سقط أبيسان أرضًا متدحرجًا بصوت مدوٍ، بعد أن أطلقتُ عليه تعويذة ريح مجددًا.
‘من حسن الحظ أنني توقعت من هذا الأحمق المندفع أن يتصرف بهذه الطريقة، لذا شربت جرعة مسبقًا.’
شكرت الدوق كالينوس في قلبي، ثم فتحت النافذة وأنا أنظر إلى أبيسان، هذا الأبله الذي لا يفقه شيئًا عن السحر.
رغم تعثره وهو يجرّ قدمه، لحق بي من الخلف…
“هل ما زلت تظن أنني نفس الجيزيل الغبية كما في السابق؟”
كان يقف خارج النافذة فارس يرتدي درعًا يحمل شعار عائلة فلوريت.
“هجوم، إذن.”
“نعم، كما توقعت.”
“سأذهب فورًا لإبلاغ الكونت.”
“أنتِ، أنتِ…!”
ابتسمت بازدراء وأنا أحدق في آبيسان المرمى على الأرض.
“يا لك من أحمق.”
لقد اتخذت ماريبوسا قرارًا غبيًا.
لو كان آبيسان ذكيًا حقًا، لكان من الأفضل الإبقاء عليه في العائلة.
لكن آبيسان ليس سوى مندفع فاشل يثير المشاكل أينما حلّ.
توقعت فقط أنه سيجلب مزيدًا من السخط إلى الكونت فلوريت.
‘وإذا افتعل مشكلة واحدة أخرى وهو لا يزال في العائلة، فحتى الأمل الضعيف في عودة ماريبوسا سيختفي.’
لهذا لم أطلب طرده مباشرة.
بل همست إلى الكونت بهدوء:
“كونت، لا أعلم لماذا، لكن لدي شعور سيئ… هل يمكنك تعيين فارس مخلص في غرفتي هذه الليلة فقط؟ سرًا، من فضلك!”
في الوقت الذي كان فيه أبيسان يصرّ على أسنانه شاتمًا،
هرع الكونت فلوريت بعد أن بلّغه الفارس.
“جيزيل!”
أمسك الكونت بيدي وهمس بصوت منخفض:
“هل أنتِ بخير؟”
“أنا بخير. فقط إن تم طرد أبيسان نهائيًا من هذه العائلة ووضعه تحت الإقامة الجبرية.”
عندما ابتسمت، رمق الكونت أبيسان بنظرة باردة.
أبيسان بدأ يركل الأرض بغضب شديد.
“أنتِ، جيزيل فلوريت، أنتِ…!”
“كيف تجرؤ على ممارسة العنف ضد فتاة ضعيفة؟ غادر هذا القصر، آبيسان. ولتُحتجز في بيت حقير مثل والدتك تمامًا!”
رغم كل الشتائم التي تفوه بها، طُرد آبيسان على يد الفرسان.
وبقيت أنا والكونت وحدنا في الغرفة.
“لماذا لم تطلبي ضربه قبل الطرد؟ كم أنتِ رحيمة.”
“طبعًا. أنا دومًا رحيمة. مثل رمل ناعم مطحون. وعلى هذا الأساس، لدي طلب صغير.”
“طلب؟”
ابتسم الكونت بلطف وقال:
“اطلبي ما شئتِ، سألبي لك كل شيء.”
“لم تنسَ وعدك بأن تعطيني مقهى القهوة، أليس كذلك؟”
ابتسمتُ وأحضرت القلم والعقد من على الطاولة.
حان وقت نقل مقهى القهوة، الذي حولته ماريبوسا باسم العائلة، ليصبح ملكًا لي.
***
“م، ماريبوسا والسيد آبيسان تم وضعهما تحت الإقامة الجبرية؟”
“وقد جُرّدا من كل شيء وطُردا؟!”
وبسبب ذلك، طُردت النادلة التي كانت تتكبر على الآخرين مستندة على سلطة ماريبوسا، وكذلك مدير المقهى الفاسق الذي كان يغازل النساء المارات بعبارات وقحة ثم يتذرع بأنها “مجرد مزحة، لماذا كل هذا الغضب؟”.
لكن شخصًا واحدًا لم يكن قادرًا على مغادرة المقهى.
