جلستْ بكل أناقة على المقعد الأرفع وهي تحافظ على ابتسامة خفيفة عند شفتيها.
ولم تخلُ لهجتها من نبرة تهكمية.
ارتجف جسد ماريبوسا وهي تنظر إلى جيزيل الجالسة في أعلى المقاعد.
“أهذا ما أدركتهِ لتوكِ؟ أشعر بخيبة أمل.”
“ها، هاها… ما الذي يحدث هنا…”
“بطيئة في التقاط الإشارات كما هو واضح.”
“……”
“أنا خطيبة الدوق.”
شحبت ملامح ماريبوسا بالكامل.
وفي تلك اللحظة، تمتم دوق كالينوس بصوت خافت.
“بالطبع، يا عزيزتي. أنتِ خطيبتي.”
نظرة التكبر على وجهه أصابت ماريبوسا في الصميم.
***
أول ما ظهر هو وجه ماريبوسا الشاحب كالثلج.
‘كم كانت متلهفة لتتملق سيدة منزل آل كالينوس القادمة؟’
لكن أن تكون تلك السيدة هي أنا… فلا بد أنه كان صادمًا.
ماريبوسا لم تستطع حتى إخفاء تعابير الذهول على وجهها.
ومن الطبيعي ذلك.
فأنا نفسي لم أتخيل أنني سأصير سندريلا بهذا الشكل المفاجئ.
“كيف حالكِ؟ لم أرَ وجهكِ منذ مدة بسبب فترة العقوبة!”
بدا أن كلامي المرح جعل ماريبوسا تفقد القدرة على الرد من شدة الذهول.
“جيزيل جاءت اليوم ومعها الكثيـــر من القصص لترويها. مثل الإشاعات التي تدور حولها…”
فتحت جريدة أخبار النميمة الأرستقراطية من الجيب الداخلي لفستاني، وابتسمت ابتسامة مشرقة.
كان ذلك بمثابة إعلان: سأفضح حقيقتك أمام الدوق قطعة قطعة.
لم تكن تتوقع ذلك، لذا ازداد وجه ماريبوسا شحوبًا.
“ج-جيزيل، ألن تتزوجي قريبًا؟ يجب أن تظهري بصورة حسنة أمام أهل زوجكِ. لا تسيئي إلى عائلتك.”
“همم؟ لكني أؤمن أن الصراحة فضيلة! هكذا ربتني من قامت بتربيتي~!”
“لكن…”
“لنبدأ الآن!”
وبذلك، أُجبرت ماريبوسا على ركوب قطار الهلاك السريع الذي أقوده بنفسي.
“أولًا، الإهانة اليومية كانت جزءًا من روتيني!”
“ماذا تقولين…”
“ثانيًا، كنت أرتدي دائمًا فساتين بالية!”
“لكن هذا…”
“ثالثًا، يداي وعيناي لم تجفا من العمل أبدًا!”
“أوه، هذا بالفعل تصرف تافه.”
وانضم دوق كالينوس إلى جانبي، مما جعل من المستحيل على ماريبوسا الدفاع عن نفسها.
“رابعًا، عائلة فاسدة تمامًا! خامسًا، كانوا يشيعون أنني بلا مانا ويستمرون في اضطهادي!”
ولإثبات وجود المانا، استخدمت سحر ريح بسيط.
“آه!”
اندفعت خصلات من شعر ماريبوسا بقوة وسقطت على الأرض.
“كنت سأقول المزيد، لكن جيزيل تشعر بالكسل الآن.”
يا للدهشة، كم كانت هذه الإنسانة تافهة.
إنسانة تخضع بسرعة لأي سلطة تافهة.
وربما لهذا السبب كانت أكثر قسوة معي.
لكن الآن بعد أن كبرت، أدركت أنها لم تكن تساوي شيئًا.
نظرت إلى عيني ماريبوسا المذعورتين وابتسمت بخبث.
“ماريبوسا فلوريت.”
“ن-نعم؟”
ربما في هذه اللحظة تدور آلة الحساب داخل رأسها بلا توقف.
تفكر أنه إن أصبحتُ دوقة كالينوس، فابنها سيصير رب العائلة.
وتحسب أنني لن أستطيع التخلي عن عائلة فلوريت إذا أردت الاندماج في عائلة كالينوس.
من الطبيعي أن تفكر هكذا.
فمن أجل الحصول على الاعتراف في بيت الزوج، تحتاج المرأة إلى قوة عائلتها الأصلية.
لكنني لا أحتاج هذا الهراء.
“هل قلتِ إنك ترغبين في الدخول في عمل مع دوق كالينوس؟”
“ه-هذا…”
“مستحيل، مستحيل تمامًا. لحسن الحظ، لدى جيزيل خطة أفضل!”
لوحت بيدي بابتسامة ناعمة.
“هذا المقهى، قدّميه لي مجانًا.”
“ماذا تعنين…؟”
“أنا على وشك الزواج، وأحتاج إلى مهر. هذا المقهى مناسب تمامًا!”
رأيت ماريبوسا تشد قبضتها، مما أعاد إليّ ذكريات الماضي.
