بسبب صوت دوق كالينوس المخيف، لم أستطع الفرار إلى أي مكان.
وأخيرًا، بدأت المواجهة.
“إذًا، أنتِ من أنقذتِ والدي، وأنقذتِ الناس أيضًا، صحيح؟”
عند هذا التلخيص المقتضب من دوق كالينوس، وقف الكونت فلوريت بذهول كما لو أنه سمع للتو قولًا مثل: “جيزيل أنقذت هذا العالم.”
“يجب أن نمنح طفلتنا وسام البطولة… لكن، ما العمل؟ هل علينا الكشف عن أنها ‘موجي’؟ لا، ربما من الأفضل أن تواصل إخفاء قوتها…”
“أرجو أن تهدأ أولًا.”
سمعت صوت الكونت فلوريت، وآهة من غارنو، وأنفاس نيسلان المرتبكة.
لكن ملامح نيسلان بدت غريبة، وكأنها مشوشة بعمق.
“لا يمكن أن تكوني قد استخدمتِ طاقة حياتكِ فقط من أجل شفائي، صحيح؟”
… هل يجب اعتبار الأمر أنه طاقة حياة؟
“لست متأكدة، لكن عندما أستخدم قوتي بكثرة، أنزف من فمي أحيانًا.”
رمش بعينيه وقد اكتست بالحُمرة، وكأن السماء قد انهارت عليه.
“إذًا، عندما كنتِ تبصقين الدم…؟”
“وحتى نزيف الأنف كان بسبب…”
فجأة، ساد جو بارد في المكان.
“لقد كنتُ أنزف قليلاً فحسب، فلماذا أصبح الجو كئيبًا هكذا؟”
عند كلماتي، نظر إليّ الكونت فلوريت بوجه جامد تمامًا.
“جيزيل. تقولين إنه مجرد نزيف بسيط؟ أنت حقًا لا تهتمين بجسدكِ على الإطلاق، أليس كذلك؟”
“هذا…”
“مهما كان رأيك، فأنتِ بالنسبة لي أغلى من أي أحد، ابنتي التي أنجبها بقلبي.”
“…..”
“أتمنى فقط أن تعتني بنفسك. أنا قلق عليكِ.”
ذلك الدفء الذي اقترب فجأة، وصوته الحنون، أربكني كثيرًا. ثم أضاف غارنو وهو يسعل بخفة:
“وأيضًا، هي كَنَّتي العزيزة جدًا.”
متى أصبحتُ كنةً عزيزة عليك؟
لكن ربما لأن قلقهم كان واضحًا جدًا في عيونهم…
لم أستطع أن أجد في نفسي رغبة في الاعتراض عليهم.
كان الكونت فلوريت قد أدار وجهه وهو يعبّر عن امتعاضه بـ”همف”، ثم عاد لينظر إليّ بلطف وهو يربت على رأسي.
“لذا، أرجوكِ اعتني بجسدك، جيزيل. في هذا العالم هناك الكثير ممن يحبونكِ. وإذا تأذيتِ، فالجميع سيتألم.”
“جيزيل.”
عند النداء المفاجئ، توجهت أنظار الجميع إلى ذلك الاتجاه.
أتى صوت دوق كالينوس الحازم:
“لقد اتخذتُ قراري.”
“مهلاً، قرار ماذا؟”
“سأحرص على ألا يقلقكِ أحد، ولن تُمس حتى شعرة منكِ، وسأحميكِ.”
بعيون تلمع، ركز دوق كالينوس نظره عليّ وقال:
“سأحميكِ من الآن فصاعدًا. اعتبري ذلك سدادًا لجميلكِ.”
“عفوًا؟ وهل أنت غراب حتى تسدد الجميل طوال حياتك؟”
(يُقال في بعض الثقافات والأساطير أن الغراب لا ينسى المعروف ويسدد الجميل مدى الحياة، بل وهناك اعتقاد بأن الغراب يرد المعروف لوالديه تحديدًا عندما يشيخان، ويطعمهم كما أطعمَوه وهو صغير.)
“يكفي أن تبقي بجانبي. دائمًا.”
لا.
نحن مجرد زوجين بعقد، فكيف نعيش دائمًا معًا؟
لم ننهِ حتى نقاشنا بشأن أرانبي الخمسة مليار، لكنه فجأة أمسك بيدي بقوة.
“سيدي الكونت. سأبذل قصارى جهدي من الآن فصاعدًا.”
