“…جَدّتي، جَدّتي اختفت بالقرب من المنزل. ثم قالوا إن عليّ الذهاب إلى <هذا المكان>. إن فكرتُ جيدًا، أعتقد أن الورقة كانت تحوي خريطة بسيطة.”
نظرتُ إلى ما كان يرسمه غييت.
الخريطة التي رسمها لأولئك الذين أشاروا إلى <هذا المكان> بدت مبهمة إلى حدٍّ ما، ولم أستطع تمييزها جيدًا.
لكن غييت كان مختلفًا.
بعد أن أنهى رسم الخريطة، ارتسمت على وجهه ملامح الدهشة.
“آه! أعتقد أني عرفت المكان. إنه هنا، قرية غيلي.”
“همم، قرية غيلي؟”
رددت اسم القرية الذي بدا مألوفًا لي بطريقة غامضة.
وفي تلك الأثناء، كان غييت يواصل سرد معلوماته دون ترتيب.
“إنها قرية كانت جدتي تزورها بين الحين والآخر. آه، صحيح! وقال أولئك الأشخاص إنهم مع الجدة، وأنهم يريدون… يريدون التحدث مع السيدة موجي بصراحة. قالوا إنهم يريدون حوارًا صادقًا.”
“…حوار صادق؟”
اسم قرية مألوف بطريقة غريبة.
ثم تلميح “الحوار الصادق”.
اتسعت عيناي فجأة.
“الحوار الصادق” هو التعبير الذي كان دوق ليشانييل يردده عليّ مرارًا وتكرارًا.
وأين كان يردد تلك العبارة أكثر شيء؟ في ذلك المكان اللعين… المزار!
(المزر مكان مقدس أو صرح ديني)
“قرية غيلي، إنها مكان مقدس، صحيح؟”
“نعم، قرية غيلي هي المكان الذي آذت فيه القديسة إفانجلين جسدها بنفسها من أجل إنقاذ الناس. كما أنها تُعرف بكونها قرية النور، التي لا تغرب فيها الشمس تقريبًا على مدار العام.”
أجل، بدأت قطع الأحجية تتداخل وتتشكل أخيرًا.
كان دوق ليشانييل “يقنعني” وهو يدفع بي إلى برد المزار القارص.
“آه، لا تريدين إمساك يدي؟ مفهوم. دعيني إذن أحاول إقناعك في المزار.”
“هذا هو المكان الأقرب إلى الإله، يا جيزيل. إنه المكان الذي يغمره نور الرب. فلنصلِّ معًا.”
إن كانت الجدة قد اختُطِفت إلى المزار، فإن إنقاذها سيكون كتناول حساء بارد.
فقد قضيت فيه من الوقت ما يكفي لأشعر وكأنه منزلي الثاني.
‘إذن، كل ما عليّ فعله هو اصطحاب الناس إلى المزار وإنقاذ الجدة… أو لا.’
اللعنة، كيف نسيتُ هذا؟!
“سيدي الدوق! هناك أنباء عن اقتراب قوات الأمن من المزار!”
“تبًا… كيف تم تعقبنا؟”
“يبدو أن هناك خللًا حدث خلال عملية ‘الإقناع’ الأخيرة.”
“لا مفر إذن. أغلقوا المكان فورًا. جيزيل، قومي، لقد انتهت صلاتنا لهذا اليوم.”
عندما كان يسحب المانا مني في المزار، كانت القوات الخاصة أو الحرس يظهرون باستمرار، لكن ذلك الصرصور، دوق ليشانييل، كان يغلق المزار كل مرة ويُخفي كل الأدلة.
‘لا يمكنني اصطحاب عدد كبير من الناس. إذن، ماذا يمكنني أن أفعل…؟’
بينما كنت أفكر مليًا بالمعلومات التي أعرفها عن المزار، توقفت فجأة.
‘انتظري لحظة. عندما كان الدوق يتحدث عن المزار، كان يذكر دوماً عبارة نور الإله، أليس كذلك؟’
عندها، أمسكت بالمفتاح الموجود في جيبي بشدة.
