كان مركيز أكبنسيا، بيرالت، الشاب الذي يرأس أسرة الماركيز، وخطيبي. وبما أن القوة والثروة والنفوذ العسكري التي تمتلكها أسرته تُعدّ من بين الأعلى في الإمبراطورية، فقد كانت دومًا تُدرَج على رأس قوائم النفوذ بعد العائلتين الدوقيتين.
لقد صُدم الكثيرون عندما أُعلن أن المركيز خُطِب لابنة الفيكونت أجتاين. فقد كان يُتوقَع أن اتحاد العائلتين، بكل ما تملكانه من سلطة وشرف وثروة، سيقلب موازين القوى التقليدية القائمة على نفوذ الدوقيات. كما أن مركيز أكبنسيا اشتهر بطموحه ومهاراته. كان ذكيًا وماهرًا في قراءة الناس، مما جعله يحقق نتائج باهرة في إبرام العقود. ناهيك عن إدارته البارعة، ووسامته، وأناقة مظهره، وأسلوبه الراقي، ما جعله محط أنظار كثير من السيدات النبيلات، وإن كانت محاولاتهن للفت نظره تبوء غالبًا بالفشل.
لذا، حين قدم لي خاتم الخطوبة، كان الأمر مفاجئًا. فلم نكن قد التقينا سوى مرة واحدة عندما كنت في السادسة عشرة، في حفلة عيد ميلاده. وكنت حقًا أعتمد على لطفه ولباقته وكفاءته. بعد وفاة جدي المفاجئة، وقف إلى جانبي، وساعدني حين ورثت مسؤوليات العائلة رغم أنني لم أكن مستعدة بعد.
وحين استقرّت أوضاع الأسرة، وعندما أصبحت راشدة، حاولت الزواج منه. لكنه ماطل. مرّت تقريبًا 11 سنة منذ أول مرة أجّل فيها الزواج قائلاً: “ليس الوقت مناسبًا بعد”.
كنت ساذجة… لا، كنت غبية. لم أعلم ما الذي كان يخطط له.
لقد استغلّ أختي لبيع ممتلكات العائلة، واشترى كل شيء بأبخس الأثمان. لم يستغرق الأمر سوى خمس سنوات لينتقل كل ما نملكه إلى يده. وخلال تلك السنوات، كنت أقاتل لإنقاذ ما تبقّى من إرث العائلة.
كنت أعرف الوجه الحقيقي لإيرسيا إلى حدّ ما. وربما خمنت أنها متورطة مع بيرالت، لكنني لم أظنّ أنها ستقود عائلتنا إلى الهاوية. فهذه كانت دارها كما هي داري. كنت على استعداد أن أخدع نفسي طالما أنها ستحمي هذا البيت. لكن…
“يشرفني أن أُدعَى إلى هنا، الآنسة لورينسيا. آه، تفضلي.”
ناولني الوردة التي أحضرها. كانت وردة زرقاء، قرأت عنها في إحدى الصحف ذات مرة، قيل إنها صُنِعت بالسحر الكيميائي. كانت فاتنةً وجميلة، والكثير من النساء تمنين الحصول عليها، ولهذا كانت قيمتها كبيرة.
“أنا لا أعرف الكثير عن قلب المرأة، لذا فكّرت طويلًا فيما يجب أن أُحضِر، فأحضرت لك هذه الزهرة. ظننت أنها تناسبك لأنك الأجمل. للأسف، الوردة لا تضاهي جمالك.”
لطالما اعتبرتُه رومانسيًا. كم مرة ذاب قلبي بسبب كلماته المعسولة وابتسامته الرقيقة. لكن تلك الكلمات كانت غشاوة على عينيّ وأذنيّ.
“ماركيز أكبنسيا، أليس لديك هدية لي؟ من المحزن أن تهتم بحفيدتي فقط.”
“هاها، بالطبع أحضرت هدية للفيكونت أجتاين. قبعة من نوع فيدورا، دارجة في العاصمة هذه الأيام. رأيت أنها تليق بالفيكونت الذي يحرص دومًا على الأناقة.”
“أليست من ذوق الشباب؟”
“ألا تزال شابًا أيضًا؟”
أعجبه رده، وابتسم جدي وهو يرتدي القبعة. كانت مشاهد مألوفة. الوردة الزرقاء التي يقدمها، القبعة على رأس جدي، وحتى الوردة الحمراء التي يُهديها لأختي لاحقًا.
“وأحضرت وردة أيضًا للآنسة إيرسيا. أعتقد أنها أنسب هدية لفتاة نضرة كزهرة يانعة.”
عندما رأيت إيرسيا تتلوى خجلًا وتتلقى الوردة، شعرت بمعدتي تنقلب. نظراتهم، الكلمات، كلها أعادت لي ذكريات أردت أن أنساها… تقبّلهما لبعض، وانغماسهما بأجساد بعضهما. شعرت بالغثيان.
