انشقت الأرض ووقع اهتزازٌ هائل.
“احذروا رؤوسكم جميعًا!”
حذرت إيليا أفراد الوحدة.
كانت الأشجار الشاهقة المنتصبة في الجوار تتساقط بعنف.
كوكوكونغ!
كان الجميع في حالة من الفوضى العارمة وهم يحاولون تجنب الأرض المتشققة والأشجار المتساقطة.
‘هل هذا جزء من تدريب كيشا أيضًا؟’
بالنظر إلى شخصية كيشا، هذا ليس مستحيلاً.
إيقاف الوقت وإحداث الزلازل.
‘هذا المجنون، لقد أعدّ التدريب الأخير على أكمل وجه.’
كان ذلك عندما كانت إيليا تفكر بهذا.
“إيل… ما هذا؟”
أشار لينوكس بوجه شاحب إلى الفجوة في الأرض المتشققة.
تموّجٌ-
بالتزامن مع الزلزال، ومِن خلال الفجوة في الأرض المتشققة، توهج ضوءٌ قرمزيٌّ ضخمٌ كالدماء.
تجمّد وجه إيليا عند رؤية ذلك.
كانت تعرف جيدًا حقيقة ذلك الضوء القرمزي. بل، لم يكن بوسعها أن تنساه أبدًا.
صاحت إيليا على أفراد الوحدة بلهجةٍ مستعجلة:
“تراجعوا جميعًا! لا تقتربوا أبدًا من ذلك الضوء!”
كان ذلك الضوء بوابةً تقذف الوحوش بلا توقف.
قبل شهرين، فُتحت تلك البوابة الدموية في إقطاعية البارون، وبعد ذلك، دُمِّرت بالكامل.
‘لكن، لماذا ظهر ذلك فجأة هنا؟’
في ذلك الوقت، لم تُكتشف أي بوابة في أي مكان آخر باستثناء إقطاعية البارون ترينجن.
لذلك، أبلغ البارون الأراضي الأخرى لطلب المساعدة، ولكن لم يصدقه أحد.
لأن الوحوش الخطيرة كانت تقطن هذه المنطقة الأمامية فقط بعد حرب البشر والشياطين.
‘هل كانت الانهيارات الأرضية والدوامات المفاجئة في البحيرة أعراضًا مبكرة؟’
بينما كانت تفكر في ذلك.
“يا إلهي، هل هذا جزء من تدريب كيشا أيضًا؟”
تمتم يوسار بصوت متوتر، وهزّت إيليا رأسها بقوة.
“لا يمكن ذلك. البشر لا يستطيعون فتح ذلك.”
كان هذا يختلف عن البوابة الاصطناعية التي استخدمها كيشا سابقًا لنقل الوحوش آنيًا لأغراض التدريب.
“علينا إطلاق قذيفة الطوارئ بسرعة لإبلاغ كيشا! استعدوا جميعًا!”
أومأ يوسار وبقية أفراد الوحدة برؤوسهم استجابةً لأمر إيليا.
وبينما كانوا يخرجون قذائف الطوارئ بسرعة ليشعلوها، في تلك اللحظة بالذات،
هويييينغ!!!
اندفعت عاصفةٌ سوداء قوية من البوابة، فسقط أفراد الوحدة إلى الخلف بفعل الرياح العاتية.
دويّ!
سرعان ما برزت قدمُ وحشٍ سوداء وضخمة من فجوة البوابة.
كان وحشًا هائلاً على هيئة شيطان، لم يروا مثله قط من قبل.
‘لم أرَ شيئًا كهذا حتى في إقطاعية البارون!’
شحب وجه إيليا.
كان حال بقية أفراد الوحدة مماثلاً. فقد أصابتهم جميعًا شللاً من الخوف، فلم يستطيعوا التحرك.
كان وحشًا رفيع المستوى لا يمكن هزيمته إلا إذا جاء كيشا أو ثيو.
“التقطوا قذائف الطوارئ بسرعة وأطلقوها!”
عندما أمرت إيليا بلهجة مستعجلة، التقط أفراد الوحدة بسرعة قذائف الطوارئ المتناثرة حولهم وأشعلوا النار فيها.
في اللحظة التي حلقت فيها قذائف الطوارئ المشتعلة الفتائل نحو السماء، لوّح الوحش بذرعه الضخمة بقوة.
