الفصل 132
“كنتُ فقط فضوليًا، والسبب هو…”
“نعم، كن صادقًا من فضلك.”
تمتم السكرتير وهو يفرك وجهه بيديه الجافتين.
“حتى الزوجان العظيمان، الساحرين الكبيرين الذين التقيتهما هنا، لم يظهر فوق رأسيهما نجمٌ واحد.”
نظر إليّ بابتسامة باهتة، وكأنه يحاول تفسير ما لا يُفَسّر.
“فبدأت أتساءل، ربما السبب في عدم ظهور نجم فوق رأسكِ أيضًا…”
نظرت إلى النجم المتلألئ فوق رأس السكرتير، وضحكتُ بسخرية.
‘لماذا تكون حياة عائلتنا فقط بهذه الطريقة؟’
هل هذا أيضًا من نوع “الترابط القصصي القسري”؟
اشتدت أعصابي من الغضب، وبينما أعض على شفتي، تمتم السكرتير بهدوء.
“في الحقيقة، في البداية، كان هناك كوكبة جميلة تلمع فوق رأسي والديك، الساحرين الكبيرين.”
“…هل تقول إن ذلك النجم اختفى فجأة؟”
“نعم، وكأن مصيرهم قد انقلب رأسًا على عقب.”
كان أمرًا مريبًا.
‘هل هناك سرٌّ ما يخص والديَّ أيضًا؟’
ضيّقت عينَيّ وأنا أحدّق في النجوم الصغيرة المتلألئة مثل شظايا الذهب فوق رأسه.
‘ما هذا النجم الذي لا يظهر إلا لغيرنا من الناس؟’
وفي تلك اللحظة، لمحت شهابًا يسقط من السماء الليلية الاصطناعية أعلى التراس.
تأملت ذلك الشهاب وهو يستهلك كل ضوئه ويسقط إلى الأرض كشيءٍ لم يعد سوى حجر.
“آه، عندما ينتهي مفترق طريق المصير المحتوم، يسقط النجم إلى الأرض. بينما كان يتلألأ فوق الرأس، يصبح حجارة قاسية لا شكل لها بعد السقوط.”
بيدٍ مرتجفة، التقطتُ الحجر الذي سقط على الأرض.
ذلك الحجر كان…
“أوه، النجم الذي أدى مهمته سيختفي على أي حال، فلا تقلقي كثيرًا.”
رفعتُ الحجر ببطء وأنا أفكر:
‘هذا… هذا ليس حجرًا عاديًا، بل هو حجر الحظ، أليس كذلك؟’
ما إن أمسكتُ بالحجر حتى اختفى كما لو كان وهْمًا، لكنه كان متطابقًا تمامًا مع حجر الحظ.
“والدكِ أيضًا، عندما زار هذا المكان، فعل الأمر ذاته. ظلّ يسأل طويلًا عن ماهية هذا الحجر قبل أن يغادر. قال إنه يشبه حجر الحظ في جعبته.”
بدأت أحس أن هناك شيئًا لا يتوافق.
‘نعم، هذا غريب… لماذا يوجد حجر الحظ هنا؟’
فكرتُ مليًا، ثم خلصت إلى أن الشخص الوحيد الذي قد يعرف السبب هو سيد برج السحرة.
طلبتُ من السكرتير أن ألتقي بسيد البرج في أقرب وقت.
…وفور مغادرة السكرتير ليذهب ويحضره.
جلستُ على كرسي التراس، وقررتُ أن أبحث في كتاب هل ستندم إذا متُّ؟
‘يجب أن أفتح هذا التلميح الذي تركه والدي قبل وصول سيد البرج.’
شعرتُ أن كل هذه الأمور الغامضة قد تفسَّر ولو قليلًا، إن استطعت فقط أن أفتح هذا الكتاب الذي يحمل عنوان هل ستندم إذا متُّ؟.
لكن الكتاب لم يُفتح بأي وسيلة كانت.
“الكتب تنقسم إلى نوعين. كتب لها شخصية، وكتب بلا حياة. وهذا الكتاب من النوع الأول، لذا إن لم يرغب، فلن يفتح بسهولة.”
“أوه.”
لو أن لهذا الكتاب شخصية فعلًا، ويخفي أسرارًا لا يرغب في أن يطلعني عليها…
‘إذًا، سأفتحه بالقوة.’
هل الوسيلة الوحيدة للفتح بالقوة هي المانا؟
‘سيكون من المؤسف أن أستهلك كثيرًا من المانا…’
وبينما أفكر في ذلك، خطرت لي حيلة مبتكرة.
‘…صحيح، لستُ وحدي هنا، أليس كذلك؟’
ابتسمتُ بخبث.
وفجأة، هبط طائر السولسي، الذي كان غير مرئي، على ظهر يدي.
وبينما كنت أفكر في الأمر، استجاب السولسي لمشاعري وقال بسرعة وهو واقف على يدي:
“كرو… (لم أجرب استخدام الوهم على كتاب من قبل، لكنني سأحاول!)”
غطّى جسده هالة شفافة تشبه الضوء.
وبمنقاره، بدأ ينقر بلطف على غلاف الكتاب.
“هم؟”
فجأة، ارتجف الكتاب للحظة، ثم توقف.
“كرو… (يبدو أن الأمر ينجح نوعًا ما…)”
ثم، وبتعبير حازم، بدأ الطائر في نقر الغلاف بعنف حتى كاد يتمزق.
‘يا له من مشهد غريب.’
تركت السولسي يفعل ما يشاء، ومع كل نقراته، بدأ سطح الكتاب الصلب يرتجف، حتى…
توك.
مع صوتٍ صغير، انفتح الكتاب أخيرًا.
