كلاك!
بمجرد أن عانق إرهان، سقط وعاء طعام معدني سميك محدثًا صوتًا صاخبًا.
خرير-
في الوقت نفسه، انسَكَبَ الماء الساخن الذي كان بداخله، وغَمَرَ أرضية الخيمة بالكامل.
من البطانية المبتلة الممدودة على الأرض، تصاعد بخار.
لو انسكب مباشرة على الجسد، لأصاب بحروق.
لحسن الحظ، لم تتناثر قطرة واحدة على إرهان.
“الأهم من ذلك، لماذا هذا الفتى هنا؟”
تنهد آكسيون الصعداء وهو ينظر إلى من يحتضنه.
حتى وسط هذه الضجة، لم يتحرك إرهان على الاطلاق، كان لا يزال نائمًا.
“لن يدري لو حمله أحدٌ ومضى به.”
بدت هيئة نومه مسالمة للغاية، لدرجة أنه شعر بالأسف لإيقاظه.
نظر آكسيون بهدوء إلى إرهان الذي كان في حضنه.
‘هل كانت رموش هذا الفتى طويلة وجميلة إلى هذا الحد؟’
عندما أدرك ذلك من جديد، بدأ قلبه يخفق، فأدار آكسيون بصره بسرعة.
‘لماذا أتصرّف هكذا بحق الجحيم؟’
‘إذا بقيتُ بجانب هذا الفتى هكذا، أشعر أنني سأصبح غريبًا.’
في النهاية، لم يستطع التحمّل، فأيقظ إرهان.
“هيّا، استيقظ.”
“هممم…”
أصدر إرهان أنينًا مختلطًا بصوت أنفي بينما كانت عيناه مغمضتين.
‘هذا الفتى، على الرغم من كونه رجلًا، لماذا يصدر مثل هذا الصوت الرقيق؟’
تعمد أن يهز إرهان بشدة أكبر لإيقاظه.
“استيقظ!”
“همم؟”
حينها فقط، فتح إرهان عينيه المغمضتين.
في اللحظة التي رأى فيها العينين النعستين تحت الرموش الطويلة والجميلة، أدار آكسيون بصره بسرعة.
في هذه الأثناء، تململت إيليا وفتحت عينيها.
أمام عينيها، ظهر صدر أبيض صلب.
‘ما هذا؟ هل هذا حلم؟’
“قلت لك استيقظ!”
عند الصوت الزاجر، رفعت رأسها بسرعة.
هناك، ظهر وجه آكسيون الذي كان يلتفت ببصره إلى الجانب الآخر.
“ما، ما هذا؟! لماذا أنت هنا؟”
تخلصت إيليا بسرعة من حضنه وصرخت وهي تتراجع إلى الخلف جالسةً.
لا يزال آكسيون يتجاهل نظراتها، فأجاب ببرود.
“هذا ما أريد أن أسأله. هذه خيمتي.”
“لا يمكن أن يكون ذلك… شهقة!”
حينها فقط، أدركت إيليا أنها دخلت الخيمة الخطأ.
‘لأنها كانت فارغة، ظننتُ بطبيعة الحال أنها خيمتي…’
‘ويا للصدفة، كانت خيمة آكسيون!’
“آس، آسف! سأغادر بسرعة… آه! لماذا هي رطبة هكذا؟”
كانت مؤخرتها الجالسة على الأرض رطبة.
حينها فقط، أدركت أن معظم البطانية الممدودة على الأرض كانت مبتلة.
عندئذٍ، أومأ آكسيون بعينيه نحو وعاء طعامها المعدني الفارغ الذي كان ملقىً في الزاوية.
يبدو أنه سقط من جسدها وهي في غفوتها.
لكن جسدها لم يبتل على الإطلاق.
‘هل من الممكن أن يكون آكسيون قد ساعدني؟’
في تلك اللحظة، قال آكسيون بصوت حازم.
“اخرج بسرعة.”
كان وجهه الذي ينظر إليها محمرًا.
‘آه، يبدو غاضبًا للغاية!’
“حسناً! أنا ذاهب!”
خرجت إيليا مسرعةً من الخيمة.
تنهد آكسيون بارتياح وهو يرى ذلك المنظر.
بمجرد أن اختفت إيليا، استلقى متكئًا في زاوية الخيمة غير المبتلة.
