المرحلة الثالثة من فنّ طرد الزبائن المزعجين: الإصدار الكامل
أدركت ماريبوسا الخطر الذي يلوح في الأفق، فارتجف جسدها وهي تصيح:
“لـ، لما تحملين ذلك الشيء؟!”
كان في يدي كيس قمامة أسود، مصنوع من مادة مسحورة، أشبه بالأكياس البلاستيكية في العالم الحديث..
“طلبتِ مني أن أبدل ثيابي، صحيح؟ حسنًا، وجدتُ شيئًا مناسبًا تمامًا!”
ابتسمتُ لها كالشمس المشرقة، ولوّحتُ بالكيس أمامها.
“إييك…!”
كنتُ قد استعددتُ لهذا مسبقًا، وقمتُ بفتح خمس فتحات في كيس القمامة الأسود.
قفزتُ بداخله بسلاسة، وأدخلتُ يديّ وقدميّ بسرعة في الفتحات.
“هذا ما يُسمى بثوب القمامة!”
بأناقة، فردتُ ذراعيّ لأُري الجميع تحفتي الفنية السوداء، فتطايرت حوافها كأنها فستان فخم..
“هل يعجبكِ الآن؟”
اتسعت عينا ماريبوسا وكأنها على وشك الإغماء.
“أنتِ… أنتِ مجنونة؟!”
“أجل! جيزيل مجنونة تمامًا!”
كان الكونت ميلفيان في حالة مماثلة، يحدق بي وهو يكاد يختنق من الغضب. بصق كلماته وكأنه يريد التقيؤ..
“ظننتُ أنكِ على الأقل فتاة رزينة رغم الشائعات السيئة عنكِ! لكن ما هذا السلوك الحقير؟ هذا الخطوبة ملغاة! لن تتم أبداً!”
“أوه، كم هذا رائع! جيزيل توافق أيضاً! لنُلغِ هذه الخطوبة!”
انتشرت الفوضى في القاعة الاجتماعية، والوجوه المصعوقة كانت تملأ المكان..
عندها، تمتمت ماريبوسا ببرود:
“أنتِ لا تعرفين مكانكِ، أليس كذلك؟ يبدو أنكِ قررتِ اللعب بالنار.”
لحظة، هل تعتبر “إسقاط باروكة في قاعة اجتماعية” خطة ذكية؟
إذا كان هذا يُعدُّ “مكراً ودهاءً”، فلا بد أنني عبقرية!
ولكن، لمقاومة غضبي، اكتفيتُ بإرسال ابتسامة متكلفة وهززتُ رأسي..
بصراحة، لا أفهم كيف تعيش ماريبوسا في هذا العالم وهي بهذا الغباء.
ثم، بنبرة تهديدية، تابعتْ:
“جيد. لن أبيعك لميلفيان، بل إلى عائلة أخرى أكثر نفوذاً. سأتعامل معكِ بطريقتي الخاصة، فترقبي ما سيأتي.”
كان تهديدًا صريحًا..
وبدلًا من الذعر، أدرتُ رأسي ببطء نحوها، محاكيةً دور الفتاة المسكينة.
“أوه، لا أصدق ذلك…”
وبمجرد أن لمعت عيناها ظنًا منها أنها انتصرت…
“لكن، هل تعتقدين أنكِ تستطيعين فعل ذلك عندما يعود الكونت فلوريت؟”
“ماذا؟!”
كان الكونت فلوريت صديقًا مقربًا لوالديّ الراحلين، وعندما اختفوا فجأة، كان هو من أخذني إلى عائلته واعتنى بي.
لكن، في الوقت الحالي، كان في رحلة بحرية طويلة للبحث عن تركة والديّ.
وفي غيابه، كانت ماريبوسا واللوردات الكبار يديرون شؤون العائلة.
رفعتُ صوتي عمدًا، بحيث يتمكن الجميع في القاعة من سماعي..
“عندما قرر الكونت فلوريت إعادة أخته ماريبوسا إلى العائلة بعد طلاقها، وضع شرطًا واحدًا…”
أصبحت نظرات الحاضرين أكثر برودًا.
