الفصل 101
هل تسألينني إن كنت مهتمة بدوق ليشانييل؟ يا له من سؤال تافه وسخيف!
قلت له بجدية وأنا أنظر إليه:
“أفضل الموت على أن أواعد ذلك الوغد.”
“.…آه.”
“بل، سأواعد ترولا قبيحا في ذلك المختبر لمدة عشر سنوات، ثم أكتشف الحب وأتزوجه بجدية!”
“الترول قبيح برأيك؟”
“أجل، على الأرجح…….”
هل حقًا لا يهتم بشيء سوى الأبحاث؟
عندها، قال فجأة وكأن الأمر لا يعنيه كثيرًا:
“إذن، ماذا عني؟”
“نعم؟”
“ألسنا متزوجَين؟ شعرت بالفضول لا أكثر.”
كم مرة عليّ أن أذكّره أن زواجنا زواج عقد فقط؟
هذا الرجل، في الآونة الأخيرة، يتصرف وكأنه نسي تمامًا كلمة “طلاق”.
“……أنت، بالطبع أفضل بكثير من التّـرول. على الأقل، مظهرك وسيم جدًا.”
يا إلهي، عندما توترت، خرجت مني تلقائيًا نبرة الموظفة التي تتملق مديرها.
‘رغم أنني أقول الحقيقة….’
حين هزّ رأسه برضى وارتسمت على وجهه ابتسامة رضا، شعرت وكأنني أمشي على غزل البنات.
‘آه، لا أعرف. حقًا.’
لماذا أشعر بالسعادة فقط لأنني أراه مسرورًا؟ قلبي هذا غريب ومربك.
“ذلك الوغد عاد للتو. يجب أن أتحرك بطاقة كاملة ومليئة بالشراسة. وإلا فسأنتهي كبطلة نادمة في رواية بائسة.’
ليس لدي وقت لأفكر في هذه المواضيع الناعمة الآن!
أطبقت شفتيّ بإحكام، ثم نظرت إليه من جديد وغيّرت الموضوع.
“……مم، أتعلم؟ قلت أنك قابلت ذلك الوغد. ماذا قال؟”
“سأل عن جيزيل، بوقاحة.”
طبعًا، إن كان ينوي الاستيلاء على ماناي، فلا بد أنه مهتم بأخباري.
نظرت إلى دوق كالينوس بوجه متحفّظ وحذّرته بصرامة:
“أرجوك، لا تعطِه أي معلومات عني. أرجوك.”
حتى يقترب مني دوق ليشانييل ليغرس قصبته في ماناي، سأنتظر بصبر من تحت السطح.
حتى تزداد حاجته إلى المانا ويبدأ بالتوتر.
عندها، هزّ دوق كالينوس رأسه وكأن الأمر بديهي:
“لن أعطيه أي شيء أبدًا، حتى اسمكِ الثمين، زوجتي.”
“……لكن، هو يعرف اسمي أصلاً.”
“نعم. سماعه ينطق باسمك بتلك الشفاه التافهة أشعل غضبي.”
عند هذه اللحظة، تيقنت أن سيدي أيضًا قد أصيب بطاعون الإفراط في التفاخر الذي يجتاح عائلة كالينوس.
شعرت بأن الطلاق يبتعد عني أكثر فأكثر بطريقة مقلقة….
رغم أنني أكرر لنفسي ألّا أضعف، قلبي يزداد ليونة في كل مرة.
***
وهكذا، وأنا متوترة أترقب متى سيقترب مني ذلك البعوض الحقير، مرّ يومان، فثلاثة، فـأربعة.
‘هذا الوغد البعوضي، لم يرسل أي أحد؟’
لم يظهر حتى وجهه، وبقي ساكنًا تمامًا، مما خيّب ظنّي.
أصبت بالضيق، لكن لم يكن لدي وقت لأبقى عالقة في ذلك.
صحيح أنني أعيش كمن نالت عطلة أبدية مدفوعة الأجر، لكن كزوجة دوق كالينوس، كان عليّ أن أستضيف بعض لقاءات الشاي بين النبلاء الصغار.
في البداية، شعرت بأن الأمر مرهق جدًا، لكن حين فكرت أكثر، وجدت فيه متعة عظيمة.
“جيزيل، تعلمون، سعيدة جدًا لأنها تتحدث مع شخصيات مشهورة في المجتمع!”