حاول النوم وهو يسعى لتهدئة قلبه الذي كان يخفق بشدة.
•
“ما هذا بحق الجحيم…”
تمتمت إيليا وهي مستلقية على الأرض، بعد أن عثرت بصعوبة على خيمتها.
ظل صدر آكسيون العاري يتردد في ذهنها، واحمر وجهها.
حينها، نخزها ألم حاد في خصرها.
كانت مشوشة للغاية لدرجة أنها نسيت حتى ألم خصرها طوال تلك الفترة.
“على الأرجح، عليّ أن أحصل على مرهم تدليك أو ما شابه من ثيو.”
‘سيكون الأمر مقبولًا لو اختلقت عذرًا وقلت إن مكانًا آخر يؤلمها، وليس خصرها.’
هذه المرة، وضعت علامة صحيحة على الخيمة وعادت لتتجه إلى خيمة القادة.
“ما هذا، ألم يأتيا بعد؟”
لقد أتت للحصول على الماء الساخن منذ فترة طويلة، لكن الخيمة كانت لا تزال فارغة.
“إلى أين ذهبوا بحق الجحيم؟”
كان مريبًا أن يغيب القائد عن مكانه لمثل هذه الفترة الطويلة.
حتى حقيبة الإسعافات الأولية التي أحضرها ثيو لم تكن مرئية.
شحب وجهها.
‘أليست هذه حالة طوارئ؟’
في أسوأ الأحوال، ربما تكون الوحوش قد غزت.
إذا كان الأمر كذلك، فربما تضطر هي، بصفتها نائب القائد، إلى تحمل المسؤولية وقيادة هذه الوحدة.
لمعرفة ما حدث، خرجت من الخيمة وبدأت تبحث عن ثيو وكيشا.
عندما وصلت إلى أرض السهل التي سوّتها طوال اليوم مع أفراد الوحدة، ظهر ضوء خافت هناك.
اقتربت نحو الضوء.
‘ها هما!’
ظهر ثيو وكيشا يحملان مصباحًا.
لحسن الحظ، لم يبدو أن الوحوش قد ظهرت.
راقبت إيليا بهدوء من مكان قريب.
لأنّه كان من الواضح أنها ستُوبخ لو قفزت فجأة بلا داعٍ، ويُقال لها: “لماذا لا تنام وتتجول؟”.
‘لنعد إلى الخيمة وننتظر.’
بينما كانت تفكر هكذا، سُمع صوتهما.
“بعد تلك المعركة، لقد مرت ثماني سنوات بالفعل.”
“هل مر كل هذا الوقت بالفعل؟”
سُمع صوت كيشا الجاف.
“الأهم من ذلك، أيها العقيد، ما الذي دفعك بحق الجحيم إلى المجيء إلى هنا لإجراء أعمال التحصينات؟ ألم تزُر هذا المكان طوال ثماني سنوات؟”
عند سماع تلك الكلمات، اتسعت عينا إيليا.
‘بصراحة، شعرت أن جدول أعمال التحصينات هذا كان غريبًا بعض الشيء.’
‘أما كونه مفاجئًا، فكيشا لا يمكن التنبؤ به، فلنعتبر ذلك أمرًا طبيعيًا.’
‘ولكن الحرب وقعت منذ فترة طويلة، وطوال تلك الفترة لم يتم إجراء أعمال صيانة ولا مرة، إنه غريب بعض الشيء.’
حتى في حياتها السابقة، كان من المعتاد أن تُجرى أعمال التحصينات مرة أو مرتين في السنة.
قد تكون قواعد هذا العالم مختلفة بعض الشيء، ولكن على أي حال كان يجب أن يتم ذلك بانتظام كل عام.
لم يكن من الممكن أن يجهل كيشا الصارم هذا الأمر.
حينها، سُمع صوت ثيو.
“…… هل تغلبت على الأمر الآن؟”
لم يجب كيشا.
حينها، ركع ثيو وأخرج شيئًا ما من حقيبته.
كانت باقة زهور كبيرة تحتوي على أقحوانات بيضاء.
حتى في الظلام، كانت الأقحوانات البيضاء تتوهج بوضوح.
“ما هذا؟”
عندما سأل كيشا، أجاب ثيو.
“بما أننا ذاهبون إلى هنا لإجراء أعمال التحصينات، فقد أحضرتها الآنسة لافينيا لنا.”
