الجانبي 16
#الجزء الثالث من القصص الجانبية: جيزيل، الساحرة العظمى، تذهب إلى برج السحر
“أعتقد أنني ما زلت غير كافية.”
“…فجأة هكذا؟”
حين نطقتُ بهذه الكلمات بعينين لامعتين أثناء قراءتي في المكتبة، رمقني فينتين بنظرة مستغربة.
“نعم، عندما قرأت عن السحرة الآخرين في هذا الكتاب، شعرت بذلك.”
نظر فينتين إلى غلاف الكتاب الذي كنت أطالعه.
“《تاريخ أبراج السحر وعلم أنساب السحرة العُظماء》، إنه كتاب ذو قيمة بحثية.”
….كنت أنوي القول إن الكتاب ممل.
‘إنه كتاب قد يعجب فينتين فقط.’
أومأت برأسي بكسل.
“على أية حال، أظن أنني بحاجة إلى المزيد من التدريب.”
“تدريب، هاه…”
“نعم، لو ذهبت للتدريب في مكان بعيد، سأستطيع البحث أكثر، وربما أجد أشياء ممتعة أيضاً.”
في كتاب 《تاريخ أبراج السحر وعلم أنساب السحرة العظماء》، كان هناك مضمون من هذا النوع.
سحرة كثيرون ذهبوا إلى أماكن جديدة للتدريب، واكتسبوا فرصًا نادرة خلال ذلك.
بفضل ذلك، تطورت قدراتهم بشكل كبير—شيء من هذا القبيل.
“إلى أين تفكرين بالذهاب للتدريب؟”
“في الحقيقة، تلقيت دعوة غريبة نوعًا ما.”
أخرجت دعوة كنت قد استخدمتها كفاصل في الكتاب، وناولته إياها.
[ندعو السيدة جيزيل، الساحرة العظمى، إلى برج السحر في الصحراء.]
“برج الصحراء؟”
“نعم. يُقال إنه من بين أبراج الإمبراطورية، كان يتمتع بأعلى مكانة، لكن مؤخرًا، يبدو أنه بدأ ينهار.”
“صحيح. وفوق ذلك، يُعرف بانغلاقه الشديد.”
فتح الدعوة بتعبير حائر، وأومأتُ برأسي.
“قالوا إنهم يريدون دعوتي كأستاذة هناك.”
“كأستاذة…”
“نعم. لكني لا أريد فعلًا أن أكون كذلك.”
عندما نطقتُ بجفاف، ارتسمت ابتسامة طفيفة على شفتيه.
“لكن، المهم في الأمر…”
“…نعم؟”
“بعد أن بحثت قليلًا، عرفت أن هناك فريقًا في برج الصحراء كان يعمل على أبحاث تتعلق بسحر الزمن. ويبدو أن الأمر مثير للاهتمام، لكن فجأة توقفت أبحاثهم.”
“…وإذن؟”
“أريد أن أنقل أولئك الباحثين إلى مختبري.”
كنت أرغب في رؤية والدي مجددًا.
لم أقل ذلك، بل اكتفيت بابتسامة هادئة. ومع ذلك، تمتم فينتين بصوت منخفض.
“في هذه الحالة، سأذهب لجلبهم.”
“لا.”
ابتسمتُ وأنا ألوّح بالدعوة.
[إلى السيدة دوقة كالينوس، نرجو مساعدتكم. نرجو منكم تطهير برج السحر الذي تغلغلت فيه الفساد والمحسوبية، بقوتكم العظيمة.]
“يقال إن البرج فاسد جدًا، أليس كذلك؟ كل المميزين يُجردون من إنجازاتهم، ويبدو أن حتى سيد البرج لا يستطيع فعل شيء.”
“…لا يجب تقتربي منهم أبدًا.”
زمّ شفتيه وعضّ على أسنانه.
لكنني فقط ابتسمتُ له ابتسامة مشرقة.
“لمَ لا؟ ألن يكون ممتعًا؟”
وكأنه شعر بشيء مريب، رد علي بنبرة غريبة.
“ما الذي سيكون ممتعًا بالضبط…؟”
“أقصد أنني سأذهب لأُؤدّب أولئك الأوغاد الذين يسرقون مجهود غيرهم ويضطهدون الضعفاء، ثم آخُذ فريق أبحاث سحر الزمن كغنيمة.”
“لا، ما هذا الذي…؟”
عندها فلتت الكلمات من فمي دون تفكير.
