الفصل 61
“هل كانت حفلة المجتمع ممتعة؟”
“أمم، لا؟ لم تكن ممتعة لأن الجميع يكرهون جيزيل!”
لا زال هناك الكثير من السيدات اللواتي ينظرن إليَّ وكأنهن يقلن: “ما الذي تفعله تلك الغبية على تلك الطاولة؟”
“ماذا قلتِ؟”
تلاقت نظرات عائلتي كالينوس وفلوريت عليّ في اللحظة ذاتها. فهززت كتفي وأجبت.
“جيزيل حزينة جداً جداً!”
في تلك اللحظة، أخرج الكونت فلوريت منديلاً لا أعرف من أين جاء، وربت به على زاوية عينه.
“حقاً، هؤلاء الأوغاد….”
كنت أتوقع منه ردة الفعل تلك.
بدلاً من تهدئته، تركت بصري معلّقاً في الهواء.
يكفي أن ترى عائلة زوجي الأمور بشكل مختلف.
“أن تقبل بعروس سيئة السمعة مثل هذه، لا يُصدق فعلاً.”
استمرّت الهمسات من حولي وكأنها تزداد حدة.
“هاه، إنها مثل زهرة ذابلة.”
“كأنها نار خافتة لا تستطيع فعل شيء بمفردها.”
ربما ظنت السيدات أن حديثهن لا يصل إلينا، لكننا نحن الأربعة نسمع كل شيء.
فجميعنا نملك سمعاً وبصراً يفوقان البشر العاديين.
كان أول من تغيرت ملامحه هو نيسلان، وقد امتلأ وجهه بالدهشة والاستفهام.
وبينما استوعب الموقف، تمتم وهو ينظر إلى طاولة السيدات.
“ما هذا… كيف يجرؤون…”
كانت ملامحه منزعجة بشدة.
لكنّه رجل يعرف الفروسية جيداً. لم يبدو عليه أنه ينوي معاقبة أولئك اللواتي تحدثن.
“تظنونني كنّة سيئة لا تستطيع حتى التحكم في الشائعات، صحيح؟ هممم، جيزيل تتفهم.”
“لا يمكن أن يكون هذا صحيحاً.”
لاحظت دمعة صغيرة تتشكل في طرف عينه، فأصابني الارتباك.
“بينما كنت أعيش في عزلة خمسة أعوام، تحولت الدنيا إلى فوضى… يبدو أن عليّ مقابلة جلالة الإمبراطور.”
“…عفواً؟”
“لم يكن الوقت مناسباً للثرثرة عن رغبتي في الموت…”
ابتسم بمرارة، ثم مسح بنظراته الحادة طاولة السيدات.
أما الأخريات اللواتي لم يسمعن جيداً ما قاله نيسلان، فقد رمشن بعينهن في حيرة.
…وكذلك أنا.
“لقد تورّطن. تورّطن بشكل خطير.”
سارعت بالنظر إلى يوليانا طلباً للسلام الداخلي بدلاً من التحديق في نيسلان.
لكن يوليانا لم تبدِ أي تغير في تعابيرها. وبدلاً من ذلك، استدعت الخادمة التي كانت تقف بجانبها.
“السيدات اللواتي يتحدثن دون تفكير… يجب أن يتلقين إنذاراً.”
أنا ممتنة لأنها ستلقنهن درساً بدلاً عني، لكن الأمر بات مبالغاً فيه.
يوليانا حقاً تحبني.
‘في عالم كهذا، أصبحت ‘الكنّة السيئة’ محبوبة من الجميع. أي منطق هذا؟’
ضحكات السيدات اللواتي لا يعرفن أن حياتهن في المجتمع قد انتهت بسبب همسة صغيرة، ترددت في الهواء بشكل أجوف.
“المعذرة يا صاحب العمل…”
نظرت إلى دوق كالينوس بحذر.
وبالصدفة، كان الكونت فلوريت ينظر إليه في نفس اللحظة وقال:
“دوق كالينوس، ما الذي تفعله؟”
“وماذا فعلت أنا؟”
“حضرتك تضغط على الطاولة بشدة لدرجة أنها ستتحطم…”
“آه.”
فتح دوق كالينوس قبضته ببطء.
‘أعتقد أن الطاولة قد تصدعت. أم أنني أتوهم؟’
تمتم الكونت فلوريت بهدوء.
“ما رأي جلالتك في هذا التصرف الجماعي من التنمّر على جيزيل؟”
أربع أنظار اتجهت نحو دوق كالينوس.
وأنا كنت أعلم تماماً ما الذي سيقوله.
‘إنه نفس صاحب العمل الذي أعطاني خمسين ملياراً لأقوم بدور المشاغبة. فلو ساءت سمعتي، لكان ذلك أفضل له، أليس كذلك؟’
“لقد حفظت أسماء من تحدثن بتهور.”
ما هذا الآن؟
ألم نتفق أنني من ستقوم بدور المشاغبة؟
‘هل الغرام المفرط معدٍ أيضاً؟ ما هذا بحق الـ…’
وبينما كنت غارقة في حيرتي التي لا تنتهي، سُمع صوت يُعلن بداية الحفل الرسمي.
