الفصل الجانبي 30

 

لكن يمكنني تدارك الأمر بما يكفي.

 

“نعم، سأضع ذلك في الحسبان.”

 

“ولماذا لا تنادينني سيدي؟”

 

“سيدي؟ لست متأكدًا مما يعنيه ذلك.”

 

“…….”

 

الإجابة دائمًا هي: التظاهر بالجهل والإنكار المطلق!

 

***

 

…وبعد أكثر من عشر دقائق من المواجهة،

 

أصبحتُ من جديد أعظم عاملة إسطبل فاشلة على الإطلاق.

 

“أتعنين أنكِ لا تعرفين حتى كيفية تقديم التبن للخيول؟”

 

“نعم.”

 

صحيح أنني في خطر الطرد، لكن لا بأس.

 

على أي حال، ما يهم هو أن يتذكرني كالعاملة الجديدة الفاشلة التي اختفت بعد يوم.

 

لذلك أملت رأسي وقلت.

 

“لقد بدأت العمل منذ فترة قصيرة. ولا أعرف سوى الأساسيات فقط.”

 

“هُمم…….”

 

التمسك بالإجابة “لا أعرف” في كل شيء.

 

ولم تفُتني نظرة خيبة الأمل التي مرت سريعًا على وجه أرسينو.

 

“مع ذلك، بالنسبة لعامل يومي… تبدو في غاية الأناقة.”

 

“ماذا؟”

 

نظرتُ إلى ملابسي. لم تكن أنيقة إطلاقًا. كانت قديمة وعليها غبار وأوساخ.

 

حينها قال أرسينو بصوت منخفض.

 

“عمال إسطبل عائلتنا عادةً لا يرتدون ملابس.”

 

“……؟”

 

هل يعني أنهم يتجولون عراة كالحمقى؟

 

ربما لاحظ أرسينو وجهي المندهش، فابتسم بابتسامة منعشة وقال.

 

“نعم، توقعك صحيح.”

 

لا، هؤلاء ليسوا حتى بشراً…

 

ومع ذلك، بصفتي شخصًا من العالم الحديث الذي يلتزم دائمًا بـ الزمان والمكان واللباس المناسب.

 

وحتى إن تظاهرت بالتصرف كفوضوية، فقد عشتُ طويلًا كنبيلة…

 

ولهذا، كل كلمة من كلماته بدأت تصيبني بالصدمة شيئًا فشيئًا.

 

فجأة، نظرتُ من دون قصد ناحية فينتين.

 

‘لا، كان المفروض تخبرني بهذا مسبقًا!’

 

…لكن حتى لو قال لي ذلك من قبل، لا أدري إن كنت سأستطيع التجول عارية الصدر كما يفعلون.

 

‘آه، سيكون الأمر مزعجًا إن أعجب بي حقًا.’

 

في الواقع، حتى أن أُترك كعامل إسطبل غريب الأطوار ومثير للفضول، كان أمرًا خطرًا.

 

‘تأثير الفراشة… لا أحد يعرف كيف سيحدث.’

 

فمجرد أن يتذكر شخص من الماضي وجودي، يعتبر بالفعل مشكلة كبيرة.

 

بعد أن رحل أرسينو، جلست أنظف روث الخيول وأنا غارقة في التفكير.

 

‘هل كان مجيئي إلى هنا خطأ؟’

 

شعرت وكأنني عبثت بخلية دبابير، وأخذت أستعيد شيئًا من الندم، حينها بالضبط، انتزع فينتين المجرفة من يدي وهو يزيل الروث باحترافية.

 

“لو تركتِ الأمر لي، سأُنهيه أسرع.”

 

“آه.”

 

ابتسم ابتسامة جانبية.

 

“أنا أسرع منكِ بالتأكيد.”

 

كيف يمكن لفيتين أن يكون أسرع؟

 

‘صحيح أنه أقوى مني في القوة البدنية والتحمل والدفاع… لكن!’