“ماذا… ماذا تقصد ببذل الجهد؟”
“أعني في دوري كزوج لابنتكم.”
بسبب هذا التصرف المهذب والمبجَّل، أمسك الكونت فلوريت مؤخرة عنقه وقد تملكته الدهشة، وهو الذي كان يتمنى الطلاق سابقًا.
عندما التقيتُ الكونت فلوريت أول مرة، قال لي ببساطة: “تشرفت بلقائك، أيها الحمو.” كم تغيرت الأمور الآن.
ولا أستطيع القفز في وجوه الجميع لأقول إننا مجرد زوجين بعقد!
***
حين عدنا إلى قصر كالينوس.
أدركتُ الأمر تمامًا.
‘دوق كالينوس قد جُن.’
لكن الأسوأ من ذلك هو أنني أنا نفسي كنت أرتجف من تأثيره، وكأنني قارب في بحيرة.
في غرفة النوم، حيث كنا مستلقين معًا، غطيتُ وجهي بكلتا يديّ لأتجنب نظراته.
وكان يرمقني بنظرة راضية تمامًا.
“الآن فهمتُ.”
“فهمتَ ماذا؟”
“أن هناك مراحل للإغراء عند التعامل مع جيزيل.”
“لا، انتظر…”
“أولاً، أرتدي ثيابًا تبدو وكأنها ستنفجر.”
“ما الذي…”
“ثم أقتربُ منها قدر الإمكان، فأنا أظن أن جيزيل تحب جسدي.”
حديثه بدا دقيقًا جدًا، كأنه فك رموز شخصيتي.
ولم أستطع المقاومة أمام إغوائه.
ثبت نظره عليّ وقال:
“سأواصل إغوائكِ بكل جهدي. لذا، عليكِ أن تستعيدي رغبتكِ في الحياة، جيزيل.”
“عفواً؟ الرغبة في الحياة؟ فجأة هكذا؟”
“نعم.”
أنا لست في مرحلة الاحتضار، فلماذا يجب عليّ فجأة أن أستعيد رغبتي في الحياة؟
“حسنًا، فهمت. سأعيد ترتيب رغبتي في الحياة جيدًا.”
كنت أرغب في طرح موضوع أرانبي الخمسة مليارات، لكن…
‘في هذا الوضع المثير للجنون، فتح موضوع الخمسة مليار سيكون مضادًا تمامًا للنتائج المرجوة.’
بل وكنتُ على وشك أن أضعف أمامه!
‘عليّ أولاً أن أركّز على حجر الحظ وأدرسه جيدًا.’
لحسن الحظ، هو رجل جاد في البحث، لذا بدا تحويل الموضوع أمرًا سهلاً.
سارعتُ بطرح موضوع حجر الحظ.
“ذاك… أظن أنه من الأفضل أن نبدأ بالحديث عن حجر الحظ أولًا. ذلك الشخص كان يملكه.”
وبعد أن عرف سري، سنحت لنا فرصة لدراسة الحجر معًا.
حدثته عن خاصية حجر الحظ، وأنه قد يكون نقطة ضعف دوق ليشانييل.
فأخذ الحجر في يده، وأمال رأسه قليلاً وهو يتأمله.
“إذًا هذا الحجر مميز إلى هذا الحد؟”
كان يجري تجارب متنوّعة عليه، يلمسه، ويضعه قرب كأس ماء، ثم دون ملاحظاته بهدوء:
[سجل البحث. عند الضغط بقوة مقدارها 52.8: لم يُلاحظ أي ظاهرة. عند نقعه في 0.1 مل من الماء: لم يُلاحظ أي ظاهرة.]
ومضت بضع ساعات منذ أن بدأنا البحث سويًا.
جربنا كل الطرق الممكنة ما عدا تدمير الحجر، لكن لم نصل إلى نتيجة.
“ما رأيكِ أن نبحث عن خبير في الأحجار الكريمة؟ بالطبع، سأرافقكِ.”
“أنا؟ الدوق أيضًا؟”
“نعم. لدي اضطراب قلق.”
“حقًا؟ لا يبدو عليك ذلك أبدًا.”
رغم ملاحظتي المحايدة، تمتم بهدوء:
“هذا ما قاله لي غييت.”
بدا وجهه حزينًا لوهلة، فشعرت بشيء من الشفقة.