“أنا… أشعر بملل شديد. أريد أن أذهب وأستمتع قليلاً.”
صحيح أن قضاء الوقت بهدوء مع فينتين أمر ممتع.
لكن حياتي مؤخرًا أصبحت ساكنة أكثر من اللازم.
“بعبارة أخرى، أعاني من نقص الدوبامين.”
تنهدتُ وأنا أقبض على الدعوة مجددًا.
“هممم…”
يبدو أن الجميع من حولي يعرفون أنني قنبلة موقوتة تمشي على الأرض، ولهذا يلتزمون الصمت.
وفوق ذلك، كوني “زوجة الدوق” يمنعني حتى من التسبب بأي فوضى، وهو أمر مُحبط.
أن يتم مدحي حتى على أخذ قيلولة… هذا مبالغ فيه.
‘الأمر لطيف، نعم، لكنني بصراحة أشعر بالضغط. إنه غير مريح.’
ومع ذلك…
“حسنًا. اذهبي إذن. على أي حال، أولئك الأوغاد في برج الصحراء لن يجرؤوا على معاملتكِ باستخفاف.”
وبينما كنت أترحم على سكان برج الصحراء الذين تم تخفيض رتبتهم إلى “أوغاد” دون علمهم، فكّرت.
“أمم… هذا مزعج قليلاً.”
“عذرًا؟”
“قلت إنني أريد أن أُحدث بعض الفوضى، أليس كذلك؟”
“…..”
“إذا لم يعاملوني باحتقار، فلن أستطيع أن أتظاهر بأنني مضطهدة، ثم أكشف هويتي لاحقًا بطريقة درامية وأفضح فسادهم. ألن يكون هذا ممتعًا؟”
نظر إليّ بجدية، ثم سأل بهدوء.
“…جيزيل، أنتِ تشعرين بملل شديد، أليس كذلك؟”
“بصراحة، نعم.”
في هذا العصر المسالم، حيث اختفى كل أولئك الذكور التافهين من رواية الندم… أشعر بملل قاتل.
“لقد فكرت في خطة يمكنني من خلالها المساهمة في إصلاح برج السحر.”
قلتُ ذلك بجدية.
“الاسم الرمزي: ‘الساحرة العظمى التي تخفي قوتها’. هل ترغب في الاستماع؟”
***
أن أزور برج السحر في الصحراء بكل بساطة؟
في هذه الحالة، الجميع سيُعاملني كالـ”ساحرة العظمى، السيدة جيزيل، دوقة كالينوس”.
وهذا ما لا يمكنني تحمّله.
لذا، قررت أن أستخدم أدوات سحرية للتمويه، وأصنع هوية مزيفة، وأتسلل إلى البرج متخفية.
“هذا خطر. لا يمكنكِ الذهاب.”
“لكني ساحرة عظمى، أليس كذلك؟”
“رغم ذلك، إنه خطر. إن حاول الأوغاد هناك إيذاءكِ، فقد تتأذّيـ…”
“….؟”
“قد… لا تتأذين، لكن على كل حال، سأنصرف الآن.”
“آه، تهرب فقط لأنكَ لا تجد ما تقوله، أليس كذلك؟”
في الحقيقة، إقناع زوجي بالأمر لم يكن سهلاً.
“إذًا أنتِ حقًا تنوين الذهاب إلى برج الصحراء وحدك، وتحت غطاء تنكري؟”
“نعم، سأتظاهر بأني ساحرة من الدائرة الأولى.”
“…..”
“لمدة ثلاثة أشهر تقريبًا…. هل هذا مستحيل؟”
“ثلاثة أشهر…. بحلولها، سيكون شعري قد اشتعل شيبًا.”
“…إن حدث ذلك خلال ثلاثة أشهر فقط، فربما يكون عرضًا لمرض ما.”
“…..”
“…ربما عليك إجراء فحص طبي.”
بصراحة، في البداية شعرت وكأنني أتكلم مع حجر.
‘لا يفهم ما أقول إطلاقًا.’
لكن، هل بدأ يتغيّر عندما صرت أتحرك بحماس؟
أم حين صنعت هوية مزيفة، وبدّلت مظهري؟
أم منذ اللحظة التي قُبلت فيها رسميًا كمتدربة في برج السحر؟
أصبح فينتين أكثر لينًا بشكل خفي.