 

عندي على الأقل مهارات تفوقه تقنيًا!

 

كنت أنظر إليه متسائلة بجدية، فقال.

 

“تعلمت ذلك من أخي الكبير عندما كنت صغيرًا.”

 

“آه….”

 

نعم، هذا منطقي.

 

‘بما أنه تعلم من ذلك الأخ الغريب، فمن الطبيعي أن تكون مهاراته في الحفر بالمجرفة مذهلة.’

 

وبينما كنت أتمتم داخليًا متذكرة مواقف أرسينو العجيبة، قال فينتين.

 

“على كل حال، أنا سعيد لوجودي بجانبكِ، جيزيل.”

 

بل والأدهى، أنه قالها وهو لا يعلم شيئًا عما يجول في خاطري، وعلى وجهه تعبير راضٍ ومطمئن.

 

حتى وإن تغيرت ملامح وجهه… إلا أنني أعرف هذا التعبير جيدًا.

 

إنه نفس التعبير الذي يعلو وجه والد أو أم يفتخران بابنهما.

 

“أأنت سعيد فعلًا؟”

 

حتى بنبرة كلامي التي حملت بعض الضيق، لم يلحظ شيئًا،

فقط رفع حاجبيه بهدوء وكأنه يسأل مستغربًا.

 

“نعم، أليس الأمر جيدًا؟”

 

“همم…….”

 

صحيح أن الوضع الحالي كان مأزقًا، لكن… لماذا؟

 

لماذا تستمر الإبتسامة في التسلل إلى وجهي؟

 

‘لم أرَ فينتين من قبل بوجه مسترخ كهذا.’

 

لم أكن أعلم أن فينتين كالينوس قادر أصلًا على إظهار مثل هذه الطمأنينة والسعادة.

 

ولهذا، لم أرغب في إيقافه الآن. لأن الشخص الذي أحبه… بدا سعيدًا.

 

***

 

…لا، هل أنا أسأت الفهم مجددًا؟

 

كنت فقط أتصرف كعاملة إسطبل عادية، أهتم بالخيول قليلًا،

ثم أمسكت مجرفة مريحة في يدي وأخذت أحدّق حولي.

 

فجأةً، تماوجت الرؤية أمام عيني بشكل مخيف، وكأن دوارًا شديدًا اجتاحني.

 

حين أغمضت عيني بقوة، أمسك فينتين بكتفي بقوة وقال.

 

“أتشعرين بالدوار، جيزيل؟”

 

“نعم.”

 

“أنا كذلك. يبدو أن شيئًا ما حدث.”

 

استندت إلى دفء يديه واستعدت بالكاد وعيي، ثم أسرعت وأخرجت من جيبي مُتحكّم الزمن.

 

كان أداة سحرية قادرة على إيقاف الرحلة الزمنية فورًا.

 

“الخط الزمني بدأ بالتحرك مجددًا، جيزيل.”

 

تمامًا كما قال.

 

غصت يدي في الجيب بسرعة أكبر، وقبضت بإحكام على المتحكّم.

 

رحلة الزمن لم تكن سهلة كما تبدو، ولها دومًا آثار جانبية.

 

أغمضت عيني ثم فتحتها مجددًا وقلت بحزم.

 

“فينتين.”

 

“……نعم.”

 

“ربما تركنا انطباعًا قويًا عند الناس هنا، لذلك يحدث هذا.”

 

“……من الآن فصاعدًا، يجب أن نكون مجرد العامل ‘أ’ و عامل الإسطبل ‘ب’ لا أكثر.”

 

“فكرة جيدة.”

 

لكن… إن مضى كل شيء بسلاسة هكذا، هل سيكون ذلك حقًا لذلك معنى؟

 

بالطبع، منذ البداية خطتنا تعطلت.

 

وللمفارقة، أول عقبة أمامنا كان أرسينو.

