إذا بدأتُ بإثارة الفوضى، فمن المحتمل أن يصبح معظم أفراد عائلة كالينوس ضدي.
وفي هذه الحالة، حتى لو كان دوق كالينوس يدعمني، فلا بد أن يكون لهذا الدعم حدود.
ولكن، ماذا لو كسبتُ دعم مجلس الشيوخ، وخاصة رئيسه؟
‘حينها سأضمن حياة مريحة مليئة بالفوضى داخل دوقية كالينوس.’
إضافةً إلى ذلك، إذا حافظتُ على علاقة جيدة مع رئيس مجلس الشيوخ، فستزداد الفرص لكسب المال..
‘والآن بعد أن فكرتُ في الأمر… كان هناك بالفعل طريق لكسب هينيسي في الرواية الأصلية.’
لديه سرٌّ هائل لم يتمكن من البوح به لأي شخص..
“أنتِ تطمحين في رئيس مجلس الشيوخ، هينيسي. إنه شخص غريب الأطوار تمامًا، حتى أنني بالكاد تحدثتُ إليه.”
إذا كان دوق كالينوس نفسه يعترف بأنه غريب الأطوار، فلا بد أنه شخصية فريدة بالفعل…
“سأحاول لقاءه وإقناعه.”
“هل لديكِ خطة؟”
“الخطة الأولى تحمل الاسم الرمزي: ‘التظاهر بالجدية للزواج ثم توجيه ضربة مفاجئة’!”
“بمعنى آخر، زواج احتيالي؟”
رأيتُ كيف مال برأسه قليلاً بينما نظر إليّ بريبة، فابتسمتُ بلطف.
“نعم، وأنا أجيد هذا النوع من الأمور جدًا!”
***
#الفصل 3: ظهور نوع جديد من الفوضى لم يكن له مثيل في هذا العالم
رئيس مجلس الشيوخ لعائلة كالينوس، هينيسي، أطلق تنهيدة وهو يقبض على زجاجة الجرعة الطبية..
‘ذلك الشاب المتعجرف من مجلس الشيوخ، يزعجني كل مرة يجتمع فيها المجلس!’
إنه مغرور يتفاخر بإنجازاته بينما يحطّ من قدر إنجازات الآخرين!
مجرد النظر إلى ذلك الشاب، أغنيس، وهو يرفع ذقنه بغرور ويبتسم برضى، كان كافيًا ليشعل غضب هينيسي من جديد..
“احم.”
مجلس شيوخ كالينوس..
يتألف المجلس من عشرة أشخاص من كبار أفراد العائلة الذين يُعتبرون شخصيات مرموقة حققت إنجازات كبيرة، سواء كانوا من الفرع الرئيسي أو الفروع الجانبية، ولا تقل أعمارهم عن أربعين عامًا.
يتمتع المجلس بعلاقة وثيقة مع رأس العائلة، حيث يتبادلون وجهات النظر ويناقشون القضايا المهمة..
لكن الصراع على السلطة كان محتدمًا داخله، بين هينيسي، رئيس المجلس المحافظ، وأغنيس، أحدث أعضائه وأحد المؤيدين للتيار التقدمي..
العشرة جميعًا كانوا يتصارعون بلا هوادة للسيطرة على المجلس، لكن عندما يتعلق الأمر بقرارات مصيرية، كان عليهم التحلي ببعض العقلانية.
“الموضوع المطروح اليوم هو زواج دوق كالينوس. والسيدة التي اختارها الدوق هي… جيزيل فلوريت؟”
“نعم، هذا صحيح.”
بما أن الدوق نفسه هو من اختارها، فقد توقع هينيسي أن تكون شخصًا مميزًا.
لكن، بالنظر إلى كل الشائعات المنتشرة عنها، لم تبدُ شخصية جديرة بالثقة على الإطلاق..
‘يبدو أنها سيدة هشة تمامًا، غير مؤهلة أبدًا لمواجهة بيئة خطرة.’
إذ تقع أراضي الدوقية على حدود أرض الوحوش، مما يجعلها منطقة محفوفة بالمخاطر..
وهذا يعني أن دوقة كالينوس المستقبلية يجب أن تكون شخصًا قويًا لا يهتز أمام الأخطار.
أغلق هينيسي الأوراق وهمس ببرود:
“لقد راجعتُ الأمر. لا حاجة للنظر فيه أكثر. أنا أرفض هذا الزواج.”
“آه، حسنًا. لكن، ألا تعتقد أن من الأفضل لقاءها أولًا ولو لمرة واحدة؟”
“ولماذا؟ ربما إذا كان هناك اجتماع رسمي لاحق مع الدوق، أما عشاء خاص معها وحدها، فهو مجرد مضيعة للوقت.”
كان على وشك طي الأوراق نهائيًا، ولكن عندها…
‘ما هذا الصوت…؟’
طائر أزرق صغير كان يطرق نافذته بمنقاره..
وعلاوة على ذلك، كانت هناك مذكرة مربوطة بساقه..
فتح هينيسي النافذة على الفور وانتزع المذكرة من الطائر بسرعة.
“ما الذي يجري هنا؟”
“عذرًا؟ هل حدث شيء؟”
فتح المذكرة على الفور، ولم يستطع منع زوايا شفتيه من التشنج بحماس..
“لا شيء. سأخرج في نزهة قصيرة فقط…”
“عذرًا؟ وماذا عن القضايا الأخرى؟”
“أجّلها مؤقتًا، فهي ليست ذات أهمية!”
نهض هينيسي من مقعده بسرعة، وركض إلى الخارج كأنه لا يستطيع الانتظار لحظة أخرى..
[إلى المشتري المجهول،
إليك تقرير مبيعات كتابك «النبلاء وأخلاقيات البروتستانت، ونيكوماخوس في الأخلاقيات، والمجتمع المفتوح وأعداؤه»، مع احتساب الأرباح. تم بيع نسخة واحدة، والعائد هو قطعة فضية واحدة لكل نسخة.]
‘أخيرًا! شخص ما اشترى كتابي!’
في الحقيقة، كان لدى هينيسي رغبة دفينة، ليس كرئيس لمجلس شيوخ كالينوس، ولكن ككاتب طموح يرغب في الحصول على اعتراف أدبي هادئ.
لذا، قام بنشر كتاب تنمية ذاتية تحت اسم مستعار، دون أن يخبر أحدًا بهويته..
لكن…
مرَّ أكثر من عام، ولم يقم أي شخص بشراء كتابه!
‘لكنني رجل لا يعرف الاستسلام، لذا بدأتُ حملة ترويجية بتمويل شخصي!’
استثمر أمواله في أكبر مكتبة في العاصمة، وخصص رفًّا كاملاً لكتابه، «النبلاء وأخلاقيات البروتستانت، ونيكوماخوس في الأخلاقيات، والمجتمع المفتوح وأعداؤه».
يبدو أن هذه الخطة آتت أُكلها، حيث بعد شهر واحد فقط من الحملة، تمكّن من بيع نسخة واحدة!
لهذا، ركض بسرعة إلى المكتبة التي بيعت فيها النسخة، ليرى من الذي اشترى كتابه أخيرًا..
ولكن ما إن وصل، حتى تجمّد في مكانه من الصدمة.
أمام عينيه، كان رف الكتب الذي خصصه لكتابه ينهار، وكومة من النسخ تسقط على الأرض!
“أ-أنت هناك!”
“نعم؟”
ردَّ الصبي الذي كان يحاول إزالة بعض النسخ بنبرة غير مبالية..
“سيدي، تفضل بالابتعاد. أنا مشغول.”
“لماذا تزيل هذه الكتب؟”
“لأنها لا تُباع. يجب وضعها في أسفل الرف الآن. أوه، في الواقع، قد يكون من الأفضل تمزيقها أو التخلص منها تمامًا.”
“م-ماذا قلت؟!”
“ابتعد من فضلك. لا أعلم حتى من كتب هذا النوع من الكتب، لكنه بلا شك شخص مثير للشفقة.”
كان هينيسي، الذي يُعتبر من بين الشخصيات الأبرز في الإمبراطورية، يحدق في المشهد محبطًا، وكتفاه متراخيان.