ارتجفت عينا كيشا.
“…… سيحبها ذلك الشخص حقًا.”
وضع كيشا باقة الزهور على الأرض.
في نظر إيليا، كانت أرضًا عادية لا شيء فيها.
“سأدخل وأنتظر أولًا. وأنت أيها العقيد؟”
“سأذهب بعد قليل فقط.”
بعد أن أنهى حديثه، نظر كيشا بذهول إلى باقة الزهور.
حمل ثيو حقيبته واتجه بخطواته نحو خيمة القادة.
لكن إيليا بقيت مكانها.
كان ذلك بسبب تعابير وجه كيشا الذي بقي وحده.
فلم تكن تعابير وجهه التي تظهر في ضوء المصباح، كوجه الشيطان الذي يدفع أفراد الوحدة للعمل الشاق في المعتاد.
‘يبدو وحيدًا وحزينًا.’
أثار ذلك المظهر الغريب فضولها، فلم تستطع أن تتحرك.
“هل هو أمر غريب لأنك تري مثل هذا المظهر للعقيد للمرة الأولى؟”
تجمد جسد إيليا عند سماع الصوت الذي سُمع من خلف ظهرها.
بمجرد أن أدارت رأسها، كان ثيو يحدق إليها بوجه صارم.
“إرهان، ماذا تفعل هنا؟ الآن وقت النوم.”
“ذهبت لأبحث عنك في الخيمة، لكنك لم تكن موجودًا…”
عند تلك الكلمات، أطلق ثيو تنهيدة.
“هكذا إذن. لنغادر المكان أولًا ونتحدث.”
تابع حديثه وهو يرمق ناحية كيشا بنظرة جانبية.
“لأنني لا أريد إزعاج العقيد.”
عادا بهدوء نحو الخيمة.
وصف ثيو مرهم تدليك لإيليا التي قالت إن ذراعها متصلبة.
“يبدو أن ذلك بسبب الحفر بالمجرفة. أجل، حجم العمل كان مرهقًا جدًا بالفعل.”
لحسن الحظ، لم يساور ثيو أي شك.
فتحت إيليا فمها، وهي على وشك مغادرة الخيمة.
“أيها الطبيب العسكري، هل يمكنني أن أسأل سؤالًا واحدًا؟”
“ماذا؟”
عندما سأل ثيو، سألت هي.
“هذا المكان، يبدو أن أعمال التحصينات لم تُجرى فيه لفترة طويلة. هل هناك أي سبب لذلك؟”
بدلًا من الجواب، التزم ثيو الصمت.
بعد فترة، فتح فمه.
“هذا المكان مؤلم للقلب. خصوصًا بالنسبة للعقيد.”
•
تمتم كيشا وهو ينظر بهدوء إلى الأرض الموضوعة عليها زهور الأقحوان.
“هذا المكان، هو المكان الذي التقيت فيه بالرفيق يوز للمرة الأولى، وهو أيضًا المكان الذي فقدته فيه.”
أغمض عينيه بهدوء.
كان لقاؤه الأول بيوز قبل حوالي عشر سنوات، لكنه كان حيًا كأنه حدث بالأمس.
بينما كان يعمل بنشاط لعدة سنوات كمدرب شيطاني في مركز تدريب الجيش الإمبراطوري، بعد حصوله على توصية ديريك، أتته رسالة عاجلة.
كانت الرسالة تطلب المساعدة في القضاء على آخر مجموعة من المتمردين.
ولأن كيشا كان يرتجف اشمئزازًا ويكره المتمردين، فقد وافق فورًا.
غرق في التفكير وهو ذاهب إلى السهل الكبير حيث قيل إن المعركة ستحدث.
تلك المعارك الضارية مع المتمردين، التي بدت بلا نهاية، ها هي تنتهي أخيرًا.
لقد انضم إلى الجيش الإمبراطوري وجعل إبادة أولئك الذين أبادوا عائلته وأسرته الهدف الوحيد في حياته، فخاض المعارك ودرب الجنود بجد.
لكن بعد أن يختفوا، ماذا سيفعل هو نفسه؟
كان همًا لم يفكر فيه قط من قبل.
فجأة، انتابه شعور غريب بالخواء.
وهو يكبت الخواء الذي انتابه، اتجه نحو ساحة المعركة.
التعليقات لهذا الفصل " 65"