الفصل 119
#الفصل 22: صحوة دوق كالينوس
قبل ثلاث ساعات من قيام جيزيل بتفجير مذبح المتاهة.
كان دوق كالينوس في قاعة العشاء تلبية لدعوة الإمبراطور.
“أظن أن أمراً ممتعاً سيحدث.”
قال الإمبراطور للجميع وهو يبتسم بابتسامة متفاخرة.
“الإمبراطورة، على ما يبدو، قررت إقامة جلسة صلاة بسيطة من أجل السلام. وذُكر خلال ذلك أن تعزيز العلاقات الودية سيكون جيدًا.”
“أما اجتماع التعارف الذي سيعقب جلسة الصلاة، فقيل إن الآنسة كوردليا، ساحرة الوهم أعدته بعناية بالغة. أليس كذلك، دوق إنفيرنا؟”
ضحك دوق إنفيرنا ضحكة صاخبة مجاملة لتملق أحد النبلاء الآخرين.
“نعم، هاهاها! بالمناسبة، كوردليا خاصتنا قالت إنها ترغب بشدة في لقاء السيدة جيزيل، زوجة دوق كالينوس.”
وحين أشار إلى زوجة دوق كالينوس تحديداً، انصبت كل الأنظار على دوق كالينوس.
وكان دوق ليشانييل، الذي كان يحتسي العصير برقي، قد وضع كأسه عند سماعه عبارة ‘زوجة دوق كالينوس، جيزيل’، مثل الجميع.
تحت الأنظار المجتمعة، صرّح دوق كالينوس بنبرة هادئة:
“أهو كذلك؟ مع أنني أريد أن تكون لي وحدي.”
أجواء القاعة تجمّدت بسبب هذا التصريح الغريب في غير موضعه.
لكن دوق كالينوس لم يأبه، وظل نظره مركزًا على دوق ليشانييل.
وتحديدًا على دوق ليشانييل الذي كان يرتدي بدلة بيضاء كأنها مرسومة لهذا المكان، ويحتضن باقة من الزهور.
ورغم أن القانون لم يُقبل مما سبّب له بعض الإحراج، إلا أن قلة فقط كانت تعرف الملابسات، فظل الآخرون يتصرفون بتهريج وكأن ما يفعله مقدس.
‘بمعنى آخر، منظره كان مزعجًا إلى حد لا يُطاق.’
وقد سمع أنه اليوم ينوي التقدم بطلب زواج إلى إحدى السيدات اللواتي يعجبهّن.
‘إن تجرأ وحاول التقرب من جيزيل…’
نظرة دوق كالينوس، التي ازدادت برودة، جعلت الإمبراطور يلوّح بيده محاولًا تدارك الموقف.
“هه، هه. لا يمكنني أن أعكر صفو الحياة الزوجية. دوق، هل ترغب في العودة؟”
“نعم، إلى زوجتي…”
قال دوق كالينوس، وقد اجتاحته فجأة روح التحدي، وهو يحدّق في باقة الزهور التي يحملها دوق ليشانييل وكأنه يتجاهلها عمدًا:
“يبدو أنني بحاجة إلى إهدائها زهرة.”
فتعقبه صوت دوق ليشانيل الرتيب بلا مبالاة:
“مهما كانت الزهرة جميلة، فإنها لا تدوم سوى موسم واحد.”
ابتسم دوق كالينوس بسخرية وهو ينظر إليه.
“دوق ليشانييل، على عكس زهرتك، زهرتي أبدية. سأتولى تطوير زهرة لا تذبل أبدًا عبر التجارب والأبحاث.”
كان كلامه رومانسيًا، لكنّه غريب وغير مألوف، فأحدث ضجة بين الحضور.
ومع ذلك، بدا عليه الرضا الشديد بكلامه، وغادر كأنه نسمة هواء.
….ومرّ الوقت بعدها.
عاد دوق كالينوس إلى مختبر العائلة.
