الفصل 143

 

 

“آه، آآآغ!”

 

لكن جيزيل لم تتوقف.

 

اقتربت من دوق ليشانييل الذي كان يئن وهو جالس على الأرض.

 

ثم، لتسرق القوة المقدسة المتسربة من جسده، وضعت حجر الحظ عليه.

 

شعرت بإحساس مثير يخترق جسدها من الداخل.

 

‘لم يتبقَ الكثير، لكني سأستولي على ما تبقى من هذه القوة المقدسة.’

 

رغم أنها سلبت منه كل ما يملك من قوة مقدسة، إلا أن الغضب لم يهدأ في قلبها.

 

كان دوق ليشانييل قد جلس على الأرض، وملامح الهزيمة الفارغة ترتسم على وجهه، ثم بصق دماً.

 

“ك، كحّ، كحّ!”

 

شعرت بأن جسده يرتجف بشدة.

 

نظرت إليه جيزيل من أعلى، وهي تفكر.

 

‘جسده كله يرتجف، ويبدو في منتهى القبح والبؤس.’

 

تمتم دوق ليشانييل، وهو يحدق بها بنظرة مفعمة بالكراهية.

 

“إذًا، لقد خسرتُ. هل أنتِ راضية الآن؟ هل أصبحتِ قادرة على زجّي، أنا الذي كنت أقدّرك، في السجن؟”

 

عندها، ضحكت جيزيل، وكأن كلامه يثير سخرية لا توصف، فغطت فمها بيدها.

 

“لا تتفوه بالهراء. والديَّ توفيا، وأنا عانيت لسنوات طويلة. بسبب أمثالكَ تمامًا. ومع ذلك، فإن إرسالك إلى السجن فقط؟ هذا تافه جداً، أليس كذلك؟”

 

ابتسمت جيزيل بابتسامة مشرقة ورفعت يدها. دوق كالينوس أومأ برأسه موافقاً.

 

“السجن قليل جداً عليه.”

 

قال دوق كالينوس وهو يسحق الحشرة بقدمه بكل بساطة.

 

“يجب أن يدفع ثمناً أكبر.”

 

نعم، رغم أنه فقد كل شيء، إلا أن دوق ليشانييل لا يزال حياً.

 

“لكنني لن أمنحك حتى راحة الموت البسيطة.”

 

لذلك…

 

“هل تعلم؟ لكل إنسان طاقة حياة. وتكون في أوجها عندما يولد، ثم تختفي تمامًا عند الموت.”

 

“هاه، هل تنوين قتلي؟”

 

“لا، سأسرق فقط 99% من طاقتك الحيوية.”

 

ماذا يحدث لمن يُسلب 99% من طاقته الحيوية؟

 

رفعت جيزيل يدها، وأمسكت حجر الحظ بإحكام، ثم وضعته عليه مجددًا.

 

في تلك اللحظة، خرج من جسد دوق ليشانييل ضوء أحمر ناري لم تره من قبل.

 

بضوء يشبه لون الدم، تذبذبت نظراته بعنف.

 

تمتمت جيزيل نحوه كما لو كانت تصدر حكمًا نهائيًا.

 

“سوف تضعف رؤيتك، وسمعك سيضعف أيضًا. ولن تستطيع حتى التنفس بشكل جيد.”

 

“…ك، كح، كحّ!”

 

نظرت إليه وهو يتقيأ الدم، ثم أعلنت ببرود.

 

“ستعيش بالـ1% المتبقي، بالكاد، حياة ضئيلة تمامًا بقدر قدرك. لفترة طويلة جدًا. وسأعيد طاقتك إلى هذه الأرض التي لوّثتها الوحوش، لذا ستعيش هكذا إلى الأبد.”

 

“أقـ… تلي، اقتليني…”

 

كأنه يعاني من ضيق التنفس، كان الدم يتدفق من فمه بينما يتلوى بساقيه كدودة.

 

أمسكت حجر الحظ بإحكام من جديد ووضعته عليه، ليخرج منه ضوء وردي خفيف كما لو كان ممزوجًا بالماء.

 

“آه، آهغ!”

