“إذا تمكّنا من نيل رضا دوقة كالينوس، الساحرة العظمى، فستتغير حياتنا تماماً.”
“أوه…”
تذكروا جميعاً الدوقة جيزيل كالينوس.
هم أيضاً كانوا يعرفونها جيداً.
زوجة الدوق فينتين كالينوس، وابنة ساحر عظيم، وهي نفسها ساحرة عظمى.
ألم تُعرف في أرجاء العالم باسم موجي؟
“إذن…”
في تلك اللحظة، تلألأت أعين الثلاثة: جولد، سيلفر، وبرونز.
“علينا إذاً تنفيذ أوامر الكونت بسرعة.”
وبينما كانوا يتبادلون النظرات الجادّة، بادر برونز قائلاً.
“أيها الرفاق… لنبدأ أولاً بالتخلص من تلك الحقيرة، بيلا. لا تعجبني.”
“حسناً، فلنفعل ذلك.”
“لنبدأ.”
“نعم، لنفعل.”
قهقه جولد، وأخرج من جيبه كيساً صغيراً.
ذلك الشيء العظيم الذي مكنهم من القفز من مجرد سحرة من الدائرة الأولى إلى أعلى المراتب.
***
بعد أن أنهيت حديثي مع رفيقة الغرفة، جئت إلى قاعة الطعام بعد أن أنهيت جميع دروسي، فقط لأتناول وجبتي.
“أوه…”
تظاهرت بمبالغة وأنا أضع يدي على فمي وأطرف بعيني.
بعبارة أخرى…
نعم، ما رأيته أمامي كان تنمرا صريحا.
كنت قد سكبت بعض الحساء في طبقي، لكنني وجدت فوق حساء الطماطم دودة صغيرة تتلوّى.
أسندت ذقني بكفي، وأنا أرمق الطبق بملامح مستغربة.
“ما هذا؟”
يبدو أن هناك ما لا يقل عن مئة دودة في هذا الحساء.
“تجاوزتم الحدود.”
كنت أعلم تماماً من فعلها.
رمقت الثلاثي وهم يضحكون على الطاولة المقابلة.
لكن، بصراحة…
قبل أن أولد من جديد، كنت قد مررت في كوريا بجميع أنواع المعارك، البرية والبحرية والجوية.
هل تعلم أن الصراصير تحب حبّات القهوة لدرجة أنها تعيش في المقاهي؟
وهل تعلم أن العمل في “سوق الخيار” صيفاً لاصطياد الحشرات يدرّ أجراً مغرياً؟
أنا أعرف ذلك جيداً… إلى حد الإزعاج.
لذا، يمكنني التخلص من هذه الديدان مغمضة العينين.
لكنهم لا يعرفون ذلك.
ابتسمت ابتسامة مشرقة وتناولت ملعقة من الحساء.
“آه، لذيذ للغاية.”
لا بد أنهم يرونني الآن كمجنونة تأكل الديدان حية.
بالطبع، أعدت جميعها إلى الطبيعة بالسحر قبل أن أتناولها.
ابتسمت في هدوء.
“هل قائمة اليوم قائمة حشرات خاصة؟”
ابتسمت مجدداً وأنا أتناول لقمة أخرى، فرأيتهم يبدون وجوهاً مذعورة.
يعجبني هذا.
معدل رضاي الوظيفي هذه الأيام في القمّة.
غمزت لهم بخفة، فجاؤوا نحوي بوجوه غاضبة.
“أنتِ… ما الذي…!”
“لكنها ديدان حقيقية!”
أجل، لقد استخدمت عليهم سحر الوهم.
“أوه، لمَ هذا يا ترى؟”
ابتسمت وأنا أريهم الحساء المليء بالديدان الطافية.
لم يخطر ببالهم حين وضعوها في طبقي…
طرقت الأرض برفق.
“أتمنى لكم وجبة شهية.”
“هع… غبية.”
“أتظن أننا سنرتدع بهذا؟”
“إنها الخاسرة الوحيدة هنا.”
لا، لستُ أنا الخاسرة. ولِمَ آكل ديداناً لأجلكم أصلاً؟
“على كل حال، لقد أنهيت طعامي، إلى اللقاء.”
وقفت، وألقيت نظرة على أطباقهم التي عادوا إليها ليأكلوا.
لكن لا بد لي من إنهاء المشهد.
وضعت طبقي في مكانه وسألتهم بابتسامة مصطنعة.
“بالمناسبة، جولد، سيلفر، برونز… هل طعامكم لذيذ؟”
“…..”
“ما هذه المرأة المجنونة؟”
هل انتم مستاءون؟ لا أحد يتمتع بفطرة سليمة أكثر مني.