الجميع يعرف نقطة ضعف ماريبوسا الوحيدة—أنها عادت إلى منزلها بعد طلاقها، مع ابنها، كأنها طُردت شر طردة.
“كان عليها أن تعاملني كابنة لها، أو كابنة أخ على الأقل، وتمنحني نفس الرعاية.”
احمرّ وجهها غضبًا، وهمست بحدة:
“اصمتي حالًا!”
“أوه، صحيح! كنتُ أناديكِ ‘أمي’ عن طريق الخطأ عندما كنتُ صغيرة، أليس كذلك؟”
كانت ملامحها في كل مرة أناديها بذلك مزيجًا من القرف والاستياء، لكن هذا لم يوقفني..
اقتربتْ مني، وهمستْ بصوت مرتجف:
“فلوريت مات. الكونت فلوريت مات، هل تفهمين؟”
في الواقع، اختفى تمامًا بعد إرسال آخر رسالة له، حيث زُعم أنه اكتشف جزيرة غنية بالتوابل..
الجميع تقريبًا كان مقتنعًا بوفاته، وبدأوا يستعدون لإقامة جنازة له.
“من يعلم؟ ربما سيعود، ولو كطيف هائم، لينتقم من أخته العزيزة.”
ضحكتُ، ثم رفعتُ طرف ثوبي المصنوع من كيس القمامة وسرتُ إلى الخارج بخطوات فخمة..
تركتُ خلفي صوتًا طفيفًا للنايلون وهو يحتك بالأرض، يتردد في الصالة الصامتة حتى اختفيتُ تمامًا.
[النهاية]… لهذه الجولة على الأقل!
***
بالمصادفة البحتة، الدوق فينتين كالينوس كان شاهداً على فوضى جيزيل
في اللحظة التي كانت جيزيل تُحدث فيها الفوضى، دخل الدوق كالينوس قاعة الحفل، بينما كانت ذراعه مغطاة بدماء وردية اللون لوحشٍ ما..
رغم مظهره الهادئ وطبعه البارد تجاه شؤون الدنيا، لم يكن من حوله قادرين على الحفاظ على هدوئهم.
“دو، دوق كالينوس…!”
“لا، اهدأوا… ربما كان مجرد يومٍ عادي بالنسبة له، عاد لتوّه من قتل شخصٍ ما.”
…لم يكن ذلك صحيحًا.
ألقى نظرة على نفسه في المرآة.
كان شعره مصففا، وزيه العسكري أنيقًا. كل ما في الأمر أنه كان يُجري “تجربة بسيطة” لمعرفة كمية سوائل الوحوش التي تنفجر عند قطعها بضربة واحدة.
وعندما رأى خدمه وجهه العبوس، بدأت أرجلهم ترتجف..
“يـ، يا له من شيطانٍ مغموسٍ في الدماء…”
“لم أقتل أي إنسان.”
قال ذلك بسرعة ليقطع عليهم أي تعليق عن لقبه السخيف “الظل الدموي” قبل أن يفتحوا أفواههم..
ولكن…
بمجرد أن نطق بكلمة واحدة، بدأ الحضور يتهامسون برعب.
“سوف يقتلنا!”
“تـ، تذكرتُ الآن! رأيته يقطع وحشًا بضربة واحدة! يجب أن نهرب!”
كان هذا حفلاً راقياً، لم يكن فيه أي وحوش…
لكن لسوء الحظ، كانت الأمور تتصاعد بطريقة درامية للغاية.
“إذا كنتم لا تريدون الموت، فانظروا للأسفل.”
مجرد محاولة منه لتبرير نفسه قادت البعض إلى الإغماء من الخوف..
‘هذا مرهق.’
تنهد بملل، متخليًا عن أي نية لتوضيح موقفه، ومضى في طريقه غير مكترثٍ بالخدم الذين وقعوا أرضًا.
كانت لديه مهمة مزعجة بانتظاره: مقابلة جميع السيدات الحاضرات.
عند وصوله إلى مدخل القاعة، نظر إلى الحارس بنظرة هادئة، ثم تحدث بصوتٍ ناعم أشبه بالعسل:
“افتح الباب.”
“إيـ، إيـ، إيـ!”
“هناك من أريد لقاءه.”
عندما ارتسمت ابتسامة لطيفة على شفتيه، انحنى الحارس بسرعة وردّ بارتباك:
“أه، فـ، فهمت! هناك شخصٌ يجب أن تقتله! سأفتح فورًا!”
إذًا، الابتسامة اللطيفة تسهّل الإقناع؟
قرأ في كتاب “نظريات الحياة الاجتماعية” أنه من الضروري الابتسام عند التحدث مع الناس..
وكان سعيدًا لأنه، على الأقل، لم يجعل الحارس يفقد وعيه.
دون أن يدرك أن بقية الحراس فروا هاربين، دخل القاعة ليجد كل العيون تتوجه نحوه بصدمة خالصة.
كيف يُفترض أن أتعامل مع هؤلاء السيدات؟
كان من السخف إضاعة وقته في أمور كهذه، فجدوله ممتلئ بالعمل على مدار 24 ساعة.
لكن جده ووالدته وأخاه الأصغر، والجميع تقريبًا، أصروا على أنه يجب أن يتزوج..
وكذلك فعل مجلس اللوردات، بحجة تعزيز قوة العائلة.
وبمجرد أن وطأت قدمه القاعة، تفرقت السيدات في كل الاتجاهات كما لو كنّ يهربن من وحشٍ كاسر.
وبينما كان ينظر إليهن يهربن، وقع بصره على شيء غريب.
‘…كيس قمامة؟’
في نهاية بصره، كان هناك كيس قمامة… يتحرك؟
‘أم أنني أرى… قمامة بشرية؟’
تبين أن كيس القمامة المتحرك لم يكن سوى امرأة..
من هذه؟
لم يكن يتذكر وجهها، لكن لا يمكن لأي شخص أن ينسى امرأة ترتدي كيس قمامة وتتصرف بمرح وكأنها في عرضٍ مسرحي.
وبعد لحظات، اختفت بسرعة من أمامه.
كانت ابتسامتها مشوبة بالجنون، مما جعله يدرك شيئًا واحدًا:
‘مثالية.’
كانت مجنونة تمامًا.
ولكن، قبل أن يتمكن من التفكير أكثر، قاطعه صوتٌ متردد.
“يـ، يبدو أن هناك شيءٌ ما يجري… على أي حال، ادخل، السيدات ينتظرنك.”
آه، صحيح. هناك “مراقب” معي.
كان مستشاره، الذي أرسله جده ووالدته لمراقبته، والذي بالكاد يتذكر اسمه..
“حقًا؟”
“نـ، نعم! يجب أن تتزوج، يا صاحب السعادة!”
“إذًا، ما دمتُ سأتزوج، فهذا يعني أن أي امرأة ستفي بالغرض، صحيح؟”
فتح المستشار عينيه الضخمتين بقلق، وكأنه استشعر خطراً وشيكاً..
“لا، لا! يجب أن تكون من طبقة النبلاء! لا تنس ذلك!”
“أعلم. طالما أنها لا تخرق قوانين الإمبراطورية، فلا بأس، أليس كذلك؟”
“هذا صحيح، ولكن…”
وبينما كان صوت كيس القمامة البعيد يتلاشى تمامًا، وعندما لاحظت السيدات في الداخل أخيرًا وجود الدوق، وتيبست أجسادهن من الرعب…
ارتسمت على شفتيه ابتسامة ذات معنى.
“فهمت. ألغوا جميع مواعيد الحفلات القادمة.”
“هـ، هل تقول هذا فجأة؟”
“أجل. لقد وجدتُ موضوعًا جديدًا للبحث.”
نادراً ما أظهر اهتماماً بشيء.
عادةً، كان ينشغل فقط عندما يعثر على مكون نادر لجرعةٍ ما، أو عندما يصادف وحشًا نادرًا، أو عندما يجد مشروعًا بحثيًا مثيرًا للاهتمام..
لكن الآن…
كان هناك أمرٌ مختلف تمامًا يثير فضوله.
في حين كان المستشار يتصبب عرقًا باردًا و يتمتم في نفسه:
‘هل… هل سيكون هذا على ما يرام؟’
التعليقات لهذا الفصل " 3"