رجل في الخامسة والأربعين من عمره، اسمه ليليريف، كان يعمل طاهياً ونادلاً وبارِستا في آنٍ واحد.
(بارستا هو الشخص الذي يعد القهوة ويقدمها)
‘الطرد… إلى أين أذهب اذا؟’
لم يكن أحد يرغب بتوظيفه، فقد أُصيب بشلل الأطفال في صغره، وترك ذلك أثرًا دائمًا عليه..
وكان قد تم توظيفه في هذا المقهى لأنه كان يرضى بالعمل لقاء أجر شبه معدوم..
‘لا، لا ينبغي أن أستسلم. إن رأت زوجتي وابنتي هذا الحزن في وجهي، سيتألمان.’
كان معيلًا لأسرته.
فرك وجهه كما لو يغسل اليأس عن ملامحه، ورفع حقيبته المتواضعة ليستعد للمغادرة.
عندها فقط، ظهرت جيزيل.
“كما تعلم، أنا من استلم هذا المكان من الكونت فلوريت. وسأعيد تصميمه بالكامل. عم ليليريف.”
“أ… أهنئكِ على ذلك.”
تذكّر أنه كان يمنحها بعض الخبز أحيانًا حين كانت صغيرة، لأنه كان يشعر بالأسى تجاهها.
لم يكن بينهما سوى ذلك.
“حسنًا، وداعًا إذًا.”
قالها بابتسامة مصطنعة وهمّ بالمغادرة…
“إذن، أنا أتطلع لرؤية مهاراتك، عمي.”
“…نعم؟”
مدّت جيزيل يدها لتصافحه بابتسامة.
“أود أن تصبح مديرًا عامًا ورئيس الطهاة في هذا المقهى.”
“ماذا؟ أنا أعرج… وليست لدي خبرة كبيرة كحلواني أو بارستا…”
في أي مطعم أو مقهى، يعتبر رئيس الطهاة وجه المكان.
وكان من الشائع توظيف من يملكون مظهرًا لائقًا، إلى جانب المهارة.
حين همّ بالرفض، ظهر رجل بنظارات وأنف محمر يحمل عقدًا ودفاتر مالية.
“تشرفت بمعرفتك، المدير العام ورئيس الطهاة، ليليريف.”
“م- ماذا؟ تم اتخاذ القرار بالفعل؟”
“نعم. أنا كِيما، المحاسب الخاص بالسيدة جيزيل. والآن، لنبدأ بمفاوضات الراتب، ونراجع الوضع المالي للمقهى.”
“بالطبع، سنتفاوض بشكل عادل.”
“أنا… لا أستوعب ما يحدث…”
“أنت ستصبح في المستقبل أهم من أي رئيس طهاة في القصر الإمبراطوري، لذا أنا فقط أستبق الأحداث.”
“هاها، دعابة لطيفة!”
“أجل، دعابة ممتعة.”
ابتسمت جيزيل وسألته:
“لكن يا ليليريف… أتمنى أن تصبح يومًا أفضل من تلك النادلة، وأفضل من الطاهي الذي كان هنا.”
للحظة، تذكّر ليليريف ما قالته له ابنته ذلك الصباح قبل ذهابه للعمل…
“أبي، أريد أن آكل غزل البنات!”
“حسنًا، سأشتري لكِ غزل البنات عندما أعود من العمل.”
“نعم! اشترِ الكثير والكثير! أبي، ابذل جهدك. أحبك!”
كان رجلاً أعرجًا يتجاهله الجميع، لكنه أراد أن يكون أفضل أب في العالم لابنته.
لأنه كان المسؤول عنها.
“إذا كنتِ تثقين بي… سأبذل قصارى جهدي!”
‘عليّ أن أجتهد، لأشتري غزل البنات لابنتي.’
كان ممتنًا لجيزيل.
‘ليس لأنها لم تحتقرني، بل لأنها رأت فيّ إمكانيات.’
ولأنها منحته فرصة للوفاء بوعده لابنته.
نظر إليها ممتنًا، وابتسمت له بعينين واسعتين.
“أتعلم؟ لقد أحضرت شيئًا من الكونت فلوريت.”
ما أخرجته من صندوق بحجم راحة اليد كان زجاجات تحتوي على الكامنديوم، فلفل عالي الجودة، القرنفل، جوزة الطيب وغيرها.
