“هل نِمتِ جيدًا؟”
‘حين يُقال إنّ الفتاة ستتزوّج… فذاك يعني أن أميرًا وسيمًا كتمثال يُلقي عليها تحية الصباح. وأنّ على المائدة، لن يُوضع بعد اليوم باغيت قاسٍ، بل شورت كيكٍ ناعم.’
كلمات لارا خطرت ببال أنجلينا فجأة مع تحية أليكسي الهادئة.
لارا، لقد كنتِ مخطئة.
إنه مجرد باغيتٍ قاسٍ لا أكثر.
فكّرت أنجلينا بذلك وهي تنظر إلى وجهه اليابس الذي يكاد يتشقق من الجمود.
“أجل. إلى أين تذهب؟”
“إلى السطح.”
ترك خلفه تلك الإجابة القصيرة ومضى في طريقه.
زوجٌ لا يُتقن حتى تحية الصباح، فكيف يُنتظر منه أن يشرح الأسباب بلطافة؟
آثرت أنجلينا أن تتبعه بصمت، بدلاً من أن تستوقفه بالأسئلة.
توقف الرجلان على ظهر السفينة أمام القبطان.
“اسمح لي أن أحيّيك رسميًا من جديد. شكرًا لإنقاذنا.”
“آه، أنتما من البارحة، أليس كذلك؟ هل نِمتما براحة؟”
“نعم، بفضلك.”
“لكن…”
استدار القبطان بكامل جسده.
“كيف انتهى بكم المطاف على تلك السفينة؟”
نبرته اكتست بجدّية حقيقية. أنجلينا تلبّكت حين التقت عيناهما.
“نحن…”
“نُبحر لأول مرة، لنقل ذلك. كان لنا قريبٌ بعيد يعمل قبطانًا، وقد ورّثنا تلك السفينة بعد وفاته. بدافع الفضول، دعونا بعض الأصدقاء وأبحرنا… لكننا وقعنا في عاصفة واندفعنا إلى عرض البحر.”
فرانتس قاطعها وأكمل الحكاية.
“تصرفٌ طائش، لا شك.”
“ونحن نندم عليه، بالفعل.”
قالها فرانتس وهو يمرر يده على رأسه بلا مبالاة.
“لكن بما أننا وصلنا إلى هذا الحد، رغبنا في استكمال الرحلة. إلى أين تتجه هذه السفينة؟”
“إلى توردي.”
“إلى أين؟!”
“القارّة التوردية هي وجهتنا الأخيرة. ومن أين أتيتما؟”
“…نحن من مملكة ريو.”
استفاق أليكسي من شروده ليجيب.
لو بدا عليه الذهول، لشكّ القبطان.
لا بد أنه يعلم أن لا تواصل ولا تبادل ولا حتى تلامس أرضي بين مملكتي توردي ولاتريا. ذلك خطٌ أحمر غير معلن.
هذه المرة، القبطان هو من اتسعت عيناه.
“من ريو؟!”
“كان هدفنا الوصول إلى فيرغن، لكن العاصفة أفقدتنا وجهتنا.”
“لقد قطعتم مسافة بعيدة، إذًا. هذا خطأ شائع بين البحّارة المبتدئين.”
“كم بقي حتى نصل إلى قارة توردي؟”
ضحك القبطان وأشار إلى الأفق. هناك… كانت اليابسة التي تمنّوها بشوق.
“أقل من ساعة، بالكاد.”
“…يبدو أنها ستكون رحلة مميزة.”
“متى تغادر هذه السفينة من جديد؟”
“بعد خمسة أيام.”
“وإلى أين تتجه؟”
“إلى هالند، مرورًا بمملكة ريو، ثم إلى فيرغن.”
خمسة أيام… يمكننا أن نختبئ، ثم نصعد على ظهر السفينة مجددًا.
“بما أنك تزور القارّة للمرة الأولى، يجب أن أخبرك. لا يمكنك الإبحار من دون تصريح عبور من مكتب شؤون الأجانب. الإمبراطورية صارمة للغاية في هذا الأمر. ولا أظنك تجهل السبب.”
لرصد كل من ينتمي إلى لاترِيا.
كلّ من كُشف أمره من اللاتريّين كان يُقتل بوحشية.
ومن يومها، أصبحت الأرض التوردية أرض الجحيم التي لا يرغب أي لاتري في أن يُدفن فيها، ناهيك عن أن يطأها حيًا.
أومأ أليكسي بابتسامة باهتة.
“أتذكّر ذلك.”
لمّا رأى القبطان قطعة الفضة التي دُفعت له، اتسعت عيناه للحظة، ثم انفرجت شفتاه بابتسامة واسعة.
“إذن استمتعوا بما تبقّى من البحر.”
وحين رحل القبطان، وقف أليكسي مكانه يحدّق في الأرض التي تقترب أكثر فأكثر…
الأرض التي أمرضت والده.
الأرض التي قتلت المركيز آغاث.
الأرض التي إن انكشفوا فيها، سالت دماؤهم.
وكل هذا… لم يكن أسوأ الاحتمالات أصلًا.
تنهد أليكسي بعمق والتفت إلى شريكته الوحيدة… أنجلينا، وكأنها سمعت صوته الداخلي، اقتربت منه وسألته:
“الوجهة اللي سنذهب إليها الآن.. إمبراطورية توردي؟”
“أجل.”
“ماذا سنفعل هناك؟”
حتى أنجلينا كانت قد سمعت شائعات عن الإمبراطور لاول غارسيا.
شائعات سوداء، مخيفة، كأنها كابوس.
جثّة المركيز آغاث التي حاول الجنود حمايتها حتى النهاية… كانت دليلاً كافيًا.
“يجب ألّا يعرف أحدٌ من نكون.”
“هل تظن أن بإمكاننا الرجوع؟”
“سنعود… مهما كلّف الأمر.”
وكانت اليابسة تقترب شيئًا فشيئًا من خلفه.
عَلَم الإمبراطورية التوردية يخفق عاليًا في السماء.
حين كان يدعو في قلبه: دعني فقط أتجاوز هذه العقبة، لم يكن يتخيّل أبدًا أن القادم سيكون بهذا القدر من الرعب.
“يبدو أننا في شهر عسل… طويل جدًا.”
تمتمت أنجلينا، فأطبق أليكسي على الحاجز المعدني بقوة.
“كيف حال جلالته؟”
أمسكت الإمبراطورة فاليري بالطبيب الخاص وهي تودّعه بعد انتهاء الفحص.
زوجها، الذي ظلّ طوال الليل يتلوّى تحت الحمى، بدا وكأنه شخص آخر تمامًا عن صباح البارحة.
لقد تجاوز محنًا عدّة خلال الأشهر الماضية، وفي كل مرّة، واجهت الإمبراطورة الأمور بثبات.
لكن هذه المرة… قلبها ينذرها بأن الأمور ليست بخير.
هل لأن أليكسي ليس هنا؟
كتمت تنهيدة ثقيلة.
لا يجب أن تُظهر للطبيب قلقها.
شدّت ظهرها، مستعيدة وقارها المعتاد، وقالت:
“الحرارة مستمرّة، أليس كذلك؟”
“نعم، لم نصل بعد إلى مرحلة الاطمئنان. بل من الممكن أن تعود الحُمّى عند حلول الليل.”
“فترات ظهورها أصبحت أقصر من أول مرّة، وهذا لا يُطمئنني.”
“دلالة على أنّ جسده يزداد وهنًا، على الأرجح.”
“ولا علاج فعّال؟”
هزّ الطبيب رأسه بأسى.
نفس المحادثة، مرارًا وتكرارًا.
“لو كنّا فقط نعرف السبب… أنا آسف لقصوري.”
“أعرف كم اجتهدت.”
“أعذريني، يا مولاتي.”
ثم انحنى بانضباط وانصرف.
عادت الإمبراطورة إلى غرفة النوم، وجلست أمام فراش زوجها.
طوال تلك المدة، كانت تستجلب أشهر الأطباء من أنحاء العالم، تفتّش في أندر الكتب الطبية… دون جدوى.
“هذا ليس مرض الجسد… بل مرض الروح.”
همست وهي تنظر إلى وجه الإمبراطور الباهت.
كل شيء بدأ منذ عامٍ مضى، يوم قُتل أعز أصدقائه، المركيز أنطوني آغاث، في ساحة المعركة.
السنوات الطويلة من الحرب استنزفت البلاد، أضعفت قوتها، وأفقدت ممالكها هيبتها.
وعندما تغيّرت نبرة الدول المجاورة، وافق الإمبراطور لاول غارسيا أخيرًا على الهدنة.
لكن… الحرب قد تعود في أي لحظة.
لا أحد ينسى أن راول هو من مزّق اتفاق السلام الذي أبرمه والدها ذات يوم.
اسمه ارتبط بالوحشية والنزق… وكان يُروى عنه الكثير حتى خلف الحدود.
الحزن على صديقٍ فقده، مع ما تراكم من تعب، والمسؤوليات الثقيلة المقبلة… كانت كفيلة بإسقاط الإمبراطور رايموند برنر.
ربما، كان يرقد طريحًا ليأخذ قسطًا من الراحة، ثم يقوم ثانية حين يُدرك أن الوقت لم يحن بعد.
“لقد صمدت كثيرًا… اصمد قليلًا بعد.”
حين يعود أليكسي من رحلته…
حين يصعد ابنه، بعيني حاكمٍ فخور، وزوجة تليق به كوليّة للعهد… عندها، فقط، شعرت الإمبراطورة بالسكينة.
قريبًا… ستستطيع أن تستريح.
أمسكت بيده وابتسمت بحنان.
لكن فجأة، قاطعها صوت خطواتٍ مضطربة.
التفتت. كان أحد الخدم يدخل راكضًا، وجهه شاحب كالموت.
شعورٌ مرعب، كاد يخبو، رفع رأسه من جديد داخل قلبها.
“ما الذي يحدث؟ ما هذا الهرج؟”
“الـ… الأمر هو…”
كان يلهث، بالكاد يلتقط أنفاسه.
نهضت الإمبراطورة من مكانها.
اقترب منها الخادم وقال بصوت مختنق:
“لقد تم… اختطاف سمو وليّ العهد.”
“ماذا؟! اختطاف؟!”
“أثناء مراسم الزفاف، تعرّضت السفينة لهجومٍ من القراصنة… وقد اختُطف مع زوجته. هناك جنديّ واحدٌ نجا من الموت، وهو الآن في قاعة الاجتماع مع الوزراء.”
كيف يمكن أن يحدث هذا؟!
نظرت إلى الفراش.
تقدّمت خطوة، ثم تمايلت.
أسرع الخادم ليُسندها، لكنها رفعت يدها، مانعة إياه.
استعادت وقارها، شبكت كفيها، وسارت نحو قاعة الاجتماع.
رغم أنها لم تفقد هدوءها الظاهري، إلا أنّ بريقًا مقلقًا لمع في عينيها.
تم إرسال فرق البحث إلى البحر.
مرّت الأيام، ولم تأتِ لا أنباء سارّة… ولا أنباء سيئة.
وكأنّ شيئًا لم يحدث.
لكن كل يومٍ كان ثقيلًا… يشبه الانتظار على جمرٍ لا ينطفئ.
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 19"
متحمسين للبارت الجاي😍😍😍
متى تنزل الفصول الثانية؟؟؟
متحممسةةةة مررررة✨✨
واااصلي يااا مترجمتنا الرائعة 👑