<حينما يسطع نور الرب عليّ، سيفتح الباب>
تلك العبارة المحفورة على المفتاح، وعبارة “المكان الذي يغمره نور الرب” التي قالها البعوض، بدتا مترابطتين بطريقة مريبة.
ربما، فقط ربما…
ربما توجد طريقة لاستخدام المفتاح داخل المزار.
صحيح أن كل هذا مجرد تخمين، ولا يمكنني التأكد تمامًا.
‘لكن، على الأقل، الأمر يستحق تجربة التسلل إلى المزار.’
ثم إن قوتي الحالية هي الأعلى بفضل التنين وسولسي.
‘إنقاذ الجدة وكشف سر المفتاح هو الخيار الأفضل الآن.’
وبعد أن أنهيت تقييم الوضع، عقدتُ العزم.
“سأذهب وحدي لمقابلتهم أولًا.”
“ماذا؟”
“ألم يقولوا إن المعلومات لا يجب أن تتسرب لأي أحد سواي؟ سأذهب لأتحدث معهم بنفسي. على الأرجح، هم بحاجة إليّ، لذا لن يحاولوا قتلي فورًا. سأُحرّر الجدة أولًا، ثم أجتمع بهم على انفراد.”
لا أعلم كيف فهم غييت كلامي، لكن عيناه احمرّتا فجأة.
“كما هو متوقع من السيدة موجي، إنكِ حقًا فاضلة هذا الزمان.”
في الحقيقة، كنت أرغب فقط بمعرفة كيفية استخدام المفتاح، تذكار والدي، لأُرضي فضولي وجشعي….
‘لكن، حسنًا، فأنا أُخاطر بحياتي فعلًا، لذا لا بأس.’
أومأتُ برأس مهيب، ثم أضفتُ:
“يجب إنقاذ الجدة بأسرع ما يمكن. قد تكون في خطر الآن.”
“خ، خطر؟”
بدت ملامح غييت وكأنه شارف على الإغماء.
فلدوق ليشانييل جيش يُعرف بـ”كتيبة الظلال”.
كتيبة الظلال هذه كانت بمثابة الجانب المظلم لعائلة ليشانييل، تنفّذ المهام القذرة في الخفاء.
‘بما أنهم استدرجوا من يعارض الدوق إلى المزار ليعذّبوهم، فقد تكون الجدة في خطر أيضًا.’
أمسكت بيد غييت بإحكام، وهمست له كأنني أُجري له غسيل دماغ:
“لهذا، سأذهب بنفسي لإنقاذ الجدة. لكن اسمع، بعد ست ساعات من الآن، إذا لم أكن قد عدتُ…”
“نعم؟”
“اذهب إلى الكونت فلوريت، أو إلى الدوق كالينوس، واطلب مساعدتهما. قُل لهما أن يأتيا لإنقاذي، ‘موجي’.”
“أ-أجل، فهمت.”
رسمتُ له خريطة داخلية للمزار على يده، ثم ابتسمتُ.
“أنا لا أنوي الموت، لذلك، إن مر نصف يوم ولم أرجع، تعال فورًا للبحث عني!”
***
في تلك الأثناء، كان جوّ المزار أكثر رطوبة من المعتاد.
طنـنغ!
“أين… أين أنا؟”
تمتمت الجدّة بصوتٍ واهٍ وهي تهزّ باب القضبان، وعيناها مغطّاتان بعصابة.
“ما الذي يجري هنا؟ ماذا يحدث؟ لماذا… لماذا تفعلون هذا بالعجوز؟ أ… ألم تقولوا إنكم ستأخذونني لأرى غييت؟”
لكن لم يكن هناك أي ردّ.
كانت جدّة غييت ترتجف وهي تتكوّر على نفسها في زنزانة باردة تقشعرّ لها الأبدان.
قالوا إن غييت مريض فجأة، وإنهم سيأخذونها إلى حيث هو.
الشبّان، رغم مظهرهم المريب، تحدثوا بلطف كالملائكة، لكنهم تغيّروا فجأة.
ثم غطّوا عينيها وسجنوها في هذه الزنزانة المتجمّدة.
‘أين أنا على وجه الأرض؟’
جسدها الذي بالكاد تعافى من المرض، جعل البرد مضاعفًا. لكن أكثر ما أقلقها كان شيئًا آخر.
سألت بصوتٍ خافت موجَّه إلى من لا يردّ.
“غييت بخير، أليس كذلك؟”
“آه، يا جدة. كفي عن الضجيج ونامي قليلاً.”
قال الرجل ذلك ببذاءة وهو يبصق على الأرض، لكنها لم تملك حتى قوّة الاعتراض.
“أنا فقط… فقط أريد أن أعرف إن كان غييت…”
“طالما هو بخير، فستخرجين من هنا عاجلاً أم آجلاً. فلتكفّي عن الضجيج.”
غادر الرجل المتغطرس، ولم يعطِ أي معلومة إضافية.
كوّرت جسدها المرتجف أكثر.
كانت ليلة باردة، لكنها لم تكن تخشى البرد أكثر من قلقها من أن يحاول غييت إنقاذها ويقع في خطر.
‘لو كان في ذلك تهديد لمستقبل حفيدي…’
فلتمت دون تردد.
حتى في هذا الوضع الغامض، فكّرت بهذا بجدّية.
‘ربما من الأفضل ألّا يأتي أحد لإنقاذي.’
بفطرتها التي شحذتها عقود من الحياة، أدركت أن هذا المكان خبيث وخطير.
***
“هاهنا إذاً، قرية غيلي.”
وأنا في طريقي إلى قرية غيلي، كنت أحدّق في المرآة التي أمسك بها بيدي.
امرأة ذات شعر عسلي قصير كانت تحدّق إليّ.
كان ذلك وجه “موچي” بلا شك.
‘لكن اليوم فقط، لا أرتدي القلادة.’
لامست عنقي الذي بدا خاليًا بشكل غريب، ثم أدرت نظري فجأة.
‘كل الاستعدادات اكتملت.’
تنفّست بعمق وأنا أحدّق في مدخل القرية حيث يُفترض أن تكون الجدة، وفجأة خيّم السكون من حولي.
“نتقابل هنا إذًا.”
“آنسة موجي؟”
حدّقت في الرجلين اللذين كانا يرتديان قلنسوة سوداء وهما يخرجان من الزقاق.
ربّما بدا من الغباء أن أظهر وحدي بلا حماية، فبدت نظراتهم مشبوهة.
‘من وجهيهما، أستطيع الجزم. إنهم أتباع ذلك البعوض الملعون.’
كنت أعرف وجوههم. إنهم من فرقة الظلال التابعة لدوق ليشانييل.
‘كانوا قادةً وحشيين، لا أخلاق لهم.’
“رغم أنها سوقية، إلا أن وجهها جميل، أليس كذلك؟”
“سيَمل منها ويرميها لاحقًا، لكن حينها…”
لا تزال أصواتهم التي سخروا بها منّي حين كنت سجينة في المزار، عالقة في ذاكرتي.
بدأت أرتعد من الصدمة القديمة، فحدّقت فيهم وعضضت على شفتي.
‘لا، إنهم لا يعرفون أنني جيزيل. لا بأس. سأكون بخير.’
ولستُ من النوع الذي يخاف من قمامة مثلهم!
رفعت ذقني وتظاهرت بالوقاحة وأنا أحدّق فيهم بثبات.
“هذا الشيء.”
“كلامكِ مختصر جدًا. عمّ تتحدثين، آنسة موجي؟”
“الشيء الذي في يدك. هل هو… الكيس؟”
تبادلوا نظراتهم وضحكوا بسخرية.
“للأسف، ملاحظتك دقيقة جدًا.”
فـووش!
وقبل أن أتمكّن حتى من رؤية البقيّة، طار الكيس الأسود إلى رأسي.
فدفعت رأسي داخله بنفسي وصرخت.
“هيّا، اختطفوني بسرعة إن كنتم ناوين على ذلك!”
تردّد صوتي في الكيس الأسود طنينًا.
هذه هي الطريقة المجنونة في فرض السيطرة.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 116"