‘لو كنتُ قد نشرتُ الكتاب بصفتي رئيس مجلس شيوخ كالينوس، لكان الناس أكثر اهتمامًا بقراءته… لكن كبريائي لن يسمح لي بذلك.’
نظر إلى الكتب التي تساقطت على الأرض، وابتلع دموعه بصمت..
‘الأمر ليس لأن كتابي سيئ… بل لأنه لم يكن مناسبًا لهذا العصر فحسب.’
ضغط قبعته أكثر على رأسه، واستدار ليغادر المكان مكتئبًا.
ولكن عندها…
صدح صوت أنثوي مرح في أرجاء المكتبة.
“أيها الصبي قصير النظر وقليل الأدب، صاحب القلب الضيق بحجم قامته.”
“ماذا؟! سيدتي، ماذا قلتِ؟ صبي صغير؟! هه!”
“غريب، كيف عرفتَ فورًا أنني كنتُ أتحدث عنك؟ هل كنت تفكر في نفسك بهذه الطريقة طوال الوقت؟”
أحيانًا، يكون الهجوم الشخصي أكثر فاعلية من ألف حجة أخرى.
“هه! هذا تصرف… غير لائق…”
“وماذا في ذلك؟ أنت أيضًا كنتَ غير لائق بكلامك، أليس كذلك؟”
ركلت المرأة كومة الكتب التي كان الصبي قد رتبها للتو بطرف قدمها، فتساقطت الكتب أرضًا مثل قطع الدومينو.
نظر إليها الصبي بذهول، قبل أن يشير بإصبعه صارخًا بغضب..
“ما الذي تفعلينه؟! متى كنتُ غير مؤدب؟!”
“اوووو. لم تكن غير مؤدب، طبعًا.”
“مالذي تتحدثين عنه بالضبط؟”
وضعت المرأة كلتا يديها على خديها، وابتسمت بنظرة ساخرة..
“أووو. لكن يبدو أن بائع الكتب يستطيع إهانة كتب الآخرين كما يحلو له، أليس كذلك؟”
رفع الصبي حاجبيه بتعبير متضايق وكأنه لم يعد يستطيع استيعاب الموقف..
“آه… هل كل هذا لأنني انتقدتُ هذا الكتاب؟ هل أغضبكِ ذلك، سيدتي؟”
حينها، أسدلت المرأة إحدى يديها، وابتسمت بمكر.
“ليس الأمر كذلك. أنت طفل، وأنا راشدة، لذا عليك احترام الكبار. ألا تعرف الكونفوشيوسية؟”
(ملاحظة: الكونفوبلابلا هي باختصار احترام الي اكبر منك)
“…هاه؟ ما هي الكونفوشيوسية؟”
“آه… لأنك لا تعرف الكونفوشيوسية، لا يمكنك فهم «النبلاء وأخلاقيات البروتستانت، ونيكوماخوس في الأخلاقيات، والمجتمع المفتوح وأعداؤه».”
في تلك اللحظة، كان هينيسي، مؤلف «النبلاء وأخلاقيات البروتستانت، ونيكوماخوس في الأخلاقيات، والمجتمع المفتوح وأعداؤه»، يحدق بعينين متسعتين مذهولتين..
‘لكن حتى أنا لا أعرف ما هي الكونفوشيوسية؟’
لكن، بغض النظر عن ذلك، لم يستطع إخفاء نبضات قلبه المتسارعة..
إنها المرة الأولى التي يذكر فيها شخص ما كتابه على الإطلاق!
ثم جاءت الضربة القاضية.
“بالمناسبة، هذا الكتاب… إنه في الواقع جيد جدًا وممتع.”
“…..هاه؟”
في تلك اللحظة، لم يعد هينيسي يهتم بالصبي الذي استدار ليهرب بسرعة..
‘كِتابي… كان ممتعًا؟’
حدق في الكتاب الوحيد الذي تم بيعه حتى الآن، وشعر برعشة تسري في جسده.
ثم استدار فجأة، وعيناه تشعان ببريق حماسي.
التعليقات لهذا الفصل " 11"