“أنتَ مَن دفع ابنة الماركيز من فوق الجرف في النهاية. والآن تقول إنكَ تبحث عنها؟ لا بد أن الماركيز وابنته ينظران من السماء في ذهول.”
لم يتمكن كايلانس من نطق كلمة واحدة، كما لو أن لسانه قد تمّ قطعه.
كان كل ما قاله الإمبراطور صحيحًا، الجذور التي أراد كايلانس بشدة إنكارها، لكنه لم يعد يقوى على تجاهلها.
تحدّث الإمبراطور ببرود، ممّا أجبر كايلانس على مواجهة الحقيقة التي أراد إنكارها أكثر من أي شيء آخر.
“لذلك، ليس لديكَ الحق في البحث عن السيدة بلانتيه.”
“ها….”
تنهّد مؤلم خرج من شفتي كايلانس الجافة.
نظر الإمبراطور إلى كايلانس وهو ينهار على الأرض، وعيناه مليئة بالألم، قبل أن يُسدّد ضربته النهائية.
“عند الفجر، انسحب من البحث ثم اتّجه شمالاً. لا تعد حتى أستدعيكَ إلى العاصمة.”
مع ذلك، أدار الإمبراطور ظهره لكايلانس، مُنهياً المحادثة.
بعد أن غادر الإمبراطور الخيمة، انهار كايلانس أخيراً بشكل كامل.
“آرغ!”
انفجرت شهقاته التي كان يكتمها بلا سيطرة. ارتطم رأس كايلانس بالأرض، وصرخ كوحش جريح.
ولكن لن يتغيّر شيء… كما قال الإمبراطور وسيد برج السحر، كان كل هذا من صنع كايلانس. لم يكن له الحق.
[لن تعود السيدة آرييل بلانتيه أبدًا.]
“آه… آرييل… أنا… كنتُ مخطئًا… أنا آسف جداً…”
ملأت شهقاته الحزينة الخيمة. وهكذا، حتى الفجر، صرخ كايلانس مثل الوحش مُستهلَكًا بالندم واليأس الذي لا يُطاق.
لكن الوقت مرَّ، كما يحدث دائمًا، وبدأت الشمس تشرق فوق شاطئ كاسكيد.
نهض كايلانس من الأرض. خرج من الخيمة، أعمى ضوء الشمس الصباحي الساطع بصره مؤقتًا، كما لو كان يحثّه على الاستيقاظ من هذا الحلم.
“صاحب السمو…”
کسر صوت ديريل الثقيل الصمت.
بصوت أجش من البكاء، تحدّث كايلانس.
“أوقفوا البحث… عن السيدة بلانتيه.”
في اليوم الثالث عشر منذ اختفاء آرييل بلانتيه، انتهى البحث الكبير.
وعندما أشرقت الشمس في اليوم الثالث عشر….. كان آستر يأمل أن تستيقظ بسلام، وعلى الرغم من أنها استعادت وعيها قبل المتوقع، إلّا أن تعبيره كان بعيدًا كل البعد عن البهجة.
لم يندم آستر على تحويل آرييل بلانتيه إلى لارييت. ولكنه لم يستطع أن يفرح بحياتها كلارييت. كانت لارييت الحقيقية مُلقاة أمامه، وكأنها بلا حياة. كان الشعور البسيط بالارتياح هو العاطفة الوحيدة التي استطاع آستر حشدها للحياة الجديدة التي ستعيشها الشابة الآن.
“لو أنكِ استيقظتِ قريبًا… كم سيكون من الرائع أن نرى لارييت الحقيقية تستيقظ.”
نظر آستر إلى وجه فايلين النائمة بتعبير مرير.
ثم، عندما أصبح صمته أطول، ناداه ثيودن مرة أخرى من خلال قرط الاتصال.
“سيدي…”
“سأكون هناك قريبًا.”
رد آستر بإيجاز وأنهى الحديث. نهض من مكانه على حافة السرير وبدأ روتينه المعتاد.
كما هو الحال دائمًا، وضع آستر يده بلطف على جبين فايلين.
“أتمنى أن تحلمي فقط بأحلام جيدة.”
وبعد أن انتهى من التعويذة، استعاد آستر تعبيره الخافت وغادر الغرفة عائداً إلى غرفته، حيث تقيم الآن لارييت.
“هل أنتِ بخير؟ هل يؤلمكِ شيء؟”
أومأت لارييت ببطء.