“أوه…”
“روا؟”
لم أعد أتحمّل. اندفعت نحو الحمّام وأنا أكتم فمي. سمعت جدي يناديني، لكنني لم ألتفت. طاقتي استُنزفت بالكامل، أحاول قمع التقيؤ والنَفَس الحارق.
“روا! روا!”
رطّبت وجهي بالماء، لكن أصوات الكذب والنفاق أعادت اضطرابي.
“أختي! هل أنتِ بخير؟!”
“آنسة لورينسيا، هل أنتِ بخير؟”
لم أعد أحتمل، صوتاهما جعلا رأسي يطنّ. عندما فتحت الباب، رأيت وجهيهما… مع جدي الذي يرمقني بنظرة دافئة.
لم أستطع الجلوس معهم على مائدة واحدة. لا، لم أستطع حتى التفكير في الأكل.
“جدي، أشعر بتوعك مفاجئ… هل يمكنني الصعود لغرفتي؟”
“بالطبع. سأطلب من ميشا أن تحضر لك الدواء.”
عند صعودي الدرج، اقتربت مني إيرسيا، كمن يهتم بي.
“أختي… هل أنتِ بخير؟”
“لا تقلقي، كلي جيدًا، إيرسيا.”
نظرتُ إليها بصمت، ثم أدرت وجهي عنها. يا لها من قذارة.
غفوت قليلًا، واستيقظت على صوت ضجيج من الطابق السفلي. حين فتحت عيني، دخل جدي ومعه كوب ماء والدواء.
كانت رائحة فطائر التفاح تهدّئني… رائحة الجد الذي يحب فطائر خالتي ميشا أكثر من أي شيء. جلس إلى جانب السرير وقال بلطف:
“الماركيز أكبنسيا كان قلقًا عليكِ جدًا. حتى بعد مغادرته، أرسل لكِ التحيات وأهدى مزارًا جديدًا.”
“روا.”
“قال لي… إنه يرغب في تعميق العلاقة بينكما، ويقترح إعلان الخطوبة رسميًا، بما أن الجميع يعلم طبيعة العلاقة بينكما.”
تجمد وجهي. إذًا، كان سيحدث ذلك حتى لو لم أحضر العشاء؟
“جدي، أنا…”
“أعلم. وأنا لا أريد أن أفرض عليك شيئًا. لذا طلبت منه أن يسألكِ شخصيًا.”
“أحب الرجل… لكنك لا تعرفه. ما رأيك أنتَ؟”
“هو ليس جيدًا.”
رجل أقام علاقة مع أخت خطيبته التوأم، وقاد عائلتي للانهيار؟ لم أعد أحتمله. كان قمامة.
“أوه، وصلت دعوة. ما رأيك؟”
“دعوة؟”
أجل، تذكرت. في هذا الوقت تقريبًا، كنت قد وافقت على خطبته وذهبت إلى الحفل.
“إنها دعوة إلى حفل دوق فيرديان. هل سترفضين كما المرة السابقة؟”
كان دوق فيرديان معروفًا بالبذخ والشذوذ. حاولت رفض الدعوة مجددًا، لكن خطر في بالي شيء…
“لا، سأذهب.”
قلت ذلك مبتسمة.
كانت إمبراطورية لايروس قوة عسكرية كبرى، تسيطر على نصف إنتاج الغذاء في القارة الجنوبية. بجيشها الجرار، واستثماراتها التجارية والصناعية، وصلت لأعلى درجات التقدّم.
تحت سيطرة الإمبراطوريتين الدوقيتين: فيرديان (غربًا – عائلة محاربة عريقة) وسابيلدريك (شمال شرق – عائلة وزراء ونبلاء)، تمتعت الإمبراطورية بالهيبة والاستقرار.
لكن، تراجعت قوة إحدى العائلتين، عائلة فيرديان، بسبب اضطراب ما.
رئيسها الحالي، إيان فيرديان، كان يُقيَّم على أنه عبقري إداري وعسكري. في سن الخامسة عشرة، قطع رأس قائد عدو. في الثامنة عشرة، عرض عليه منصب قائد الحرس الملكي.
لكن سُمعته الشخصية كانت سيئة. قيل إنه منحل ومثلي. الانحلال قد يُغتَفر، فالأرستقراطيون أغنياء، لكن المثلية لا تزال مرفوضة دينيًا.
“أهذا هو ذاك الرجل…؟”
جلست أراقبه في الحفل بينما أحتسي نبيذ الغابة الأصفر.
رجل مثل هذا؟ وسيم، عريض الكتفين، طويل الساقين، واثق، يضحك بحرارة ويتحدّث برقي… هل يكون هو؟ كم هو مؤسف.
***
تـــرجــمــــــة: ســـاتوريــــا… ♡
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 3"