بعد أن امتص ذلك البعوض الملعون، دوق ليشانييل، كميات هائلة من ماناي…
لم أتمكن من استعادتها بأي طريقة، لا من خلال تنفس المانا، ولا بأي وسيلة أخرى.
في الماضي، كنتُ أغرق في يأسٍ لا نهاية له بسبب ذلك.
لكن الآن، الأمر مختلف.
استنشقت الهواء بعمق، ثم زفرت ببطء..
وبعد بضع جولات فقط من تنفس المانا لامتصاص الطاقة المحيطة، شعرت وكأنني استعدتُ 1/500 من ماناي السابقة.
‘واو… إذا كانت الجرعات المرفوضة بهذه القوة، فكيف ستكون الجرعات الأخرى؟’
لو تمكنتُ من التسلل إلى داخل قصر عائلة كالينوس السحرية، المشهورة بانغلاقها الشديد، فسيكون تناول الجرعات وتعلم السحر أسهل من شرب حساء فاتر..
‘المشكلة هي أن اختراق عائلة كالينوس ليس بالأمر السهل على الإطلاق.’
إنهم بالكاد يوظفون حتى خريجي الأكاديمية الأوائل، فما بالك بشخصٍ مثلي لا يملك أي مؤهلات؟
‘لو نجحتُ في التوظف لديهم، فلا شك أن ذلك البعوض القذر والمحرّض اللعين سيُغمى عليهما من الصدمة… كيف سأُغريهم؟’
كان البطلان النادمان الأول والثاني دائمًا في صراعٍ مع دوق كالينوس.
‘لأنهما كانا يحملان عقدة نقص تجاهه.’
وفي القصة الأصلية، كانا يسرقان أبحاث عائلة كالينوس ويبيعانها بطريقة خسيسة..
لكن الرواية كانت تصوّر هذا الفعل وكأنه موقف ميكافيلي لا يتردد في استخدام أي وسيلة لتحقيق المصلحة الشخصية.
(موقف ميكافيلي باختصار الغاية تبرر الوسيلة)
أما في نظري؟ هذه مجرد جريمة.
‘كفى أحلام يقظة، عليّ العودة إلى المنزل.’
لعقتُ شفتي، ثم رفعت حقيبتي التي كانت تحتوي على زجاجات الجرعات الفارغة.
على الأقل، صرتُ أعرف أي نوع من الجرعات يتم التخلص منها من قبل عائلة كالينوس، لذا ربما يجدر بي جمع المزيد.
لكن في اللحظة التي هممتُ فيها بالتحرك، هبّت ريح باردة خلفي..
ثم دوّى صوتٌ منخفض خلفي مباشرةً.
“جيزيل فلوريت؟”
“……؟”
استدرتُ بلا أدنى شك، وعندها اتسعت عيناي في صدمة.
‘هل أنا أحلم؟’
فركتُ عينيّ، لكن…
‘لا، هذا ليس حلمًا.’
إذن، لماذا دوق كالينوس واقفٌ هنا؟
حدّقتُ فيه بذهول، عقلي يحاول معالجة الموقف.
‘هل استجيب لصلواتي؟’
مستحيل..
‘أم أن هذا مجرد حظ ناتج عن انحراف القصة الأصلية؟’
وسط الظلام، بدا أكثر شراسة، وعيناه مسلّطتان نحوي بثبات..
ثم قال:
“هل أنتِ حقًا جيزيل فلوريت؟”
“هـ… نعم، أنا هي…؟”
“آه، اسمحي لي أن أعرّف نفسي أولًا. اسمي فينتين كالينوس، دوق كالينوس.”
في تلك اللحظة، انحنت عيناه الحادتان باتجاهٍ مغرٍ..
‘ما هذا الموقف الغريب؟’
ثم تابع:
“لقد جئتُ لأقدّم لكِ عرضًا.”
فجأة، ظهر أمامي وكأنه أميرٌ من الحكايات الخيالية..
أو بالأحرى… المخطط الشرير الذي تحوّل إلى منقذ؟
وكنتُ…
“عرض؟ لي؟ فجأة؟”
…لستُ ساذجة لدرجة أن أقع في الفخ بهذه السهولة.
“نعم، فجأة.”
