الفصل 137
***
كان ذلك في ليلة حالكة السواد.
كان دوق ليشانييل في طريقه إلى جزيرة باتولميو، المنتجع الجميل للإمبراطور.
‘يُقال إن هناك نبوءة قديمة تشير الى وجود حجر الحظ في هذا المكان.’
كان هو بطل هذا العالم.
وكأن العالم بأسره يمد له يد العون، فقد وصلت إليه معلومات عن تلك النبوءة.
شعر دوق ليشانييل بالرضا حيال هذا الأمر، وتوجّه إلى جزيرة باتولميو.
“سيدي، أ-أهذا مسموح؟ أن نتسلل إلى جزيرة يملكها جلالة الإمبراطور؟”
“من يدري.”
لم يكن يكترث لأمور كهذه. ما دام سيأخذ حجر الحظ ويرحل، فلا يهم.
لكن مساعده القَلِق لم يستطع كتم مخاوفه وتحدث بتحفظ.
“سيدي، إنّي… أخشى أن يُكشَف أمرنا. هل أُرسل السحرة؟”
توجهت نظرات دوق ليشانييل الباردة نحو بعض الرجال الواقفين خلفه، وكأنهم رهائن.
كانوا قد جُلبوا معه وهم مقيدون في عربة الأمتعة، كأنهم سجناء.
وكانت أفواههم مكمّمة وأعينهم معصوبة.
“لا. نحتاجهم لتفتيش المكان بدقة.”
بالطبع، كان هناك خطر.
فلو انكشف أنه اختطف سحرة واحتجزهم ليستخرج منهم المانا، لكان برج السحر قد أعلن عداءه له.
‘وحتى السمعة القليلة المتبقية لي… ستتلاشى تمامًا.’
وبينما فكّر في ذلك، انعقد حاجباه غضبًا.
‘اللعنة، جيزيل. كل هذا بسبب تلك المرأة.’
قبض على قبضته وهو يحدق في المعبد على قمة الجبل العالي.
أقدس مكان في جزيرة باتولميو.
“تحرّك بأقصى سرعة، وبهدوء تام.”
أومأ المساعد برأسه بإخلاص وأجاب.
“……مفهوم، سيدي. هل أزيل الحجر المكسور الذي في يدك؟”
“حجر مكسور؟”
ربما لأنه امتص قوى كثيرة وعشوائية من الآخرين بلا رحمة، كان مشقوقًا من النصف تقريبًا…
‘لكنّه لا يزال يؤدي وظيفته جيدًا.’
أجاب ببرود وهو يقبض على حجر الحظ المتشقق.
“لا تشغل نفسك بالتفاهات، واذهب إلى المعبد حالًا.”
هو مجرد حجر، لا أكثر.
كيف له أن يُظهر هذا القلق لمجرد فقدانه حجراً واحداً؟
نظر دوق ليشانييل إلى المعبد بعينين مظلمتين.
كانت ليلةً هادئة للغاية.
حتى الفئران مرّت من تحت قدميه من دون إصدار صوت.
***
بالعودة إلى العاصمة.
هنا، كانت هناك هامستر صغيرة للغاية.
كانت تؤمن إيمانًا راسخًا بالمقولة: “الطيور تسمع حديث النهار، والفئران تسمع حديث الليل!”
وكانت هذه الهامستر الصغيرة، بصفتها جاسوسة بارعة، تقرأ نوايا جيزيل جيدًا، وتجمع بشكل مستقل أدلة على أن دوق ليشانييل يرتكب أفعالًا دنيئة…
“إيفانكا، كنتِ هامستر؟!”
“هـ-هآه!”
سقطت بذور دوار الشمس من يد إيفانكا.
كانت قد تحولت إلى هامستر كعادتها قبل الخروج، وكانت تتناول وجبتها الثمينة!
.…لكنها انكشفت أمام ريويس، وعرف أنها هامستر.
وفجأة، بصوت “بْيونغ”، عادت إيفانكا إلى شكلها البشري.