“آه….”
على يساري، صففت أولئك السيدات الراقيات اللواتي اضطهدنني سابقًا مع ماريبوسا.
وعلى يميني، صففت أولئك الآنسات اللواتي تجاهلنني تمامًا مع شيربل.
كنّ يرتجفن خوفًا من أنني قد أنتقم منهن.
“يا لك من غبية. لا زال وجهكِ كسمك الأعماق المكتئب.”
“آه، كم أنتِ مبتذلة…….”
“لا تجيدين سوى الركض وراء الرجال. لا تصلحين كنبيلة أصلًا.”
“وجهكِ اليوم يشبه كعب القدم الكئيب، يا سيدة سولانبير.”
اتّسعت عينا السيدة التي كانت تستخف بي بلقب “سمكة من الأعماق”.
لا بد أنها صُدمت لأننيتحدثت بطريقة مباشرة دون مراوغة هذه المرة.
“ماذا؟ هل لديكِ مشكلة؟”
لكن، عائلتها تملك إقطاعية ملاصقة تقريبًا لأراضي عائلة كالينوس.
“لا، أبدًا.”
ردّها هذا يعني أنه من الطبيعي أن لا تجرؤ على الرد حتى إن أبديت غضبي صراحة.
‘هذه هي نكهة السلطة، بحق.’
كما استخدمن سلطتهن يومًا ما لسحقي، أفعل أنا الآن الشيء ذاته. فتحت زجاجة الشمبانيا مبتسمة.
“آه، لماذا تنظرن إليّ هكذا؟ هل هناك شيء على وجه جيزيل؟”
“لـ، لا، بالطبع لا!”
“لا، سمو الدوقة.”
نظرت إليهن وأنا أضغط لساني على أسناني بخفة.
“لكن، ما بالكنّ صامتات؟ سيظن الناس أن جيزيل شخص ممل. أشعر بالحزن؟”
عندها، عبست بعض الآنسات والسيدات المتكبرات ثم حاولن جاهدات أن يبتسمن وقلن لي شيئًا.
انظري إلى تعابيرهن، يبدو أن هناك أمرًا ما يخفينه.
“… لوحات الفنان الذي كانت جلالة الإمبراطورة ترعاه أصبحت مشهورة هذه الأيام.”
“وقد جئت بها في الأصل كهدية إلى الدوقة…”
مؤخرًا، كانت صبغة “سيلِستين الأخضر” يوشك على الاندثار، لكن سمعت أن منزل مركيز بيرتو لا يزال يبيعها ممزوجة بأصباغ أخرى.
‘إنها لوحة لذلك الرسام المتجول الذي يستخدم ذلك الصباغ؟’
بمعنى آخر، كانوا يظنون أنني لن ألاحظ، ويحاولون إهانتي بطريقة راقية غير مباشرة.
أُعجبتُ حقًا مجددًا.
حتى لو كنت أمثّل أنني غبية، فأن يفترضوا أنني سأضحك بسرور حين أُهدى لوحة تذكّرني بمركيز بيرتو… هذا كثير.
لكن مع ذلك…
“ما العمل؟ لا تعجبني هذه اللوحة إطلاقًا.”
ابتسمت ساخرة وأنا أرفع اللوحة التي تميل للون الأخضر الباهت.
ثم.
بوووق. بووق. بووووق.
مزّقتها تمزيقًا مبهجًا ومنعشًا.
“إنها لوحة اشترتها جلالة الإمبراطورة أيضًا! كيف لكِ أن تقولي كلامًا بهذا القدر من الوقاحة!”
“لكن، كما تعلمين، جلالة الإمبراطورة تهتم حتى بفناني الشوارع، فهي معروفة بعطفها الواسع.”
“آه…”
تدخلت شيربل بقوة وقالت:
“لكن هذا ليس أسلوب الرسم الذي تفضّله جلالة الإمبراطورة هذه الأيام.”
…وبفضل دعم شيربل المرتبط بالإمبراطورة، ارتبكت السيدات وبدأن يرمشن أعينهن في حيرة.
ابتسمت بهدوء وأنا أغرز شوكة في قطعة كعك، ثم قدّمتها نحو السيدة التي أعطتني اللوحة.
“لكن مع ذلك، سأصفح عنكِ. بشرط أن تأكلي هذه القطعة من الكعك.”