تساقطت-
سقطت قذائف الطوارئ التي أصابتها الذراع على الأرض بلا حول ولا قوة.
كانت الفتائل قد احترقت بالفعل، فلم يعد بالإمكان إطلاقها مرة أخرى.
غُلِّفت عيون أفراد الوحدة باليأس.
عندئذٍ، اقترب الوحش منهم بسرعة وسدد لكمة.
“ابتعدوا بسرعة!”
“آه! آه! آه!”
صاحت إيليا، وهرب أفراد الوحدة وهم يبكون بحرقة وبكل ما أوتوا من قوة.
ضربت قبضة الوحش بقوة الأرض التي كانوا يقفون عليها قبل لحظات.
كواكواكانغ!
تكونت حفرةٌ مروعة في الأرض وكأن قنبلةً ضخمة قد انفجرت.
لو لم يهربوا، لتحطمت أجسادهم إربًا إربًا.
لهث يوسار، وهو يتذمر بوجهٍ مذهولٍ من الصدمة:
“يا له من حظٍ سيئ، أن يتوقف الزمن في مثل هذا الموقف بالذات. بفضل كيشا، سنلقى حتفنا جميعًا هنا.”
بصراحة، حتى لو لم يكن الزمن متوقفًا، كان من المستحيل الصمود أمام شيء كهذا لأكثر من نصف يوم.
فقد أفراد الوحدة إرادة القتال تمامًا وكانوا في حالة ذهول.
حتى آكسيون، الذي لم يُظهر أي تقلبات عاطفية في العادة، كان مرتبكًا ومتوترًا بسبب الوحش الرفيع المستوى الذي يراه للمرة الأولى.
إيليا أيضًا، على الرغم من أن هذا الموقف كان مخيفًا ويائسًا للغاية بالنسبة لها، إلا أنها عضت على أسنانها.
فالجلوس في ذهول من الخوف لن يؤدي إلا إلى تسريع الموت.
كان عليها أن تقود أفراد الوحدة بأمان مهما حدث.
تلك كانت مهمة قائد الوحدة.
“اهدأوا جميعًا! كيشا وثيو سيأتيان إلى هنا بالتأكيد!”
“لكن…”
“نحن قوات مكافحة الشياطين، أليس كذلك؟ إذا تكاتفنا معًا، يمكننا النجاة بالتأكيد!”
اكتسب أفراد الوحدة الشجاعة شيئًا فشيئًا من كلمات إيليا الهادئة.
نظرت إيليا إلى الخلف.
كانت هناك أشجار كثيفة لم تسقط بعد.
أصدرت إيليا أمرًا:
“اهربوا جميعًا نحو الشجيرات!”
بناءً على أمر إيليا، هرع أفراد الوحدة جميعًا نحو الشجيرات.
لم يتمكن الوحش الضخم من التقدم بشكل صحيح، حيث أعاقته الأشجار الكثيفة.
كوجوكونغ! باجيجيك!
بدأ الوحش يلوّح بقبضته، ويسحق الأشجار بلا رحمة، فنادت إيليا يوسار بسرعة.
“يوسار، هل أحضرت جيب الأبعاد معك؟”
أومأ برأسه.
“بالتأكيد. هل تعتقدي أنني سأحاول وضع ذاك الشيء في جيب الأبعاد؟ هذا مستحيل.”
أجاب بحزم.
“حتى لو تمكنا من إدخاله بطريقة أو بأخرى، إذا كان بهذه القوة، فسوف يمزق الجيب ويخرج.”
“ليس هذا ما أفكر به. ماذا يوجد في جيبك الآن؟”
فأجاب:
“بضع قنابل متبقية، حصص طوارئ، وبعض الأدوية الأساسية، هذا كل شيء.”
“وماذا عن الصخرة الضخمة التي وضعتها أنا في المرة الأخيرة أثناء الانهيار الأرضي؟”
“صحيح، تلك موجودة أيضًا. هل تفكري باستخدام تلك الصخرة؟”
اتسعت عينا يوسار، وأومأت إيليا برأسها.
“سوف نهاجم بإسقاط الصخرة من أعلى تلك الشجرة.”
أشارت إيليا إلى أطول شجرة بين الأشجار.
كانت شجرة أطول من الوحش.
