الفصل 53

“من يكون هذا؟”

ردًا على سؤال هينيسي، الذي كان بطيئًا في تلقّي المعلومات، أجاب أحد الباحثين.

“يُقال إنه الطبيب المعجزة الذي ظهر فجأة في حي الفقراء، ويعالج أولئك الذين هم على وشك الموت.”

بالنسبة لأولئك الذين يطورون الجرعات التي تنقذ الأرواح، وتعزز القدرات السحرية، وتقتل الوحوش السحرية، كان هذا خبرًا مشجعًا للغاية.

“لكن يبدو أن هذا الشخص لم يسمِّ جرعتنا <بصاق العفريت>، بل قال إنها <كوغا>. ولهذا يبدو أن الناس اعتادوا على اسم <كوغا>. على كل حال، الآن الجميع يسألون عن جرعة كوغا، ويتساءلون كم يبلغ ثمنها!”

“هاه؟ لكنها ليست بهذا الغلاء!”

“على أي حال، المهم أن هناك طلبًا على جرعتنا، أليس كذلك؟”

“قلبي بدأ يخفق بالفعل. يجب أن نجهز الكميات ونؤمن الإمداد!”

“أمرك!”

في الحقيقة، <بصاق العفريت> هي جرعة مضادة للسموم.

لكن بين النبلاء والتجار الأثرياء الذين سمعوا بأفعال الطبيب المعجزة، أصبحت تُعتبر جرعة معجزة متعددة الفوائد.

وبفضل ذلك، تغير الجو في معمل دوقية كالينوس بشكل ملحوظ بفضل هذه الأنباء غير المتوقعة.

“أخيرًا، يمكننا إبلاغ دوقنا أننا نحقق أرباحًا.”

“وأيضًا، يمكننا دفع 20% من الأرباح كعائدات لجزيل! يا لنا من محظوظين!”

كان هذا أول إنجاز حقيقي لمعمل جرعات كالينوس.

هينيسي، وأغنيس، وجميع الباحثين كانوا يرتجفون من الحماسة إزاء هذه الحظوة المفاجئة.

“بالفعل، وكأن الاله يباركنا.”

ومع انشغال أيدي العاملين في عائلة كالينوس، عادت الأجواء الصاخبة إلى المعمل مجددًا.

“عن ذلك الطبيب… يُقال إنه يظهر بشكل غير منتظم في وقت متأخر من الليل، وينقذ فقط أولئك الذين يوشكون على الموت، أليس ذلك مذهلًا؟”

“أهذا كل ما تعرفه؟ يبدو أنك متأخر في الاطلاع على الأخبار!”

رفع كبير الباحثين ذقنه بتفاخر وهو يقول ذلك، فبادره أحد الباحثين المرتبكين بسرعة بالسؤال.

“ماذا، هل لديك خبر جديد إذن؟”

“تلك الشخصية، الطبيب في الزقاق الخلفي، هو في الحقيقة ذلك الشخص!”

“ذلك الشخص؟ إذا لم يكن مدهشًا بما يكفي، فسأُصاب بخيبة أمل.”

“ألا تعرف؟ إنه الطبيب الملياردير غريب الأطوار، السيد غييت!”

سقط المخبار الزجاجي من يد الباحث على الفور.

الجميع في العائلة كانوا يعرفون عن الطبيب الملياردير، غييت. فقد كان في الماضي من خرج كبير الخدم بنفسه للبحث عنه لإنقاذ نيسلان كالينوس.

وكانت هناك امرأة استمعت لكل تلك المعلومات من خلف الباب…

***

‘رائع، يبدو أن الأمور بدأت تشتعل كما يجب.’

نعم، تلك المرأة هي أنا، جيزيل.

لم يمضِ وقت طويل منذ أن عالجت الناس في البحيرة الزرقاء وأحضرت غييت إلى العاصمة. لكن النتائج بدأت تظهر بسرعة.

وبينما كنت أخفي ملامح الرضا وأدير رأسي، التقت عيناي بنظرات نيسلان المرتجفة.

