“انتظر… هل حدث خطأ ما؟”
ذلك الـ “هاه؟” ليس من التعابير التي تُقال بسهولة.
كان أشبه بلحظة تضيف فيها الزبدة المذابة إلى البيض المخفوق أثناء الخَبز، فينتهي الأمر بأن يتكتل البيض فجأة.
إنها تنهيدة تخرج تلقائيًا عندما تسوء الأمور تمامًا.
وكما توقعت، بدأ أوموكي يتوتر بشدة. كان يحدق في شاشة هاتفه الذكي وكأنه يحاول اختراقها بعينيه، ثم أخذ يرفرف بجناحيه الصغيرين ويطير هنا وهناك.
“إلى أي درجة كان الخطأ فادحًا حتى تتصرف هكذا؟”
مددت يدي وأمسكته بينما كان يدور بلا توقف حولي.
جلس أوموكي على كفّي، وأجنحته متدلية بضعف، مستسلمًا.
“أ… أظن أن مدير الفريق سيقتلني…”
“هل الخطأ فادح إلى هذه الدرجة؟”
من الدموع التي بدأت تتجمع في عينيه الصغيرتين، لم أعد واثقة إن كان يبالغ أم لا.
‘أين ذهب ذلك الطائر المتبجّح من قبل؟’
حين بدأ يُحدث كل تلك الضوضاء، كنتُ قلقة وغاضبة لجهلي بما اقترفه من خطأ. لكن عندما رأيت دموعه الكبيرة تتساقط قطرة بعد أخرى… لم أستطع أن أوبّخه.
“الأخطاء تحدث أثناء العمل. لقد كنت تؤدي عملك جيدًا حتى الآن—بالتأكيد سيتغاضون عن خطأ واحد فقط.”
“لكن… أنتِ أول عميلة لي، يا آنسة هان يُونا…”
“أوه… إذن، أنت ما زلت في بداية عملك؟ إن كنت جديدًا فمن الطبيعي أن تخطئ.”
“لكن… لم يحدث أن ارتكب أي مرشد في تاريخ هذه الشركة خطأً كهذا!”
“… حسنًا، فلتفكر إذن في البحث عن وظيفة جديدة.”
نعم. خطأ من هذا النوع؟ يستدعي تغيير العمل.
يقال دائمًا: إن لم يكن العمل مناسبًا لك، فمن الأفضل أن تبحث عن غيره في أسرع وقت ممكن. فذلك أفضل لك ولمن يعملون معك.
“مستحيل! هذه شركة أحلامي!”
“همم.”
شركة الأحلام؟ كنت أظن أنه لا وجود لمثل هذا المكان. حتى الأخت الكبيرة التي عملتُ معها في المقهى كانت تؤكد دائمًا أنه لا وجود لمثل تلك الشركات في الواقع.
“في هذه الحالة، عليك أن تعيدني أولًا إلى مكاني الصحيح.”
“ماذا تقصدين؟”
“ألم تقل إن من المفترض أن أتجسد داخل الرواية التي قرأتها في الأصل؟”
“نـ… نعم، هذا صحيح…”
“إذن علينا تصحيح هذا الخطأ من خلال إعادة التجسيد. أليس هذا السبيل الوحيد لتعويض الخطأ؟”
ما بال تلك النظرات المراوغة؟
عندما واصلت سؤاله، أشاح أوموكي بعينيه عني عمدًا. وتصنّع الجهل حتى النهاية، حتى بعدما نكزته بإصبعي.
‘هذا التجاهل المتعمّد والمتكرر يجعلني أشعر بالقلق الشديد.’
قبل قليل، جعلتني دموعه ألين. لكن الآن؟ لم أعد أستطيع التغاضي بعد الآن.
فأطبقت كفّي التي كنت أحمله عليها.
“كيوووب!”
“إذا ارتكبت خطأً، فعليك إصلاحه!”
“كيوو—عزيزتي العميلة! أرجوكِ، اهدئي!”
“هل كنت ستهدأ لو كنت مكاني؟ أن تُرمى في عالم لا تعرف عنه شيئًا؟!”
إن كان سبب كل هذه الفوضى هو أنني تجسدت في عمل خاطئ، فلا—لن أقبل بهذا أبدًا! أحضروا المسؤول فورًا!
حتى لو تجسدت في رواية قرأتها، لم يكن هناك أي ضمان لما سيؤول إليه مصيري أو كيف ستنتهي القصة.
بما أنني لم أكن أعلم ما نوع المتغيّرات التي قد تطرأ بمجرد أن أتجسد داخل القصة،
ولأن هناك ميزة خاصة تُتيح لي تحقيق أمنية واحدة عند عودتي إلى الواقع إن وصلتُ إلى النهاية…
وعلى الجانب الآخر، إن فشلت، سأنتهي جسدًا بلا وعي، في مستقبل مجهول.
في ظل هذه الظروف، كان عليّ أن أتمسّك بالحياة مهما كلف الأمر، وأن أشاهد النهاية بعيني.