“أين أنا…؟”
بطانية غريبة، صوت غريب، ووجه غريب. كل شيء كان يبدو غريبًا… لم يكن هناك شيء مألوف في الأفق.
“لماذا أنا هنا؟ لا أعرف حتى. آخر شيء تذكرتهُ هو….. كنتُ…”
وبينما كانت لارييت تتكئ على رأس السرير، مدعومة بثيودن، امتلأت أذنيها برنين حاد، مصحوبًا بصداع مفاجئ وشديد.
“سيدتي، هل يؤلمكِ رأسكِ؟”
شعرت وكأن صاعقة من البرق ضربت رأسها، حادة وحارقة، ولكن لحسن الحظ لم تستمر سوى لحظة. وكما جاء فجأة، اختفى الألم دون أن يترك أثرًا، وكأنه لم يكن هناك أبدًا. وفي الوقت نفسه عادت ذكرياتها الأخيرة إلى ذهنها.
شهقت لارييت، وأخذت نفسًا حادًا، وكانت الصدمة مكتوبة في كل مكان على وجهها. حرکت رأسها نحو ثيودن.
“أمي وأبي، أين هما؟ وقع حادث عربة مروع… كانا ينزفان بغزارة….”
نعم آخر ذكرياتها كانت عن ذلك الحادث المروع. أثناء نزهة مع والديها، تعرّضت عربتهم لكمين من قطاع الطرق، وسقطت من جرف جبلي.
متشبّثةً بصورة والديها التي رأتها قبل أن تفقد وعيها، أمسكت لارييت بذراع ثيودن.
“أريد رؤية والديّ أريد أن أعرف إن كانا بخير….”
وبعد ذلك كان هناك جواب.
“سيدتي، يؤسفني جدًا أن أخبركِ بعد وقت قصير من استيقاظكِ…. لكن والديكِ لم ينجيا من حادث العربة.”
لم تأتي الكلمات من ثيودن.
حوّلت لارييت رأسها نحو الصوت الذي كان مألوفًا بشكل غريب. كان رجل ذو شعر ذهبي يقف عند قدم سريرها. لم تلاحظ وصوله، ولكن بمجرد أن رأته، أدركت…. لقد عرفتهُ.
بالطبع تعرّفت عليه، كيف لا؟ كان سيد برج السحر، رئيس برج السحر في القارة، وأميرًا من وطنها، مملكة ماجيكوس.
فكرت لارييت: “لماذا هو هنا…؟”
رغم ارتباكها تجاهلت لارييت الفكرة بسرعة. لم يكن وجود رئيس برج السحر هو المهم الآن.
“هل قلت أن والديّ ماتا؟”
خفض سيد برج السحر عينيه وأجاب بصوت ثقيل.
“نعم. للأسف، الناجية الوحيدة من حادث العربة ذلك اليوم… كنتِ أنتِ، سيدة لارييت.”
“آه…”
تنهدت لاريت وأطلقت ذراع ثيودن.
لقد رحل والداها. لقد كان الخبر صادمًا، لكن ما أذهلها هو أنها لم تشعر بالدمار كما كانت تعتقد. لقد مات والداها، ولكن الغريب أن لارييت وجدت نفسها تتقبّل الحقيقة بهدوء غير عادي.
فكرت لارييت: “هل فقدتُ عقلي بسبب الحادث؟ أو… هل هذا مجرد حلم؟”
لكن كل ما شعرَت به كان واضحًا جدًا لدرجة أنه لا يمكن اعتباره حلمًا. لم يكن حلمًا، بل حقيقة.
فكرت لارييت: “لقد رحل والداي. ولكن لماذا لا أستطيع البكاء؟”
وبينما كانت لارييت تعبس بسبب المشاعر الغريبة التي تدور في داخلها اخترق صوت سيد برج السحر أفكارها.
“كنتُ خائفًا من أن تصابي بصدمة شديدة عند سماع خبر وفاة البارون والبارونة… لكن يبدو أنكِ كنتِ تشُكّين في الأمر إلى حد ما بالفعل.”
“مشكوك به؟”
بطريقة ما وجدت الكلمة صدى في نفسها. الصورة الأخيرة التي رأتها لوالديها كانت مرعبة حقًا.
فكرت لارييت: “نعم، ربما كان لدي شك لا شعوري…. أن والديّ لن ينجيا.”
