الفصل 37
لقد… لقد انكشفت!
أخذت إيفانكا تضرب رأسها بالأرض مراراً وهي تهمهم.
“آسفة، آسفة للغاية!”
“لا، أعني…”
“إ-إيفانكا لم تفعل شيئاً سيئاً! هذا حقيقي!”
“اسمكِ إيفانكا؟”
تمايل شعر جيزيل الفضي برفق.
كان أشبه بخيوط فضية تتراقص في الهواء، حتى إن إيفانكا فكرت، رغم فزعها، بأنها تود لمسه.
“…ذاك، ذاك هو…”
اقتربت يد جيزيل من رأس إيفانكا.
‘ب-بالتأكيد ستضربني!’
لكن الأمر لم يكن كذلك.
أمسكت بيد إيفانكا، التي كانت تحاول ضرب رأسها بالأرض، ومنعتها من الاستمرار.
كانت غرتها الكثيفة تحجب عينيها، فلم ترَ جيداً…
لكنها شعرت، بشكلٍ ما، بنظرة دافئة.
“أنا… لست فتاة سيئة…”
“أعلم.”
“…ماذا؟”
“أعلم أنكِ لم تفعلي شيئاً خاطئاً. هيا، انهضي. لنبدأ بالاستحمام أولاً.”
قالت ذلك، بينما كان السخام يلطخ وجنتي إيفانكا المرتجفتين.
“ألن تعاقبيني؟”
“قد أكون مزاجية، لكنني لست شريرة إلى درجة أن أعاقب طفلة لأنها كانت تراقبني.”
“ه… هاه!”
“بصراحة، كنت أفكر في الإمساك بالمراقب واستغلاله، لكن الأمر انتهى. ماذا سأفعل بطفلة صغيرة؟”
حتى بعدما وضعتها جيزيل في كشك الاستحمام الصغير في زاوية المبنى الجانبي، ظل قلب إيفانكا ينبض بشدة.
‘لا بد أنها تكذب! ماذا أفعل؟ سأموت الآن!’
“هيا، لنغتسل جيداً.”
“ل-لا أعرف كيف… كيف أستخدم هذا…”
“سأقوم بذلك نيابةً عنكِ.”
غسلت جيزيل وجه إيفانكا بماء نظيف.
تدفقت الأوساخ عن وجهها، وشعرت بالعار والخجل.
لكنها لم تجد وقتاً لتُظهر ذلك.
“انفخي من أنفك، هكذا، أحسنت.”
“كغغ!” لقد كان… منعشاً للغاية!
“حسناً، أغمضي عينيك. فتاة مطيعة.”
“هـاه.”
“فلنأخذ دشاً نظيفاً.”
وبعد أن جففت جسدها جيداً بمنشفة، ألبستها بيجاما كانت في غرفة المسحوق.
كانت إيفانكا صغيرة وهزيلة جداً، حتى إن أصغر مقاس بدا واسعاً عليها.
لكنها صفّقت بعينيها المتسعتين وكأنها مندهشة.
“هل… هل هذا يشبه ما يُقال في القصص عن حمامات القصر الإمبراطوري؟”
“نعم، عملتُ كغسالة أجساد في حمامات القصر من قبل. وكنتُ الأفضل هناك.”
قالت جيزيل ذلك ببرود، لكن عيني إيفانكا اتسعتا من جديد.
يبدو أنها جربت كل أنواع الوظائف!
‘النبلاء لا يساعدون الخدم أبداً…’
وعندما ارتدت الملابس التي ناولتها لها جيزيل، فاحت منها رائحة عطرة.
كانت مختلفة تماماً عن الرائحة المتعفنة الكريهة التي انبعثت منها قبل قليل.
أخذت تشمّها على عجل، ثم انحنت من جديد.
