انتزعتُ <سجل أبحاث السفر عبر الزمن> ووصلتُ إلى مدخل مكتبة برج السحر.
“بيلا؟”
“مرحبًا.”
كيف لم أنتبه لهذا من قبل؟
أن مؤلف <سجل أبحاث السفر عبر الزمن> كان طوال الوقت إلى جانبي!
إنها زميلتي في السكن.
لا عجب أنني وجدتُ شخصيتها غريبة الأطوار…
…وأدركتُ في أعماقي أن شخصًا بهذه الغرابة وحده هو من يمكنه الانغماس في بحث السفر عبر الزمن، وهو مشروع لا يدر مالًا وفرص نجاحه شبه معدومة.
جلستُ في المكتبة، وأعطيتُ زميلتي الكئيبة، المنهمكة في أبحاث جديدة، حزمة من المشاريع البحثية.
لم أكتفِ بسجل أبحاث السفر عبر الزمن، بل جلبتُ أيضًا بقية أبحاثها التي سُرقت.
“خذي، أولئك الجشعون سرقوا هذه الأوراق كي يمنعوكِ من مواصلة البحث، أليس كذلك؟”
“آه؟ أ- أجل…”
أطرقتْ رأسها بأسى.
“الآن يمكنكِ استكمال أبحاثكِ. لقد انتهى أمرهم، وهذا رائع أليس كذلك؟”
“ماذا؟ لحظة، كيف وجدتِ هذه؟ وهل سلّموكِ كل هذه المشاريع ببساطة؟ أنا أصلاً كنتُ قد قلتُ لكِ ألا تضيعي وقتكِ على أبحاث تافهة كهذه، التي لا عائد لها…”
ترهات.
صحيح أنهم بلا مهارة ولا أخلاق، لكن لديهم عين خبيرة بما يكفي ليحاولوا نسب هذه الأبحاث لأنفسهم وتقديمها إليّ كمَن أنجزها.
لكن لا فائدة من شرح ذلك، فاكتفيتُ بهز كتفي.
“القصة طويلة، لكن نعم… سلّموها لي.”
حين شرحتُ الأمر باقتضاب، اتسعت عيناها دهشة، ثم احتضنت أبحاثها وانطلقت مسرعة لتبشّر الآخرين بعودتها.
في الأصل، ما فعله أولئك الثلاثة بسرقة أبحاث الآخرين وتقديمها باسمهم أمر منافٍ لكل منطق.
لكن، في الحياة، تحدث أحيانًا أمور غير منطقية كهذه…
كأستاذ جامعي يسرق إنجازات طلاب الدراسات العليا.
هؤلاء الثلاثة كانوا مجرد مساعدين، لكنهم تصرفوا كأنهم أساتذة، وهذا هو الجنون بعينه.
لكن أعتقد أن الأمر قد انتهى الآن.
غير أن زميلتي، التي أعلنت أنها ستوزع الأبحاث على زملائها، عادت بعد قليل ومعها جمع غفير من الناس.
“أأنتِ… بيلا، صحيح؟”
“…همم؟”
المكتبة التي كانت شبه خالية صارت تغص بالناس، كلٌّ منهم يحتضن مشروعه البحثي، ثم ينحني ليحييني.
“هل صحيح أننا نستطيع استكمال أبحاثنا؟”
“أجل.”
لمحتُ من طرف عيني الورقة الأولى في إحدى الحزم التي يحملونها.
لكن… لماذا على وجه الأرض يدرس أحدهم <طرق زيادة تكاثر الصراصير>؟ لا يهم، ما داموا سعداء…
“ك- كل الشكر لكِ.”
“ومنذ حضوركِ إلى هنا لم نتعرض للمضايقة.”
“ونحن… نعتذر لأننا كنا نتجاهل ما يحدث.”
“همم.”
“…كنا نرى ما تتعرضين له من تنمر…”
‘أنا من كنت أتنمر عليهم من الناحية النظرية.’
ويبدو أنهم شعروا بشيء غريب، إذ خفتت أصواتهم.
ولأنني فهمتُ شعورهم، قلتُ بلطف متعمد.
“لا بأس.”
“صحيح، لو تدخلنا لزاد الأمر سوءًا عليكِ.”
“بصراحة، هذا صحيح…”
“حتى أننا لم نعد نعرف إن كان ما يحدث حقًا يُسمّى تنمرًا…”
في الحقيقة، نعم، كان تنمرًا… وأنا المعتدية.
لكنني تمسكتُ ببراءتي المزعومة.
“إنه تنمر فعلًا.”
“صحيح! فالعادة أن من يتعرض لهكذا مضايقات إما ينهار مثلنا، أو يترك برج السحر.”
“لكن بيلا دائمًا ما تتصدى لهم بشجاعة.”
“وكان ذلك يثلج صدورنا!”
“أوه.”
“حقًا شكرًا لكِ!”
يا للمصيبة… كنتُ أبحث عن بعض التسلية، فإذا بي أتلقى كلمات امتنان كهذه.
