إذا ما انكشف أمر كونها امرأة، فلن تُعاقب هي فحسب، بل البارون وزوجته أيضًا.
إلى أي مدى يعلم ثيو يا ترى؟
نظرت إليه بعينين مرتجفتين.
عندئذٍ، أطلق ثيو تنهيدة خفيفة وفتح فمه.
“لكن الأمر لم يعد يهم الآن.”
على إثر إجابته غير المتوقعة، رفعت إيليا بصرها إليه بعينين متفاجئتين.
“فقد كنت تستخدم تلك القدرة دائمًا لصالح الوحدة. سواء كان ذلك باقتراحك استخدام وسائد السلايم خلال المسيرة، أو إحضار المنتجات المدنية لرفع معنويات أفراد الوحدة، أو حتى ترشيحك كلود كمسؤول إمدادات جديد لي. لكن…….”
توقف لبرهة، ثم أخذ نفسًا عميقًا قبل أن يواصل حديثه.
“……لا شيء يضاهي إنقاذك أفراد الوحدة بتضحيتك بحياتك في هذا التدريب. فبفضلك، ليس من المبالغة القول إن هذا التدريب لم يسفر عن أي خسائر في الأرواح.”
ظل ثيو ينظر إليها مباشرة.
لكن النظرة الحادة التي كانت بادية عليه حتى قبل قليل، أصبحت أكثر لطفًا بكثير.
“أنت لم تفعل شيئًا يختلف عن إنقاذ حياة هذه الوحدة بأكملها. وبصفتي الطبيب العسكري لهذه الوحدة، أردتُ أن أعرب لك عن خالص شكري.”
قدم ثيو شكره بصدق، بينما كانت إيليا تحدق في شكله بذهول.
‘أثيو هذا يمدحني؟!’
كان ثيو صارمًا، لكن بمعنى يختلف قليلًا عن صرامة كيشا.
حتى في الرواية الأصلية، كان كثير الشك ومفرط الحذر.
كانت إيليا تدرك منذ زمن طويل الشك الغريب الذي كان يساور ثيو تجاهها، ولذلك سعت جاهدة للتحلي بالحذر أمامه.
“إرهان ترينجن.”
“نعم! هل ناديتني يا سيدي؟!”
ما إن ناداها ثيو باسمها، حتى أجابت بسرعة.
فتح ثيو فمه متحدثًا إليها بصوت هادئ.
“أعتقد أن من ينقذ أرواح الجنود حقًا في الجيش ليس طبيبًا عسكريًا ماهرًا، بل قائدًا كفؤًا. هل فهمت كلامي؟”
أومأت إيليا برأسها لا إراديًا.
فالمراد هو أن القائد يجب أن يقود ويأمر بشكل صحيح من الأساس، حتى لا يتعرض الجنود للإصابة أو الموت.
كان هذا كلامًا يليق بـ ثيو الذي يهتم دائمًا بالوحدة.
“مفهوم!”
أجابت بصوت عالٍ ورفعت بصرها نحو ثيو.
لكنها لمحت مسحة حزن تلوح في عيني ثيو.
‘ما هذا؟’
في غضون ذلك، أخفى ثيو تعابيره بسرعة، وعاد يلقي عليها نصائحه بصوته الصارم المعتاد.
“أتمنى أن تصبح مثل هذا القائد في المستقبل، مستخدم القدرات التي تمتلكيها.”
“مفهوم!”
عاد ثيو إلى مكانه وأصدر أمره.
“إذن، اذهب الآن وضع خطة إجازتك بسرعة. مع أن التخطيط لأول إجازة لا يكفيه قضاء الليل كله في إعداده.”
ابتسم بضحكة خافتة، وتبعته إيليا بابتسامة.
كان ثيو، المعتاد على الحياة العسكرية، يعلم جيدًا كيف تكون الإجازة الأولى.
ألقت إيليا التحية العسكرية بصوت عالٍ، ثم غادرت العيادة العسكرية.
•
ما أن اختفت إيليا، حتى أغلق ثيو باب العيادة العسكرية، وعاد ليجلس أمام مكتبه.
عندما فتح الدرج، رأى علبة دواء كيشا التي وضعها للتو.
‘يا له من حظ!’
لأنه لم يضطر لزيادة الدواء.