“ميزتي! ماذا ستفعل بشأن ميزتي؟!”
“ككّييب! س-سأنفجر إن استمر الأمر هكذا! سـ-سأستدعي مدير الفريق!”
وكان عليه أن يفعل ذلك منذ البداية.
فبمجرد ذكر استدعاء المسؤول المباشر، هدأتُ قليلًا وأرخيتُ قبضتي.
استغل أوموكي تلك اللحظة، فانسحب بخفة وطار ليقف فوق الثريا.
“أ-أرجوكِ انتظري لحظة واحدة!”
وقد أدرك أوموكي حِدّة انفعالي، فبدأ يتحرّك بخفة وسرعة غير معتادة.
بيب، بيب-بيب.
صدرت أصوات الأزرار عدة مرات، غير متناسقة مع الأجواء المتوترة المحيطة. لا بد أنه كان يرسل رسالة إلى مديره.
‘لكن، ماذا لو دخل أحد الآن؟’
بينما كنت أحدّق في ذلك الهاتف الذكي الذي لا يمت لهذا الزمان أو المكان بأي صلة، تسللت إليّ موجة من القلق.
لقد صرختُ في وجه أوموكي بكل ما أوتيت من قوة، فلو دخل أحدهم في هذه اللحظة ورأى هذا المشهد… ستكون كارثة.
أن تُكتشف فتاة نبيلة وحيدة في غرفة تتحدّث إلى عصفورٍ ذو عينين كبيرتين؟
بل والأسوأ، أن ذلك العصفور يمسك بهاتف ذكي بحجم جسده في عالمٍ لا يوجد فيه شيء كهذا؟
لا أعلم أي نوع من العالم هذا، لكن لم يكن مستبعدًا أن يُتَّهم المرء مثلي بالسحر الأسود ويُحكم عليه بالإعدام.
“اطلب منه أن يأتي حالًا. إن دخل أحد وحدث خطأ، فسيكون الأمر أشبه بركوب قطار مباشر نحو الموت.”
“آه، لا تقلقي بشأن ذلك. فطالما كنتُ أقدّم لكِ الخدمة الخاصة، فإن الوقت يتوقف.”
عند سماع كلماته، نظرتُ حولي. وبالفعل—عقرب الثواني في الساعة لم يكن يتحرك، وحتى الطيور التي كانت تحلّق في السماء تجمدت في مكانها.
“إذن هذا حقيقي…”
“صحيح أنني ارتكبت خطأ فادحًا، لكن على الأقل مثل هذه الأمور…”
“أوووموووكي—!”
بوووم!
شيء ما اندفع فجأة واصطدم بـأوموكي الذي كان يهمّ باستعادة غروره.
المخلوق الذي ظهر من العدم وطرحه فاقدًا للوعي بضربة رأس كان طائرًا أكبر حجمًا منه، ذي ريشٍ بنيّ.
“أهذا… عصفور دوري¹؟”
[الشرح¹: العصفور الدوري: طائر صغير بني اللون، يعيش بالقرب من الإنسان وله صوت جميل.]
لشخص مثلي لا يعرف شيئًا عن الطيور، بدا وكأنه دوري ضخم قليلًا، فتمتمت قائلة.
عندها التفت الطائر الغاضب إليّ بعينين تقدحان شررًا.
“لستُ عصفورًا… أنا صقر!”
“آه، إذن أنتَ صقر.”
لا عجب أن طباعه حادة، فلا يمكن لدوري أن يتصرّف بمثل تلك الحدّة.
ومع أنه صغير الجسد، فإن كونه من فصيلة الصقور أضفى عليه كارزما خاصة.
لكن، في النهاية، أنا الزبونة هنا.
“على أي حال، ما يهم الآن ليس نوعك، بل في حقيقة أن خطبًا ما قد حدث خلال عملية تجسدي.”
“هُمم… هذا صحيح. دعيني أقدّم نفسي أولًا. أنا تشورونغي، مدير الفريق العام لخدمات التجسيد الخاصة.”
عرّف الطائر عن نفسه ثم ناولني بطاقة عمل بحركة دقيقة ومنضبطة. كانت بحجم بطاقة عمل بشرية تمامًا.
كيف لهذه الطيور أن يحملوا أشياءً بحجم أجسادهم ويُخرجونها بهذه السهولة؟
هل هم… أقرب إلى فصيلة درايمون²؟
[الشرح²: درايمون: شخصية كرتونية يابانية شهيرة، عبارة عن روبوت قط أزرق من المستقبل، يساعد صديقه نوبتا بأجهزة وأدوات سحرية لحل مشكلاته اليومية.]
“يمكنكِ مناداتي بالمدير تشو.”
“حسنًا إذن، المدير تشو.”
سواء كان قطًّا آليًا أزرق أو صقرًا صغيرًا، فالمهم أنّه المسؤول هنا.
“ألا يمكنك أن تعيد تجسيدي في عمل آخر؟ عمل سبق وأن قرأته على الأقل.”