مع هذه الفكرة، تمكنت لارييت أخيرًا من فهم الهدوء الغريب الذي شعرت به.
وببطء، التفتت إلى رئيس برج السحر وسألته.
“لكن… أين أنا؟ بما أنكَ هنا؟”
تلاشَت كلماتها عندما تجوّلت عيناها على غرفة النوم الكبيرة ولكن غير المزخرفة.
على الرغم من أن سيد برج السحر كان أميرًا لمملكة ماجيكوس، إلّا أنه غادر البلاط الملكي بعد صعوده لمنصب رئيس برج السحر. لقد كان نادرًا ما يعود، إن عاد أصلًا، منذ ذلك الحين، ربما مرة واحدة في السنة على الأكثر، كما تفعل الأميرة فايلين.
فكرت لارييت: “لا يمكن أن تكون هذه مملكة ماجيكوس. غياب الشعارات الملكية المميزة للمملكة أكد ذلك.”
تحدّثت لارييت بتردد.
“هل يمكن أن يكون… برج السحر؟”
“نعم، هذا صحيح. أنتِ في برج السحر يا سيدتي.”
جاء رد آستر فورًا.
كانت بالفعل في برج السحر. مكان يصعب الوصول إليه إلّا إذا كان الشخص ساحرًا.
فكرت لارييت: “لحظة. ثم هذه الغرفة، والتي من الواضح أنها لم تكن عادية….”
وعندما ضربتها الفكرة، تحدث آستر مرة أخرى، مؤكدًا تمامًا ما كانت تشك فيه.
“ولكي أكون دقيقًا، هذه هي غرفتي الشخصية في برج السحر.”
“آه…”
أطلقت لارييت نفسًا مذعورًا قبل أن تتمالك نفسها.
فكرت لارييت: “لا عجب أن جو الغرفة كان غريبًا كهذا. أنا… في الحقيقة، في غرفة نوم سيد البرج.”
لم تدم مفاجأتها الطويلة، إذ حل محلها الارتباك: “لماذا كنتُ في الغرفة الشخصية لسيد البرج؟”
ألقت لارييت نظرة بين ثيودن وآستر قبل أن تسأل ببطء، وكان صوتها حذرًا.
“ولكن لماذا أنا هنا في هذا المكان، بدلاً من منزلي أو ممتلكات عائلتي؟”
أصدر آستر همهمة منخفضة ومضطربة. وعندما كان على وشك التحدّث، سألت لارييت أولاً، وكان صوتها هادئًا على الرغم من الموقف.
“لديكَ المزيد من الأخبار السيئة لتخبرني بها، أليس كذلك؟”
كان عقلها حادًا بشكل مدهش لشابة استعادت وعيها للتو، فجمعت شتات الأمور بسرعة. كان هناك وضوح غريب في أفكارها، شعور بدا مألوفًا وغريبًا في آن واحد.
فكرت لارييت: “لا أدري. منذ أن تقبّلتُ وفاة والديّ بهدوء، شعر قلبي بالقلق، لكن عقلي لا يزال هادئًا بشكل غريب. وكأنني قادرة على قبول أي حقيقة مهما كانت صعبة. ربما لأن الحادث كان خطيرًا جدًا.”
وبينما حاولت لارييت تجاهل القلق غير المبرّر الذي يتسلّل إلى أفكارها، تحدّث آستر أخيرًا.
“إذا بدأتِ تشُكّين في الأمر، فلن أُجمّله. سأشرح كل شيء كما حدث بالضبط.”
“نعم.”
أجابت لارييت وهي تحاول استعادة توازنها.
“أولاً، حادث العربة الذي وقع لكِ ولوالديكِ حدث منذ ثلاثة أشهر بالضبط.”
“منذ ثلاثة أشهر… هل هذا يعني أنني…”
“نعم. لقد كنتِ فاقدةً للوعي لثلاثة أشهر. توفي بارون وبارونة سيلو… على الفور في الحادث. نجوتِ بأعجوبة، لكن إصاباتكِ كانت بالغة وبقيتِ فاقدةً للوعي. خلال هذه الفترة، واجهت عائلة سيلو صعوبات جمة. فبدون وريث ذكر، انتقل اللقب إلى قريب آخر، لويس.”
“آه، هو من بين كل الناس؟”
وكان رد فعل لارييت فوريًا، مزيجًا من الإحباط والازدراء.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 63"