“يقال إن هناك طبيبًا عبقريًا يعالج حتى الأمراض العضال؟”

بدا وكأنه استعاد الأمل في الحياة لمجرد سماعه بهذا الخبر.

أغمضت عيني بخفة وابتسمت كأنني لا أعرف شيئًا.

“واااو~! ماذا لو دعوناه فورًا؟”

وحين رأيت دموعه تترقرق في عينيه، صفقت بمرح متظاهرة بالبراءة.

“جيزيل لا تهتم أبدًا بهذه الأشياء! لنذهب للعلاج بسرعة ثم نأكل التحلية~♡”

الآن كل ما عليّ فعله هو الاستمتاع بالنتائج.

سأتلقى مكافآت المبيعات من <كوغا> براحة تامة!

وبفضل الطبيب غييت، سيُشفى حماي تلقائيًا، وسأحصل على كتاب السحر أيضًا!

***

…لكن حلمي بمستقبل سلس وسعيد تحطم تمامًا.

في اليوم التالي بعد الظهر، وبينما كنت أتنكر في هيئة “موجي” وأتجول بالقرب من منزل غييت، رأيت غييت عائدًا وهو يتنهد، فتجمدت في مكاني.

“غييت! كيف كان الأمر؟ هل أنقذت السيد نيسلان؟ وماذا عن كتاب السحر؟”

“كان الوضع فوضويًا. المانا التي كانت تسري في الدوائر السحرية تجمعت في منتصف قلب المانا وبدأت تتعفن.”

تمتم غييت وهو يمسح وجهه بتعب.

“إذاً، ألم يكن من الممكن استخراج المانا المتراكمة ثم علاج الوضع فورًا؟”

“لو كان الأمر بهذه البساطة، لما سُمِّي المرض بغير القابل للعلاج.”

قالها وهو يتجنب نظري، بصوت منخفض.

“آسف، لكن أعتقد أن إنقاذ حياة الدوق السابق سيكون صعبًا.”

“لا، لماذا سيكون الأمر صعبًا؟!”

أمسكت بذراعه بقلق وهززتها، فأجابني بجدية واضعًا يده على صدره كما لو كان يقسم.

“أنا لا أعرف كيف أستخرج المانا المتعفنة، ثم إن المانا كالدّم، لا تتقبل بسهولة مانا من شخص آخر. وإن امتزجت بشكل خاطئ، سيموت في الحال.”

…لحظة.

أمالت رأسي بتعجب.

ذلك الزعيم المزعج من برج السحر، رجل الندم الثاني، أخذ ماناي بكل سهولة… أليس كذلك؟

“لو كانت مانا نقية جدًا، فربما يكون الأمر مختلفًا.”

“هاه؟”

تلك أنا، ماناي نقية تمامًا.

‘يبدو أنني وجدت طريقة ما، أليس كذلك؟’

لكن تلك الطريقة… تبدو خارجة عن المألوف قليلًا.

“أنا آسف. لقد أنقذتِ جدتي، لكنني لا أستطيع أن أقدم لك شيئًا بالمقابل.”

لا، بل لقد كنت مفيدا بالفعل.

لكن لم يتم التحقق من الأمر بعد بشكل مؤكد. لم يكن الوقت مناسبًا لأتحدث بصراحة، لذا، ربتّ على كتف غييت وتحدثت بوقار.

“إذا لم تكن لديك القدرة، فلا حيلة لك.”

“هاه؟”

“علينا فقط انتظار ظهور بطل خارق. وأنت، تابع العلاج عبر <كوغا>.”

إن أردنا تقليص مكانة الجرعة التي صنعها مركيز بيرتو، فعلينا التسويق لـ<كوغا> بطريقة أكثر فاعلية.

وسأحتاج إلى دعم الطبيب العبقري، غييت.

لكن، لا أعلم ما الذي فكّر فيه، إذ أمسك يدي بقوة وهمس:

“لماذا أنتِ طيبة إلى هذا الحد….؟”

“…..؟”

“فهمت. موجي، سأدعم حلمك العظيم بإنقاذ الناس بكل إخلاص.”