“يا صغيرتي، في مثل سنك، ينبغي أن تنشغلي باللعب. ما الذي كنت تفعلينه؟ أنتِ خادمة، أليس كذلك؟ فلماذا كنتِ تقومين بأمرٍ كهذا؟”
ربما كان السبب في انسياب كلماتها هو ماء الاستحمام الدافئ بعد طول انقطاع…
بدأت إيفانكا تتكلم دون وعي.
“نعم! إيفانكا دخلت كخادمة إلى بيت الدوق. ومن ثم، أبرمت عقداً مباشراً مع السيدة كايتلين، رئيسة الخدم…”
مسحت جيزيل على رأسها، وقد بدا عليها أنها بدأت تفهم الأمر، ثم سألتها:
“إن كنتِ تعملين لدى كايتلين… إيفانكا، هل كانت تؤذيكي؟”
“لا! إيفانكا… إيفانكا كانت تفعل ما تفعله بإرادتها!”
تعمّقت تجاعيد الجبهة لدى جيزيل.
بدأت إيفانكا تخبط قدميها الصغيرتين على الأرض.
“أ-أنا أخطأت ــ”
“كلا، لم تخطئي. كايتلين هي الحقيرة.”
اتسعت عينا إيفانكا من الصدمة.
رغم أن البعض كان يعطف عليها ويعطيها شيئاً تأكله، إلا أن أحداً لم يقل من قبل إن كايتلين هي المخطئة، أو دافع عنها بهذا الشكل.
لذا، شعرت بالقلق والتوتر.
“سأغسل هذه الملابس جيداً وأعيدها لكِ.”
لكن، بينما كانت جيزيل تطوي الثياب المتسخة، سقطت منها ورقة صغيرة.
‘آه… تذكرت! كان عليّ تسليم الرسالة السرية إلى السيدة كايتلين!’
كانت قد نسيت ذلك أثناء انشغالها بتنفيذ مهمة مراقبة جيزيل…
وحين تذكرت السبب الذي دفع كايتلين لإرسالها سراً إلى بيت المركيز بيرتو قبل أيام، بدأت ترتجف.
وفي لحظة من الرعب المطلق، أصيبت بالهلع.
“لا، لااا!”
فجأة، ظهر شيء كثيف من الفرو على مؤخرتها.
“هـهك!”
وفي لمح البصر، تحوّلت إلى… هامستر!
‘السر الذي كنت أخفيه عن السيدة كايتلين بكل جهد، قد كُشف! أنا الآن فأر قذر… سأُقتل لا محالة!’
كان الهامستر الصغير بحجم حبة الفاصولياء يطأطئ رأسه بخوف ويحفِر الأرض بسرعة “باباباباك”.
كانت تلك حركة يقوم بها عندما يشعر بقلق بالغ.
وفي تلك اللحظة بالذات…
ارتسم ظل جيزيل فوق رأس إيفانكا الهامستر، الذي لم يكن حجمها أكبر من إصبع الإبهام.
“إيفانكا، هل أنتِ من السوين؟”
عند سماع صوتها الغامض، انتصبت شعيرات جسد إيفانكا فجأة.
“تـ، تيك. (أنا آسفة! آسفة لأني أخفيت أني هامستر قذر! آسفة لأني هامستر يتقن التخفي!)”
عندما يدخل السوين في حالة ذعر، يفقدون قدرتهم على الحفاظ على شكلهم البشري.
ورغم أن فراءها كان نظيفاً ومرتباً، فقد وقف منتصباً وهي ترتجف برداً ورعباً، بينما رفعت جيزيل يدها.
‘بـ، بالتأكيد ستضربني!’
أغمضت إيفانكا عينيها السوداوين الصغيرتين بشدة، لكنها بدلاً من الضرب…
شعرت بيد دافئة ترفعها.
“إنك ظريفة للغاية!”
عانقتها جيزيل إلى صدرها وهمست، فتوسعت عينا إيفانكا المتلألئتان كالخرز الأسود.
‘هي لا تكرهني رغم أنني قذرة؟ لماذا؟’
ضمّت جسدها الصغير المرتجف ورفعت أذنيها، في محاولة لفهم ما يجري.