(م.ت: الكامنديوم مب موجود فالواقع مجرد اسم توابل نادرة في عالمهم)
“الكونت فلوريت كان قد زار جزيرة التوابل.”
“آه…”
“بما أن الكونت استثمر بسخاء ووهبنا التوابل مجانًا، فلتصنع لنا مقهى مميزًا بمكونات فريدة، أيها الشيف.”
الهدية التي منحها الكونت لجيزيل.
كانت تزويدًا غير محدود بالتوابل الفاخرة لاستخدامها في المقهى.
حدّق ليليريف بفم مفتوح في التوابل.
“أ-أيمكنني أنا حقًا استخدام شيء ثمين كهذا؟”
“بقدر ما تشاء.”
صرخ وهو يستعرض مهارة مزج الكامنديوم مع جوزة الطيب..
“سأردّ الجميل بوصفة مذهلة، لا شك في ذلك!”
***
بعد بضعة أيام، امتلأ المقهى بأجواء مشرقة.
وذلك بفضل انتشار الخبر أن المقهى يستخدم توابل مقدمة من عائلة فلوريت.
“بالتأكيد، تطوير وصفات حلوى تعتمد على توابل فريدة يجذب الكثير من الزبائن.”
“أحسنت العمل، ليليريف.”
سواء كانت التوابل التي وفرها الكونت، أو الوصفات التي طوّرها ليليريف، فلم يكن هناك ما يُنتقد.
‘ليليريف يمتلك مهارة ستجعله ذات يوم يلفت انتباه الإمبراطور ويصبح شيف القصر.’
كم أنا سعيدة لأنني سبقته في ضمه إلي!
ابتسمت برضى وأنا أتفقد أجواء المقهى الداخلية.
كانت أصوات شابات نبيلات يتحدثن في مجموعات تُسمع بوضوح.
“واو، هذه أول مرة أشم فيها رائحة غريبة كهذه.”
“إنها توابل مميزة جلبت من جزيرة التوابل. أليست مدهشة؟”
“لكن طعمها أيضًا لذيذ. غريب ومميز في نفس الوقت!”
ما يميز هذا المقهى حاليًا، في الحقيقة…
هو تلك “الرائحة الفريدة” و”النكهة المميزة”.
‘في الماضي، ذلك الوغد المسمى بيرتو، أحضر كمية هائلة من التوابل وطوّر بها أطعمة لذيذة وأصبح ثريًا جدًا.’
ذلك الرجل، الذي أثار فضول الناس بتوابله المستخرجة من جزيرة التوابل، افتتح مطعمًا ومقهى فور عودته.
وبفضل كونه بطل الرواية، نجح المشروعان نجاحًا باهرًا.
‘لكن هذه المرة، أنا من استحوذ على التميز أولاً، أليس كذلك؟’
رغم أنه بطل الرواية وسيحقق النجاح في النهاية، إلا أنني كنت أول من يخطو تلك الخطوة، فلا بد أن يكون لها تأثير.
‘أن أوجه ضربة لذلك الأحمق… إن هدية الكونت فلوريت لا تقدر بثمن.’
وكان هناك ميزة أخرى أيضًا.
ماريبوسا فلوريت لم تحاول الاستيلاء على المقهى من فراغ.
‘المقهى مكان ممتازا لسماع الشائعات.’
بالطبع، ستكون شائعات غير رسمية وغير مؤكدة.
‘فالناس يلينون بسهولة مع فنجان قهوة معطرة وقطعة كعك حلوة.’
وفي مثل تلك الأوقات، لا يمكنهم إلا أن يتحدثوا بصوت أعلى من المعتاد.
بدأت أمشي ببطء في ممر الغرف الخاصة بالمقهى، وأنا أُخفي وجهي.
“هل سمعتِ الخبر؟”
“آه، عن الكونت بيرتو؟”
“يُقال إنه سيقوم برحلة بحرية قصيرة قريبًا.”
عند سماعي ذلك الاسم المألوف وسط أحاديثهن، توقفت دون أن أشعر.
ثم انطلقت ضحكاتهن العالية.
“يقال إن لديه الآن آنسة خاصة به! ويبدو أنه سيخطبها فور عودته من الرحلة!”
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 29"