“إذا أسقطنا صخرة بهذا الحجم، يمكننا إعاقة مسار حركته وكسب بعض الوقت قبل أن يقترب منا. وإذا حالفنا الحظ، قد يصيبه إصابات طفيفة.”
عند شرحها، نظر يوسار إلى الشجرة وفتح فمه.
“إنها فكرة جيدة، لكن تسلق تلك القمة سيستغرق وقتًا طويلاً. وعلينا أن نصل قبل أن يحطمها ذاك الوحش، أليس كذلك؟”
وأضاف بصوت قلق:
“علاوة على ذلك، إخراج تلك الصخرة الكبيرة والثقيلة دون عناء يمثل مشكلة أيضًا. هذا يفوق قدرتنا.”
عندئذٍ، صرخ أفراد الوحدة بصوت مذعور:
“نائب القائد إيل! إنه يقترب أكثر فأكثر!”
كان الوحش قد تقدم بالفعل، محطمًا الأشجار، حتى أصبح على بعد خطوات منهم.
“أنا سأفعل ذلك.”
في تلك اللحظة، سُمع صوت من خلف إيليا.
عندما استدارت، رأت آكسيون يقف هناك.
“لقد تسلقت الأشجار عددًا لا يحصى من المرات منذ طفولتي، لذا أنا واثق.”
إذا كان آكسيون، الذي يمتلك أفضل القدرات البدنية في هذه الوحدة، فقد يكون قادرًا على تسلق الشجرة قبل وصول الوحش.
‘علاوة على ذلك، إذا كان هو، فقد يتمكن من إخراج تلك الصخرة الضخمة ومهاجمتها.’
لأن قوته هائلة بشكل لا يصدق.
“حسنًا، جيد. أرجوك افعل ذلك.”
أومأت إيليا برأسها ثم سلمت جيب الأبعاد إليه.
ما إن تسلم آكسيون الجيب حتى تسلق الشجرة.
كانت مهارته مذهلة، أشبه بمهارة القردة.
لم يمضِ وقت طويل حتى كاد أن يصل إلى قمة الشجرة.
“هل تدرب ذاك الفتى على مثل هذه الأمور منذ صغره؟”
كان يوسار يتمتم بذلك.
كواكواكانغ!
تحطمت شجرة قريبة منهم محدثةً دويًا هائلاً، وظهر الوحش.
نظرت إيليا بوجه متوتر إلى أعلى الشجرة.
وصل آكسيون إلى قمة الشجرة، ووضع يده في الجيب.
أخرج صخرة ضخمة من الجيب ورفعها بكلتا ذراعيه.
ارتجف جسده بسبب وزن الصخرة.
رمى الصخرة بكل قوته نحو الوحش.
كوانغ!
أصابت الصخرة كتف الوحش مباشرةً، وتأرجح جسده بعنف.
“هذا هو!”
صرخت إيليا بصوت مبتهج.
غوووووو!
أطلق الوحش عواءً مؤلمًا واقترب من الشجرة التي كان عليها آكسيون.
كان آكسيون ينزل بسرعة من الشجرة.
لوّح الوحش المصاب بقبضته نحوه.
“خطر!”
لف ساقيه حول جذع الشجرة، ثم أخرج سيفه الذي كان بحوزته عند خصره بسرعة ولوّح به.
تشينغ! تشينغ!
اصطدمت قبضة الوحش والسيف الذي لوّح به آكسيون، محدثين صوتًا صاخبًا.
كانت سرعته فائقة لدرجة أن السيف لم يكن يُرى بوضوح.
“إنه بالفعل شخص مذهل…”
كان يوسار يتمتم بذلك وهو ينظر إلى آكسيون.
“ذاك الوحش أصيب في ذراعه أيضًا، إذا سارت الأمور على ما يرام، قد نتمكن حقًا من الصمود حتى يأتي كيشا.”
“لا ترخِ حذرك. من المبكر جدًا أن نشعر بالأمان.”
قاطعته إيليا بحدة.
غووووو!
رفع الوحش رأسه نحو السماء وأطلق صرخة مدوية.
كييييييك!
غوووووو!
وكأنها تستجيب من داخل البوابة القرمزية، انبعثت صرخات أخرى.
وفي نفس الوقت، اندفعت وحوش ضخمة تباعًا من البوابة.
التعليقات لهذا الفصل " 41"