وأمر الباحثين بصنع ‘باقة من الزهور لا تذبل’، وظهرت نتائج واعدة خلال ساعة واثنتين وثلاثين دقيقة.
“لقد نجحنا أخيرًا في صنع زهرة لا تذبل أبدًا، يا صاحب السعادة!”
“عند رش هذه الجرعة، تتحول الزهرة الحقيقية إلى زهرة لا تذبل مطلقًا، وكأنها اصطناعية! لقد صببنا جهدنا كله في هذه الزهرة، فتفضل بقبولها!”
كانت الزهور زاهية ومزركشة في يده.
لكن دوق كالينوس لم يرضَ عند هذا الحد.
“زاوية أوراق الزهرة تختلف بحوالي 176 درجة. لا يصلح هذا. يجب ترتيبها بزاوية دقيقة مقدارها 180 درجة.”
“أوه، 180 درجة؟”
“نعم. 180 بالضبط هي الأجمل.”
“حقًا، يجب أن تكون 180 درجة لتناسب النسبة الذهبية!”
تلألأت عيون الباحثين بجنون.
ابتسم دوق كالينوس برضًا خفيف وهو يفكر:
‘سأهديها باقة زهور تتوافق مع النسبة الذهبية، وأعترف لها برغبتي في البقاء معها.’
وبصراحة أكثر…
كان يريد منع جيزيل تمامًا من أن تقترب حتى من نفاية مثل دوق ليشانبيل.
في تلك اللحظة، لمعت عيناه ببريق يشبه الجنون.
***
تك، تك، تك.
نظر الدوق السابق غارنو إلى الطبيب الزائر غييت بوجه حائر وسأله:
“السيد غييت، ما الأمر؟”
“لـ-لا، لا، لا شـ-شيء، لا شيء.”
“لا شيء، تقول؟”
“نـ-نـ-نعم، نعم.”
“لا يبدو الأمر وكأنه لا شيء.”
ثبت غييت جسده فجأة مثل ساعة جدار معطلة، ثم بدأ يمسح وجهه بيديه.
تطلع إليه غارنو في حيرة وسأله من جديد:
“سأسألك مرة أخرى. ما الأمر؟”
“لا شيء على الإطلاق.”
“إذن… همم، هل ترغب برؤية صورة تقريبية للآنسة موجي؟”
عند سماع اسم ‘موجي’، قفز جييت واقفًا وقال:
“سـ-سـ-سـ-سأراها لاحقًا! أعتذر، أنا مـ-مشغول اليوم، علي الانصراف!”
“…السيد غييت؟”
حاول غارنو إبداء استغرابه، لكنه لم يستطع سوى التحديق في ظهره المنسحب بذهول.
كان النهوض فجأة أمام نبيل رفيع شأنًا غير لائق إطلاقًا، لكن وضع غييت بدا سيئًا لدرجة أنه لم يستطع منعه.
‘ما العمل؟’
ارتبك غييت عندما ذُكرت موجي، وتهرّب من الموقف بكلمات عشوائية، والآن كان قلقًا.
جلس في الحديقة المقابلة للبوابة الرئيسية لعائلة كالينوس، وراح ينتظر بقلق وتوتر متزايد.
لكن…
‘لم تصل بعد.’
لو وصلت بسلام، لكانت ظهرت بكل فخر في هذا القصر…
‘لقد مضى نصف يوم…’
دونغ—
مع صوت برج الساعة، انتفض واقفًا.
‘…الوقت انتهى للتو.’
تدافعت في رأسه كل الاحتمالات المفزعة.
نهض على عجل وركض في ممرات قصر عائلة كالينوس.
ولم يهتم بنظرات الخدم والخادمات إليه.
ثم لمح دوق كالينوس من بعيد، خارجًا من المختبر.
كان يحمل باقة من الزهور.
ورغم أن مظهره وهو يبتسم ابتسامة خفيفة لا يوحي بشيء سوى السعادة، فإن غييت لم يكن في وضع يسمح له بالاهتمام بمثل هذه الأمور.