 

زحف دوق ليشانييل على الأرض، ثم بدأ جسده يتلوى بعنف كما لو كان يتعرض لنوبة.

 

وسرعان ما بدأ رأسه يشيب تدريجيًا من الجذور.

 

“ما، ماذا… تفعلين بي…”

 

فتح عينيه على اتساعهما وكأنه سيختنق.

 

لكن على بشرته البيضاء التي كانت تبدو مقبولة إلى حد ما، بدأت التجاعيد تظهر.

 

ظهرت بقع داكنة على جلده، وتساقط شعره الأبيض على الأرض.

 

“يقولون إن الشيخوخة الجميلة نعمة، لكنك لن تنالها. ستتحول إلى أبشع مخلوق.”

 

ما تبقى بعد زوال جماله الساحر، لم يكن سوى أنين ضعيف مبحوح.

 

حتى لو حاول أن يمسك بقدميّ، فلن يرى جيدًا، ولن يسمع جيدًا، وكأنه على وشك الجنون.

 

لم يعد هناك وجود لمظهر دوق ليشانييل الأنيق الجميل الذي لطالما امتدحه الجميع.

 

“ستعيش كأبشع مخلوق على وجه الأرض، في أقذر، وأحقر، وأبشع مكان.”

 

شخص سُلب منه قدره وطاقة حياته، لم يعد قادرًا حتى على الكلام.

 

لكن إدراكه العقلي لا يزال سليمًا.

 

“والديَّ فقدا حياتهما، لكنهما لم يموتا بشكل بائس مثلك.”

 

هذا سيكون انتقامي المثالي.

 

“أما قبرك، أيها السارق لقدري، فسيتقيأ عليه الجميع.”

 

نظرت بابتسامة مشرقة إلى هيئته البائسة وهو يزحف على الأرض.

 

منظره وهو ملقى كالحشرة على الأرض كان مثيرًا للشفقة والاشمئزاز.

 

“لا تقلق. سأتولى أمر أعوانك أيضًا واحدًا تلو الآخر.”

 

لوّحت له بيدي باستهزاء.

 

اقترب مني دوق كالينوس، فتمتمت نحوه.

 

“احبسه في زنزانة شديدة البرودة.”

 

وما إن أنهيت كلامي، حتى سُمع صوت هدير ضخم من بعيد.

 

كان الفرسان الذين جاؤوا معنا إلى قرب الكهف قد عثروا علينا، واندفعوا نحونا بجنون.

 

ركلت دوق ليشانييل بقدمي وكأنني أقيّده كمجرم.

 

“كل شيء انتهى، أليس كذلك؟”

 

زفرت تنهيدة عميقة، ونظرت إلى دوق كالينوس.

 

“نعم، هذا صحيح.”

 

يقول البعض إن نهاية الانتقام تكون فارغة، وإن التسامح هو الفضيلة الأسمى…

 

‘هممم، لكن أعتقد أنني أستطيع الانتقام أكثر. إنه إحساس رائع.’

 

ما شعرت به بعد المعركة الأخيرة لم يكن الفراغ.

 

بل كان شعورًا بالرضا، لأنني انتقمت بحق ممن سرق مني كل شيء، من أجل والديَّ ومن أجلي.

 

لكن هناك شيء واحد فقط، لا يزال يزعجني.

 

‘آه، لكن…’

 

وضعت يدي على رأسي، وضممت شفتيّ.

 

‘لماذا… أشعر بهذا الدوار؟’

 

وما إن لفظت تلك الكلمات، حتى بدأ بصري يتأرجح فجأة.

 

وآخر ما رأيته كان دوق كالينوس يقترب مني بقلق.

 

“جيزيل؟”

 

ثم، فجأة، سقط جسدي، لكنه كان هناك ليتلقفني بسرعة.

 

***

 

“أين أنا على وجه الأرض…؟”

 

“…في المنزل يا جيزيل. يقولون إنكِ أرهقتِ نفسكِ كثيرًا.”

 

حين حاولتُ النهوض فجأة من السرير، شعرتُ بألم في كتفي فأنَّيت وعدتُ للاستلقاء.

 

“جميع أفراد العائلة قلقون عليكِ.”