لو أن إرهان ذاك لم يعد من البوابة، فماذا كان سيحدث لكيشا؟
لقد تعافى لتوه من جرح فقدان أحد مرؤوسيه، لكنه ربما كان سيسقط في مستنقع جديد.
لكن لحسن الحظ، لم يحدث شيء من هذا القبيل، ولذلك كان ثيو ممتنًا لـ إرهان.
راح يردد في ذهنه الكلمات التي قالها لـ إرهان قبل قليل.
‘من ينقذ أرواح الجنود حقًا في الجيش ليس طبيبًا عسكريًا ماهرًا، بل قائدًا كفؤًا.’
في الواقع، لم يكن هذا فكره.
بل كان هناك شخص آخر هو من قال له هذه الكلمات أولًا.
تراءت في ذهن ثيو أحداث من الماضي.
•
في العام الثالث منذ التحاقه مع كيشا بالجيش الإمبراطوري كجنديين، اندلعت حرب في الإمبراطورية.
كانت حربًا بين الجيش الإمبراطوري وقوات التمرد.
اندلعت المعارك مع قوات التمرد في كل أنحاء الإمبراطورية. وتم إرسال كيشا وثيو أيضًا إلى المنطقة الجنوبية من الإمبراطورية لهزيمتهم.
كان وجه كيشا أكثر تصميمًا من المعتاد، وكان ثيو يدرك السبب جيدًا.
فقد كانت قوات التمرد قد أبادَت عائلة كيشا وأسرته، وكان ذلك هو السبب الذي دفع كيشا الصغير للانضمام إلى الجيش الإمبراطوري وعيناه تملؤهما الدموع.
وبمجرد وصولهما إلى المنطقة الجنوبية، خاضا قتالًا عنيفًا مع قوات التمرد.
كانت تلك أول معركة يخوضونها في حياتهم.
في تلك المعركة، قتل ثيو إنسانًا للمرة الأولى.
الشعور المقيت لِاختراق النصل جسد إنسان لم يكن ليُنسى أبدًا.
كما كانت الرائحة النفاذة للدم المنتشرة في كل مكان مقززة بشكل لا يطاق.
لكن ما كان أكثر بغضًا واشمئزازًا من ذلك كله، هو صورته وهو يعتاد على كل تلك الأمور شيئًا فشيئًا.
في هذه الأثناء، كان كيشا يقاتل وكأنه سمكة في الماء، يُسقط المتمردين الواحد تلو الآخر بسيفه.
كانت مهارة فائقة لا يمكن تصورها لجندي في عامه الثالث.
لم تكن مجرد مهارة فحسب، بل كان سيف كيشا الذي يفتك بالأعداء يمتزج فيه غضب فقدان عائلته على يد المتمردين الأعداء.
لكن على الرغم من قتالهم المستميت، تراجع الجيش الإمبراطوري بشكل مريع.
كان ذلك بسبب قائدهم في ذلك الوقت، لودس.
كان لودس قائدًا وصل إلى منصبه بفضل نفوذ عائلته، وكان عاجزًا.
علاوة على ذلك، كان يمتلك طموحًا مفرطًا لتحقيق الإنجازات.
لا يوجد أقبح من طموح شخص عاجز.
وفوق ذلك، تحول هذا القبح في ساحة المعركة إلى مأساة مروعة.
لقد كان أعمى عن تحقيق الإنجازات، فاستعجل في استخدام تكتيكاته واستراتيجياته، وأدى ذلك إلى التضحية بغالبية الجيش الإمبراطوري.
في المعركة، لم يكن لقتال الجنود الأكفاء مثل ثيو وكيشا أي جدوى.
كان الجميع يعلم أن القائد لودس يرتكب الأخطاء، لكن لم يتمكن أحد من الاعتراض.
لأن الجيش كان يعني طاعة الأوامر العليا دون نقاش.
وفي أحد الأيام، وقعت تلك الحادثة.
ذهبوا إلى الوادي بأمر من لودس.
كانت استراتيجية تهدف إلى سحق مواقع العدو المتمركزة هناك على الفور.
لو سارت الأمور على ما يرام، لتمكنوا من القضاء على الأعداء بضربة واحدة كما أمر لودس، لكن الوادي كان وعرًا ومنحدرًا، وكان هناك خطر كبير بأن تتم محاصرتهم من قبل العدو إذا ساءت الأمور قليلًا.