“همم، لا يمكنك العودة إلى شكلك البشري بحرية؟”
“تـ، تيك. (سـ، سأفعل حالاً! ما إن أخرج من حالة الذعر، يمكنني العودة!)”
“حسناً، صغيرتي الهامستر. ابقي هنا، حسناً؟ سأغسل ثيابكِ.”
رفعت جيزيل الملابس المتسخة دون أي انزعاج من قذارتها، لكنها توقفت فجأة.
وكان ذلك عندما وقعت عيناها بالصدفة على ورقة صغيرة منثنية.
[عمتي، إن المركيز بيرتو سيصل قريباً. لا تنسي وعدنا من أجل ازدهارنا. ــــ الكونت رونَاس]
لكن محتواها لم يكن شيئاً يمكن تجاهله أبداً.
‘أوه، إذاً هتان العائلتان كانتا تتعاونان فعلاً من خلف الستار.’
فكرت جيزيل بعمق، ثم توقفت فجأة.
‘وجدت الدليل.’
ذلك الوغد، مركيز بيرتو، الذي كان يستغلها كمجرد علاج لصداعه…
وشريك أعماله لم يكن سوى المركيز رونَاس.
‘كنت أتساءل في القصة الأصلية، كيف تتسرّب أسرار تجارة دوقية كالينوس بهذا الشكل… واتضح أن هناك ثغرة هنا.’
كانت تملك مجرد شكوك، لكنها لم تتخيل أن الدليل سيأتي إليها بهذه الطريقة.
بما أن المركيز بيرتو، أول “بطل نادم” لم يظهر بعد، فقد قررت أن تبدأ بشريكه في العمل وتعالجه بما يليق.
وبينما كانت تتخذ قرارها، عادت إيفانكا إلى شكلها البشري بـ”بْيونغ!”، بعد أن تحررت من حالة الرعب.
“إيفانكا…”
“صغيرتي. هل يمكنني أخذ هذه الرسالة؟ لن يلحقك أي ضرر. فقط أعطيني إياها ونامي ليلة واحدة.”
“إيفانكا…”
“بعدها، سأهتم بكل شيء. سأساعدك، صغيرتي.”
هبط قلب إيفانكا فجأة.
‘لم تُعاقب إيفانكا على الإطلاق!’
بل على العكس، مُسحت على رأسها، وأُمسكت يدها.
‘إنها ملاك.’
فكرت إيفانكا كم تبدو جيزيل رائعة ولطيفة.
‘قالت لي ‘صغيرتي الهامستر’!’
لم تقل إنها فأرة قذرة… بل نادتها بـ”صغيرتي الهامستر”.
تألقت عينا إيفانكا الصغيرة ببصيص من الثقة.
“…سـ، سأنام الليلة جيداً. أعدكِ.”
***
عندما خرجتُ من المبنى الجانبي، عندها فقط سمحتُ لوجهي أن يتشوه بانزعاجي كما أشاء.
لم أستطع إخراج صورة إيفانكا من رأسي.
…طفلة صغيرة، هزيلة للغاية، وكل جسدها مغطى بالجروح.
‘يبدو أن وقت نزال السيف مع الحثالة قد حان فعلاً.’
كنت أعلم من تجربتي في الحياة السابقة أن كايتلين كانت تضطهد الخادمات واحدة تلو الأخرى.
لكن أن يصل بها الأمر إلى إيذاء الأطفال… فقد تجاوزت كل الحدود.
‘المهم الآن هو… كيف أطرد رئيسة الخدم المدللة هذه.’
وفجأة، خطرت لي فكرة ممتازة.
سيناريو يجعل مني حثالة أيضاً، ويجعل كايتلين تخسر كل شيء.
────── •❆• ──────
بعد ابحاث دامت دقيقة اتضح ان بيرتو مركيز 😭👈🏻👉🏻 فسوو نفسكم ماشفتو اني كنت حاطته كونت
التعليقات لهذا الفصل " 37"