“…. وما هو هذا العرض بالتحديد؟”
أنا لم أنبهر بوسامته.
بل كنتُ أعتزم بالفعل العمل معه، لذا لا ضرر في الاستفسار عن التفاصيل..
لكنّ الإجابة التي سمعتها كانت…
“الزواج.”
…عفوا؟
“جيزيل فلوريت، أريدكِ أن تكوني زوجتي، بشكلٍ رسمي أمام الجميع.”
‘مـ… مهلا ماذا؟’
استغرقتُ وقتًا طويلًا حتى استوعبتُ ما سمعته أذناي.
وحين استعدتُ وعيي أخيرًا، نظرتُ إليه وكأنه مجنون.
هل فقد عقله؟
“أنا لا أفهم ما الذي تقصده، يا دوق.”
“آه، صحيح. لقد كنتُ وقحًا بعض الشيء.”
“هاه؟”
بوجهه الهادئ المعتاد، أخرج دوق كالينوس صندوقًا صغيرًا.
ثم فتحه، كاشفًا عن…
خاتمٍ مرصّع بماسة بحجم قبضة طفل.
‘هل نقلتَ منجم ألماس بأكمله إلى هنا؟ لماذا هذه الماسة ضخمة بهذا الشكل؟’
كاد لعابي أن يسيل لرؤيته، لكنني تماسكتُ بسرعة.
من أكون؟
أنا بطلةُ قصةٍ مملوءة بالندم والمعاناة..
لا يمكن أن يحدث لي شيءٌ جيد دون مقابل..
لذلك، وبدون أن أتخلّى عن شكوكي، قلتُ له بحذر:
“لا أعرف كيف وجدتني، لكنني لا أقدّم خدمات مثل التمثيل كزوجة أو حبيبة. المعذرةً، لكنني سأرحل.”
تمامًا في تلك اللحظة، أمال رأسه قليلًا بينما كان يحدّق بي.
ثم نطق بكلمتين جعلتاني أتوقف رغمًا عني.
“أجر الزوجة التعاقدية…”
لو قال شيئًا غريبًا، كنتُ سأدير ظهري فورًا.
حقًا.
لكنني، دون وعي، أصغيتُ بانتباه.
“خمسون مليار ذهب سنويًا.”
خمسون مليار ذهب؟
بهذا المبلغ، يمكنني شراء منزلين في العاصمة بكل سهولة!
ساد بيننا صمتٌ مفاجئ، وكأن صاعقةً نزلت من سماءٍ صافية..
/>

لكن…!
قلت لدوق كالينوس بكل ثقة وبرود وحزم:
“هل تظن أنني مادية تبيع نفسها مقابل المال؟”
تقلصت عضلة بين حاجبيه. كان هناك ارتباك طفيف في تعابيره..
‘لأنها جيزيل فلوريت، الفتاة الفقيرة والمنبوذة، فلا بد أنها ستفعل أي شيء مقابل 5 مليارات، أليس كذلك؟’
أطرقت برأسي بوجه شاحب قليلاً، ثم…
“نعم، أنا مادية. لقد جئتَ إلى المكان الصحيح تمامًا.”
رفعت رأسي بابتسامة مشرقة.
‘إنهم يعرضون عليَّ 5 مليارات، على الأقل أستمع لما لديهم، أليس كذلك؟’
نعم، أنا وحش خلقته الرأسمالية.
#الفصل الثاني: عقد الزواج
“سيدي، أقصد، زبوني؟ ما المطلوب مني تحديدًا؟”
لم يُظهر دوق كالينوس أي علامات واضحة على الارتباك، رغم سرعة تبدّلي في الموقف، كما يليق بشخصية غامضة مثله..
“الأمر بسيط. بعد الزواج مني، أريدكِ أن تتصرفي بأسوأ شكل ممكن. لدرجة أن تكره عائلتي فكرة الزواج تمامًا.”
اتسعت عيناي بدهشة..
‘واو، لقد وجد الشخص المناسب تمامًا لهذه المهمة، أليس كذلك؟’
أنا خبيرة في التعامل مع الزبائن المزعجين. ومعرفتي العميقة بالمزعجين تعني أنني قادرة تمامًا على تقليدهم أيضًا.