نظرتُ إلى وجوه هؤلاء السحرة الطيبين، وأحسستُ بحرج شديد.
ربما كان سماع الشكر أصعب عليّ من إحداث الفوضى.
ثم قال أحدهم بحذر.
“وبفضلكِ، صار لدينا ما نفعله.”
“…ما تفعلونه؟”
أجابوا بصوت خافت.
“سمعنا أن دوق كالينوس سيزور البرج، وربما نتمكن من عرض نتائج أبحاثنا أمامه!”
“بالطبع لن يرعانا شخص مثله، لكن…”
“لطالما سلبتنا تلك المجموعة أي فرصة للعرض، والآن استعدنا أبحاثنا…”
“قد تسنح لنا فرصة هذه المرة.”
رأيتُ الحزن في وجوههم، لكنني كنت أعلم أن الحكم على قدرات الباحث بمجرد أنه ساحر من الدائرة الأولى هو نوع من التحيز، تمامًا كما أن زميلتي برعت في دراسة السفر عبر الزمن.
ابتسمتُ بثقة.
“ستتمكنون من العرض حين يحضر دوق كالينوس.”
“نتمنى ذلك…”
“ومن يدري؟ إذا عرضتم مشروعًا جيدًا، قد تحصلون على وصاية. فلِم لا تبذلون جهدكم؟”
***
مضت الأيام، واقترب موعد زيارة دوق كالينوس لبرج السحر.
صحيح أنني أفتقد قليلاً متعة إخفاء قوتي، لكن…
بعد رحيلي، بقي الثلاثي يتسكعون حتى كادوا يذبلون، قبل أن ينقذهم أحد الأساتذة. ويبدو أن الشكوى ضدهم لم تُجْدِ.
صاروا الآن يعيشون برؤوس مطأطأة.
لكنني ما زلت أراقبهم؛ فالدوق كالينوس لم يأتِ بعد، ولا الكونت ميلاندورف أيضًا.
كانت هناك مشكلة غير متوقعة.
ازدياد اقتراب السحرة من الدوائر الدنيا مني.
وخصوصًا في قاعة الطعام العامة بالبرج.
“تلك هي بيلا التي هزمت ثلاثة رجال دفعة واحدة!”
…حتى الهمس أسمعه جيدًا.
“سمعنا أن قوتها الجسدية خارقة.”
أسمعكم، يا رفاق.
تظاهرتُ بتجاهلهم، ثم التفتُّ أنظر إليهم فجأة، فشهقوا وأشاحوا بوجوههم.
ومع ذلك، اقترب مني أحدهم.
“آه! بيلا، خذي هذه.”
“…ما هذا؟”
“زهرة صنعتُها من نتائج بحثي، ظننتُ أنها ستعجبكِ. إنها لا تذبل أبدًا!”
قبل قدومي، كان ترتيب السحرة في البرج راسخًا
الأول: الأقوياء أصحاب النفوذ.
الثاني: الأقوياء بلا نفوذ، المنفيون إلى مراتب أدنى.
الثالث: الضعفاء بلا نفوذ، الذين يحبون السحر فقط.
عادةً ما يسرق الصنف الأول إنجازات الثاني.
أما الثالث، فيعيش صامتًا، يتعرض أحيانًا للتنمر.
والساحر النحيل المتسخ الذي أمامي الآن كان من الصنف الثالث.
“أوه، شكرًا.”
“مقارنةً بما فعلتِ لأجلي، فهذا لا شيء.”
“لا أذكر أنني فعلت شيئًا…”
قاطعتنا زميلتي وهي تتناول طعامها ببرود.
“هو نفسه الذي كان الثلاثي يضايقونه أكثر من غيره.”
“على كل حال… شكرًا.”
نظرتُ إليه وأنا أفكر بدهشة.
‘تصرفاتي المتهورة، التي كانت في الأصل للبحث عن الإثارة، صارت بالنسبة لشخص آخر أعظم مساعدة نالها.’
أمر غريب فعلًا.
ابتسمتُ وأومأتُ برأسي.
لكن… حان وقت الاستعداد للنهاية.
***
في هذه الأثناء، كان الثلاثي قد تواصلوا مع الكونت ميلاندورف، ليخبروه أن ساحرة من الدائرة الأولى تدعى بيلا اكتشفت أسرارهم.
وبينما كانوا ينتظرون ردّه بقلق، جاءهم الجواب المثالي.
صرخوا فرحًا.
“دوقة كالينوس، جيزيل كالينوس، ستأتي أيضًا لحضور العرض!”
“ماذا؟ تلك الساحرة العظمى؟”
تلألأت عينا غولد الذهبية.
‘رغم أن قوتنا سُلبت وما زلنا ضعفاء… إلا أن أمامنا فرصة!’
لقد جاء اليوم الذي سيطأون فيه بأقدامهم على جميع الحثالة…
وينالون اعتراف الساحرة العظمى الدوقة جيزيل كالينوس.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 171"