كانت هذه الفكرة نابعة من رغبة متسرعة في تحقيق إنجاز عسكري.
علم كيشا وثيو بذلك، لكنهما اتجها إلى الوادي برفقة زملائهما الجنود.
في اللحظة التي دخلا فيها الوادي،
“العدو! اقتلوا الجميع!”
ظهر الأعداء من أعلى الوادي، وسرعان ما سُمع دويٌّ هائل.
كُوُغُوغُومْ!
من أعلى الوادي، سقطت صخور ضخمة نحو قواتهم.
لم يكن انهيارًا صخريًا، بل أسقطها الأعداء عمدًا.
“آآآه!”
من كل حدب وصوب، سُمعت صرخات قواتهم.
في عيني ثيو، الذي كان يجازف بحياته لتجنب الصخور، رأى صور زملائه الذين سُحقوا حتى الموت تحت الصخور.
كانت رؤوسهم مهشمة وأرجلهم ملتوية في اتجاهات غريبة.
وكان هناك زملاء ماتوا في حالة مروعة يصعب وصفها.
ارتجفت عينا ثيو بشدة.
لقد كانوا جميعًا رفاقًا تشاركوا المصاعب والأفراح في الجيش الإمبراطوري لمدة ثلاث سنوات.
بالأمس القريب، كان الحديث الذي دار بينهم حول ما سيفعلونه في إجازة المكافأة بعد انتهاء الحرب، حيًا في ذاكرته.
هؤلاء الرفاق ماتوا في لحظة واحدة دون أن يتمكنوا حتى من القتال بشكل صحيح.
لقد كانت ميتة بائسة بكل معنى الكلمة.
وبينما كان ثيو مصدومًا يحدق في جثث رفاقه بذهول،
كُوُغُوغُومْ!
فوق رأسه، سُمع دويٌّ هائل مرة أخرى.
كان عليه أن يتجنب ذلك، لكن جسده لم يتحرك. ظلت صور رفاقه تومض أمام عينيه مرارًا وتكرارًا.
“خطر!”
احتضن كيشا ثيو وألقى بنفسه نحو زاوية الوادي.
وفي أذنيه، وهو بين ذراعي كيشا، سُمعت صرخات قواتهم.
لم يتمكن من النهوض مجددًا، ولم يستطع فعل أي شيء.
صفعة!
“ثيو، افِقْ!”
صفع كيشا خده بقوة.
“سنعود أحياء من هنا. هل تفهم؟”
كان وجه كيشا حازمًا للغاية لدرجة أن ثيو أومأ برأسه لا إراديًا.
بعد ذلك، لم يتذكر كيف تحمل ذلك الوقت.
عندما استعاد وعيه، كان العدو قد انسحب، ولم ينجُ سوى هما الاثنان.
عند عودتهما، لودس، بدلًا من أن يسأل عن سلامتهما، انفجر غضبًا.
“أيها الأغبياء! ألم يحدث هذا لأنكم لم تقاتلوا جيدًا؟! ماذا كنتم تفعلون بينما كان الأعداء يقتلون كل هؤلاء من قواتنا؟!”
عندما خفض ثيو وكيشا رأسيهما بعمق، اقترب منهما لودس وراح يركل سيقانهم بالتناوب.
لم يستطع ثيو تحمل الصدمة فخرّ جالسًا، لكن كيشا صمد حتى النهاية وألقى نظرة باردة على لودس.
“ألن تخفض عينيك؟”
رفع لودس قبضته ليضرب وجه كيشا.
طَقّ!
قبض كيشا على ذراعه بقوة.
“أنت، ماذا تفعل الآن؟ ألا يمكنك أن تترك يدي؟”
أصدر لودس أوامره وهو مرتبك، لكن كيشا، بدلًا من أن يترك ذراعه، لوّاها بقوة أكبر وقال بصوت بارد وواضح:
“من أبادت كل هذا العدد من قواتنا لم يكن العدو.”
عيناه الزرقاوان الداكنتان اللتان كانتا تحدقان في لودس كانتا تلمعان بحدة تقشعر لها الأبدان.
“بل أنت.”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 47"