‘أنا محترفة في لعب دور الزبونة الكارثية.’
المكافأة: 5 مليارات ذهب. المطلوب: إحداث فوضى شاملة.
المهمة مصممة خصيصًا لي.
لكن حتى لو كنت عمياء بسبب المال، فلا بد من توخي الحذر..
‘لماذا يريد أن يمنحني هذه المعاملة السخية؟’
ما دام الشك يساورني، فأنا بحاجة إلى وقت للتحقق من الأمر، وإعادة تقييمه..
“لم أقل أنني أرفض، لكنني بحاجة إلى بعض الوقت للتفكير.”
مقارنة بالزواج من الفيكونت ميلفيان الأصلع، فهذا بالتأكيد خيار أقل سوءًا.
وعلى الرغم من أن الزواج التعاقدي في الروايات الرومانسية يكون عادةً سريع القبول، حتى لو بدا العرض مشبوهًا…
‘كلما زاد الفرق في المكانة بيني وبين الطرف الآخر، وكلما كان العرض أفضل، كان من الخطر القبول به فورًا.’
الفارق الكبير بيننا يعني أنه يمكنني تحسين موقفي عبر التفاوض والمساومة..
‘خصوصًا أن هناك حدثًا قريبًا سيزيد من قيمتي.’
في الماضي، كان هذا الحدث بمثابة كارثة بالنسبة لي، لكن الأمور مختلفة الآن.
“هل ثلاثة أيام كافية؟”
إذا كان عرضًا يمكن سحبه في غضون ثلاثة أيام، فهو ليس عرضًا جيدًا لي على أي حال..
نظر إليّ بعينيه العميقتين، ثم أومأ برأسه.
وهكذا، تم تعليق المفاوضات مؤقتًا لصالح صفقة أكثر ملاءمة لي.
***
كان البحث الشخصي لدوق كالينوس يجري في مختبر صغير داخل قصره بالعاصمة..
بمساحة 100 متر مربع، كان المختبر مقسمًا بدقة إلى جزأين متساويين: غرفة تجارب محكمة، وغرفة لتوثيق الأبحاث.
بووم! كراااك!
تردد صوت انفجار مدوٍّ داخل الغرفة المغلقة، حيث تحطمت جمجمة وحش ضخم.
“أخيرًا… تمكنت من استخلاص جوهر الوحش. لقد استغرقني الأمر 399 يومًا و12 ساعة و30 دقيقة.”
تحدث الدوق وهو يناول مساعده قارورة تحتوي على السائل الأزرق الداكن للوحش، بينما كان معطفه الأبيض ملطخًا تمامًا بالدماء..
بدت تعابيره هادئة، لكنه لم يستطع إخفاء لمحة من الرضا.
على الرغم من أنهم تدربوا على العمل معه، لم يكن باحثوه يملكون أعصابًا فولاذية مثله.
كانوا يرتجفون وهم يحدقون ببعضهم البعض، قبل أن يغمضوا أعينهم ويصيحوا بصوت واحد:
“نعم!”
“تـ- تهانينا!”
لكن الدوق، وهو لا يزال مغطى بدم الوحش، تمتم بهدوء:
“آه، صحيح. كنت أريد أن أسأل شيئًا.”
“م- ماذا؟”
كان أحد الباحثين على وشك الإغماء عندما التفت الدوق إليه بابتسامة مخيفة..
لكنه لم يهتم، وواصل تعقيم أدواته وتسجيل ملاحظاته كالمعتاد، قبل أن يتحدث بنبرة عابرة:
“بيتر. هل 5 مليارات ذهب تُعدّ مبلغًا صغيرًا؟”
“اسمي بيترسون، سيدي. وبصراحة، هذا مبلغ يكفي لتمويل ميزانية عائلة نبيلة لثلاث سنوات على الأقل.”
“…… إذن، ما السبب؟”
كما توقعت جيزيل، بدأ الشك يتسلل إلى عقل دوق كالينوس.
حتى أثناء استخلاص جوهر الوحش، بقي تعبيرها الغامض عالقًا في ذهنه للحظة..
‘كنت متأكدًا أنها ستقبل فورًا.’
التعليقات لهذا الفصل " 6"