ما هذا؟ ولماذا يرمقني بتلك النظرة المتقدة؟

كأنه يحمل على عاتقه مهمة مقدسة أو شيئًا كهذا.

***

كما يقولون، المصائب لا تأتي فرادى، ويوم الحظ قد يصبح نحسًا!

‘كنت أود التحدث معه سرًا حول علاج نيسلان، لكنه رحل مؤقتًا إلى الدوقية؟!’

ولا أحد يعرف متى سيعود بالتحديد.

أما نيسلان، فبدت عليه خيبة أمل كبيرة بعد أن علم أن علاجه غير ممكن. ومع ذلك، بقي لطيفًا وودودًا، كأنه ملاك.

بل كان لطيفًا إلى درجة أن….

بعد مغادرة دوق كالينوس، كان نيسلان يرسل لي كل صباح رسالة قصيرة وأنا مستلقية وحدي في السرير.

[بما أن الوقت الذي يمكن أن نقضيه معًا أصبح قصيرًا، أردت على الأقل أن أكون لطيفًا. هدية اليوم هي دمية لطيفة على شكل بلوطة صغيرة. لقد حيكتها بيدي.]

كنت أرى الرسائل تتراكم هنا وهناك في غرفة النوم، فأهز رأسي بصمت.

[الجو معتدل اليوم، هل خرجتِ للتنزه قليلًا؟]

هل فقدت يداه قوّتها؟

مع مرور الوقت، أصبحت حروفه تميل وتتبعثر. تنهدت وأنا أقبض على الورقة في يدي.

ربما كان قد بدأ يتقبل فكرة أنه لن يُشفى، فقد ازدادت حالته سوءًا بسرعة.

وإذا استمر الوضع على هذا الحال، فقد يصبح في خطر قبل حتى أن يعود دوق كالينوس.

‘حسنًا، لا بأس من المحاولة. لن أخسر شيئًا، أليس كذلك؟’

كنت بحاجة لمعرفة ما إذا كان بإمكاني حقًا إنقاذه.

***

المحاولة الأولى: أعطه منومًا، ثم عالجيه واهربي!

“هاه، ما هذه الجرعة؟ هل تود أن تتذوقها؟”

“هم؟ هذه الجرعة لها رائحة مريبة. لا تتناوليها أبدًا.”

“آه صحيح! جيزيل شعرت بالحزن لغياب الدوق، فانتهى بها الأمر تتلاعب بجرعة غريبة على ما يبدو!”

وبـكراش!… تحطمت الزجاجة على الفور.

…عملية المنوّم فشلت بسبب نيسلان الحذر!

المحاولة الثانية: شتّتي انتباهه، ثم عالجيه بسرعة!

“آه، أبي، هناك قطعة أثرية غريبة في الأفق!”

“هم؟ ولماذا يدكِ مرفوعة في الهواء؟”

“هاهاها! لا شيء أبدًا! جيزيل فقط لم تجد من تمسك بذراعه بعد غياب الدوق، فتظاهرت بذلك!”

فشلت الخطة مجددًا، بفضل حاسة نيسلان الحادة.

المحاولة الثالثة: تسللي ليلًا إلى غرفة النوم، عالجيه خلسة ثم اهربي!

“جيزيل؟ ماذا تفعلين عند النافذة في هذا الوقت من الليل؟”

“آه، لدي مشكلات بالمشي أثناء النوم! أليس ذلك محرجًا؟ لو كنت فقط في حضن الدوق، لشفاني الأمر تمامًا!”

“آه… هذا ممكن. لم يكن محرجًا أبدًا. يجب أن يعود دوق كالينوس سريعًا.”

خطة غير منطقية، وفشلت كما هو متوقع!

جربت كل وسيلة ممكنة لتجنب استخدام “تلك الطريقة”، لكن كل المحاولات باءت بالفشل.

وبدأ وجه نيسلان يزداد شحوبًا يومًا بعد يوم، من دون أي خبر عن عودة دوق كالينوس.

‘تبًا. في النهاية، لا يوجد سوى حل واحد.’