الفصل 110
لا أعرف ما الذي طمِع به دوق ليشانييل بالضبط من تلك السفينة…
‘مهما يكن، سأنتزع منك كل ما رغبت في امتلاكه، أيها اللعين.’
ابتسمت بخبث وقلت:
“أريد حقًا استكشاف السفينة الكنز! شعرت فجأة أنها مهمة ضرورية للمجتمع والمنفعة العامة!”
“حقًا…. جميل، أعجبني حماسكِ. وقد قررنا المكافأة أيضًا، ممتاز.”
لمعت في وجه الإمبراطور نظرة حادة للحظة، رغم ملامحه المتهاونة.
“إذًا، حان الوقت الآن لنُظهر للجميع أن الإمبراطورة بصحة جيدة.”
بمعنى آخر، سيُعلن أن الإمبراطورة، التي شاع أنها مريضة لابتعادها الطويل، ما زالت بخير.
‘وكذلك سيتحدثون عن صبغة ’سيلستين غرين‘ في كل مكان.’
وفي تلك اللحظة…
تحدث الكونت فلوريت بدلًا مني، وقال ما كنت أود قوله.
“سيعلم دوق ليشانييل قريبًا بأمر تعافي جلالة الإمبراطورة.”
***
وفي تلك الأثناء، رغم إعلان التوقف المؤقت للاجتماع، بقي بعضهم في القاعة لساعات دون مغادرتها…
كانا هما دوق كالينوس ودوق ليشانييل.
جلس الاثنان قبالة بعضهما، يتحققان من الجوانب القانونية لمشروع قانون الزوجات والمحظيات الذي طرحه ليشانييل.
“هذا القانون يتعارض جوهريًا مع القوانين العليا للإمبراطورية.”
“إذًا ينبغي تعديل تلك القوانين العليا أيضًا.”
“القوانين العليا صنها الأباطرة السابقون، ولم تُعدّل قط عبر التاريخ.”
كان الحوار بينهما يسير بنمط غريب، إذ يُراجع دوق كالينوس القانون قانونيًا، ثم يعارضه ليشانييل فورًا.
وبينما يتبادلان النظرات الحادة والكلمات، لم يجرؤ بقية النبلاء على مغادرة القاعة.
فكلاهما، باستثناء الإمبراطور، يقبعان على قمة هرم السلطة في الإمبراطورية.
وباستثناء شخصيات متمردة مثل الكونت فلوريت أو من لا يهتمون بالسلطة، لم يستطع أحد مغادرة القاعة.
“لا أفهم لما يعارض دوق كالينوس هذا القانون بشدة.”
تظاهر دوق ليشانييل بالسذاجة وكأن وجهه لا يحمل إلا النقاء.
لكن دوق كالينوس شعر في قرارة نفسه بأن طرح هذا القانون الخبيث يخفي غاية محددة.
وربما…
‘جيزيل.’
انكمشت الورقة في قبضة دوق كالينوس بشكل مروّع.
وعندما تدارك نفسه وتركها، لفت نظره فجأة أحد المقاطع:
[بعض الأرامل أو المطلقات يتعرضن للإقصاء من المجتمع، لذا يُسمح لهن بطلب “إبطال الزواج” ليصبحن محظيات.]
“ما هذه الحيلة القذرة…”
“إنك تقسو بكلامك يا دوق. هل ترى النساء شيئًا ينبغي احتكاره؟”
رغم ما بدا وكأنه حديث نبيل، لمعت في عيني دوق ليشانييل رغبة خفية.
وكأنه يعتبر جيزيل “شيئًا يجب أن يمتلكه”.
شيء يجب أن يكون في حضنه.
وإن حصل عليه، فسرعان ما يفقد اهتمامه به، كما لو كان شيئًا تافهًا.
ارتسمت في نظرات دوق كالينوس الباردة لمحة غضب.
‘لكنني لست مثله.”
أراد أن يكون الشخص الذي تحصره جيزيل في قلبها، وأراد أن تكون كذلك له.
وعندها فقط، أدرك شيئًا من مشاعره، وهمس بهدوء:
“ربما هو نوع من التملك.”
ثم مال برأسه جانبًا، ورفع الورقة التي كُتب فيها القانون، بنظرة باردة.
“لذلك، أرفض هذه الأشياء.”
وصوت تمزيق الورق علا في القاعة.
بينما ظل مساعده بيترسون يتمتم في الخلف بصوت خافت:
“يقال إن من يحب يتشبه بمن يحب… تصرفاته، تشبه السيدة جيزيل تمامًا…”
قال دوق ليشانييل بهدوء وابتسامة رقيقة:
“لكن أليس من المفترض أن يُصدّق الإمبراطور على هذا القانون قريبًا؟ هل ترفض أمر جلالته؟”
وفي أجواء من التوتر المشحون بينهما…
دوّى صوت الإمبراطور من عند باب القاعة، ضاحكًا.
“رغم إعلان التوقف، أغلبكم ما زال في أماكنه. حسنًا، جيد.”
ألم يكن الإمبراطور قد غادر بوجه كئيب قبل قليل؟
الآن عاد بوجه راضٍ، وهو يدخل قاعة الاجتماعات.
تبادل الخدم النظرات بينهم بدهشة، وعندها…
“بما أن الأمور تغيرت، قررنا فتح الاجتماع مجددًا ومناقشة بنود جديدة.”
وقبل أن يتمكن دوق ليشانييل من الاستفهام، ظهرت الإمبراطورة عند الباب بوجه هادئ وأنيق.
بدت بصحة ممتازة، بل ومتحررة من الهم.
ونظر دوق ليشانييل لا شعوريًا إلى معصمها المكشوف.
‘لا أثر للبقع.’
حتى شحوب وجهها عاد إليه اللون.
وتصلّب وجه دوق ليشانييل على الفور.
وعندما وقفت بجانب الإمبراطور مبتسمة، أدرك فورًا أن خطته قد فشلت.
“أعلم تمامًا أن الشائعات حول مرضي انتشرت مؤخرًا.”
“آه…”
كما قالت، فقد انتشرت بين العائلات الكبرى شائعات عن تدهور صحة الإمبراطورة.
وكان ظهورها بصحة ممتازة، واعترافها الضمني بأنها كانت مريضة، سببًا في ذهول الجميع.
“تبيّن أن مرضي كان بسبب صبغة تُدعى ’سيلستين غرين‘. وسأقوم بسن قانون يحظر تداولها.”
“كما قالت الإمبراطورة. سنُصدر قانونًا خاصًا لسحب جميع كميات تلك الصبغة من السوق وإجراء تحقيق شامل. وقد أودعنا مركيز بيرتو، الذي زوّد بها، السجن للتحقيق أولًا.”
وما إن أنهى الإمبراطور والإمبراطورة حديثهما، حتى اندلعت موجة من الجلبة في القاعة.
“مركيز بيرتو مرة أخرى؟ إنه كارثة!”، “يا له من مثير للشفقة”، “يجب التحقيق معه جيدًا!”
وفي خضم هذا الفوضى، مرر دوق ليشانييل يده في شعره بانزعاج.
والآن، بعد أن تعافت الإمبراطورة، أصبح من المؤكد أن القانون الذي قدّمه سيُلغى.
‘كما هو الحال دائمًا، لا فائدة منك، مركيز بيرتو.’
قال دوق ليشانييل بابتسامة ودودة ووجه لطيف لا يمكن لأحد أن يتخيل أنه قد ساوم بحياة الإمبراطورة.
“أفهم ذلك. تهانينا على شفائكِ، جلالتكِ.”
نظرت الإمبراطورة إلى الدوق لوهلة، ثم بادلت ابتسامته وألقت بجملة ذات مغزى.
“لقد بذل دوق ليشانييل جهدًا كبيرًا أيضًا… يا للأسف. يبدو أن موجي، الطبيبة التي أنقذت الدوق السابق من عائلة كالينوس، تملك مهارات مذهلة.”
بمجرد أن نُطقت تلك الكلمات، بدأ الجميع، بمن فيهم خدم عائلة كالينوس، ينظرون إلى بعضهم البعض.
“مرة أخرى أنقذت السيدة موجي أحدهم؟”
“أليس هذا أعظم من أي قوة مقدسة؟”
“بالتأكيد! الطبيبة موجي دائمًا تنقذ الناس بدافع نقي تمامًا!”
تحول الجو الذي كان ينتقد مركيز بيرتو فجأة، وبدأ الجميع يتحدثون عن موجي.
الأجواء التي لطالما كانت تساند دوق ليشانييل بدأت تتغير على نحو مريب.
شعور قذر، وكأنها مشهد من انتقام تم التخطيط له مسبقًا.
شعر دوق ليشانييل أنه بحاجة ماسة لمعرفة من هي هذه المرأة الغامضة المسماة موجي.
***
“مهما فكرت، فالسعال المصحوب بالدم أمر خطير فعلًا. ربما هناك خلل ما. لنعد إلى قصرنا.”
بعد أن غادر الإمبراطور والإمبراطورة قاعة الاجتماعات، اتفقت جيزيل وكونت فلوريت على التوجه كلٌ إلى طريقه.
ولهذا السبب، وبعد أن خلعت تنكرها داخل عربة الكونت التي لم يكن يعرفها أحد…
“لكن لماذا تتجه هذه العربة نحو قصر آل فلوريت؟ يجب أن أذهب إلى قصر دوق كالينوس…”
“لا يهم! أولئك الحمقى لا يعرفون حتى حالتك الصحية!”
“لكنني بخير تمامًا.”
“لا يمكن. يجب فحصك من الرأس حتى أخمص القدمين. ف، ف، فماذا لو ك، ك، كنتِ في، في، في حالة، حال، حالٍ مستعصية…”
قال ذلك وهو يمسح أنفه بمنديل مشدود بين يديه وعيناه دامعتان.
لم تستطع جيزيل أن تثنيه عن قراره.
بسبب إصرار كونت فلوريت المبالغ فيه، انتهى بهما الأمر إلى إجراء كل أنواع الفحوصات في قصره…
“قلتُ لك إنني بخير تمامًا!”
وكان الكونت يتنهد بعمق في كل مرة تظهر فيها نتائج الفحوصات سليمة.
واستمرت الفحوصات إلى أن انقضت الليلة بالكامل تقريبًا.
لقد مضى وقت طويل بالفعل…
حتى إن عائلة دوق كالينوس، والتي لم تكن تعتاد البحث عن جيزيل كثيرًا، أرسلت شخصًا للسؤال عنها.
التعليقات لهذا الفصل " 110"