“حسنًا. لن أقيدكِ. اذهبي.”
“عذرًا؟”
“بإمكانكِ إثارة الفوضى كما تشائين. لكن، إن تجرأ أحدهم على إيذائكِ….”
“هل تعتقد أنني سأُؤذى؟”
“آه… صحيح. على كل حال، إن أثرتِ الفوضى التي تريدين، اتصلي بي.”
“كنت أنوي فعلًا الاتصال بكَ فور الإطاحة برأس الفساد.”
“ممتاز. سأتوجه حينها إلى البرج فورًا.”
وبعد نهاية هذا الحوار الإيجابي مع زوجي، ابتسمت ابتسامة عريضة.
‘حسنًا، أيها البرج الفاسد، استعد.’
أنا قادمة…!
***
وهكذا، دخلت برج السحر في الصحراء متخفية، وحقيبة على ظهري.
هنا، لم أكن جيزيل، بل “إيزابيلا”. واللقب المختصر كان “بيلا”.
وقفت أمام باب البرج وأنا أبتسم برضًا.
“مرحبًا، اسمي بيلا، وقد تقدّمت للعمل في برج السحر.”
حسنًا، هذا هو المكان الذي تسقط فيه الرتب، ويتقاتل فيه السحرة كأنداد.
وعند الباب، لوّح لي عدد من السحرة من الدائرة الأولى، وكأنهم كانوا بانتظاري.
هل هؤلاء هم…. رأس الفساد؟
“آه، أنتِ الساحرة الجديدة، تفضلي من هنا.”
“نعم.”
هيا، أيها الفاسدون، اقتربوا!
تعالوا واحتقروني كما يحلو لكم!
لقد تركت زوجي اللطيف الذي يعاني من قلق الانفصال ويتفوّه بكلام عشوائي لأجل هذا….!
لكن…
“لقد جلبنا لكِ بعض الحلوى اللذيذة ترحيبًا بكِ.”
هل… يحاولون خداعي؟
تحققت بسرعة من الحلوى، لكنها كانت حقيقية.
“هل كان الطريق مرهقًا؟ هل أساعدكِ في حمل حقيبتكِ؟”
ابتسامته الطيبة لم تحمل أي أثر للخبث.
ما هذا؟ لماذا هم لطيفون هكذا؟ ألم يُقل لي إنهم فاسدون؟
ضيّقت عينيّ وبدأت أراقبهم بينما يرافقونني في جولة داخل البرج.
كانوا لطفاء جدًا، وتصرفاتهم راقية.
‘ما هذا؟ بدأت الأمور تتحول مجددًا إلى أجواء طيبة؟’
ما الذي يحدث؟
صحيح أن الأجواء الطيبة لطيفة، لكنني أشعر بملل قاتل.
وأنا ضعيفة أمام الناس الطيبين أصلًا.
لكن حين وصلنا إلى الطابق الثالث من الجولة، توقّف السحرة عند منصة السلم.
“السحرة من الدائرة الأولى مثلنا يُسمح لهم بالوصول حتى هنا، الطابق الثالث. أو بالأدق، حتى منصة السلم المؤدية للطابق الرابع.”
كنت قد بدأت أشعر بوخز الضمير، لكن حينها لاحظت أمرًا غريبًا.
“حقًا؟ لكن أليس البرج يتكوّن من عشرة طوابق؟”
“أ-أجل، لكن…”
“فلماذا لا يُسمح لنا سوى بثلاثة طوابق؟”
أشرت إلى الكتيّب الذي استلمته.
“وفوق ذلك، غرفة العرض المخصصة لنتائج الأبحاث في الطابق الخامس، أليس كذلك؟ لا بد أن لدى سحرة الدائرة الأولى أبحاثهم الخاصة أيضًا.”
ابتعدت أعينهم بسرعة، وتلعثموا.
“أ-أمم، هذا لأن…”
وفجأة—
دوّي!
صوت صاخب أعقبه ظهور أصوات متعجرفة من أعلى السلالم.
ظهر ثلاثة أشخاص ينزلون بتبختر، وأيديهم في جيوبهم.
“من هؤلاء؟ مجرد حشرات ذوو الدائرة الأولى.”
كان ظهورهم أشبه بلوحة مجردة للأشرار.
تألقت عيناي فجأة.
وجدتكم… يا أحبّائي.
الأشخاص الذين كنت أبحث عنهم.
التعليقات لهذا الفصل " 164"