“عفوا؟”
أحضرت الكعكة الكبيرة نحو فمها بابتسامة مشرقة.
“هيا، آ~ افتحي فمكِ!”
“آه!”
سواء بدت على وشك البكاء أم لا، أخذت شوكة ووضعت بها قطعة من الكعك الإسفنجي في فمها مباشرة.
‘ستصاب بالسكري من شدة الحلاوة، على الأرجح؟’
كنتُ قد طلبت أن يُضاف لها السكر بكثافة. ثم أشرت برأسي نحو إحدى الخادمات وقلت:
“أحضري عشر أكواب من الماء البارد. ولا تغادري قبل أن تشربيها كلها، فهمتِ؟”
في الوسط الأرستقراطي، “تقديم الماء البارد” يُعد بمثابة حكم بالإعدام الاجتماعي.
‘لماذا تحاول التحدي وهي ليست في مستواي أصلاً؟’
نظرت بابتسامة مشرقة إلى الأرض وقد امتلأت بقطع اللوحة الممزقة، بينما تلوّنت وجوه البعض بألوان الفزع وكأنهم سمعوا حكمًا بالإعدام.
‘بالمناسبة، بما أن الإمبراطورة ذُكرت عدة مرات اليوم… لماذا نسيت ذلك؟’
رغم أن خط الزمن الأصلي قد تشوّه كثيرًا بسببي، إلا أنه في هذا الوقت من الرواية، كان هناك حدث متعلق بالإمبراطورة.
‘هل ما زال ذلك الحدث قائمًا؟’
لحسن الحظ، كان هناك طريقة لمعرفة الجواب على الفور.
نظرت ببطء إلى الليدي شيربل الجالسة بجانبي.
فهي تنتمي إلى “موتو”، وهي حلقة اجتماعية خرجت منها الإمبراطورة الحالية. ولا تزال تتواصل معها، لذا من المؤكد أنها تعرف عنها جيدًا.
همست لشيربل بصوت منخفض لا يسمعه أحد سواها.
“…هل جلالة الإمبراطورة بخير؟”
فوجئت شيربل بسؤالي المباشر، وبدت نظراتها مربكة.
“أ- أممم، لا أدري. لم أزرها مؤخرًا.”
رأيت عيني الليدي شيربل ترتجفان، ووقتها تأكدت من الأمر.
‘آه، إذًا الإمبراطورة مريضة حاليًا؟’
بمجرد أن سمعت هذا، تذكرت الحدث الذي يقع في هذا التوقيت بالضبط.
إنه فصل “الإمبراطورة في حالة خطرة”.
“لا أحد يعرف سبب مرض جلالة الإمبراطورة…”
“لكن ألم يكن دوق ليشانيل هو من أنقذها في النهاية؟ حتى لو لم نعرف السبب، فقد تعافت، وهذا هو المهم، أليس كذلك؟”
“كيف لشخص أن يتمكن من إنقاذ جلالة الإمبراطورة نفسها؟ لقد أنقذ فردًا من العائلة الإمبراطورية، ما يجعله بطلاً أعظم من عائلة كالينوس نفسها!”
في الرواية الأصلية، عالج ذلك البعوض الإمبراطورة المريضة، ليصبح قديسًا حيًّا وبطلاً منقذًا للأسرة الإمبراطورية.
ومن بين الأسباب التي جعلت عائلة كالينوس تُتهم بأنها “قوة خفية شريرة”، كان هذا الحدث يمثل حوالي 10٪ من تلك الشكوك.
‘لقد سرت شائعات لا أساس لها من الصحة بأن عائلة كالينوس كانت وراء كل شيء، فقط لأن الحدث وقع بينما كانوا يقيمون في قصر العاصمة بدلاً من ممتلكاتهم الشمالية.’
وبالتالي…
من سينقذ الإمبراطورة في المستقبل يجب أن يكون إما أنا، أو عائلة كالينوس.
‘لكن كيف يمكنني إنقاذ الإمبراطورة، وفي نفس الوقت أرسل ذلك البعوضي إلى الجحيم؟’
وقتها، لم أكن أتصور على الإطلاق…
أن الحيرة التي توقعت أن تستمر طويلًا، ستحلّها ببراعة طفلين صغيرين لطيفين!
التعليقات لهذا الفصل " 101"