“في الوقت الحالي هذا مستحيل. فمنذ اللحظة التي استيقظتِ فيها في جسد إيميلي غارنيت، بدأت الخدمة بالفعل.”
ما أسهل قوله ذلك بمنقاره الحاد، أليس كذلك؟
بينما حاول أوموكي المراوغة وتفادي الإجابة، قدّم تشورونغي ردًا رسميًا وباردًا.
وطبيعيًّا، لم يكن لذلك أي نفع بالنسبة لي.
“إذن هذا يعني أنني، بخلاف المتجسدين الآخرين، أبدأ بعقوبة ضخمة، صحيح؟”
“لهذا السبب، وبصفتي المدير، سأمنحكِ تعويضًا خاصًا!”
“هذا الذي تسمّيه تعويضًا… من الأفضل أن يكون ذا قيمة حقيقية.”
‘وإلا فقد ينتهي بكما الأمر مقليَّين على يدي!’
رغم أنني تمتمت بالكلمات الأخيرة بصوت منخفض، إلا أنّ ارتجافة أوموكي وتشورونغي في اللحظة نفسها أكّدت لي أنهما قد سمعاها بوضوح.
“بـ-بالتأكيد. أولًا، بما أنكِ لا تعرفين الكثير عن العمل الأصلي، فسأعطيكِ شرحًا موجزًا.”
“ابدأ بما يخصّني أولًا.”
“حسنًا. الجسد الذي تجسّدتِ فيه، إيميلي فلوريل غارنيت، هو شخصية الشريرة في الرواية الأصلية سيف رايسا.”
أومأت برأسي بهدوء.
فتجسّد كشخصية شريرة كان أمرًا شائعًا، ولم يكن خارج نطاق توقّعاتي.
“وكما يُفهم من العنوان، البطلة هي رايسا، وهي أيضًا صديقة إيميلي.”
“إعداد تقليدي.”
“أما البطل الرئيسي فهو—”
توقف تشورونغي لحظة، ثم أخرج جهازًا لوحيًا وبدأ يقلب شاشته سريعًا.
“آه! لا بد أنكِ التقيتِ به بالفعل.”
“إن كنت قد التقيت به للتو… لا تقل لي!”
“صحيح. الرجل الذي غادر هذه الغرفة غاضبًا قبل قليل هو البطل الرئيسي، ريتشارد فييندر.”
“إذًا فهو يكرهني بالفعل.”
ارتسمت بذهني بوضوح نظرات الكراهية التي صوّبها نحوي قبل دقائق فقط وهو يغادر غاضبًا.
‘والآن وأنا أتذكر… ألم يذكر اسم رايسا أيضًا؟’
ذلك الذي يُدعى البطل، ريتشارد، ذكر اسم رايسا وهو يوبّخني.
لا شك أنّ إيميلي قد ارتكبت أفعالًا شنيعة قبل أن أتجسد في جسدها.
هاه… يبدو أن الأمور قد تعقّدت بالفعل.
“لـ-لا تقلقي كثيرًا! فإيميلي ليست الشريرة الوحيدة في هذه القصة.”
تدخّل أوموكي محاولًا مواساتي حين ابتسمتُ بمرارة.
“آه، حقًا. هذا مطمئن للغاية.”
لكن المشكلة أنّ ذلك لم يكن مطمئنًا على الإطلاق.
“إن رغبتِ بمعرفة تفاصيل أكثر عن إيميلي وبقية الشخصيات الرئيسية، ستجدينها مكتوبة في المذكرات الموضوعة داخل درج المكتب الأيسر.”
“هــاه… حسنًا، سأرى ذلك لاحقًا. لكن ماذا عن التعويض الذي وعدتني به؟”
“بحسب البيانات التي جمعناها، كنتِ تعملين بدوام جزئي في مقهى وتلتقين بالكثير من الناس، أليس كذلك؟”
“لقد زاد عدد الزبائن فعلًا حين كنت أعمل هناك.”
“كنتِ تستمعين جيدًا، حتى إنكِ قدّمتِ لهم الكثير من الاستشارات، لدرجة أنّ الكثيرين كانوا يلجؤون إليكِ لمناقشة همومهم.”
“هذا صحيح.”
لكن ما يسمّونه استشارات لم يكن في الحقيقة سوى تفريغ عواطف تافهة، أحاديث مملة عن الحب ومشكلات يومية.
لقد كنتُ بمثابة سلة قمامة عاطفية لفترة طويلة.
بل إني أصبتُ ببقعة صلع بسبب الضغط… يا لها من تضحية مؤلمة
في سبيل كسب الزبائن المخلصين.
“لذلك، قررنا أن نمنحكِ القدرة على رؤية هموم الآخرين.”
“……وتسمّون هذا تعويضًا؟”
بصراحة، بدا لي وكأن هذه الطيور المزعجة قد جاؤوا لقتلي مرّتين بدلًا من مرة واحدة.
═══∘ ° ❈ ° ∘═══
ترجمة : أوهانا
الانستا : han__a505
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات