لم يجب آكسيون على إلحاح لافينيا.

كان لا يزال يحدق في وثيقة الموافقة على التبني.

بعد لحظات، أخذ نفسًا عميقًا وكأنه اتخذ قرارًا، ثم استدار نحو لافينيا.

“أعطني قلمًا.”

نظرت لافينيا بعينين مهتمتين إلى عينيه الزرقاوين الحازمتين اللتين تحدقان بها.

“سيدي الدوق روبيلت، هل تدرك ماذا يعني هذا؟”

“أدرك. أرجوكِ أعطني إياه.”

بعد التأكد مرة أخرى، مدت لافينيا القلم.

دون تردد، كتب آكسيون اسم إيليا ووقّع. أنهى التوقيع ووضع الورقة في المغلف وسلمه بسرعة إلى لافينيا.

“أرجوكِ قدميه للمحكمة على الفور.”

“يا له من سرعة.”

لم يرد آكسيون على كلامها. بدا وكأنه يجب أن ينهي الأمر بسرعة حتى لا يبقى أي أثر للتعلق به.

“ألن تندم حقًا؟”

سألت لافينيا بصوت خفي، وأومأ آكسيون برأسه بنفس النظرة الحازمة.

“إذا كان هذا هو السبيل الوحيد لحمايتها، فلن أهتم بما سيحدث لي.”

“لن تهتم، آكسيون…”

تمتمت لافينيا متبعةً كلامه ثم ابتسمت.

“هل هذا هو جوابك؟ حسنًا.”

بدلاً من تسليم المغلف الذي استلمته إلى أحد الخدم، قبضت لافينيا عليه بكلتا يديها وشدّته بقوة.

*خشخشة-*

عندما مزقت المغلف، اتسعت عينا آكسيون. أمسك معصم لافينيا بسرعة وصرخ:

“ماذا تفعلين الآن!”

عندئذٍ، أجابت لافينيا بوجه واثق:

“لأنني لم أعد بحاجة لهذا. في الواقع، يمكنني إنقاذ إيليا حتى بدون هذا الأسلوب.”

اهتزت عينا آكسيون. أدرك أن تعابير لافينيا، التي كانت حادة طوال الوقت، قد ارتخت.

أضافت بصوت ناعم:

“بل أعتقد أنني أنقذتها بالفعل. انظر إلى هناك.”

“…؟”

أشارت لافينيا برأسها نحو مبنى القصر خلف ظهره.

استدار آكسيون نحو الاتجاه الذي أشارت إليه. اتسعت عيناه عندما رأى مدخل مبنى القصر المتصل بالحديقة.

“…!”

كان يوسار وإيليا يقفان هناك.

“مـ… ما الذي يحدث هنا بحق الجحيم…”

خرج صوته المرتعش دون وعي منه.

لقد انتظر وهو يحمل تعابير وجه مرتبكة، منتظرًا تفسير لافينيا.

بدلاً من أن تفتح فمها، ابتسمت بهدوء.

❀ ✱ ✱ ❀ ✱ ✱ ❀ ✱ ✱ ❀

قبل مغادرة إقطاعية ترينغن، ذهب يوسار ليبحث عن لافينيا.

كان قد سمع للتو من ثيو أن إيليا قد كُشف أمرها، وأن لافينيا غادرت على عجل إلى العاصمة.

“يا آنسة.”

“سيد هاديارد، ما الأمر؟”

مدّ يوسار الحلوى التي أعطتها إياه لافينيا.

“إذا لم تمانعي، تفضلي بتناول هذه.”

على الرغم من أن يوسار كان يعرف بالفعل أن إيليا فتاة، إلا أنه أدرك أن لافينيا، التي كانت تحب إرهان (أي إيليا) بصدق وهي تظن أنه ذكر، لا بد أنها صُدمت بشدة.

لذلك، كان يتفهم سبب عودتها المفاجئة إلى العاصمة الآن.

“أشكركِ على لطفك، لكنني بخير.”

رفضت لافينيا بابتسامة، ثم أضافت:

“وبصراحة، أنا سعيدة لأن الأمر انتهى على هذا النحو.”

“نعم؟”

عندما سأل يوسار عن رد فعلها غير المتوقع، واصلت لافينيا حديثها:

“كنت مكتئبة في السابق، ظننت أن إرهان كان يرفضني لأنه يكرهني. لكن بما أن الأمر ليس كذلك، فهذا جيد.”

‘لهذا السبب كانت تبدو كئيبة طوال ذلك الوقت.’

تذكر يوسار سلة الحلوى الفارغة عندما زار لافينيا قبل المعركة، واستمع إلى كلامها.

“بصراحة، شعرتُ أن الأمر غريب بعض الشيء. كان التفاهم بيننا جيدًا بشكل غير طبيعي… والآن بعد أن انكشف الأمر، أصبح الأمر منطقيًا.”

“كان الأمر كذلك إذن.”

“يوسار، هل تعلم؟ إرهان، أو بالأحرى إيليا، كانت أفضل صديقة لي على الإطلاق.”

كانت تعابير لافينيا ناعمة للغاية وهي تتحدث عن إيليا.

“بل وأعتقد أن هذا أفضل. يمكننا أن نبقى أصدقاء مدى الحياة، أليس كذلك؟”

أدرك يوسار أن مشاعر لافينيا تجاه إيليا كانت صادقة.

نظرت لافينيا إليه وسألته:

“على أي حال، يوسار، أنت كنت تعرف بالفعل، أليس كذلك؟”

“كيف عرفتِ…؟”

عندما سأل يوسار، أجابت لافينيا:

“مهما كانت دقيقة وذكية، لم يكن بإمكانها إخفاء الأمر بهذه المثالية دون وجود مساعد. ويجب أن يكون هذا المساعد شخصًا يفكر كثيرًا، وليس مجرد إنسان عادي.”

تلألأت عينا لافينيا.

“وإذا لم تكن قلقًا على إيليا، لما كنت لتأتي لتراني الآن، أليس كذلك؟ لو أنك اكتشفت حقيقتها للتو، لكنت تقف مذهولًا مثل الآخرين بدلًا من أن تأتي مسرعًا إليّ.”

لقد أصابت الهدف مباشرة.

أعرب يوسار عن إعجابه بذكاء لافينيا واعترف:

“هذا صحيح. لكن يا آنسة، لماذا تريدين المغادرة بهذه العجلة دون أن تري إيليا حتى؟”

عندئذٍ، أجابت لافينيا:

“هل تسألني وأنت لا تعرف؟ يجب أن ننقذ إيليا. وللقيام بذلك، نحن الآن في ضيق من الوقت.”

بناءً على كلامها، تابع يوسار:

“لقد سمعت أن القائد العام والدوق الأكبر يبذلان جهودًا بالفعل. وأعضاء الوحدة سيكتبون أيضًا عريضة.”

“هذا لا يكفي.”

قاطعت لافينيا بحزم.

“حتى لو بذل والدي جهدًا، فسيتم تخفيف العقوبة، لكن سيتم مصادرة اللقب والإقطاعية. لا يمكن إنكار خرق القانون. علاوة على ذلك، الشيء الوحيد الذي أرادت إيليا أن تنقذه حتى بخرق القانون هو إقطاعيتها الخاصة، أليس كذلك؟ إذن، ما فائدة كل هذا؟”

“هذا صحيح، لكن… ماذا يجب أن نفعل إذن؟”

نظر يوسار إلى لافينيا بعينين يائستين.

حتى هو، الذي كان يفتخر بذكائه الفائق على الآخرين، لم يكن يرى حلاً في هذا الموقف.

“يا سيد هاديارد، هناك طريقة. إنها بسيطة.”

واصلت لافينيا كلامها بصوت حازم.

“علينا أن نجعل إيليا بريئة.”

اعترض يوسار على الفور:

“يا آنسة، ما الذي تتحدثين عنه؟ لقد قالت الآنسة بنفسها إن هذا مستحيل حتى بالنسبة لدوق المقاطعة. ما لم نغير القانون نفسه…”

“هذا بالضبط هو الأمر.”

اتسعت عينا يوسار.

ابتسمت لافينيا:

“علينا فقط أن نغير القانون.”

لم يستطع يوسار أن ينطق بكلمة، وقد أصيب بالذهول.

‘ما هذا الهراء الذي تقوله؟’

كان أسلوبها وكأنها تقول: ‘إذا كان الفستان الذي اشتريته خاطئًا، يمكنني ببساطة استبداله.’

لو كانت هذه الكلمات قد صدرت عن سيدة نبيلة أخرى لا تعرف شيئًا عن العالم، لكان قد سخر منها لقلة معرفتها بالأمور.

لكن لافينيا كانت ذكية بشكل استثنائي.

‘من المؤكد أنها لم تطلق هذا الكلام دون تفكير.’

اعتقد يوسار أنه من الأفضل أن يستمع أولاً، وبدلًا من الاعتراض، ركز نظره عليها.

“تفضلي بالشرح.”

أومأت لافينيا برأسها استجابةً لرد فعله وشرحت:

“عندما نفكر في الأمر، إنها مشكلة بسيطة جدًا. الجزء الذي انتهكت فيه إيليا القانون واضح. الشخص المؤهل للتجنيد كان وريث العائلة، لكن إيليا، التي ليست الوريثة، هي التي انضمت، أليس كذلك؟”

“صحيح.”

“إذًا، ماذا لو أصبحت إيليا وريثة عائلة ترينغن؟ عندها لن تكون إيليا قد خرقت القانون.”

“مستحيل…”

أومأت لافينيا برأسها على كلام يوسار.

“صحيح. سأغير قانون وراثة الإمبراطورية. لكي تتمكن النساء أيضًا من أن يصبحن وريثات.”

فوجئ يوسار بهذا الكلام.

“قد يواجه هذا معارضة شديدة من النبلاء. هل تخططين لإجبار الأمر بقوة عائلة الدوق؟”

“لا، ليس لدي نية للقيام بذلك.”

هزت لافينيا رأسها.

“إذا استخدمت القوة لتغيير الأمر بالقوة دفعة واحدة، فمن المؤكد أن الأقوال السيئة ستظهر وسأكتسب أعداء. بالإضافة إلى ذلك، أنا لا أؤمن بأن قوة عائلتنا ستبقى أبدية كما هي الآن. إذا اهتزت عائلتنا ولو قليلًا، فقد يُستخدم هذا الأمر كنقطة ضعف ضدنا لاحقًا.”

كان هذا تقييمًا واقعيًا.

فالقوة، عند إساءة استخدامها، تعود دائمًا بعواقب.

“سأذهب ببطء. سأقدم حججًا يمكن أن تقنع النبلاء.”

“كيف تخططين لذلك؟”

واصلت لافينيا كلامها بهدوء.

“لن أبدأ بـ ‘يجب السماح للنساء بالوراثة بشكل مطلق’، بل سأبدأ باتجاه ‘يجب الاعتراف بذلك في الحالات التي يكون فيها انقطاع الخلافة أمرًا حتميًا’.”

تلألأت عيناها الذهبيتان.

“مثل وضعي كابنة وحيدة، أو عندما يُحكم بأن الوريثة، مثل إيليا، غير قادرة على تولي المسؤولية.”