تنفيذ ما طلبته منها، سأستمر في رعايتك. وإن لم تفعل، فسأطردك بلا تردد.”
ولحسن الحظ، بما أنني أصبحت قريبة من كوردليا، وجدت حلاً لأمر لطالما حيّرني بشأن كيفية التعامل معه.
لكن، هل يا ترى ستقوم كوردليا بعملها على أكمل وجه؟
***
بعد بضعة أيام.
كان الجو في “موتو”، أشهر تجمع اجتماعي تقوده الآنسة شيربل، مشحونًا بالحماسة.
فالسيدة كوردليا، ابنة دوق إنفيرنا، أعلنت حضورها لهذا التجمع.
“يا له من شرف عظيم أن تزورنا السيدة كوردليا بنفسها!”
الموضة الأساسية لهذا الموسم في مجتمع النخبة، والتي تتبناها “موتو”، كانت اللون الأخضر.
كانت السيدات يرتدين فساتين خضراء زاهية، هدية من الآنسة شيربل، وقد اتخذن أماكنهن في الغرفة الخاصة بمقهى راقٍ.
“من الجميل أن نجتمع جميعًا مجددًا. سعدت برؤيتكن، جميعًا.”
“آنسة شيربل، سررنا برؤيتك أيضًا.”
إحدى سيدات “موتو” التفتت فجأة وقالت بنبرة متفاجئة:
“لكن، أليس هذا غريبًا بعض الشيء؟”
“ماذا تقصدين؟”
“السيدة كوردليا، لمَ أصرت على أن نلتقي في هذا المقهى تحديدًا؟”
“هذا صحيح. إنه تابع لعائلة كالينوس. والكثيرون توقفوا عن ارتياده مؤخرًا….”
ردّت الآنسة شيربل بحزم على أحاديث السيدات:
“على أية حال، المهم الآن هو اللقاء بين السيدة إنفيرنا و’موتو’. فلننتبه لأقوالنا وتصرفاتنا.”
في الحقيقة، كانت الآنسة شيربل هي الأخرى تشعر بشيء من التوجس.
فهذا المقهى، الذي اقترحت كوردليا اللقاء فيه، مملوك لعائلة كالينوس.
لكنها قبلت الدعوة، مقتنعة بأنها تضحي بالقليل لتحصل على الكثير، من أجل نهضة صبغة “سيلستين الخضراء”، أعظم ابتكارات المركيز بيرتو.
لكن بينما كانت إحدى السيدات تطل من الطابق الثاني نحو النافذة، شحب وجهها فجأة.
“أليست تلك السيدة كوردليا؟”
كانت آنسة ذات حضور قوي، تفرض نفسها حتى من بعيد.
وما إن اقتربت من الغرفة الخاصة، حتى شحب وجه السيدات أكثر.
“إنها هي… السيدة كوردليا بالفعل، أليس كذلك؟”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 67"