“م-منذ متى كنتَ هنا؟”
“منذ قليل! اختبأت دون أن أتنفس ولم تلاحظيني!”
على عكس ريويس الذي كان يبتسم ببراءة، كانت إيفانكا تحدّق به بعينين فارغتين وذهنٍ مشوَّش.
‘انكشفت… انكشفت حقيقتي كهامستر…’
لكن ربما لأنها كانت قد انكشفت أمام جيزيل من قبل.
ورغم أنها تعرّضت لسوء المعاملة من كايتلين، إلا أن جيزيل قالت لها إنها لطيفة لأنها تشبه هامستر صغير…
“ن-نعم، أنا… أنا حقًا هامستر!”
هذه المرة، لم تهرب إيفانكا.
بل قبضت على يدها بشجاعة، تنتظر ما سيقوله ريويس.
“حقًا؟! أنتِ لطيفة جدًا!”
…ربما لأنها رأت نظرة إعجاب صادقة في عينيه، استطاعت أن تتماسك أكثر من المرة السابقة.
“حسنًا، سأذهب الآن.”
“هـه؟ إلى أين؟”
“إلى السيدة جيزيل. لدي معلومات أبلغها إياها.”
لمعَت عينا ريويس حين سمع اسم جيزيل.
“حقًا؟! إذًا، سأذهب أيضًا!”
“لا يمكنكَ.”
هزّت إيفانكا رأسها بحزم وكاريزما، مما جعل ريويس يميل برأسه في حيرة.
“لماذا؟”
“لأنها معلومات سرية!”
عند تلك الكلمات، تلألأت عينا ريويس الزرقاوان تحت ضوء الشمس.
“واو، هذا يبدو رائعًا ومهيبًا!”
ما إن أنهى ريويس كلامه، حتى انطلقت إيفانكا راكضة نحو باب غرفة جيزيل.
بأسرع مما يمكن لأي أحد أن يمنعها!
***
“إيفانكا؟”
كان ذلك بينما أقرأ رسالةً في غرفة النوم، وأفكر في كم أن الغرفة تبدو فارغة دون دوق كارلينوس.
فجأة، فُتح باب غرفتي وظهرت إيفانكا.
نظرت حولها بسرعة ثم اقتربت مني، حيث كنت جالسة على الأريكة.
“السيدة جيزيل!”
“هم؟”
قدمت لي إيفانكا رسالةً كتبت فيها المعلومات التي اكتشفتها، وهمست لي بها.
الجملة المكتوبة في الرسالة كانت مذهلة.
“…موقع دوق ليشانييل الحالي وموقع حجر الحظ؟ كيف عرفتِ هذا؟ كنت سأبدأ بالتحري عنه الآن.”
“فعلت ذلك مع الكشافة الذين أرسلهم الدوق! إيفانكا استطاعت فعلها لأنها شعرت أن السيدة جيزيل تثق بها!”
“يا للعجب، صغيرتي الهامستر…”
لقد كبرتِ جيدًا. كبرتِ فعلًا. نظرتُ إليها وأنا أمسح دموعي، فقالت بحماس.
“إيفانكا، وهي تفكر في السيدة جيزيل، أكلت الكثير من الخبز والحلويات، فصارت أقوى! وأثناء تفكيرها في السيدة جيزيل، تحركت بنشاط مثل الهامستر وطردت جميع الجرذان من المجاري!”
“أحسنتِ يا صغيرتي!”
لكن رغم ذلك، كان هناك أمر لا بد من التنبيه عليه.
“أحسنتِ. فعلًا، أحسنتِ كثيرًا.”
“نعم!”
ابتسمتُ بلطف وأنا أربّت على رأسها بلين.
“أجل، أحسنتِ. لكن لا تقومي بأشياء خطيرة بعد الآن. ربما كنتِ بخير حتى الآن، لكن من الآن فصاعدًا، ستكون الأمور خطيرة بالفعل.”
عندما فكّرتُ في دناءة ذلك البعوض اللعين، شعرت أن من الأفضل أن تبتعد إيفانكا.
