الفصل 113
***
ساد الهدوء غرفة النوم في نهاية المطاف.
بعد أن أخذ نيسلان ويوليانا، اللذان بدا عليهما التأثر، ريويس الذي كان طرفا عينيه قد تهيّجا.
في خضم تلك الفوضى الخفيفة، لم يتبقّ سواي أنا ودوق كالينوس.
كان يحدق بي دون أن يحاول حتى لملمة الأزرار الممزقة.
“… هل أنتِ بخير؟”
ثم سرعان ما لفّني بالبطانية بإحكام.
ما هذا، على وجه الأرض؟
مجرد نزيف من الأنف، ومع ذلك تلقيت جرعة زائدة من الحماية والاهتمام.
عائلة هذا الدوق غريبة أصلًا، لكنهم اليوم بدوا أكثر غرابة من المعتاد.
“كما ترى، أنا في تمام الصحة والعافية.”
لكن ما إن قلت “في تمام الصحة”، حتى احمرّ بصره فجأة.
‘ما الأمر الآن…؟’
فكرت في أن أستدرجه ببعض الأسئلة…
‘لكن لا تبدو هذه اللحظة مناسبة تمامًا للحصول على أجوبة.’
غدًا، سأتحدث إلى إيفانكا لأطلب منها المعلومات.
الهامستر الصغيرة التي تعرف كل شيء، لا بد أن تعلم بما يجرب هنا!,
بينما كنت أعقد العزم، تمتمت قائلة:
“… لكن، لدي سؤال أود طرحه.”
“اسألي ما شئتِ.”
كان يبدو هادئًا للغاية، فماذا عسى أن يكون سبب هذا التغيير في مزاجه؟
“سمعت من الكونت فلوريت أن اجتماع الشؤون الرسمية في القصر الإمبراطوري كان اليوم.”
“نعم، هذا صحيح.”
“هل كانت الأجواء جيدة؟”
كنت أهدف بسؤالي هذا أن أصل تدريجيًا إلى ما إذا كان دوق ليشانييل قد تحدث عن سفينة الكنوز أثناء الاجتماع.
لكن بينما كان يحدق بي، تمتم فجأة:
“هل تقلقين بشأن الاجتماع حتى في هذه الظروف؟”
“… عذرًا؟”
ما الذي يقوله الآن؟
ما معنى “هذه الظروف” تحديدًا؟
عينيه الغريبتين كانتا تحدقان بي بشكل غير منطقي.
“كل شيء… سيكون على ما يرام.”
كان جسدانا مستلقيين جنبًا إلى جنب.
ونظراته كانت تحمل حرارة غريبة.
ثم وضع يده نصفًا فوق يدي.
وتمتم، كما لو كان روبوتًا مبرمجًا:
“اعتبارًا من الغد.”
“نعم؟”
“سأكون بجانبكِ قدر الإمكان.”
“… لا تقصد أنك ستكون بجانبي مرتديًا ذلك القميص، صحيح؟”
“هل أعجبكِ هذا الهدوء مني؟”
لا، بل…
‘إنه عنيف أكثر من هادئ؟’
“ارجعي إلى النوم، فالصحة تأتي أولًا.”
ثم بدأ في ترديد “تهويدة الجدول الدوري” مرة أخرى.
كانت ليلة أرقٍ مريرة.
***
‘لا، كنت سأسأله عن سفينة الكنوز!’
بسبب الجدول الدوري اللعين الذي علق في رأسي كالترتيل، فاتتني فرصة سؤاله عن سفينة الكنوز.
والمشكلة أن الجو الغريب استمر حتى في اليوم التالي.
في العادة، عندما أستيقظ، أجد إيفانكا إلى جانبي، ويكون دوق كالينوس قد خرج إلى عمله بلا شك، لكن…!
“اليوم، علينا الاعتناء بصحتنا من خلال التنزه. يُعرف أن تركيز الفيتونتشيد في غابة قصر كالينوس يتجاوز المتوسط الطبيعي للغابات—1000 إلى 1500 نانوغرام لكل متر مكعب مقارنةً بـ 200 إلى 500 في المعتاد—مما يعود بالنفع على الصحة.”
“نعم، تنزه موفّق!”
قالها بحزم وهو يزيح البطانية التي لفني بها.
“مع جيزيل.”
“… ألن تذهب إلى عملك؟ يبدو أن وقت أبحاثك قد حان.”
“أجلت وقت البحث إلى بعد ست ساعات وثلاث وثلاثين دقيقة.”
نظرت إلى ساعة جيبه بتردد وقلت:
“آه، حسنًا.”
… حقًا إنه غريب الأطوار.
سأغتنم فرصة التنزه فقط لأفتح معه موضوع سفينة الكنوز.
في ظل حمايته المفرطة، بدأنا نسير داخل القصر.
فتحت الموضوع بتكلّف نوعًا ما:
“قرأت في صحيفة الصباح أن سفينة كنوز غارقة منذ زمن طويل تم اكتشافها. هل تم التطرق إلى ذلك خلال اجتماع الشؤون الرسمية؟”
“سفينة الكنوز… آه، نعم. عادةً ما يتم تصنيف الجواهر العادية ضمن الدرجة الثانية، أما تلك النادرة والقيمة فتدخل ضمن الدرجة الأولى. ويقال إن هذه السفينة تحتوي على كنوز من الدرجة الأولى والثانية معًا. وفي العادة، يتم تقديمها للإمبراطور، لكن بما أنها سفينة بلا صاحب، طُرحت فكرة عرضها في مزاد علني.”
ثم عقد حاجبيه قليلًا وقال:
“ذلك الدوق اللعين هو من طرحها.”
“أجل، ذلك الدوق الذي لا نعرف لماذا لا يزال موجودًا. شكرًا على المعلومات.”
لم تكن معلومة مذهلة، لكنها كانت تلميحًا جيدًا على أي حال.
‘من بين كنوز الدرجة الأولى، لا بد أن لديه هدفًا.’
في هذه الحالة، يمكنني ببساطة أن أستحوذ على جميع كنوز الدرجة الأولى، أليس كذلك؟
نظرت إليه بابتسامة مشرقة وأنا راضية عن فكرتي. حينها، قال دوق كالينوس:
“يبدو أنكِ مهتمة كثيرًا بالكنوز. مفهوم.”
“…؟”
“سأقوم بالتحضيرات اللازمة.”
يبدو أنه فهم الأمور بطريقة خاطئة، لكن ذلك يصب في صالحي.
‘هل سيمنحني أخيرًا مكافأة مقابل كوني بلا أي إنجازات مؤخرًا؟’
بينما كنت أسير في الحديقة وأنا في غاية الرضا، لمحت دوق غارنو السابق وبعض الأقارب من بعيد.
كانوا يقيمون جلسة شاي صغيرة في الحديقة التي نتنزه فيها، وشفاه بعضهم كانت بارزة مثل مناقير الطيور.
‘آه، هل نقلوا ما فعلته في القصر الإمبراطوري؟’
في هذه الحالة، يجب أن أُشاغبهم قليلًا!
وضعت إصبعي على شفتي نحو دوق كالينوس لأطلب منه الهدوء، ثم اقتربت من غارنو والآخرين بوجه مشاكس.
لكن غارنو كان من بادر بالصراخ!
“يا لوقاحة هؤلاء…! اخرجوا من هنا حالًا!”
“سـ، سـ، سيد غارنو…؟”
“لماذا تسيئون إلى الدوقة؟ إن كانت تملك هذه الجرأة، فهذا في حد ذاته موهبة! قيل إنها هزمت ترولًا بجملة واحدة تقول فيها إنه قبيح. كان يجب أن تفعلوا مثلها، إذًا!”
… لحظة، لماذا هذا الجدّ يدافع عني بهذه العلنية؟
حقًا، كان الأمر مريبًا إلى أبعد حد.
في تلك اللحظة بالذات، نظر إليّ أفراد العائلة القريبة من غارنو وقد تجمّدت ملامحهم بتردد.
“اا… نـ، نحيّي الدوقة.”
“أوه، أهلًا؟”
نهض غارنو المرتبك واقفًا دفعة واحدة.
“م، ماذا… لماذا لم تبقي مستلقية، وخرجتِ هكذا…؟”
أخذ ينظر حوله بعصبية، ثم ناولني قطعة فطيرة بحركة يد مترددة.
“خ، خذي… كُليها أو لا، كما تشائين.”
“عذرًا؟”
ما الذي يحدث في هذا القصر على وجه الأرض؟
أخذت الفطيرة منه وملامحي تفيض بالحيرة، لكن لا أحد أجابني عن تساؤلي الصامت.
‘أين ذهب مصدر معلوماتي، إيفانكا! صغيرتي الهامستر!’
يبدو أنها كانت تجمع مكملات غذائية بين الأعشاب، لكني لم أرها بعد ذلك…
وفوق هذا، لم يكن لدي وقت لأهتم بسلوكهم الغريب اليوم.
لأنني تلقيت تلميحًا دقيقًا من غييت بعد ظهر اليوم أثناء زيارته لقصر كالينوس.
كان التلميح عن المكافأة التي سيمنحني إياها الإمبراطور والإمبراطورة، أي السفينة الكنز التي جُهزت من أجلي.
‘سأترك ملاحظة أنني ذاهبة إلى قصر فلوريت، ثم أهرب بسرعة!’
***
“وصلتِ إذن، آنسة موجي.”
بفضل حماية غييت، وصلت إلى الميناء المحاط بحاجز سحري لا يمكن دخوله إلا للعائلة الإمبراطورية.
الإمبراطور الذي سمح لي بدخول السفينة الكنز باستخدام معادلات سحرية معقدة خصيصًا من أجلي. في هذا اليوم فقط، أقسمت بولاءي وحييته باحترام.
“أحيي جلالة الإمبراطور وجلالة الإمبراطورة.”
كان الميناء مغلقًا أمام العامة، فبدت الأجواء فيه كئيبة ومهجورة، لكن السفينة الكنز أمامي بدت وكأنها ما زالت تحتفظ بعظمتها لحظة غرقها في الماضي.
استكشاف سفينة كنز؟ بدا الأمر وكأنه حكاية خيالية.
شعرت بالحماس يتسلل إلى قلبي دون قصد.
وفوق ذلك، ترددت في ذهني كلمات الكونت فلوريت.
“جيزيل، ابنتي. إن كان لديك تذكار والدكِ، فربما يسهل علينا العثور على بقية المتعلقات. لذا لا تقلقي كثيرًا.”
“لم أكن قلقة جدًا، لكن حاضر. فهمت.”
لم أكن أعرف ما الذي يجعل العثور عليها سهلًا، ولكن…
دخلت السفينة ببطء.
وكان الإمبراطور والإمبراطورة يسيران بجانبي كحارسين شخصيين تقريبًا، ثم همس أحدهما بصوت منخفض أثناء دخولنا.
“تفقّدي المكان جيدًا.”
“نرجو أن تحصلي على أفضل ما يوجد هنا، آنسة موجي.”
دخلت أنظاري في بحر من الذهب والفضة والكنوز الثمينة.
لو وضعت غرابًا في المكان لعميت عيناه من اللمعان الذي يملأ الأرجاء.
لكن…
“إن أردتِ، يمكنك أخذ كل هذه الكنوز البراقة.”
ضحك الإمبراطور ضحكة خفيفة، لكنني لاحظت شيئًا غريبًا في عينيه.
‘إنه يشبه وجه المدير الذي يخبئ معلومات الإجازات المدفوعة والتأمينات ولا يدفع شيئًا.’
أبعدت نظري عن الكنوز وحدّقت بالإمبراطور مباشرة.
“أود رؤية ما هو أبعد من هذا، يا جلالة الإمبراطور.”
“كما توقعت منكِ، آنسة موجي. في الحقيقة، ما ترينه هنا من كنوز تصنف ككنوز من الدرجة الثانية. هيا بنا. الكنوز الحقيقية محفوظة في غرفة القبطان داخل السفينة.”
انتقل الإمبراطور والإمبراطورة أولًا إلى غرفة القبطان، وبينما كنت أفتح الباب لألحق بهما…
سقط حجر صغير كان معلقًا بمقبض الباب على الأرض.
“…هاه؟”
انحنيت لالتقاط الحجر، واتسعت عيناي.
فجأة، تذكرت رحلتي إلى قصر سيلينتشيوم لإنقاذ ريويس.
كان هناك حجر حظ معلق على مقبض باب فتحته لإنقاذه، وسقط عند مغادرتي فأخذته معي لأنه بدا غريبًا.
‘لكن لماذا حجر الحظ موجود هنا أيضًا؟’
انحنيت ببطء وشددت قبضتي على الحجر.
وفي تلك اللحظة، خيّم ظلٌ كئيب أمامي..
التعليقات لهذا الفصل " 113"