 

“حتى الدوق؟”

 

“نعم. أنا أكثر من كان قلقًا.”

 

حين التقت عيناي بنظرات دوق كالينوس المليئة بالقلق رداً على سؤالي المازح، شعرتُ ببعض الإحراج.

 

“إذاً، لقد انتهى، كل شيء على ما يرام، أليس كذلك؟”

 

“نعم، لقد سلَّمنا دوق ليشانييل دون مشاكل. لكن، رغم اختفاء المضيف، لا تزال هناك العديد من الوحوش التي لم تمت بعد. يبدو أن الأضرار في المزارع الشمالية كبيرة، لذا أظن أن علينا المغادرة بعد أن تتعافَي.”

 

هذه الدوائر السوداء تحت عينيه، لم ألاحظها إلا الآن.

 

أبصرتُ التقارير التي كان يحملها بيده، والخرائط الموضوعة على الطاولة الجانبية.

 

“حتى وإن قضينا على مضيف الوحوش، لا يزال هناك من يتألمون…”

 

“نعم.”

 

“إذاً، هل يمكن أن يتولى الدوق إعادة إعمار الشرق، وأنا أتكفل بتطهير الغرب؟”

 

“لا.”

 

قطع جوابه ببرود.

 

“صحيح أن سكان الشمال مهمون، لكن الأهم عندي… هو أنتِ. أنتِ سبب وجودي.”

 

عند سماعي لتلك الكلمات، تذكرتُ حديثنا في الكهف، فاحمرَّ وجهي خجلاً.

 

 

“أنا أيضاً، أريد أن أعيش حياتي بجدية، مثلك. وأريد أن أكون سعيدة معكِ، لوقت طويل. إجابتي، في النهاية، هي أنت.”

 

 

لقد قدَّم لي قلبه كاملاً.

 

إذًا، عليّ أن…

 

‘هل أُقرّ باعترافي الآن؟’

 

سيطر هذا السؤال فجأة على جزء من قلبي، فهززت رأسي سريعاً نافضة إياه.

 

لا، سأنتظر قليلاً، حتى يحل السلام تمامًا.

 

هكذا فكرت.

 

إضافة إلى أنني، الآن، أشعر بخجل لا يمكنني معه التفوه بأي كلمة.

 

‘ربما لأنني استيقظتُ للتو، لا أستطيع تعريف مشاعري بدقة.’

 

هل هو خفقان؟

 

أم شعور بالإثارة؟

 

هل هو هذا؟

 

كنت دائمًا فتاة مجنونة ومتهورة، لكن أمام الحب، بتُّ أرتبك وأتوه.

 

إذاً، إن أردنا التوصيف بدقة…

 

‘هل أنا معجبة بهذا الشخص الذي نضج بسببي؟’

 

رغم أنني كنت في حيرة، وجدتُ صعوبة في النظر إلى عينيه.

 

‘إذا انتهى كل شيء بالفعل… فسأعترف له بمشاعري.’

 

فنحن الآن في زواجٍ دائم بعد كل شيء.

 

لذا، بدلًا من أن أقولها فجأة، أمسكتُ بطرف سترته وسألته بخفوت:

 

“كم من الوقت سيستغرق العمل على إعادة الإعمار؟”

 

“لا يمكنني تحديد ذلك بدقة، لكن سنُنجزه بأسرع ما يمكن. لدي صورة تقريبية لكِ، جيزيل… أعتقد أن العمل العاجل سينتهي خلال أسبوع.”

 

أسبوع.

 

قبضتُ كفّي بإحكام، ثم بسطتُها.

 

نعم، سأعترف له بعد أسبوع.

 

إذاً، لم يتبقَّ سوى سؤال واحد لأطرحه عليه.

 

“بالمناسبة… ذلك البعوض—أعني، دوق ريشانييل، هل تم إرساله إلى السجن؟”

 

“لا. لقد أنزلنا به العقوبة الأكثر فعالية.”

 

شعرتُ بالفضول عند سماع عبارة “العقوبة الأكثر فعالية”.

 

‘هل هناك ما هو أكثر فاعلية من السجن؟’