الفصل 112
“آه آه… كنّتي العزيزة العزيزة…”
انهار على الأرض.
“آه، بني!”
نيسلان، بعد أن سمع القصة كاملة، أمسك برأسه وسقط أرضًا.
لحسن الحظ، كان غارنو قد أمسك بكتفيه المرتجفتين، وكانت يوليانا بجواره تسنده بجسدها، لكنه كان قد فقد لونه بالفعل.
ثم…
دوق كالينوس سأل بوجه مشوّه بالغضب.
“تقول إن جيزيل على وشك الموت.”
“لم أقل بعد إنها على وشك الموت، ولكن….”
“قال إنها تقيأت دمًا. وقلت أن صهري كان يبكي. إذن، ألا يعني هذا أنه لم يبق لديها وقت لتعيش؟” (نيسلان)
المحبة الزائدة عادت على شكل قلق مفرط وافتراضات كارثية.
كان كتفا نيسلان يرتجفان بخفة وهو يصرخ كما لو كان يطلق صرخة من قلبه.
فاحتضنته يوليانا بقوة وهمست بصوت هادئ:
“لا يزال من المبكر أن نحكم على الأمر.”
“زوجتي….”
“أرجوكم، لا تخبروا أحدًا أننا علمنا بأن جيزيل مريضة. هي فتاة ذات قلب حساس… أو، لا، ليست حساسة بالضبط… لكنها، على أية حال، قد لا تبدو متأثرة، لكن من يدري كم ستشعر بالضيق إذا عرفت أن الأمر كُشف دون أن تتحدث عنه بنفسها…”
عندها فقط، تمتم دوق كالينوس الذي كان واقفًا بصمت:
“جيزيل…”
ومع تنفسه الغاضب، انقلب صدره بتوتر، وانفك زر آخر من قميصه بصوت “توك”.
في تلك اللحظة، بينما كان غارنو يحاول التقاط الزر الذي تدحرج فوق الطاولة، قالت يوليانا بنبرة باردة:
“هل تشعر بالرضا الآن؟”
“هـ، هاه؟”
“أقصد، هل ارتحت بعدما صار حال الفتاة التي كنت تنتقدها دومًا لضعفها، هكذا الآن؟”
“لا، لا، أنا فقط… لم أكن أعلم أن الأمر سيكون بهذا السوء…”
انخفضت كتفا غارنو أيضًا.
وكان في عينيه قلق صادق.
***
‘… ما هذا الإحساس المرعب؟’
كنت قد نمت قليلًا بعد شرب جرعة من دواء النوم، لكن بدا وكأن أشياء كثيرة حصلت خلال تلك الفترة.
وحين فتحت عيني، وجدت الكونت وقد احمرّت عيناه، ممسكًا بيدي بإحكام.
“الكونت سيهيرا، صديقي العزيز أيضًا كان في حال جيد، ثم مات فجأة.”
“نعم….”
“اعتني بصحتكِ الجسدية والنفسية، جيزيل.”
“أجل.”
“ولا تعودي أبدًا إلى قصر كالينوس.”
“نعم… أقصد، أنا زوجة الدوق، تعلم؟”
طبعًا، كل الأمور لا تزال تُدار بواسطة يوليانا، وأنا فقط آكل وأرتاح، لكن، على أية حال.
عندها، تنهد كونت فلوريت ولوّح برأسه بيأس.
“يا لروعة قلب ابنتي. رغم مرضها، فهي تشعر بمسؤولية كبيرة…”
‘لا، أي أحد يمكنه أن يرى أنني فقط ألهو وآكل.’
متى يا تُرى ستسقط هذه الغشاوة من عينيه؟
تنهدت داخليًا، لكن يبدو أن غشاوة الكونت لن تزول أبدًا.
إن كان الأمر كذلك، فلا بأس.
“عليّ أن أتحقق من الكنوز الموجودة في سفينة الكنز التي سأستلمها كمكافأة. يجب أن أعود بسرعة.”
“هم، سفينة الكنز؟ آه، تعنين المكافأة لإنقاذ جلالة الإمبراطورة…”
يبدو أن كونت فلوريت لا يعرف تفاصيل كثيرة عن السفينة، أو هكذا ظننت وأنا أدير وجهي.
لكنه تمتم وهو يلمس ذقنه:
“آه، والآن بعد أن فكرت في الأمر، قد يكون هناك تذكار من والدكِ في تلك السفينة.”
“نعم؟ تذكار من والدي؟”
“نعم. ذاك الرجل كان يحب أن يخبئ تذكاراته في أماكن مثل السفن. لو كان هناك تذكار من صديق عزيز، ألن يكون أمرًا مفرحًا؟”
“آه…”
عندها لمعت فكرة في رأسي.
تذكار من والدي، ذاك الرجل الكفء الذي كان يغيّر المظهر ويعدّ حتى نماذج التقارير.
ربما دوق ليشانييل طمع في سفينة الكنز فقط ليستولي على تذكار والدي.
نظرت إلى كونت فلوريت بنظرة طمع صريحة.
“فهمت. لا بد من دخول السفينة لأعرف التفاصيل.”
ثم عدت فورًا إلى قصر كالينوس.
لكن…
‘لماذا جو القصر يبدو وكأنه مأتم؟’
رغم أن الوقت كان متأخرًا، كان هناك عدد من الناس مجتمعين في غرفة الاستقبال، يتهامسون برؤوس متقاربة.
من غارنو إلى ريويس، بدا أن العائلة كلها كانت هناك.
“أختي.”
“أنتِ هنا، جيزيل!”
“… الجو بارد، ألم تضعي شالًا إضافيًا؟ تعالي، اجلسي قرب الموقد.”
رغم أن حبهم لي ليس جديدًا، لم أكن أتوقع أن ينظر إليّ غارنو بهذه النظرة الحنونة.
‘ما هذا؟ ما الذي يجري بالضبط؟’
أنا لست انسانة بليدة الإحساس، لكن الأجواء هنا كانت غريبة للغاية.
وبينما كنت أقترب من الموقد الدافئ بلا تفكير، اقترب مني دوق كالينوس بخطوات واسعة ووجهه بلا أي تعبير.
“جيزيل.”
” دوق؟”
لكن… قميصه كان…
‘لحظة، هل ارتدى قميصًا ضيقًا فجأة؟’
اتسعت عيناي من الدهشة على الفور.
فهو…
يتمتع ببنية عضلية مدهشة.
“هل تحسّنت حالتكِ الصحية قليلًا؟”
“حالتي الصحية؟ فجأة؟”
وعندما تركزت كل الأنظار عليّ، شعرت ببعض الارتباك.
صحيح أنني نمت كثيرًا في منزل فلوريت، ربما أكثر من اللازم.
فركت عينيّ وتكلمت بكسل.
“همم… أنا بخير. أشعر ببعض الثقل في جسدي؟”
وفجأة، اتسعت أعين الجميع بشكل مبالغ فيه.
ولو كان هذا مشهدًا في مانغا، لظهر بجانبهم صوت مؤثر يقول: دمدمدااام!
حتى الدموع لمعت في عيني ريويس.
فقط لأنني قلت إنني أشعر بالثقل؟ رؤية ردّ فعلهم هكذا جعلني أشعر بالحرج الشديد.
“ما، ما بالكم جميعًا فجأة…”
“يبدو أن الأمر لا يمكن السكوت عليه.”
“هاه؟ أي أمر… كيااا!”
فجأة، حملني دوق كالينوس وهو يلف ذراعه حول خصري.
هذ، هذه وضعية حمل الأميرة!
وفوق ذلك، كان قميصه الأبيض الضيق يرفرف أمامي، وكأنه على وشك التمزق.
صدره الممتلئ كان يتمدد وينكمش مع كل نفس عميق، كما لو كان غاضبًا جدًا.
ومن خلال تلك الفجوات… رأيت عضلات صدره المشدودة بوضوح مزعج.
‘لماذا يرتدي قميصًا عدوانيًا كهذا…!’
أردت تحويل نظري، لكن وكأن عيناي التصقتا به.
وكلما حاولت إدارة رأسي، كان هناك صوت تأوّه من حولي، فلم أتمكن من التحرك بحرية.
بينما كنت أحدق في صدره بذهول، انفجر زر من أزرار قميصه بفعل تنفسه العنيف.
فانفتح القميص فجأة…
‘يا، يا إلهي.’
شعرت بشيء يسيل من أنفي.
ظننته مجرد سيلان أنف، فمسحت تحته بلا اهتمام…
“أوه، أختي! أنفك، أنفك ينزف!”
عندها رأيت أثر الدم الأحمر على أطراف أصابعي.
إنه… نزيف أنفي.
تدفّق الدم من أنفي، وأغمضت عينيّ بشدة.
‘أنا منحرفة فعلًا… اغفر لي يا الهي.’
لكن، رؤية صدر بهذه الروعة يجعل من المستحيل أن لا اصبح منحرفة.
نظرت حولي، محاوِلة أن أجد مبررًا منطقيًا، محاوِلة شرح أنني لست منحرفة، وأن السبب هو الهجوم المفاجئ للقميص الأبيض فقط…
لكن المشكلة هي…
“أختي!”
ريويس، الذي كان دومًا هادئًا، كان يركض نحوي وهو يبكي ويمسح أنفه في نفس الوقت.
“آه، ري… ريويس؟ لماذا تبكي؟”
“ه، ههئ… ن، نحن…”
“كفى.”
حتى نيسلان كان يبكي وهو يحتضن يوليانا.
وغارنو كان يرتجف كأنه جرو تحت المطر.
وما زاد الطين بلة، أنني شعرت بتوتر عضلات ذراع دوق كالينوس التي كانت تحملني.
“كلكم…”
نطق كلماته بصوت غاضب وكأنه يطحن كل مقطع بأسنانه.
“اخرجوا. جميعًا.”
نظرتُ حولي بذهول.
أنا فقط نزفت أنفي وأنا أحدق في صدره المكشوف… لا أكثر ولا أقل.
لكن لماذا يتصرف الجميع بهذا الشكل فجأة؟
التعليقات لهذا الفصل " 112"