“سـ-سـ-سعدت برؤيتك، سيدي الدوق.”
“ما الأمر يا سيد غييت؟ تبدو كأنك بحاجة إلى طبيب بنفسك.”
“الأمر هو…”
نظر غييت من حوله بسرعة. ولحسن الحظ، لم يكن هناك أحد قرب دوق كالينوس كالمعتاد.
لأن معظم الناس لا يرغبون بالاقتراب من الدوق، استطاع غييت أن يخفّض صوته قليلًا ويتحدث بسرعة.
“الأمر، الأمر هو أن جدّتي والسيدة موجي قد اختُطِفتا معًا. لكن لا يوجد أي وسيلة للتواصل معهما.”
راقب الدوق غييت وهو يهذي بنظرات ثابتة، ثم قال:
“إن تم اختطافهما، فمن الطبيعي ألا يكون هناك اتصال. يؤسفني سماع ذلك. سأرسل الحرس الملكي، وكذلك بعض السحرة. لا بد من المساعدة في البحث.”
لكن لم يُعثَر على لا الجدّة، ولا جيزيل بعد.
ولم يكن هناك أي سبيل لمعرفة كيفية الخروج من هذا الوضع الفوضوي.
تمتم غييت والدموع تملأ عينيه:
“هذا، هذا ليس أمرًا يمكن التعامل معه بكل هذا الهدوء.”
“لقد عبّرتُ عن أسفي بوضوح. سأتصل بالحرس حالًا.”
“الأمر هو… أرجو أن تأتي معي.”
“…أنا؟ أذهب معك؟”
“نعم! لأ، لأ، لأنّ…”
مرّ نصف نهار، بل وزيادة عشر دقائق، ولم يصل أي خبر بعد، فلا شك أن مكروهًا قد وقع لهما.
سقطت دمعة كبيرة من عين غييت.
“لأن السيدة موجي هي السيدة جيزيل!”
“يبدو أنك أصبت بضربة شمس مبكرة. لا تقل هذيانًا.”
“ل، لا، هذا حقيقي!”
نظر إليه دوق كالينوس بنظرة باردة، ثم قال:
“إذا، حسب ادعائك، زوجتي، السيدة جيزيل دوقة كالينوس، هي في الحقيقة الطبيبة المشهورة المسماة موجي…”
“نعم، نعم.”
“وزوجتي الآن قد اختُطِفَت؟”
نظر إلى غييت بتفحص وهزّ رأسه قليلًا.
ثم أخرج من جيبه جرعة لامعة.
“اشرب. يجب أن نتحقق.”
“ما، ما هذا؟”
في مثل هذه المواقف، يجب التصرّف بعقلانية.
دون أن يدرك أن عينيه كانتا تلمعان بجنون، ناول دوق كالينوس الجرعة لغييت وقال بنبرة لطيفة:
“إنها جرعة الحقيقة. أحتفظ بها دائمًا. لأجل الأغبياء الذين يرفضون قول الصدق.”
“لكن لا وقت لهذا الآن!”
فتح غييت الغطاء بتعبير يائس وابتلع الجرعة.
بلع، بلع، بلع.
وما إن انتهى من شربها، حتى كرر نفس الجملة السابقة دون تغيير.
“السيدة جيزيل هي السيدة موجي، وقد اختطفتها مجموعة من المجرمين! وأنا أعلم مكانها.”
في تلك اللحظة، تزعزعت نظرات دوق كالينوس.
فمن غير الممكن أن تخطئ جرعة الحقيقة التي تحتوي على كل خبراته الهندسية.
سقط باقة الزهور من يده دون أن يشعر.
وهكذا…
استدار جسده تلقائيًا إلى الزاوية المفضلة لديه: 180 درجة، “الزاوية الذهبية” التي يحبها أكثر من أي شيء آخر.
التعليقات لهذا الفصل " 119"