دارت عيناها الدائرتان بلطف، ثم وضعت يدها الصغيرة على يدي وقالت بجدية:
“…نعم! ل، لن أفعل بعد الآن!”
“ختم الوعد.”
“نعـم…”
وبعد أن ختمنا الوعد، غادرت إيفانكا المكان بخطوات فيها بعض الحماسة وبعض الحزن في آن واحد.
وبقيتُ وحدي في غرفة النوم، أطلقت تنهيدة طويلة وتمطيت قليلًا.
‘حسنًا، حان وقت الإمساك بهذا القمامة.’
ذلك البعوض الحقير الذي جنّ جنونه بحثًا عن حجر الحظ، كيف عليّ أن أمسك به…؟
بعد تفكير طويل، استدعيت كوكو، التنين الذي كان مختبئًا في وضع التخفي على الأرض.
جلس كوكو مكان إيفانكا وأطلق صرخة غريبة.
“كوكو! (ذلك الوغد موجود في جزيرة باتولوميو، جزيرة الإمبراطور المقدسة والمكان القديم؟)”
“أجل.”
“كوكو؟ (لكن لا يمكن دخول ذلك المكان بسهولة.)”
“لقد فقد صوابه، لذا تسلل إليها خفية.”
‘لقد جعلته يفقد صوابه عمدًا، كي يواصل اتخاذ القرارات الخاطئة، ويستمر في السقوط أكثر فأكثر.’
عند تقييمي اللاذع، نشر كوكو جناحيه وهمس.
“كوكو. (إذًا ماذا سنفعل؟ ماذا تريدين أن أفعل؟)”
وضعت يدي على ذقني أفكر مليًا.
زوجي ذهب ليقاتل الوحوش.
أما أنا، فعليّ الآن أن أُضعف دوق ليشانييل قدر المستطاع…
“كوكو.”
“كووكو؟ (نعم؟)”
ربّتُّ على رأس كووكو وسألته بلطف.
“أنت تستطيع استخدام سحر الاستدعاء، أليس كذلك؟”
“كوكو. (أجل، ولكن…)”
ابتسمتُ ابتسامة عريضة ورفعت كوكو بين يدي.
“حسنًا، لقد حان وقت أن نصبح أشرارًا حقيقيين.”
“كوو؟ (وماذا يعني أن نصبح أشرارًا حقيقيين؟)”
“سنستخدم الورقة الرابحة التي نملكها… فكّر، من هو أعظم شخص أعرفه؟”
راح كوكو يرفرف بجناحيه وهو يفكر بعمق، ثم سألني بهدوء:
“كوكو؟ (…الإمبراطور؟)”
رفرفت عيناي ببريق وأنا أحدّق في التنين الطائر.
“ كوكو الذكي، أنت رائع.”
***
كان ذلك في عمق الليل، ليل عميق جدًا جدًا.
والمكان: جزيرة باتولوميو، جزيرة الإمبراطور الجميلة.
“لقد اقتربت النهاية.”
كان دوق ليشانييل يصعد الجبل باتجاه المعبد.
بسبب كونها جزيرة للإمبراطور، كان المكان محاطًا بحاجز، واستخدام السحر فيه يتطلب طاقة مانا أكثر من المعتاد.
لذا، حتى لو كان العرق ينهمر كالمطر، لم يكن أمامه خيار سوى الاستمرار بالمشي.
وبعد أن مشى بإصرار وهو يعض على أسنانه، أخيرًا ظهر مدخل المعبد أمامه.
ارتسمت ابتسامة شريرة على وجه دوق ليشانييل.
‘أخيرًا، لو فقط أفتح هذا الباب…’
لكن، في تلك اللحظة تحديدًا…
صدرت ضوضاء صاخبة من قرب الباب.
مع أن هذا ليس الوقت الذي يُفترض فيه أن يأتي فيه الإمبراطور للجزيرة للاستجمام!
التعليقات لهذا الفصل " 137"