“جيزيل، أنتِ ستبقين تُسلبين وتُسلبين وتُسلبين دائمًا.”
“لِ-لماذا؟ ماذا فعلت من خطأ…؟”
“كونكِ تجرأتِ ودخلتِ هذه العائلة هو خطؤك.”
لكن، يا للأسف.
الآن، من سيتلقى السلب تلو الآخر هي أنتِ.
“هذا الحلوى لذيذة جدًا! هذه الوصفة التي عملتِ عليها بجهد، أصبحت الآن ملكًا لجيزيل، أليس كذلك؟”
كنت أتناول الحلوى بوقاحة كما لو أنني آكلها نيئة، وأنا أبتسم ابتسامة مستفزة.
وعندما رأيت جسد ماريبوسا يرتجف، شعرت أنني حتى لو شربت ماء الجير، سيكون له طعم لذيذ.
***
“هذا كلام لا يُعقل. كيف يمكن الاستيلاء على عمل تجاري يملكه نبيل آخر؟ حتى لو كانت صاحبة مكانة رفيعة، فهذا مستحيل.”
“هاه، كنت أعلم.”
“نعم، حتى لو وصل الأمر إلى المحكمة بأمر من جلالة الملك، فستربحين القضية. طالما لم يتم التوقيع على العقد، فلا داعي للقلق.”
[هذا كلامها مع المحام]
كانت ماريبوسا عاجزة عن الرد على كلمات جيزيل، وعادت إلى القصر وهي تغلي من الداخل. ثم اندفعت وهي تهذي لتذهب وتبحث عن محامٍ.
رغم أن هذا العالم قائم على نظام طبقي صارم، إلا أن هناك حدودًا يجب احترامها، حتى على النبلاء من الطبقة العليا—وقد تلقت تأكيدًا بذلك.
جيزيل فلوريت، لا أعلم ما الحيلة الخبيثة التي لجأتِ إليها، لكن مقهىّ هذا لن أتنازل عنه أبداً.
رشت الكثير من الرشاوى على نبلاء أعلى مكانة، وأحضرت رأيًا قانونيًا من محامٍ يؤكد أنه لا يمكن الاستيلاء على العمل التجاري.
ساذجة. تظنين أنني سأسقط بسهولة؟
لكن…
في اليوم التالي، وبعد أن عادت بثقة من لقاء المحامي، هرعت إليها وصيفتها والذعر يعلو وجهها، ممسكةً بطرف ثوبها.
“س-سيدتي ماريبوسا!”
“ما الأمر؟”
“يُبنى جدار أمام المقهى الآن!”
“ماذا؟ ما الذي تقولينه؟!”
“الزبائن لا يستطيعون الدخول، وأحد الموظفين الذين حضروا فجرًا عالقٌ في الداخل!”
***
تُـنغ، تُـنغ، تُـدونغ―!
مع صوت بناء الجدار الخارجي، ظهر الطاهي ليليريف الذي كان يمسح عرقه أمام الموقد داخل المقهى.
“ما الذي يحدث؟”
لدهشته، كانوا يبنون جدارًا خارجيًا أمام المقهى مباشرة، تمامًا عند الباب الرئيسي..
خرج مسرعًا، فظهرت على وجوه النادلين والنادلات الذين كانوا يلقون عليه كل الأعمال بينما يتبادلون النكات بلا مبالاة، ملامح الارتباك.
“يا له من هراء. يجب أن نخبر المالكة فورًا ونوقفهم عند حدهم!”
“يا عم، ارجع لعملك بسرعة. إن رآك أحد وأنت تعرج، ستتراجع المبيعات.”
“أوه، فقط اختفِ من أمامي!”
حاول ليليريف التحرك بسرعة على قدمه العرجاء، لكن الحظ لم يسعفه، فتشابكت خطواته وسقط على الأرض.
وسقط من جيب معطفه المهترئ ورقة صغيرة.
الويترِس ذات الشعر الأحمر، التي بدت مستمتعة بالمشهد، التقطت الورقة بابتسامة ساخرة.
“هاه، ما هذه الورقة؟ [آبّا، إيل هيم تو شيجو، هيمني سايو؟ سارانهي يو؟]”
“هـ-هذه من ابنتي…”
“الابنة لا تستطيع حتى أن تكتب بشكل صحيح، والأب أعرج؟ يا لروعة هذه العائلة فعلاً.”
مزّق النادل والنادلة الورقة المجعدة وهم يضحكون بسخرية.
أخفض ليليريف رأسه، محاولًا كتم غضبه وسط الشتائم التي اعتاد سماعها. فمن ذا الذي سيوظف رجلاً أعرج في مطعم؟
وكأن صوت تصفيق من بعيد عبّر عن مشاعره.
“أوه، من هو عديم الأخلاق الذي قام بهذا؟”
ولم تخلُ النبرة من السخرية.
كل العيون التفتت نحو مصدر الصوت.
***
وذلك الـ “من” هو أنا.
كنت أراقب الموقف من بعيد وأنا أسند ذقني إلى يدي، أفكر بهدوء.
‘التصرف بعدم أخلاق في التجارة… مثير للاهتمام.’
التعليقات لهذا الفصل " 27"