“أوه! ربما لم يكن طبقي وحده يحوي ديدان. لمَ لا تتحققون بسرعة؟”
ابتسمت ابتسامة واسعة، فارتسمت على وجوههم ملامح الاشمئزاز.
برونز، وهو أضعفهم، بصق شيئاً لا إرادياً، ثم اتسعت أعينهم فجأة.
نعم، لديكم ديدان في حسائكم.
أنا من وضعتها.
وليس مجرد ديدان صغيرة لطيفة، بل صراصير ضخمة.
“آآآآه!”
مع صرخاتهم الحادة، انهار برونز على الأرض، وتبعه جولد وسيلفر بعويل يصم الآذان.
يا لهذا اللحن الجميل.
خرجت من القاعة وأنا أشعر وكأني غادرت حفلة موسيقية.
كيف طعم الحشرات؟
آه، منعش. ممتع كما توقعت.
ثم… سرقت ما في جيوبهم باستخدام سحر “الاستيلاء”.
كنت قد تعمدت استفزازهم لتشتيت انتباههم عمّا في جيوبهم.
ابتسمت وأنا أتأمل الأداة السحرية المسروقة، وعليها عبارة…’عائلة كونت ميلاندورف.’
ميلاندورف، إذن… وجدت العقل المدبر.
في تلك اللحظة، أرسلت رسالة إلى زوجي، دوق كالينوس، أطلب منه الحضور رسمياً إلى برج السحر، إذ إن الأمور على وشك أن تُحسم.
***
“هل أنتِ بخير؟”
خرجت من دورة المياه بعد أن تفحّصت الأداة السحرية، فبادرتني رفيقة غرفتي، وهي ساحرة أكبر مني، بقلق.
“نعم؟”
“اليس هذا دواءًا لحماية المعدة. لا بد أنكِ تقيأتِ.”
لم أفعل.
كنت فقط أغسل يدي جيداً.
“أنا قلقة عليكِ… فأنتِ وإن تظاهرتِ بالقوة، إلا أنكِ تحملين قلباً حساساً.”
“عفواً؟”
“قرأت في كتاب أن من يتظاهرون بالقوة مثلكِ غالباً ما يكونون أضعف من الداخل.”
ما بها هذه المرأة؟
تبدو لطيفة، لكن في عينيها شيء من الجنون.
إن كنت سأبقى هنا طويلاً، فلا بد أن أبدل رفيقة الغرفة.
وبينما كنت أفكر، اقتربت مني وهمست.
“عليكِ الحذر. أعلم أنكِ مميزة…”
“همم…”
“لكنّ أحداً لم يجرؤ من قبل على مضغ حشرات لردعهم.”
ارتجفت وهي تتابع.
“هؤلاء الثلاثة… هناك سبب لعدم قدرتنا على المساس بهم.”
“أعلى منا مرتبة؟”
“ليس هذا فحسب. إنهم مدعومون من نبلاء كبار.”
آه، نبلاء كبار إذن…
وضعت يدي على الأداة السحرية في جيبي وسألت.
“عائلة كونت ميلاندورف؟”
“نعم! كيف عرفتِ؟”
تذكرت فجأة…
ذلك الكونت جاءني حاملاً سبائك الذهب، محاولاً التقرّب مني.
أظنني طردته حينها من شدة الإزعاج.
وضعت يدي على ذقني أفكر. هل هو أصل الفساد؟
إضافة جديدة إلى قائمة من سأحاسبهم لاحقاً.
قالت رفيقتي بجدية.
“أرجوكِ، كوني حذرة. لا أريد أن أرى الساحرة الجديدة ترحل، كما حدث مع من سبقوكِ. لم يصمد أحد أمام مضايقاتهم.”
“إذن، أشبه بعصبية المكان ضد الغرباء؟”
“بالضبط. كثيرون تركوا البرج لهذا السبب.”
ارتسمت ابتسامة على شفتي.
أجل، حتى في كوريا كنت أرى هذا النوع من المضايقات في أماكن العمل.
تلألأت عيناي.
“لو أنهم يختفون، لأمكننا التركيز أكثر على أبحاثنا.”
“أي أبحاث؟”
احمر وجهها فجأة.
“آه، لا أستطيع القول… هذا محرج.”
“؟”
“ثم إنني لستُ بارعة جداً في الأبحاث…”
كانت كل جملة تقولها تنتهي بتقليل شأن نفسها.
هل السبب أنهم يحتقرونها كساحرة من الدائرة الأولى؟
حتى بقية الموجودين بدوا ذوي ثقة مهزوزة.
ربما إن رفعتُ من معنوياتهم، سيعملون بجد أكثر؟
ابتسمت وأنا أمسّد ذقني.
“حسناً، سأساعدكِ. لا تقلقي.”
التعليقات لهذا الفصل " 168"