لقد بدأ عرض المبارزة الذي كان ينتظره المركيز بيرتو وخطيبته شيربل بشوق كبير.
‘وهذه المرة، أنا أيضاً أنتظر هذا العرض بشوق!’
رن صوت الطبول الصغيرة التي تعلن بداية المبارزة.
وفي اللحظة نفسها، ظهرت لوحة شفافة ضخمة وسط ساحة الحديقة المصممة بعناية.
وعندما تطلّع الجميع، وأنا من ضمنهم، إلى اللوحة التي كُتب عليها أسماء المشاركين، تغيرت ملامحهم إلى الذهول.
“ما الذي أراه الآن؟”
“دوق كالينوس يشارك في عرض المبارزة؟!”
كان اسم فينتين كالينوس هو الذي كُتب في آخر السطر.
وهو لم يشارك قط في أي عرض مبارزة من قبل.
لطالما قيل إنه مشغول بالقضاء على الوحوش في الشمال.
ومع ذلك، لطالما اعتبره الناس سيد المبارزين دون منازع.
“إذاً، ماذا سيحدث للمرشحين الأقوياء الآخرين للفوز؟”
“ربما عليهم أن يتنافسوا على المركز الثاني، لا أكثر.”
“لكن، أليس المركيز بيرتو قادراً على مواجهته إلى حد ما؟”
“لا ندري ما ستكون النتيجة، لكن هذا العرض يبدو شيقاً للغاية!”
توجهت الأنظار المتحمسة نحو وجه دوق كالينوس الجامد، ثم نحو المركيز بيرتو.
في الحقيقة، كان هذا بمثابة متغير جديد بالنسبة للمركيز بيرتو.
قال دوق كالينوس، وهو يعدل سيفه بينما يحدق بثبات في المركيز بيرتو:
“ماذا؟ هل من مشكلة؟”
لم يكن هناك من يستطيع الاعتراض على دوق كالينوس.
فصمت الجميع تماماً، ولم يجرؤ أحد على فتح فمه.
لكن، حتى في وسط هذا التوتر، كانت هناك بعض السيدات الشجاعات.
اجتمعت بعض السيدات وقد ارتجفن حماسًا، وهم يهمسن بأيديهن المضمومتين:
“آه! الآن وقد فكرت في الأمر، ربما يريد تقديم زهرة الفائز لإحدى السيدات؟”
“يا إلهي! ربما تكون إشاعة إعلان الزواج صحيحة؟”
“يا للعجب! من هي تلك السيدة يا ترى؟ أموت فضولًا!”
فور أن سمعت كلماتهن، قطبت جبيني.
‘منطقياً، الاحتمال الأكبر أن أكون أنا، ألا يفهمن هذا فعلاً؟’
لقد تم الإعلان سابقًا أن دوق كالينوس سيتزوج، وأنا كنت جالسة على نفس طاولة آل كالينوس!
فإلى أي مدى وصل سوء سمعتي كبطلة قصة ندم!
على أي حال، بدأ عرض المبارزة بينما هوية “سيدة الدوق” ما تزال غامضة للجميع.
***
‘ذلك المجنون يشارك في مسابقة المبارزة؟’
عضّ المركيز بيرتو على شفتيه بشدة.
وبجانبه، كانت شيربل ترمق المركيز بنظرات قلقة، وعيناها تتقلبان اضطرابًا.
“ماذا سنفعل الآن؟ يجب أن نحصل على زهرة الفائز.”
“لا تقلقي. سأفوز بها حتمًا.”
لطالما كان ذلك الرجل متفوقًا دائمًا.
لكن حتى أمثاله لا بد أن يكون لهم نقطة ضعف.
لقد حلل أسلوب دوق كالينوس في المبارزة أكثر من ألف مرة.
‘ربما، هذه المرة، أستطيع أن أهزمه.’
ربما يكون هذا في صالحي.
أمسك سيفه بقوة، محاولًا نسيان الصداع الذي بدأ يتسلل إليه.
ولحسن حظه، بدا اليوم محظوظا.
فبينما كان يواجه مبارزين أغبياء، راح يحقق انتصارات متتالية دون أن يوقفه أحد.
لكن المشكلة كانت في الجولة النهائية.
حين وقف وجهًا لوجه أمام دوق كالينوس، بدأت المباراة.
حدّق المركيز بيرتو في الدوق، الذي دخل إلى الحلبة من الجهة المقابلة بكل هدوء وثقة.
تمامًا كما رآه في آخر مرة، حين كان مع جيزيل—بكل غرور وبرود.
‘سأُريكم في هذه المسابقة.’
جـيزيل فلوريت، سأجعلك تدركين أنكِ تشبثتين بحبلٍ فاسد.
دخل الحلبة بخطى واثقة وعيناه متقدتان حمرة.
لم يكن يهمه أن الجميع يتوقع فوز دوق كالينوس.
“سأكون أنا الفائز.”
نظر إليه دوق كالينوس بوجه خالٍ من التعبير، وردّ باختصار:
“لا أريد.”
التعليقات لهذا الفصل " 61"