ما قصته بالضبط، هذا الرجل….؟
“وأيضًا، لديّ ثأر شخصي مع دوق ليشانييل.”
عندها لمعت عيناه.
كأنما يريد تمزيق دوق ليشانييل إربًا إربًا.
“السيد غارنو يعرف أحد خبراء الأحجار الكريمة في القارة الشرقية.”
“إذًا سيكون الأمر سهلاً.”
***
في تلك الأثناء، كان دوق ليشانييل يتفقد المزار الذي انهار تمامًا.
وكانت تعابير وجهه مائلة إلى التوتر.
“إذًا… دوق كالينوس جاء لينقذ موجي.”
“نعم، بالضبط. موجي أنقذت سلف دوق نيسلان، لذا….”
“لا، دوق كالينوس لا يمكن أن يتحرك من أجل أمر تافه كهذا. هناك حلقة مفقودة هنا….”
“عفوًا؟ معذرة، لم أفهم ما تعنيه….”
أظهر المساعد حيرته، لكن دوق ليشانيل أدار نظره بلا اهتمام.
لقد كان يعرف الكثير عن دوق كالينوس، لكنه لم يرغب في مشاركة تلك المعلومات مع أحد.
بدأ يداعب ذقنه ببطء وهو يفكر.
‘حسب معرفتي، دوق كالينوس لا يُجيد التعبير عن مشاعره، ولا يمتلك القدرة على التعاطف مع مشاعر الآخرين. لو كان هو نفسه الذي أعرفه، فلا يمكن أن يتصرف هكذا.’
إن كان كذلك، فلا بد أن “موجي” ليست فقط منقذته، بل أكثر من ذلك بكثير.
عندها، التوى فمه بابتسامة خافتة.
“…لا تهتم. إذًا هل يعني هذا أن موجي قد اختفت؟”
“نعم. لا نعلم إلى أين ذهبت، إن كانت قد ابتلعتها الأرض، أم اختفت في السماء. لا يمكننا أن نعرف. حتى أولئك الذين كانوا يحرسون المزار فقد كانوا مغمىً عليهم، ولا يملكون أية معلومات. على أية حال، الأمر المؤكد هو أنها اختفت أثناء انتقالها الآني.”
“فهمت. في الوقت الحالي، فلنبدأ بترميم المزار المدمر. ياللأسف.”
” الذين كانوا يحرسون المزار، ماذا نفعل بشأنهم؟”
حدّت نظرة دوق ليشانييل في البداية، ثم ما لبثت أن لانت مجددًا.
“هم أشخاص ضعفاء ومثيرون للشفقة. أبقهم في القصر. لا بد أن يجدوا من يعتني بهم ويشفيهم بشكل طبيعي.”
لكن في الحقيقة، لا أحد في أسرة ليشانييل سيتكلف عناء رعاية كلاب مهزومة.
ورغم مظهره الهادئ، كان الدوق يضمر أفكارًا قاسية بينما وضع يده على أنقاض المزار المبعثرة.
فلم يكن هناك من يستطيع ترميم هذا المزار المدمر سوى هو وحده.
لكن بسبب الإفراط في استخدام القوة المقدسة والمانا لإعادة بناء المزار، على ما يبدو…
أصبح من الصعب عليه استخدام السحر بسهولة كما اعتاد، وبدأ يشعر بضيق في التنفس.
‘لو كانت جيزيل موجودة فقط.’
كانت مشاعر جيزيل تتساقط مثل زهرة متقلبة.
ولكنه كان يؤمن.
أن حبها ذاك، سيزهر من جديد كدوار شمس يتفتح نحوه.
وإن كان الأمر كذلك، فقبل كل شيء…
‘الآن بعد أن فكرت في الأمر، يبدو أن هناك أمرًا يجدر التحقق منه.’
ابتسم دوق ليشانييل بلطف بينما كان يلمس قلادته.
جيزيل يجب أن تبقى إلى جانبه، هكذا أرادت الأقدار.
“سوف نقيم فعالية خيرية صغيرة.”
“عفواً؟ فعالية خيرية؟”
“أرغب بشدة في إخراج السيدة جيزيل، زوجة دوق كالينوس، إلى العلن بأي وسيلة كانت.”
لأنه، أكثر من أي شخص آخر، كان يشتاق لرؤيتها.
سوف يستعيد قلبها.
يريد أن يحتضن جيزيل، أن يلمسها، كانت هذه رغبته.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 123"