 

***

 

‘أليس أرسينو يزور الإسطبل كثيرًا جدًا؟’

 

عادةً ورثة الدوقات لا يترددون على الإسطبل كما لو كان غرفتهم الخاصة.

 

فلماذا خلال يوم واحد فقط قابلته مرات عديدة؟

 

حتى عندما كنت أجمع علف الخيول في الحقل وأقوم بتجفيفه…

 

“أوه، أهلًا يا سائقة العربة.”

 

“عاملة إسطبل.”

 

“هاهاها! لا فرق، أليس كذلك؟”

 

…ما هذا؟ كم هو مستفز.

 

‘سأتحمل، فقط لأنه شقيق فينتين.’

 

لكن، حتى لو لم يكن شقيق فينتين، ماذا عساي أفعل؟ أنا مجرد مسافرة عبر الزمن لا حول لها.

 

‘سأبقى هادئة وحسب.’

 

في تلك اللحظة، صفّر أرسينو ونظر إلى فينتين متذمرًا.

 

“مريب.”

 

“نعم؟ ماذا تعني؟”

 

“أخي الأصغر أيضًا لديه شامة هنا، فوق حاجبه.”

 

“……؟”

 

ذكر أخيه فجأة؟

 

‘كنت أظن أنه لن يكتشف الأمر أبدًا لأن الملامح مختلفة تمامًا!’

 

ارتسم الجمود على وجه فينتين.

 

“حتى أسلوب كلامك… يشبهه تمامًا.”

 

……مع أنني كنت واثقة أن تنكّرنا مثالي.

 

‘لا، لم يكن مجرد تنكر. لقد غيّرنا شكلنا فعلًا!’

 

طوله بقي كما هو، نعم… لكن ملامحه مختلفة تمامًا.

 

مع ذلك، شعرت بتوتر غريب جعلني أمد يدي تلقائيًا إلى جيبي.

 

كان المتحكّم موجودًا هناك، قادراً على إيقاف الرحلة.

 

لكن فجأة— شرر! طقطق!

 

انبعثت شرارات صغيرة من المتحكّم.

 

تراجعت مذعورة.

 

‘هل أصابه عطل؟’

 

…هل من الممكن أن أرسينو اكتشف الأمر حقًا؟

 

‘أم أن مجرد تعرفه على ملامحنا تسبب بخلل في الزمن؟’

 

هذا الاحتمال أقرب إلى الحقيقة.

 

‘إذن، فور انتهاء الموقف، يجب أن نغادر.’

 

لكن أولًا عليّ التأكد من سلامة المتحكّم.

 

إلا أنه… مجرد عاملة إسطبل عادية تعبث بجيبها أمام وريث دوق كالينوس؟

 

‘مستحيل. قد تُقطع رقبتي في الحال.’

 

بل والأسوأ، لو لاحظ أرسينو الجهاز وصادره؟ ستكون كارثة.

 

وبينما أفكر بهذا وأنا أحدّق أمامي، كان أرسينو يحدّق في فينتين المتنكر، يلمس ذقنه ويبتسم بخبث.

 

“لماذا تبدو متوترًا هكذا؟”

 

شدّ فينتين شفتيه بإحكام.

 

وأرسينو ابتسم باتساع أكبر.

 

“انظر، حتى طريقة استخدامك لعضلات وجهك ليست طريقة عامل إسطبل.”

 

‘أي نوع من ‘عضلات وجه عامل الإسطبل’ هذا؟ ومن أين تعرف أصلاً؟’

 

‘ما الذي يجري على وجه الأرض؟’

 

نظرت إليه بدهشة لا أستطيع إخفاءها، فغمز أرسينو وقال ضاحكًا.

 

“ربما تكونان توأمين ضائعين؟”

 

“…….”

 

“لا خيار. عليّ أن أخبر والدي بهذا.”

 

‘يا لهذا المجنون. استفق!’