‘…هاه؟ لقد انفتح بالفعل؟’
لكن ما رأيته بداخله لم يكن كتابًا.
اختفى الكتاب من فوق يدي، وظهر مكانه حوض صغير من الماء.
وعندما نظرتُ إلى سطح الماء، ظهرت ملامح وجه امرأة مبتسمة تطفو عليه.
لم يكن ذلك انعكاس وجهي على الماء…
“لقد وُلد طفلنا. طفلنا المبارك من الإله، عزيزي!”
…كان وجه أمي السعيد يبدو واضحًا أمامي.
وجهها كان يشبه ‘موجي’ إلى حدٍّ كبير.
في خضم مشاعري الصغيرة التي اجتاحتني، رأيت كرة خيط صغيرة موضوعة إلى جانبهم.
كانت خيوط القدر.
أداة سحرية على شكل كرة خيط تتنبأ بمصير الآخرين، وكانت تتلألأ بوميض ذهبي لامع.
“عندما أنظر إلى خيوط القدر هذه، يبدو أن طفلتنا ستصبح أعظم ساحرة في الإمبراطورية، عزيزتي.”
“بالطبع! ستقوم بأمر أكثر شرفًا من أي أحد آخر.”
حتى العرّافة العمياء التي زارت العائلة باركت مستقبلي.
‘لكن لماذا أصبح مستقبلي كئيبًا إلى هذا الحد؟ كلهم محض دجّالين.’
…قررت أن أراقب الوضع أكثر.
فجأة، بدأ صوت تقليب صفحات الكتاب يُسمع بجانب أذني، وظهر مشهد جديد أمام عيني بوضوح.
ظهرت غرفة صغيرة أمامي.
كنت قد كبرت قليلًا، وكنت لا أزال أتنفس بهدوء وأنا نائمة، لكن وجهي والدَي لم يكن مرتاحًا.
وكانت خيوط القدر الموضوعة بجانبي تُقطع واحدة تلو الأخرى.
“سيدتي، يبدو أن مصير الطفلة قد تغيّر.”
“ما معنى هذا الكلام؟ لماذا يحدث هذا لطفلتنا؟”
“ويبدو أن خط عمرنا نحن أيضًا قد قصر.”
ثم تبدّل المشهد أمامي مرة أخرى.
تابعت الموقف وأنا أقبض على يدي بشدة، ووجها أمي وأبي كانا يبدوان متعبين للغاية.
فقد انقطعت كل خيوط القدر ولم يبقَ سوى خيط واحد.
حينها، كان والدي يحملني بين ذراعيه محاولًا الخروج من القصر وهمس لي:
“لقد عرفت السبب وراء بداية تغيّر خيوط القدر. هناك حجر يسمّى بحجر تغيير المصير.”
“حجر يغيّر المصير؟”
“هناك من سرق المصير المتوهج لطفلتنا، واستبدله بمصير رديء يخصه هو!”
“كيف يمكن لأحد أن يرتكب أمرًا كهذا….”
“إن فكّرنا في الأمر… زوجتي، ألم تتواصلي مع أحد بطريقة مشبوهة في الفترة الأخيرة؟ ربما استخدم حجر تغيير المصير.”
“حجر تغيير المصير…”
“نعم. إنه حجر يبدو عاديًّا وخشنًا، لكنه يضيء بهدوء عندما يُفعّل. الناس في العادة…”
“أعلم ما هو. يسمّونه حجر الحظ، أليس كذلك؟”
ثم ظهرت مشاهد متتابعة لوالديّ وهما يسألان هنا وهناك عن “حجر الحظ”.
وبينما كنت أرمش بعيني، رأيت آخر خيط من خيوط القدر يُقطع فجأة.
ثم طُردت فورًا من ذلك المكان.
شعرت أن جسدي كله مبلل بعرق بارد.
‘هل يعني هذا أن الكتاب لن يُفتح مجددًا؟’
حاولت فتح الكتاب مرة أخرى بيدي المرتجفتين، لكنه لم يتحرك مطلقًا.
سواء نقره السولسي بمنقاره أو لا، ظل مغلقًا بإحكام.
ضحكت بمرارة.
‘لقد فهمت تمامًا السبب في دمار حياتي.’
فقط قبل فترة قصيرة.
أدركت أن البطلة “جيزيل” في كتاب “هل ستندم إذا متّ؟” كانت أنا في حياتي السابقة.
لكن تلك الحياة لم تكن حياتي الحقيقية.
بل كانت حياة جرى تبديل مصيرها البهيج بمصير مأساوي.
لذلك، لا بد أن هذا العالم كان يعذبني، لأنه تم اجباري على العيش وفق مصير محرف ومأساوي.
‘لم تسرق مني المانا فقط، بل حتى قدري خُطف مني.’
ومن سرقه واضح تمامًا.
من يملك حجر الحظ، ويتمتع بأمجاد كبرى كساحر عظيم.
إنه دوق ليشانييل.
من المرجح أن والديه قاما بتبديل مصيري مع مصير ابنهما.
‘لا أعرف بعد كيف تمكنت من تغيير ذلك المصير.’
لكن ما يهم هو…
“واو… أنا حرفيًّا على وشك أن أجنّ، أليس كذلك؟”
يقال إن الإنسان عندما يغضب بشدة يبدأ بالضحك.
“هاهاها…”
غضب بارد، أشد من أي غضب شعرت به من قبل، اجتاحني بالكامل.
وفي تلك اللحظة تحديدًا.
“هل هناك ما يقلقكِ؟”
رأيت السكرتير يدخل التراس بوجه هادئ، فابتسمت مثل مجنونة وقلت:
“لدي أمر أود قوله.”
كان هناك شيء عليّ فعله حالًا.
التعليقات لهذا الفصل " 132"